الانتخابات البلدية خطوة نحو توسيع اللامركزية الإدارية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سيحصد الثقة952 مجلسًا بلديًا وأكثر من 2300 مختار وذلك في ايار/مايو 2010. إذ إن لبنان على موعد مع الانتخابات البلدية خلال ايام قليلة على الرغم من كل الكلام الذي صدر عن امكانية تأجيلها. غير أنّ المواطنين اللبنانيين لا يبدون متحمسين تجاه هذا الاستحقاق الوطني. فالانتخابات البلدية لا تأخذ الرهجة نفسها كما في الانتخابات النيابية، علمًا ان للانتخابات البلدية اهمية اكبر علىمستوى المشاركة السياسية والتنمية المحلية. فما هو الدور الذي يقوم به هذا الاستحقاق وما هي أهميته؟ ولماذا تبلغ مشاركة المواطنين فيه اهمية كبيرة؟ ما دور الاصلاحات الجديدة؟ اسئلة تطرحها "ايلاف" وتحاول الاجابة عليها من الناحية القانونية والادارية.
بيروت: 2 ايار/ مايو 2010 هو موعد الانتخابات البلدية التي ستجرى خلال دورات اربع . ستبدأ في جبل لبنان، ثم تنتقل الى البقاع وبيروت في 9 ايار، قبل ان يحين دور جنوب لبنان في 23 ايار، وصولاً الى الشمال في 30 ايار. وبعد الجهود الكبيرة التي قام بها وزير الداخلية والبلديات من جهة، والحملة المدنية للاصلاح الانتخابي من جهة اخرى، لادخال اصلاحات جديدة على قانون الانتخابات، لم يقر مجلس النواب ايّ منها على الرغم من اهميتها، بل قرر البقاء على القانون الانتخابي القديم.
وتضمنت ابرز التعديلات تقصير ولاية المجالس البلدية من ست سنوات الى خمس، وادراج "الكوتا النسائية" بنسبة 20 في المئة، والسماح للموظفين من الفئة الثالثة وما دون بالترشح للعضوية البلدية، واعتماد النظام الانتخابي النسبي وباللوائح المقفلة والمعدة سلفا، وتحديد اختيار رئيس البلدية ونائبه من اللائحة التي تفوز بأعلى نسبة من اصوات المقترعين.
جدلية الاصلاحات
وعلى الرغم من مناشدة المجتمع المدني لاقرار هذه الاصلاحات، اعتبرت استاذة الجامعة اللبنانية في القانون الاداري، الدكتورة ماري-تيريز عقل في حديث لـ "ايلاف" ان "إعتماد اللوائح المقفلة سيؤدي الى معركة داخل كل لائحة على الأولوية، في حين انه من المفروض أن يكون هناك حد أدنى من الأنسجام داخل المجلس البلدي".
ورأت ان "الكوتا النسائية رغم أهميتها، لاتكفي وحدها لتحقيق المساواة الكاملة مع الرجل واستعادة الحقوق دون نقصان حيث هناك عوامل أخرى مثل الحالة الاجتماعية والوعي والثقافة والنظام السياسي"، مضيفةً انه "لا يمكن اعتبارها مجرد ديكور للتستر على عدم وجود إصلاحات جذرية لها علاقة باللامركزية الإدارية".
ولكن غياب الاصلاحات، لا يلغي اهمية المشاركة في الانتخابات، الكفيلة في انماء القرى والبلدات. وتدخل الانتخابات البلدية ضمن اطار اللامركزية الادارية التي نص عليها اتفاق الطائف، والتي لا تزال تعاني من الاهمال في لبنان. تقول عقل: "حرص إتفاق الطائف على إعتبار لبنان كله وحدة إنمائية وعلى التأكيد على إعتماد خطة إنمائية موحدة وشاملة قادرة على تنمية كل المناطق اللبنانية دون إستثناء إنسجامًا مع مبدأي الأنماء المتوازن والعدالة الإجتماعية وذلك من أجل تخفيف حدة الفوارق بين المناطق اللبنانية برفع مستوى المناطق المهملة".
وتضيف: "أكد الطائف ايضًا، على تفعيل دور المحافظات والأقضية وعلى تعزيز موارد البلديات والأتحادات البلدية بالأمكانيات المالية اللازمة من أجل تكاملها مع خطة الدولة الأنمائية الشاملة كما ورد في الفقرة الخامسة من وثيقة الوفاق الوطني تحت باب الأصلاحات السياسية".
بين الادارية والسياسية والّلاحصرية
ولا بد للناخب اللبناني ان يعي ان عملية مشاركته في الانتخابات البلدية تساهم في تعزيز اللامركزية الادارية. وهي لا تشبه بمفهومها اللامركزية السياسية التي تتمتع فيها كل منطقة بحكم ذاتي، في حين ان الامركزية الادارية تبقى فيها السلطة المركزية صاحبة الاختصاص في المجال التشريعي.
والمجالس البلدية في اللامركزية الادارية تتمتع بالشخصية المعنوية وبالإستقلال الإداري والمالي. وما مساهمة المواطن في توسيع اللامركزية الإدارية الا خطوة لتحسين الإمكانات المالية والتقنية والإدارية مما يمكنها إنجاز مشاريع تنموية وخدماتية.
ونظرًا إلى خلط بعضهم بين اللامركزية التوسعية والّلاحصرية الادارية، فإن توضيح هذين المفهومين امر ضرروي، بحيث ان الناخب يشارك في الاولى وليس في الثانية. في هذا الاطار، تشير عقل أن "صلاحيات التقرير في اللامركزية الإدارية هي من إختصاص هيئات منتخبة، اي البلديات، التي تتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلالية الإدارية والمالية ".
اما اللاحصرية، فتلفت عقل الى انها "أقرب الى صورة من صور تطبيق المركزية، اذ تناط الصلاحيات من المركز الى ممثلين في المناطق من أجل تسهيل معاملات المواطنين الإدارية، اي الى المحافظين والقائمقامين المعيّنين من قبل الدولة والتابعين لها".
اللامركزية الادارية الموسعة
وعن اللامركزية الادارية الموسعة، تقول عقل "أنه حتى الساعة لا يوجد قناعة واضحة وشاملة في لبنان، لا في الهيئة التشريعية ولا في الإدارة ولا في مراكز القرار السياسي لإعتماد مبدأ اللامركزية الإدارية الموسعة بهدف الإصلاح الإداري"، مؤكّدة انه "إذا طبقت على نحو صحيح تؤدي الى تقوية الحكم المركزي بشكل عام وتحسين الكفاءة في تقديم الخدمات . كما أنها تشجع على تنمية القطاعات الغير المركزية وتزيد من المشاركة الديمقراطية والسياسية، وتجعل الحكم أكثر قابلية للمساءلة".
وفي حديثها عن الاصلاحات التي يجب ان تطال المجالس البلدية ومجالس الاقضية لتحقيق الامركزية الموسعة تقول: "يجب ان تكون البلديات ومجالس الأقضية منتخبة بالكامل ويجب إلغاء الوصاية والرقابة الإدارية المسبقة وإعتماد الرقابة اللاحقة. كما انه يجب توضيح العلاقة بين مجلس القضاء والمجلس البلدي كي لا تتداخل الصلاحيات وتتضارب، وتحويل المخصصات المالية للنواب الى موازنات المجالس البلدية والأقضية. هذا ويجب إعادة النظر بالرقابة الإدارية المفروضة على البلديات كونها تشل عملها في بعض الأحيان".
الى حين تطبيق الامركزية الادارية الموسعة، امام الناخب في ايار/ مايو فرصة للتقدم نحو تعزيز اللامركزية الادارية وانتخاب اعضاء مجلس بلدي او اختياري يمثّلون حقًا مصالحه وتطلّعاته. فاذا كان غير راضٍ عن اداء نواب امته، يستطيع ان يعوّض على الاقل من خلال ممثلي بلدته.