أخبار

القاعدة تعتاش على توترات الشرق الأوسط

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لا شكّ في أن السلام في الشرق الأوسط، إذا تحقق، سيوجّه ضربة قويَّة إلى تنظيم القاعدة بنزع مبرر مهمّ من مبرراته في العداء للغرب، غير أن زعماءه الذين يتمتعون بقدرة على التكيُّف سيحاولون إصلاح ذلك بإستغلال نزاعات أخرى، فالمسألة العراقية والصراع العربي الإسرائيلي يعتبران أهم المبررات الإنضمام إلى القاعدة.

عواصم: يقول محللون غربيون في مجال مكافحة الارهاب، عارضين وجهة نظر جديدة عن دور النزاع الاسرائيلي - العربي في دفع المتشددين الى التطرف بعد تصريحات لزعماء غربيين ربطوا فيها بين هذ االصراع والتطرف. ويحتل الصراع موقعاً مهماً في قائمة تنظيم القاعدة، ومنها المصادمات المباشرة بين المسلمين واليهود، فضلاً عن الاهمية الدينية للأماكن المقدسة في مدينة القدس وانحياز الولايات المتحدة إلى اسرائيل. وتلائم هذه العناصر رسالة تنظيم القاعدة البسيطة والشعبوية بأن الاسلام يتعرض لهجوم من الغرب العدواني الذي يحتل أراضي المسلمين ويدنس أقدس مقدساتهم.

وسيضر التقدم في جهود السلام بالشرق الاوسط بتنظيم القاعدة من خلال اسقاط ركيزة مهمة في الدعاية التي يحيط بها نفسه غير أن زعماءه الذين يتمتعون بقدرة على التكيف سيحاولون اصلاح ما يفسد باستغلال نزاعات أخرى مع الغرب.

وتنامى قلق الغرب من التطرف بعد مقتل 13 شخصا في قاعدة عسكرية أميركية بتكساس في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني ومحاولة فاشلة لتفجير طائرة أميركية في 25 ديسمبر كانون الاول وتفجير انتحاري في افغانستان يوم 30 ديسمبر أسفر عن مقتل سبعة من رجال وكالة المخابرات المركزية الاميركية (سي.اي.ايه) وسلسلة من الاعتقالات لمتشددين مشتبه بهم في الولايات المتحدة عام 2009 .

ويقول محللون ان الوصول الى حل لمشكلة الشرق الاوسط وان كان هذا صعبا كما يبدو سيساعد في تجفيف منابع المتشددين المحتملين. ويقول توماس هيجهامر المتخصص في التشدد الاسلامي العنيف بجامعتي برينستون وهارفارد ومؤسسة أبحاث الدفاع النرويجية "لا يهم ما يعتقده اسامة بن لادن زعيم القاعدة بشأن فلسطين او ما اذا كان تنظيم القاعدة سيتوقف عن القتال.

"المهم هو الدور الذي تلعبه القضية الفلسطينية في تعبئة مجندين جدد وفي تكوين مجموعة من المتعاطفين الذين يغضون الطرف حين يجمع الجهاديون الاموال ويحيكون المؤامرات." وأضاف "بالفعل كل من درس عن كثب التجنيد للجهاد سيقول ان فلسطين مهمة على هذا الصعيد. من الواضح أنها ليست العامل او مصدر التظلم الوحيد لكنها اكثر قضية يستحضرها المجندون."

في مدينة بولتون الانجليزية يتفق يوسف تاي الذي يعمل بمجال خدمة المجتمع مع هذا الرأي. وهو يرى أن النزاع في الشرق الاوسط يفوق حتى الصراع في كشمير بين الاقلية المسلمة التي تعيش في البلدة وعدد كبير منهم من كشمير ذاتها. ويقول "القضية الاسرائيلية الفلسطينية هي اكبر قضية لتعبئة المجتمع. انها تعبيء الناس بشكل لا تضاهيه اي قضية أخرى." وأضاف "اذا تم حل قضية فلسطين سيظل لدى تنظيم القاعدة حكايات يرددها لكنها ستقنع جمهورا أقل."

ويرى البعض وجهة النظر هذه مثيرة للجدل. وتنفي اسرائيل اي ارتباط بين صراعها مع الفلسطينيين والتشدد الاسلامي العنيف. وقال وزير الخارجية الاسرائيلي افيجدور ليبرمان "الصراع في الشرق الاوسط ليس اقليميا انه صراع مباديء بين الاسلام المتطرف والغرب المستنير." ويقر محللون بأن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني ليس المحرك الرئيسي او حتى المباشر وراء الهجمات التي تشن على مستوى العالم.

في السنوات الثلاثين الماضية شملت المظالم أفغانستان والشيشان وكشمير والعراق والبوسنة والفلبين ووجود القوات الاميركية في شبه الجزيرة العربية. ولم يجعل المتشددون متعددو الجنسيات من اسرائيل أولوية ضمن أهدافهم. فالقائمة هزيلة لا تتجاوز هجمات على أهداف يهودية في كينيا عام 2002 وتونس عام 2002 والهند عام 2008 فضلا عن تفجير انتحاري نفذه بريطاني من اصل باكستاني في تل ابيب عام 2003 . علاوة على ذلك نادرا ما يبدأ التطرف بصلته بالجغرافيا السياسية. ويبدو أن لحظاته الاولى تحركها أواصر القرابة والصداقة وسيكولوجية القوى المحركة للتفكير الجماعي.

ويقول الخبراء ان الخطر يكمن في أن الصراعات التي لم تحل مثل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني توفر نسيجا يربط القاعدة بالجماعات المتشددة المتباينة ويجعل المسلمين الذين لا يتبنون ايديولوجية معينة يتسامحون مع هذا التنظيم. وبدأ مسؤولون غربيون يلاحظون هذا.

وقال جاك بيتلو المنسق السابق للمخابرات السويسرية انه لا شك أن الصراع "وما يعتبر كيلا بمكيالين في السياسة الخارجية الغربية" عاملان مهمان يمكنان "الجهاديين" من تجنيد عناصر في صفوفهم. وأضاف "هذا لا يعني أننا بحاجة الى أن نفعل اشياء تفيد القاعدة. لكن اذا حلت القضية سلميا فانها ستقطع شوطا طويلا في معالجة مشكلة التشدد."

ويتفق مات ستاينبرج العضو المخضرم بجهاز المخابرات الاسرائيلي الموساد وجهاز الامن الداخلي شين بيت على أن الصراع يمثل أولوية قصوى لتنظيم القاعدة من وجهة نظر دينية لكنه أضاف أن التنظيم لا يحتاجه كمبرر لشن هجوم على المصالح الاميركية على مستوى العالم. وقال "ربما يقال ان الحل سيشجع القاعدة على تصعيد الهجمات. القاعدة ترى الحل تهديدا وعدم الحل فرصة."

وفي وقت يشهد توترا ملموسا في تحالف اسرائيل الضروري مع الولايات المتحدة بسبب اختلاف وجهات النظر بشأن احلال السلام وبناء المستوطنات اليهودية على أراض محتلة غضب بعض المسؤولين الاسرائيليين من تصريحات كتلك التي أدلى بها بتريوس التي تربط بين الصراع الفلسطيني والمشاكل التي تعاني منها واشنطن.

وقال مصدر سياسي اسرائيلي مطلع على تفكير الحكومة "بعض الجنرالات الاميركيين يبحثون فيما يبدو عن أعذار لاخفاقاتهم في العراق وأفغانستان من خلال القاء اللوم علينا." ويقول بعض المسؤولين الغربيين في أحاديث خاصة انهم يجدون صعوبة في معالجة مظالم الفلسطينيين دون أن يظهروا في صورة من يقدم تنازلات للاسلاميين المتشددين. لكن محللين يشيرون الى أن هناك اختلافا كبيرا بين حل القاعدة للنزاع وهو تدمير اسرائيل وحل المجتمع الدولي وهو اقامة دولتين بهدف توفير الامن للطرفين.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف