خريطة تحالفات ومواقف متناقضة في الإنتخابات البلديّة اللبنانيّة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروت: ترتدي إنتخابات البلديات والمختارين التي تبدأ في 2 أيار/ مايو المقبل وتستمر شهرا، طابعاً شديد المحلية والعائلية في معظم المناطق اللبنانية، ومن البديهيات أنها تكاد تكون محسومة في مناطق الصفاء الطائفي ذات الغالبية الإسلامية وتحتدم لأسباب سياسية في بعض المدن والبلدات والقرى ذات الغالبية المسيحية، أو المختلطة من دون غالبية واضحة.
وهنا لمحة عن ملامحها بدءاً من بيروت مع إقفال أبواب الترشيح:
أبرز معالم التحضيرات والإتصالات للإنتخابات في بيروت هو قرار" حزب الله" تفويض حليفه النائب الجنرال ميشال عون في بيروت لاتخاذ ما يراه ملائما من توجهات وقرارات وتأييده في أي توجه اذا قرر الدخول في عملية توافقية للائحة ائتلافية مع "تيار المستقبل" وحلفائه، أو اذا قرر التحول في اتجاه خوض معركة انتخابية أيا تكن النتائج. وفي المقابل كلف رئيس الحكومة سعد الحريري نائب الأشرفية الوزير ميشال فرعون ادارة العملية التفاوضية على مقاعد المسيحيين التي يتمسك الحريري بالمناصفة فيها ( 12 من 24) مع" التيار العوني" وحزب الطاشناق، اضافة الى تنسيق المواقف مع القوى المسيحية الحليفة في قوى 14 آذار / مارس.
وتكمن المشكلة حاليا في بيروت حاليا بين منطقين، أولهما ما يطرحه الجنرال عون الذي تحول، بعد خسارته في تسويق موضوع تقسيم بيروت ثلاث دوائر وفي معركة "الإصلاحات والنسبية"، الى معركة مفاوضات مع الرئيس الحريري للتوصل الى صيغة تدخل "تكتل التغيير والاصلاح" الذي يضم تياره وحزب الطاشناق الأرمني الى بلدية بيروت وتحفظ حقه وحجمه، وعلى أساس ان تكون حصته في المجلس البلدي متناسبة مع نتائج الانتخابات الأخيرة، أي خمسة أعضاء حدا أدنى، من 12عضوا يمثلون الحصة المسيحية. أما المنطق المقابل فيطرحه تحالف قوى 14 آذار الذي يعتبر ان مرجعية بيروت المسيحية، وتحديدا الأشرفية محددة حاليا في قياداتها الدينية وفي نوابها المنتخبين، واليهم يعود بت التمثيل المسيحي في بلدية بيروت، ولكن لا مانع من انضمام" تكتل الاصلاح والتغيير" اذا تطلب التوافق ذلك، بشرط ان يكون العماد عون واقعيا في مطالبه فتكون حصته أربعة مقاعد في المجلس البلدي حدا أقصى وتشمل هذه الحصة مقعدي حزب الطاشناق.
ويقول خبراء إنتخابيون ان عدم التوافق يعني انتخابات بلدية في بيروت محسومة النتائج سلفا نظرا إلى غلبة أنصار "تيار المستقبل" الكبيرة في الدائرة الكبيرة الواحدة، فتأتي مطابقة لنتائج الانتخابات النيابية العام الماضي. وبالتالي تكون معركة في الاشرفية فإنها على مستوى المختارين فقط.
ولا شك أن زيارة الجنرال عون لمدريد أدت الى بطء في الاتصالات التي ستنشط في الأيام المقبلة بعد عودته، علما أن "التيار العوني" يميل الى التشدد في المفاوضات اعتقادا منه بأنه قادر على تحسين شروطه، وهذا ما لمح اليه وزير الكهرباء جبران باسيل في الاتصالات التمهيدية بقوله أمام الذين اتصلوا به: "ستكون لدينا حسابات خاصة في حال لم نتوصل الى توافق." ولم يعرف ما إذا كان يذهب بعيدا في التلويح بموقف سياسي غير متوقع يمكن ان تنعكس ارتداداته السلبية على الوضع الحكومي، أم انه يصر على تكبير الحجر من خلال تجميعه عددا من الأوراق السياسية الضاغطة قبل بدء المفاوضات لانتزاع حصة بلدية أكبر من الحصة التي يعرضها عليه نواب الأشرفية.
وتردد ان الرئيس سعد الحريري بات مستعدا لمنح عون عددا معقولا من المقاعد، وان يكن ليس العدد الذي يطالب به الجنرال، في حين يتردد بقوة ان "تيار المستقبل" حسم قراره بترشيح أحد كوادره بلال حمد الى رئاسة البلدية، فيما تقدم نحو تسعة من المحسوبين على "التيار العوني" بترشيحاتهم في اطار العمل على اعداد لائحة شبه مكتملة تحسبا لفرضية المعركة في حال تعذر التوافق. كما ان "حزب الله" قدم ترشيحات تضمنت أسماء يمكن تكييفها مع كل الاحتمالات.
في هذا الوقت يشدد حزب الطاشناق على علاقته التحالفية مع عون لا سيما في بيروت، لكن اصرار الجنرال على شروطه سيضع القوة الأرمنية الرئيسة أمام خيارين: إما الانحياز الى جانب "التيار العوني أو سلوك الخيار الآخر للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري في منتصف الطريق والعمل معا من أجل الائتلاف في بيروت، خصوصا ان بري قادر على التدخل لدى "حزب الله" لإقناعه بخفض سقف مطالبه.
وبذلك يبقى السؤال عن الموقف النهائي لهذا الحزب في حال أصر عون على انتزاع حصة كبيرة تفوق وزنه البلدي. فهل يقرر المضي معه في المعركة حتى النهاية وهو يعرف نتائجها سلفا، وربما خلافا لموقف حليفه الرئيس بري المؤيد للتوافق؟ وتالياً ما مدى استعداد حزب الله لتنظيم معركة قاسية ضد "المستقبل"، ما دامت حصته محفوظة من جهة وما دام أحد لا ينكر عليه حضوره المميز من خلال قوته الشيعية في العاصمة؟ وثمة من يتساءل هل يسير الحزب في معركة من أجل عون خصوصا في غرب بيروت، فيما يسعى الى تحصين الساحة الإسلامية ويمضي في تنفيس أجواء الاحتقان التي تسببت بها حوادث أيار 2008 وتحديدا على صعيد الشيعة والسُنة؟
هذا في بيروت. أما في المناطق فالصورة باختصار على النحو الآتي:
- في المتن الشمالي يشير مسؤولون في "التيار العوني" وحزب الطاشناق الى تحالف ثلاثي بين" التيار" وحزب والطاشناق والنائب ميشال المر يغطي معظم بلدات المتن، بينما تشير أوساط المر الى خوضه الانتخابات بتحالفات متفاوتة بين بلدة وأخرى، وتتوزع هذه التحالفات بين" التيار العوني" والكتائب والقوات. وينقل عن المر قوله ان الاتصالات جارية لتشكيل اللوائح وفق نسب محددة لكل طرف سياسي، مع مراعاة تمثيل العائلات في كل بلدة. أما البلدات التي لا تتجاوب مع مسعى التوافق وهي قليلة، "فلتحصل فيها معركة رياضية". ويبدو أن بلدية سن الفيل هي الأكثر ترشيحا لتشهد معركة سياسية وعائلية بين أنصار حزب الكتائب وأنصار الجنرال عون.
وينقل عن المر اصراره على اعادة ابنته ميرنا المر ابو شرف الى رئاسة اتحاد البلديات وقوله "في المقابل ليأخذ عون من شاء من رؤساء بلديات " على حد تعبيره، وهذا هو الخلاف الاساسي كما يقال بين المر وحزب الكتائب الذي يريد رئيسا للاتحاد يكون وسطا بينه وبين المر.
- في زحلة حسمت قوى ١٤ آذار خيارها بدعم اللائحة التي يترأسها رئيس البلدية الحالي أسعد زغيب. وتتوقع مصادر ان يبصر تحالف النائب السابق إيلي سكاف والنائب نقولا فتوش و" التيار الوطني الحر" النور قريبا، خصوصا ان أركان هذا التحالف تجمعهم مصلحة واحدة وقواسم مشتركة، علما ان" التيار" وفتوش يرفضان تفرد سكاف بإعلان تشكيل اللائحة من دون التشاور والاتفاق معهما على شكلها، خاصة بعد ان حسم سكاف رئاسة اللائحة ( لجوزف دياب المعلوف) في حين يريد فتوش المشاركة في القرار، أي حصوله على كوتا عددية من أعضائها، ويسانده التيار الوطني الحر الذي يريد تعزيز موقعه أيضا في تشكيل اللائحة.
- في طرابلس يطغى حرص محلي من جميع الأطراف على حفظ مقعدي الموارنة والروم الأرثوذكس في المجلس البلدي العتيد بعدما أخرجتهما الإنتخابات الماضية شدة التنافس.
- في الكورة أشيع ان اتصالات بعيدة عن الأضواء يقوم بها النائب فريد مكاري من أجل توافق مع النائب سليمان فرنجية في بعض البلدات بعد طول انقطاع، وآخرها كان ارسال مكاري رسائل عن امكان التحالف المبطن مع فرنجية في بعض بلديات الكورة، لكن مصادر مكاري لم تؤكد ذلك. وتتجه الكورة إلى معارك في بعض البلدات تتخذ طابعا سياسيا بين أحزاب "القوات" والقومي السوري و"المردة" و"المستقبل" و"التيار العوني".
- في صيدا خلافا للتوقعات التي كانت سائدة تم تجاوز قطوع المعركة الانتخابية بعد موافقة رجل الأعمال الصيداوي المعروف محمد السعودي على تولي رئاسة البلدية بتوافق جميع الأطراف السياسية في المدينة. وكان السعودي اشترط كي يوافق على ترؤس البلدية ان يحظى بموافقة كل الاتجاهات السياسية وغير السياسية في صيدا، وان يأتي بمجلس بلدي من كل أطياف المدينة، ويكون له رأي في التشكيلة العتيدة.
وفرضت الحل التوافقي معطياتٌ عدة، لا سيما نصائح من جهات عليا لها دالة على المدينة، اضافة الى بعض الأحداث التي وقعت خلال الأيام الماضية والتي فرضت على الجميع خشية على الشارع الصيداوي من توتر داخلي نتيجة السجالات اليومية بين أقطابه. لكن التوافق على رئيس البلدية لا ينهي المشكلة، اذ ما زالت هناك عملية تشكيل مجلس البلدية وعلى أي أساس ووفق أي توازنات، وتطرح في الشارع الصيداوي تساؤلات منها: أي أعضاء سيتشكل منهم المجلس؟ وهل سيكونون جميعا من المستقلين؟ وهل سيتدخل أصحاب القرار السياسي في صيدا في التشكيل، وكيف؟ وهل سيستند تأليف اللائحة إلى النسبة المئوية لعدد أصوات الناخبين التي حصل عليها كل طرف في الانتخابات البلدية عام 2004 أم وفق الانتخابات النيابية الأخيرة؟ وإذا كانت هناك حصص، فكيف ستتوزع بين "المستقبل" وسعد والبزري و"الجماعة الإسلامية"؟ ولمن يكون منصب نائب الرئيس؟
- في جزين: ثمة وجهة نظر واضحة لدى أنصار الرئيس نبيه بري تقول بضرورة خوض معركة تهدف الى "استعادة الزعامة" في المدينة ومحيطها. ويقول هؤلاء انه لا يمكن اعتبار الرئيس بري أنه "غير معني" بانتخابات جزين، خطوة إيجابية، بل هذه دعوة إلى أنصاره في المنطقة إلى بناء تحالفات ذات طبيعة سياسية، مغلفة بعناوين إنمائية. فأنصار رئيس المجلس في تلك المنطقة يريدون خوض معركة بوجه" التيار العوني". ولأن وضعهم الانتخابي لا يتيح لهم توازنا، سوف يعمدون إلى بناء تحالفات مع الكتائب و "القوات" وبعض الشخصيات المستقلة القريبة من مناخ ١٤ آذار. / مارس وهذا يعني، ببساطة، أن الرئيس بري يسهل قيام تحالف بين أنصاره وقوى ١٤ آذار.
- في الدامور: يقوم النائب ايلي عون، عضو كتلة رئيس "اللقاء الديمقراطي" وليد جنبلاط، بدور محوري في ادارة عملية توافق على أساس المجلس البلدي الحالي الذي يترأسه شارل غفري مع ادخال تعديلات على تركيبته وبعض أعضائه. ويقول بعض أبناء البلدة إن احتمالات التوافق هي الأقوى، خصوصا في ظل عدم توافر لائحة منافسة قوية.
- في دير القمر قوبل اقتراح رئيس حزب الأحرار دوري شمون باختيار مرشحين لكل من أحزاب" القوات" و"التيار الوطني الحر" والتقدمي الاشتراكي وعائلتي نعمة والبستاني على ان يترك الأعضاء الستة الباقون للعائلات للتفاهم على مرشحيها باعتراض من الوزير السابق ناجي البستاني، ما استدعى تعليق البحث في الائتلاف الى اجتماع يعقد غدا الجمعة.
- في برجا: تسعى "الجماعة الاسلامية" من خلال ائتلافها مع "تيار المستقبل" والحزب الاشتراكي لأن تكون رئاسة البلدية من حصتها، بذريعة انها الأقوى وكانت لائحتها فازت في الانتخابات البلدية عام 2004.
- في حارة حريك: تم التوافق على ابقاء عدد من الأعضاء الشيعة الحاليين المدعومين من حزب الله وحركة "أمل" في انتظار ان يقرر" التيار الوطني الحر" أسماء المرشحين المسيحيين الثمانية الذين سيدعمهم بالتوافق مع العائلات المسيحية.
- في زغرتا تتحدث مصادر عن صعوبة منافسة ميشال معوض و"القوات" اللائحة المدعومة من الوزير سليمان فرنجية في مدينة زغرتا خلافا لقدرتهما على منافسته في بلدات القضاء والمزارع، مع الاشارة الى ان" القوات" تطمح بأن يكون مرشحها على رأس اللائحة البلدية في رشعين. ولا بوادر اتفاق في زغرتا، وسيذهب القضاء إلى معركة جدية، وخصوصا أن النتائج في معظم البلدات كانت متقاربة في الانتخابات الماضية. وفي موازاة إشاعة أنصار فرنجية جوا من الطمأنينة لناحية أن المغتربين الذين رفدوا لائحة معوض و"القوات" في الانتخابات الماضية هم نحو ألفي صوت، وأصوات المقترعين السنّة الذين اقترعوا بغالبيتهم للائحة معوض تتركز في خمس بلدات فقط، تشيع مصادر" القوات" أنها ستنجح في تحجيم فرنجية، ولكن ليس في مركز القضاء.