إيلاف تتابع قضية الطفلة - الزوجة اليمنية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
وفاة فتاة يمنيّة بسبب العنف الجنسي بعد أيام من تزويجها
القاصرات في اليمن... ألف نجود والف معاناة
صنعاء: كانت الطفلة "إلهام" تعيش في منطقة "الشغادرة" ذات المعالم القاسية في محافظة حجة شمال عاصمة اليمن. قساوة انعكست على زوج تعامل مع إلهام على أنها ساحة لإثبات الرجولة حتى ولو كانت النتيجة موت الطفلة التي أريد لها أن تكون امرأة وأمًّا في ثلاثة أيام دون معلم.
زوجت فجأة دون أن تعلم ما الأمر... عمرها لم يتجاوز الاثني عشر عامًا، لكن مقابل أن يتزوج شقيقها كانت هي الثمن كي تتم بقية القصة... السيناريو اختلف، وأدخلت إلى كوخ من القش يدعى "العشة" هو منزلها الجديد لتخرج بعدها منه إلى المستشفى الجمهوري في "حجة" ثم إلى القبر. تتحدث والدة إلهام أنها لا تريد سوى العدالة لابنتها، متهمة أهلها والناس بأنهم جناة.
حديث هاتفي مقتضب مع "إيلاف" لم نفهم من فحواه الكثير، فأصوات النحيب غلبت على اي صوت آخر... و البكاء لايحتاج إلى ترجمة. يرى أحد أقرباء الفتاة المتوفية بأنه لم يكن يتصور أحد أن يحدث ما جرى، مشيرًا إلى "أن عدد كبير من الفتايات يتزوجن ولا يحدث لهن اي مكروه ".
على الرّغم من تلقي الفتاة العناية الطبية نتيجة تعرضها للنزيف بعد تعامل وحشي من قبل الزوج، إلا أن ذلك لم يجد نفعًا. وفي تفاصيل التعامل الوحشي أنّ الزوج استخدم يديه بعد أن رفضت الفتاة معاشرته فمزق كل شيء، حتى المنطقة الفاصلة بين القبل والدبر... وأصبح الرجل الآن في محل فعل قاتل.
انتهت القصة بهذه السرعة خلال ثلاثة أيام هي كل حياة "الهام" الزوجية. وقال مصدر قضائي في حجة لـ إيلاف إن نيابة حجة تقوم حاليًّا بالتحقيقات في القضية حيث يجري الاستعداد لرفع قضية ضد الزوج.
كما تستعد منظمات متعدّدة بالتعاون لتشكيل لجنة دفاع تضم كلاًّ من المحامية شذى ناصر محامية نجود وفتيات صغيرات أخريات إضافة إلى المحامي فيصل المجيدي عضو مجلس نقابة المحامين اليمنيين، بالتعاون مع منظمة سياج لحماية الطفولة. ويقول مصدر حقوقي إنه لا يوجد فعلاً قانون قد يدين الزوج لكنه رأى إن الممارسة التي تمت مع إلهام ليست عملية جنسية ولكنها عملية وحشية قاتلة.
ضربة للمتشددين
حادثة إلهام كانت بمثابة ضربة قوية على رؤوس المتشددين المطالبين بسحب مشروع قانون تحديد سن الزواج من البرلمان، حيث جاءت هذه الحادثة لتبرر خطورة تزويج الفتايات القاصرات. وتعتبر هذه الحادثة إحدى الحالات التي وصلت الى الاعلام وتركت ما تركته من صدى غير أن عشرات الحالات يمكن أن تحدث لكن الأمر يتم السكوت عنه وسط مجتمع مغرق في التكتم على كل شيء.
عشرات الفتيات الصغيرات يسعفن ليلة الزفاف ومئات يخضعن لعمليات ولادة قيصرية مبكرة، وأخريات يسقطن حملهن، وكل ذلك بسبب الزواج المبكر. لم يطرح المشروع مجدّدًا على مجلس النواب على الرغم من الاعتصامات أمام المجلس من قبل مناهضي زواج القاصرات ومسانديه.
الأسبوع الماضي زار الشيخ عبدالمجيد الزنداني -رئيس جامعة الإيمان- مجلس النواب محاولاً التأثير على رئاسة المجلس وعدد من النواب في عدم تحديد سن الزواج ودار الحديث عن لقاء جمعه برئيس المجلس، لكن الأمر لم يحسم حاليًّا، على الرغم من الحملة من قبل الحزب الحاكم لتمرير هذا القانون.
يقول النائب البرلماني عبدالعزيز جباري إن القضية ليست عاجلة إلى هذا الحد الخطر، معتبرًا أن هناك قضايا كبيرة من فساد وبطالة وتدهور للعملة وغلاء في الأسعار تستحق الاهتمام أكثر من هذه المواضيع الثنائية.
القانون والواقع
تقول الناشطة الحقوقية منى صفوان وهي مستشارة إعلامية سابقة لحملة تحديد السن الآمن للزواج بمنظمة (أوكسفام) في اليمن لـإيلاف إن "الثقافة المجتمعية تغذيها معتقدات لن يكون من السهل تقويضها ليكون بعدها من السهل ممارستها كقانون، فالقانون بحد ذاته ثقافة".
وتضيف لـ "إيلاف" أن "القانون ليس مجرد قرار رسمي أو قرار يصدر من الجهة المخول لها فعل ذلك، انه ثقافة، اعتقاد روح الفكرة لتطبيقها وممارستها، لذلك نجد في بيئتنا اليمنية قوانين اجتماعية وأعراف لم يصدر بها قرار رسمي ولكنها تطبق وتنفذ بسهولة ويسر لأنها نابعة من معتقدات واعتقادات وثقافات الناس انه الموروث الثقافي الذي تكون عبر مئات السنين ليصبح أقوى القوانين وان كانت هذه القوانين فيما بعد تعتبر غير صالحة في زمن آخر كما يحدث اليوم".
واعتبرت أنّ "الأقسى في الموضوع أن تمرير قانون والنجاح في إصداره لن يعد انجازًا إن لم يتجاوب معه عامة الناس... عليهم الاقتناع أولاً والعمل على تغيير الموروث الثقافي والاجتماعي، ولن يكون إلا عن طريقهم وهو عمل لن يقوم به الحالمون والرومانسيون الذين يعتقدون أنّ فكرة التغيير السريع تأتي سريعًا".
تضيف: "الزواج المبكر لم يعد حديثًا اسريًا خاصًّا بل انه موضوع يتعلق بالتنمية، التنمية العامة والاقتصاد والسياسة أيضًا". وحول الزواج المبكر وربطه بالدين رأت منى صفوان إن "تقويض الإرث التاريخي سيكون محاولة فاشلة إن لم نستخدم السلاح ذاته وهو سلاح الدين، سلاح الدين بمعنى الفهم الحقيقي للدين بوجود رجال دين وشيوخ يفهمون روح الدين الحقيقية بمحاولة اخذ الحوادث التاريخية القليلة التي يستند إليها المتّكئون على هذه الثقافة وتعريتها أو بالأصح كشفها وإيضاحها".
وتابعت: "علينا أن نعلم أن الناس أصبحوا أكثر وعيًا على الرغم من قلة التعليم في مجتمعنا، الناس أصبحوا منفتحين على عادات أخرى خاصة أنهم اكتشفوا ضررها وبالتأكيد أنّهم مع مصلحتهم العامة".
"البدل" قاتل جديد للصغيرات
يعد زواج الشغار أو "البدل"، "الزقار"، "النبال" كما يسمى في مناطق متعدّدة في اليمن من القضايا الاجتماعية الشائكة ولا تزال تسيطر حتى على المجتمعات الحضرية حيث يتم تزويج الفتاة لشخص قد يكون من الأسرة أو من خارجها في مقابل تزويج شقيقة العريس لشقيق العروس.
في هذه الحالة تكون إحدى الفتاتين أو كلاهما خاضعة لرغبة الأسرة وليس لقرارها الشخصي ، وهو الأمر الذي لا يزال شائعًا، في حين يكون بعض الأزواج الرجال أيضًا ضحية لهذا الزواج نظرًا لعدم تمكنهم من اختيار الشريكة وإجبارهم على ذلك من قبل آبائهم.
كثير من الفتيات لا يزلن صغيرات على الزواج، لكن يستخدمن لإتمام عملية الزواج من الفتاة الأخرى لشقيقها. حالات كثيرة جدًّا تم انتهاء زواجها بطريقة مأسوية حيث يبدأ الخلاف بين الزوجين وينتهي بالطلاق ويكون بالمقابل طلاق الفتاة الأخرى حتى لو لم يكن بينها وبين زوجها أي سبب، لكن وكأن الأمر مشروط على أن يتم الزواج معًا وفي حال حدث الطلاق يحدث في العائلتين.
استمرار هذه الظاهرة في اليمن يرجع سببها إلى المغالاة في المهور والمبالغة في شروط الزواج، حيث يعد حلاً في كثير من الأحوال بحيث لا يدفع أي من الأطراف للطرف الآخر أي مبلغ مالي أو يتم دفع مبلغ بسيط لغرض الشرعية ثم تتم إعادته للطرف الآخر بالطريقة نفسها. الغريب أن هذا الموضوع من أندر المواضيع تناولاً حيث يكاد لا يوجد أي دارسات أو أبحاث حوله، على الرغم من أهميته وتأثيره على تفكك الأسر.