الديمقراطيون الأحرار يمسكون بخيوط اللعبة الإنتخابيّة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أجمعت الصحف البريطانية على أن زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار كان الألمع في المناظرة التلفزيونية التاريخية التي ضمته بجانب زعيمي حزبي العمال والمحافظين، وعلى الرغم من كونه الأقل شهرة، إلا أنه تمكن من حشر منافسيه الاثنين الآخرين في الزاوية، وأظهرت إستطلاعات الرأي تقدّم الديمقراطيين الأحرار للمرتبة الثانية وسط الأحزاب الرئيسيّة، ما يضع العمّال والمحافظون تحت رحمته في التحالفات الإنتخابيّة التي تسبق تشكيل الحكومة.
لندن: استيقظت بريطانيا على دراما مثيرة صباح السبت بنشر نتائج استطلاع للرأي يضع حزب الديمقراطيين الأحرار في المرتبة الثانية وسط الأحزاب الرئيسية للمرة الأولى منذ تأسيسه في العام 1988.
وأظهر الاستطلاع، الذي أجرته مؤسسة "يوغاف" وصحيفة "الصن"، أنه في حال إجراء الانتخابات اليوم فسيحصل المحافظين على نسبة 33 في المائة من أصوات الناخبين، يليهم الديمقراطيون الأحرار بنسبة 30 في المائة ثم العمال بنسبة 28 في المائة. وثمة إجماع على أن هذا الوضع جاء نتيجة مباشرة لأداء زعيمهم نِيك كليغ الباهر وخطفه الأضواء من المحافظ ديفيد كامرون، والعمالي غودرون براون، في أول مناظرة تلفزيونية بين الرجال الثلاثة مساء الخميس الماضي.
وهذا يعني أن الديمقراطيين الأحرار صعدوا - في قفزة لا تقل عن "ظاهرة" - ثماني نقاط منذ آخر استطلاع قبل المناظرة وأن العمال فقدوا أربعا في المقابل، وهي ايضا عدد ما فقده المحافظون، وبترجمة للنسبة التي حصل عليها الديمقراطيون الأحرار الى مقاعد برلمانية يصبح نصيبهم منها 103، أي بزيادة هائلة تبلغ 41 مقعدا عما تمتعوا به خلال هذه الولاية المنتهية.
وأهم المضامين المتعلقة بهذا العدد من المقاعد اثنان، أولا، أن بريطانيا مقبلة فعلا على برلمان معلق للمرة الثالثة منذ العام 1929، وكانت الثانية في 1974، وثانيا، أن الديمقراطيين الأحرار ضمنوا بهذا الوضع تشكيلهم حكومة ائتلافية مع من يختارونه. فحزب المحافظين، رغم تصدره الاستطلاعات، لن يتمكن من تشكيل الحكومة منفردا لأنه بحاجة الى أغلبية لا تقل عن 326 مقعدا تشكل حاجز الـ40 في المائة من الأصوات. وقد عجز عن الوصول الى هذه النسبة حتى الآن.
وبهذا المعنى يكون الحزبان "الكبيران" تحت رحمة الديمقراطيين الأحرار. فقدأصبح هؤلاء الأخيرون يتمتعون بالقدرة على إقصاء المحافظين عن الحكم على الرغم من أنهم يتقدمون الركب حاليا، وذلك عبر التآلف مع العمال. والشيء نفسه ينطبق على العمال في حال اختار الديمقراطيون الأحرار التآلف مع المحافظين. وإذا علمنا أن الحزب الديمقراطي الحر يميل يسارا بشكل عام في آيدلوجيته، صار الاحتمال الأكبر هو أنه سيقصي المحافظين لصالح العمال. وهذا أمر يعززه أن أغلب أعضاء الحزب يفضلون - تبعا لاستطلاعات الرأي الخاصة - تحالفا مع العمال، وأن زعيمه كليغ خصص جل مدافعه للهجوم على المحافظين منذ بدء الحملة الانتخابية وحتى الآن.
وقد يكون مدهشا على نحو ما أن البريطانيين يفضلون الآن برلمانا معلقا بالرغم من المخاطر، وأهمها الاقتصادية، المحيطة بالحكومة الائتلافية الناتجة عنه بالضررورة. ويبدو أن مصدر هذه الرغبة هو اليأس شبه التام إزاء سياسات الحزبين الكبيرين والشعور العام بأن سيطرة أي منهما على مقاليد الحكم ليست في صالح البلاد ولا تبشر بالخروج من أزمتها الاقتصادية تحت ثقل ديونها الحكومية الهائلة.
ففي استطلاع يوم الأربعاء الماضي، اتضح أن 32 في المائة من الجمهور يرغب في التخلص من الحزبين الكبيرين عبر برلمان معلق، مقابل 28 في المئة قالوا إن الغلبة يجب أن تكون للمحافظين و22 في المئة يفضلون استمرار العمال في الحكم. وقال من لا تتجاوز نسبتهم 4 في المئة وسط المستطلعة آراؤهم إن العمال والمحافظين صادقون تماما مع الناخبين في نواياهم المتعلقة بالضرائب. كما قال 6 في المئة فقط إنهم يثقون في الطريقة التي سيتعامل بها هؤلاء لمعالجة العجز في الميزانية.
وبهذا يأتي استطلاع اليوم، السبت، ليؤكد هذا الاتجاه وليثبت أن عددا متناميا من البريطانيين يرون في الديمقراطيين الأحرار بديلا حقيقيا لهيمنة للحزبين الكبيرين. على أن هذا الوضع نفسه ليس مريحا تماما بالنسبة للديمقراطيين الأحرار أنفسهم. فهو يلقي على عاتقهم مهمة ليست سهلة وهي حفاظهم على استمرارية هذا الزخم وتعاظمه، أو على الأقل منع هذا المد من التراجع خلال الأسابيع الثلاثة المتبقية ليوم الانتخابات. كما أن عليهم الدفاع أمام التحضيرات التي يستعد لها خصومهم،خصوصًا المحافظين الذين يعلمون الآن أن المعركة ليست تلك التقليدية ضد العمال، وإنما ضد كيان جديد يسعى للحفاظ بهم خمس سنوات أخرى في صفوف المعارضة.