أخبار

أوباما يحوّل فكرة نزع السلاح إلى أداة نافعة لسياسة بلاده الخارجيّة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أوضح المحللون أن المؤتمر النووي الذي عقد في واشنطن تمخض عن إعلان لممثلي سبع وأربعين دولة بأن "الإرهاب النووي" إحتمالية سيئة، حيث أصدروا بيانًا مشتركًا بشأن ذلك وخرجوا بخطّة عمل غير متماسكة من أجل مواجهة أكثر التحدّيات التي تهدّد الأمن الدولي.

واشنطن: يرى بعض المحللين أن الولايات المتحدة خرجت خالية الوفاض من مؤتمر قمة الأمن النووي الذي انعقد مؤخرًا في واشنطن، مشيرًا إلى أن المؤتمر تمخص عن أمور إيجابية وأخرى سلبية. وأثنى المحللون على دور الإدارة الأميركية والبيت الأبيض الذي وصف الخطر النووي بكونه "التهديد الأشد مثارًا للرعب في عصرنا"، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة أدركت خطورة انتشار الأسلحة النووية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق.

ومضوا بالقول إن أهم ما تمخض عنه المؤتمر يتمثل في المطالبة بالالتئام مرة أخرى في كوريا الجنوبية العام 2012 وأن خطة العمل تضمنت عبارات مثل "وعلى الدول المشاركة تشجيع العاملين في الحقل النووي والشركات التي تشرف على هندسة وإنشاء المنشآت النووية على أن تضع في الحسبان الالتزام بإجراءات الحماية الجسدية وثقافة السلامة عند وضع خطة وتشغيل المنشآت النووية المدنية وتوفير المساعدة الفنية حسب طلب الدول الأخرى".

ومن بين النتائج الأخرى لمؤتمر قمة الأمن النووي إعادة تفعيل اتفاقية 2000 بين روسيا والولايات المتحدة بشأن التخلص من البلوتونيوم، التي تعتبر خطوة إيجابية إلى الأمام بشأن تخلص أوكرانيا من المواد النووية، على الرغم من كونها غامضة ومشوشة.

وعلى الرغم من إغلاق روسيا منشأة نووية العام الماضي، فمن غير المرجح أن تؤدي تلك الخطوة إلى التقليل من مخاطر الانتشار و"الإرهاب النووي" نظرًا لكون المخاطر الحقيقية الحالية تأتي من ثلاثة مصادر هي باكستان، التي ساهم علماؤها في انتشار التقنية النووية والتي تتعاون مع الولايات المتحدة من أجل تأمين المواد النووية وسلامتها، ثم كوريا الشمالية وإيران.

وعند سؤال أوباما عقب اختتام مؤتمر قمة الأمن النووي عن سبب عدم العمل على فرض عقوبات على كوريا الشمالية التي تمتلك أسلحة نووية والتي تمكنت من الإفلات من مساعي ثلاث إدارات أميركية بشأن برنامجها النووي. لم يشر أوباما إلا إلى عزلة كوريا الشمالية، على الرغم من أن التقارير الصحافية ربطت بين المنشأة النووية السورية التي هاجمتها إسرائيل العام 2008 وكوريا الشمالية لتتضح قدرة الأخيرة على الإسهام بالانتشار النووي.

وأما بشأن إيران التي يمكن أن يتسبب امتلاكها لأسلحة نووية بسلسلة من الانتشار النووي في الشرق الأوسط، غسبق للرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أن أعلن أنه لن يكون هناك إجماع بشأن فرض عقوبات في مجال الطاقة والسلاح على إيران. كما أن ميدفيديف استبعد فرض عقوبات ترقى إلى مستوى قد يتسبب في شل قدرة البلاد، إضافة إلى تصريحات رئيس الوزراء الروسي بوتين المتمثلة في قوله إن روسيا ستمضي قدمًا في مساعدة إيران بشأن مفاعل بوشهر النووي.

وعلى الرغم من المساعي الأميركية لإظهار التعاون الصيني بشأن ما ستقوم به الأمم المتحدة وإبرازه على أنه نجاح كبير لمؤتمر القمة، إلا أن بكين أوضحت بجلاء أنها تحبذ إصدار قرار أممي بدلاً من فرض العقوبات، وأن قرار الأمم المتحدة يجب أن يكون في سياق العمل الدبلوماسي.

كما أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أعلن قبيل انعقاد القمة النووية أن إسرائيل هي الخطر الرئيسي على السلام في الشرق الأوسط، وأنه استمر في معارضتة فرض العقوبات على إيران، بدعوى أن الطموحات النووية الإيرانية هي طموحات سلمية النزعة.

ويبدو أن قمة النووي في واشنطن لم تتمخض سوى عن نتائج قليلة وأنه لم يكن هناك إجماع بشأن خطر الانتشار النووي، وأن الخطر الحقيقي يتمثل في اعتقاد الآخرين أنهم لن يواجهوا سوى بالكلام إذا ما استمروا في تطوير أو حيازة أسلحة نووية، ليخرج أوباما وبلاده من القمة النووية نظيف اليدين، خالي الوفاض

إلى ذلك، حذر صحافي أميركي من أن الخطر الأكبر يأتي اليوم من الأسلحة النووية التكتيكية القصيرة المدى، حيث لم تعد الترسانات الأميركية والروسية العابرة للقارات هي الكابوس الذي يؤرق العالم. وقال إن العددالأكبر من الأسلحة النووية التكتيكية التي تهدد باكستان باستخدامها ضد أي هجوم تقليدي من الهند، هي منبع الخطر الأكبر، تمامًا مثلما يقول الخبراء الروس صراحة إنهم سيكونون مطالبين بالرد على أي تهديد عسكري من الصين.

وفي مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست بينت أن الاحتمال الأقوى أن هذا النوع من الأسلحة القصيرة المدى هو الذي قد يقع في أيدي ما سماها العصابات الإرهابية. وأشار إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما تمكن من تحويل فكرة نزع السلاح النووي عالميًا إلى أداة نافعة لسياسة الولايات المتحدة الخارجية. وتابع أن خطوة الرئيس "الثلاثية الأجزاء" من شأنها أن تبدد المفهوم القائل إن أهدافه النووية الطموحة تنبئ عن سذاجة وقلة خبرة.

ففي بحر أسبوعين وضع أوباما بصمته على تقرير مراجعة الوضع النووي الذي نشرته وزارة الدفاع (البنتاغون) في السادس من أبريل/نيسان الماضي, وأبرم صفقة تتعلق بمعاهدة الأسلحة الإستراتيجية مع روسيا، ثم استضاف مؤتمرًا شاركت فيه 47 دولة، في قمة تبنت وجهة نظره التي تعتبر الإرهاب النووي أكبر خطر يهدد استقرار العالم.

على أن هذا لا يعني أننا على أعتاب عالم خالٍ من الأسلحة النووية، إذ ثمة عقبات هائلة لا تزال قائمة تتمثل في إيران وكوريا الشمالية، واعتماد روسيا المتزايد على الأسلحة النووية التكتيكية في مبدئها العسكري، والمثلث النووي "المتقلب" المكون من الصين والهند وباكستان. وجعل أوباما من تقرير مراجعة الوضع النووي وثيقة سياسية أعادت صياغة مفهوم الحرب الباردة للردع بطرق تقلص من دور الأسلحة النووية في السياسة الدفاعية للولايات المتحدة.

ويقدر ان ذلك سيمنح أوباما نفوذًا سياسيًا وأخلاقيًا في الحجج التي يسوقها لتطبيق إجراء دولي لردع إيران عن تطوير أسلحة نووية، وإرغام كوريا الشمالية على التراجع عن برنامجها النووي الذي وصفه بأنه مخالف للقانون. ختامًا بين إن على الكونغرس تعزيز هذا النفوذ بالتصديق على المعاهدة الأميركية الروسية الجديدة ومعاهدة حظر التجارب النووية الشاملة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف