تركيا:حرّاس القرى أرهقتهم الحرب مع المتمردين

منذ العام 1985، تستخدم الحكومة التركية حوالى 60 الف حارس قرية لحماية مناطق الفلاحين الاكراد واداء دور الكشافين.

سيرت: "حراس القرية"، هؤلاء الفلاحون الاكراد الذين يقاتلون الى جانب الجيش التركي اكرادا آخرين هم متمردو حزب العمال الكردستاني، ارهقتهم هذه "الحرب القذرة" المستمرة منذ ربع قرن والتي تقسم مجتمعهم. ومن الملجأ الاسمنتي المبني على هذه التلة التي تشرف على المياه المتدفقة لنهر كاربيران القريب من سيرت في منطقة الاكراد جنوب شرق تركيا، يراقب محسون آلان ورفيقاه الطريق.

ويرتدي هؤلاء الثلاثة البزة العسكرية للجيش التركي. وقد اسندوا بنادق الكلاشنيكوف على الجدار وانصرفوا الى اعداد الشاي بينما هم جالسون على اكياس النوم. وتنعم المنطقة ب "الهدوء في هذا الوقت" كما يقول محسون آلان، لكنه هدوء حذر، لان الفريقين يستعدان، على غرار ما يفعلان في نهاية كل شتاء، للمعركة: الجيش التركي الذي تتقدم تعزيزاته في قوافل نحو الجبال، ومقاتلو حزب العمال الكردستاني الذين يغادرون قواعدهم في شمال العراق ويتوجهون الى تركيا.

ومقاتلو حزب العمال الكردستاني هم على غرار محسون الان اكراد اتراك. ومن المألوف هنا ان تجد قرية صغيرة ينتمي جميع افرادها الى حراس القرية، فيما انضم آخرون يبعدون عنهم بضعة كيلومترات الى حزب العمال الكردستاني. واكد محسون الان (44 عاما) "نعرف من مع من، وهذا يجنبنا المشاكل".

وقال احد هؤلاء الحراس "يرسلون احيانا الى هنا اشخاصا من ازمير (غرب) لا يعرفون شيئا عن المنطقة". اما غريب يلماظ (39 عاما) الذي ابعده النزاع من مزرعته في 1994 ويعيش في ديار بكر كبرى مدن المنطقة، فيقول ان "حراس القرى يساعدون الجيش ونحن نعتبرهم خونة". ويؤكد عدد كبير من المهجرين ان حراس القرية سكنوا منازلهم ما جعل عودتهم الى ديارهم مستحيلة.

وتطالب منظمات الدفاع عن حقوق الانسان بحل قوات حراس القرى الذين غالبا ما يتهمون بارتكاب الجرائم والتهريب. واعتبر باقي اكسوي المسؤول في حزب العدالة والتنمية (الحزب الحاكم) في ديار بكر ان "مفهوم حراس القرى ليس مقبولا". واضاف "على الدولة ان تجندهم حراس غابات لكن ذلك مستحيل طالما استمر حزب العمال الكردستاني قائما".

وكرر رئيس اركان الجيش التركي الجنرال ايلكر باسبوغ القول في آذار/مارس ان هؤلاء الجنود الموقتين يضطلعون "بدور بالغ الاهمية ضد الارهاب". وقال اسحان كوزو (40 عاما) الذي كان يقوم بالحراسة على طريق قرب سيلفان مع تسعة آخرين من حراس القرية، "عندما اصبحنا حراس قرى، لم يكن لدينا الخيار، فقد كنا بين ناري حزب العمال الكردستاني والجيش. ففي ليلة يضايقنا حزب العمال الكردستاني، وفي الليلة الثانية الجيش".

وذكر احد رفقائه مطأطئ الرأس، ان "حزب العمال الكردستاني والجيش وحزب الله قد دمروا حياتي". وحزب الله هو مجموعة اسلامية مناهضة لحزب العمال الكردستاني، وقد نشطت في التسعينات بمساعدة من الدولة على ما يبدو. وقال اسحان كوزو ان "الناس قد تعبت من الحرب. وما نريده هو بلد غير مقسم (...) ولقد خضنا جميعا الحرب معا في كاناكالي (معركة الدردنيل في 1915). والفارق الوحيد هو اننا اكراد".

وفي مكتبه بفان (جنوب شرق) حيث يجلس تحت صورة لاتاتورك، يقول صابان كهرمان (48 عاما) القائد السابق لوحدة خاصة من حراس القرى، ان فرقة الكومندوس سيسمك (البرق) ليست مستعدة للمصالحة.

ويتهم هذا القائد الميلشيوي السابق الذي انتقل الى حراسة المباني ويقول انه يعيش تحت حراسة لصيقة "حزب العمال الكردستاني بحرق آلاف القرى. ودائما ما قال حزب العمال الكردستاني إما ان تكون معنا او ان ترحل".