النجم الصاعد نِك كليغ محط انظار البريطانيين... فهل يواصل تألقه؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
البريطانيون على موعد مساء اليوم مع مناظرة تلفزيونية ثانية بين زعماء الأحزاب الرئيسة الذين يتنافسون على الانتخابات المقبلة. وسيركز موضوع المناظرة على السياسة الخارجية، لكن نِك كليغ سيكون محط أنظار البريطانيين بعد أن قلب الموازين السياسية في المناظرة الاولى التي جرت الاسبوع الماضي.
لندن: للمرة الثانية، يقف مساء الخميس زعيم العمال البريطانيين غوردون براون، وزعيم المحافظين ديفيد كامرون، ونِك كليغ زعيم الليبراليين الديمقراطيين جنبا الى جنب في المناظرة الانتخابية الثانية المتلفزة على الهواء مباشرة.
وكانت مناظرة الخميس الماضي، التي استضافها التلفزيون المستقل "آي تي في" في استوديوهاته في مانشيستر، قد اجتذبت أكثر من 10 ملايين مشاهد وكانت "تاريخية" على صعيدين. فكما أسلفت "إيلاف" وقتها، كانت تلك هي المرة الأولى التي تستعير فيها المؤسسة السياسية البريطانية تقليد المناظرة الرئاسية الأميركي المتبع منذ نحو 50 عاما.
ويذكر أن فضائية "سكاي" الإخبارية ظلت تسعى لزمن طويل الى عقد هذه المناظرات مجندة قطاعا ضخما من مشاهديها لتحقيق هذا الأمر، وهو ما كان لها.
وللمرة الأولى أيضا يتاح للجمهور توجيه أسئلته مباشرة لزعماء الأحزاب الرئيسة مجتمعين سواء كان ذلك في لقاء متلفز أو غيره. ورغم أن لقاء الزعماء نفسه يحدث كل أربعاء داخل البرلمان في جلسة خاصة تعرف باسم "مساءلة رئيس الوزراء"، فهو يظل شأنا برلمانيا مغلقا أمام الجمهور، إضافة الى أن الأسئلة في تلك الجلسات - وإلى حد كبير أجوبته - تكون معدة سلفا.
أما الشق الآخر في هذه "التاريخية" فتمثل في أن المناظرة قلبت الموازين السياسية البريطانية رأسا على عقب بفضل إفلاح زعيم الليبراليين الديمقراطيين في سرقة الضوء كاملا من زعيمي العملاقين التقليديين "العمال" و"المحافظون". وبفضل أدائه في 90 دقيقة فقط هي فترة المناظرة، غيّر حظوظه لدى الناخبين فرفع نسبة تأييده وسطهم من 20 في المائة كانت تضعه "تقليديا" في المركز الثالث القصي الى المرتبة الأولى بنسبة 33 نقطة مئوية. فأقصى بذلك المحافظين الى المركز الثاني بنسبة 32 في المائة والعمال الى الثالث بنسبة 26 في المائة فقط. وهذا أمر غير مسبوق في تاريخ بريطانيا الحديث منذ تأسيس الحزب الليبرالي الديمقراطي في العام 1988.
وستكون السياسة الخارجية هي موضوع مناظرة اليوم، التي تستضيفها فضائية "سكاي" من مدينة بريستول في جنوب غرب انكلترا. وهي تكتسب بدورها أهميتها من ثلاثة عوامل تدور، مجددا، حول نِك كليغ. وأول هذه العوامل أداؤه. فالناخبون يريدون التأكد من أنه يتمتع فعلا بالنظرة الثاقبة والقدرة على المحاورة الذكية والخطابة المفوهة، وأنه لم يبد كذلك في المناظرة الأولى فقط بفضل قصور زعيمي العمال والمحافظين.
والعامل الثاني هو ما إن كان سينوء تحت الضغط الهائل الذي تعرض له في الصباح حين اتهمته صحيفة "ديلي تلغراف" بسرقة أموال حزبه، وصحيفة "ديلي ميل" بـ"الخيانة الوطنية". وتجدر الإشارة هنا الى أن كلا الصحيفتين مواليتان تقليديا للمحافظين.
فقد اتهمته "تلغراف" بأنه كان يتسلم من متبرعين لحزبه أموالا في كل شهر خلال العام 2006 (قبل تسلمه الزعامة في 2007). لكن الصحيفة زعمت أن كل تلك التبرعات دفعت الى حسابه المصرفي الخاص وليس الى خزانة الحزب نفسه. ورد كليغ على ذلك بقوله إنه لا ينكر التهمة لكنه بريء من الذنب وسيثبت هذا بالوثائق خلال الأيام القليلة المقبلة.
من جهتها أوردت "ديلي ميل" إن كليغ قال عبر صحيفة "غارديان" في العام 2002 إن البريطانيين "يخفون أنهم أسوأ سجلا من الألمان خلال الحرب العالمية الثانية"، وإنهم "يعانون من إحساس زائف بالعظمة، ولا يعجبهم أن الألمان نهضوا من رماد الحرب ليصبحوا أمة أكثر ازدهارا منّا". وردا على هذا قال زعيم الليبراليين: "في أسبوع واحد صرت ونستون تشيرتشل ثم نازيّاً".
أما العامل الثالث فهو موضوع المناظرة نفسها وهو "السياسة الخارجية" التي تحمل في طيّاتها أكبر الفروق بين حزبه "الليبرالي الديمقراطي" وخصميه "المحافظون" و"العمال". فقد كان "الليبرالي" هو الوحيد بين هذه الأحزاب الثلاثة الذي يعارض حرب العراق جملة وتفصيلا، والوحيد الذي لا يزال يتحفظ بشدة إزاء حرب أفغانستان. كما أنه، أكثر ميلا للتقارب مع الاتحاد الأوروبي من كليهما. وفي ما يتعلق بالسياسة الدفاعية المرتبطة عضويا بالخارجية، فإن "الليبرالي" هو الوحيد الذي أعلن أنه سيلغي نظام غواصات "تريدانت" حاملة الصواريخ النووية. يذكر أن بريطانيا تستأجرها من الولايات المتحدة حوالي 30 مليار جنيه (قرابة 50 مليار دولار) في السنة. وبينما يجمع العمال والمحافظين على انها حيوية عندما يتصل الأمر بالدفاع الردعي، يقول الليبراليون إنها من تركة الحرب الباردة وحري بالبلاد أن توظف تكلفتها الباهظة لرفاه الشعب.
ويكمن القول إن هذه الأمور تشكل مجتمعة محور السياسة الخارجية البريطانية ويهم الناخب معرفة مواقف زعماء الأحزاب من كل منها والحجج التي سيسوقونها لتبرير مواقفهم.