أخبار

تقرير:حل الدولتين يحقق الأمن لإسرائيل

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يؤكد تقرير أن حل الدولتين الذي تتبناه إدارة أوباما وتسعى إلى تحقيقه يحقق الأمن للفلسطينيين والإسرائيليين.

واشنطن: إن الحل القائم على دولتين للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني يُمثل مصلحة ملحة للولايات المتحدة الأميركية، حيث إنه يعتبر المنهج الأكثر واقعية لإحلال السلام الدائم وتحقيق العدالة للإسرائيليين والفلسطينيين كما أنه يحقق مصلحة واضحة وجوهرية للأميركيين، والفلسطينيين والإسرائيليين وأيضًا مصلحة العديد من الدول الأخرى في المنطقة.

وهذا الحل العملي يجب أن يقوم على ركيزة أساسية هي توفير الأمن الكافي للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء، لكن تحقيق هذا الهدف لن يكون بالأمر السهل حتى في سياق إقامة دولتين، لأن كل دولة ستكون صغيرة نسبيًا، كما سيكون على الطرفين تنسيق عمليات المراقبة على الحدود، والوصول للمياه والمواقع الدينية الرئيسة، وغيرها من القضايا الخلافية الأخرى المحتملة. فالتاريخ الطويل من الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين سيقود حتمًا لتعظيم المخاوف الأمنية. كما أن ذلك من شأنه إثارة قلق الطرفين من أن التنازلات التي قدمت في إطار اتفاقية الوضع النهائي من المحتمل أن تصبح يومًا ما عرضة للدخول مرة أخرى في مفاوضات حولها. وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن إقامة دولتين ما زال يمثل أفضل الفرص لتحقيق الأمن المتبادل للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني سواء في الوقت الراهن أو في المستقبل القريب.

في هذا السياق، تأتي هذه المقالة بعنوان "تحديات الأمن الإسرائيلي - الفلسطيني" للكاتب ستيفن والت، وهو أستاذ بقسم الشؤون الدولية في كلية هارفارد كيندي وعضو في الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم، ومحرر في مجلة السياسة الخارجية، وذلك ضمن سلسة المقالات حول دراسة السلام في الشرق الأوسط الصادرة عن "مجموعة بوسطن" تحت عنوان "إسرائيل وفلسطين . دولتين لشعبين: إذا لم يكن الآن، فمتى؟!".

متطلبات الأمن الإسرائيلي
يُشير الكاتب إلى أنه لكي نفهم متطلبات واحتياجات الأمن الإسرائيلي الحالية بشكل تام فلابد من الاعتراف بأن الوضع الأمني الآن قد تغير عما كان عليه عام 1948، والدليل على ذلك:

أنه فيما يتعلق بالتهديدات العسكرية التقليدية، فإن إسرائيل الآن أكثر أمنًا مما كانت عليه وقت احتلالها للضفة الغربية ومرتفعات الجولان عام 1967، حيث كانت إسرائيل حينذاك تواجه معارضة من قبل العالم العربي بأكمله، أما اليوم فقد وقعت مصر والأردن معاهدات سلام مع إسرائيل بل أكثر من ذلك ففي عام 2007 أيدت الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية مبادرة السلام لعام2002.

وفي عام 1967 كان حجم الإنفاق الدفاعي الإسرائيلي أقل من نصف حجم الإنفاق لكل من مصر وسوريا والأردن والعراق. أما اليوم فقد تجاوز الإنفاق الدفاعي الإسرائيلي مجموع الإنفاق الدفاعي لجيرانها بهامش كبير حيث فقدت سوريا راعيها السوفيتي عام 1989، والعراق دمرت نتيجة خوضها ثلاثة حروب مدمرة، وإيران تبعد عن إسرائيل مئات الأميال.

علاوةً على ذلك، فقد انتصرت إسرائيل في حرب عام 1948، حرب 1956، حرب 1967 بشكل حاسم - في الوقت الذي لم تمدها فيه الولايات المتحدة بالمساعدات الاقتصادية والعسكرية الكافية -، كما أنها فازت بحرب أكتوبر عام 1973 ـ على حد وولت ـ على الرغم من أنها كانت ضحية الهجمة المفاجئة الناجحة. فاليوم، إسرائيل أصبحت أكبر قوة عسكرية في المنطقة وحليفًا استراتيجيًّا للولايات المتحدة الأميركية وأكبر متلقٍ لبلايين الدولارات من المساعدات العسكرية والاقتصادية.

وأخيرًا، فإن إسرائيل لم يكن لديها درع نووي قبل عام 1967 بينما اليوم أصبح لديها ترسانة نووية تتجاوز 200 سلاح، ففي ظل حدود ما قبل عام 1967 وفي وقت قصير أصبحت إسرائيل أكثر أمنًا من أي وقت مضى ولم تعد تواجه أي تهديدات خطيرة بالأسلحة العسكرية التقليدية.

ويرى "والت" أن التهديدات الرئيسة لأمن إسرائيل اليوم تنبع من طرق القتال غير التقليدية بما في ذلك هجمات الصواريخ قصيرة المدى التي تشنها الجماعات الفلسطينية في قطاع غزة، التهديدات الصاروخية من قبل حزب الله في جنوب لبنان والاحتمالات المستمرة للهجمات الإرهابية (بما في ذلك التفجيرات الانتحارية) ضد القوات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية أو ضد المدنيين الإسرائيليين. وعلى الرغم من أنه لا يجب التقليل من شأن هذه التهديدات إلا أنها لا تشكل تهديدًا على بقاء إسرائيل.

والأكثر أهمية من ذلك أن الوجود الإسرائيلي لا ينفي هذا الخطر. بل على العكس، فجهود إسرائيل المستمرة للاستيطان في الضفة الغربية ومحاصرة سكان قطاع غزة يعد أحد الأسباب الأساسية لاستهداف الجماعات الفلسطينية لإسرائيل. وفي ظل غياب حل الدولتين، فإن هذه التهديدات غير التقليدية لن تنتهي بل في الواقع قد تتطور الأمور إلى الأسوأ.

إيران نووية تهدد أمن إسرائيل
أما الخطر الثاني غير التقليدي على أمن إسرائيل فيتمثل في سعي إيران الدائم لامتلاك دورة الوقود النووي الكاملة ومن ثم إعطاؤها القدرة على صنع أسلحة نووية إذا ما اختارت ذلك. ومن الجدير بالذكر أن قلق إسرائيل بهذا الشأن من السهولة استيعابه خصوصًا في ظل تصريحات الرئيس الإيراني "محمود أحمدي نجاد" المسيئة بشأن ارتكاب إسرائيل لمحرقة الهولوكوست وتصريحاته المتكررة التي تتحدى شرعية وجود إسرائيل.

غير أن هذا القلق المشروع من قبل إسرائيل لا ينبغي المبالغة فيه كما لا ينبغي أن يقودنا إلى استخلاص استنتاجات خاطئة فيما يتعلق بأسلوب التعامل الأفضل من قبل الإسرائيليين تجاه الفلسطينيين، حيث أعلن الرئيس الإيراني "أحمدي نجاد" مؤخرًا دعم بلاده لحل الدولتين في حالة جلوس الطرفين على مائدة المفاوضات.

ثانيًا أنه حتى في حالة امتلاك إيران أسلحة نووية يومًا ما، فيجب إلا ننسى أن إسرائيل لديها قوة ردع نووية خاصة بها، فلا يمكن لزعيم إيراني مهاجمة إسرائيل دون رد إسرائيل على ذلك بانتقام مدمر كما أن أي استخدام للأسلحة النووية يتطلب مشاركة فعالة من قبل عديدٍ من أفراد القيادة الإيرانية والقوات المسلحة. فالخوف من استخدام الأسلحة النووية ما زال بعيدًا نوعًا ما لأن تنفيذ التهديد النووي ليس بالمصداقية ذاتها ضد الخصم المسلح نوويًا.

فإسرائيل (وغيرها) لديها أسباب للقلق حيال البرنامج النووي الإيراني لكن هذه المخاوف ليست حجة ضد حل إقامة الدولتين. بل على العكس، فإن هذه المخاوف تبرز إلى أي مدى أن السيطرة على الأراضي الفلسطينية لم تعد ذات أهمية لأمن إسرائيل (بعبارة أخرى، أنها لم تعد مصدر حماية من هجمات الصواريخ الباليستية أو الهجمات الانتحارية).

وفي الواقع، فإن وجود إسرائيل الدائم والمستمر في المنطقة يعزز مصالح إيران من خلال إعطائها ورقة رابحة للعب بها في السباق على تعزيز نفوذها على نطاق أوسع في المنطقة والمساومة بشأن برنامجها النووي مع واشنطن. فالالتزام الإيراني تجاه القضية الفلسطينية يتسم بالانتهازية وحديث النشأة نسبيًا، فإيران لم تبدأ في دعم المتطرفين الفلسطينيين مثل حركة حماس والجهاد الإسلامي حتى أوائل التسعينيات وذلك استجابة لاستراتيجية الولايات المتحدة الأميركية القائمة على "الاحتواء المزدوج" ومحاولة أميركا عزلها في المنطقة.

فقد أعلن في وقت سابق أحد الساسة الإيرانيين البارزين وهو الرئيس الإيراني السابق "محمد خاتمي" استعداد بلاده لقبول أي اتفاق يوافق عليه الفلسطينيون وإنهاء دعم بلاده لحركة "حماس"، الجهاد الإسلامي وحزب الله وذلك في سياق عقد صفقة كبرى مع الولايات المتحدة الأميركية.

فإذا ما أزلنا المصدر الرئيس لقوة إيران وعملنا على تسهيل التقارب بين إسرائيل وباقي الدول الأخرى - التي لديها مخاوفها الخاصة من إيران - فإن حل الدولتين قد يكون الطريق الأفضل لتقليل الخطر الذي تمثله إيران في الوقت الراهن.

حل الدولتين مصدر شرعية
من شأن حل الدولتين تعزيز رغبة إسرائيل في التمتع بالشرعية الدائمة، فامتلاك إسرائيل للقوة العسكرية لا يعوضها عن فقدان الأمن الناتج عن عدم رغبة دول الجوار في الاعتراف بوجودها وشرعيتها. فحتى يتم الاعتراف بإسرائيل وقبولها في المنطقة، سيظل مواطنوها في خوف مستمر فيما يتعلق بتوقف مستقبلهم على هيمنة دولة إسرائيل وأيضًا خوفهم من أن تآكل قوة إسرائيل سيضع وجودها على المحك.

في هذا السياق، يشير وولت إلى أنه بالتخلص من المعوقات الكبرى أمام قبول إسرائيل إقليميًا، فإن حل الدولتين سيحقق منفعة متبادلة للطرفين ويزيد من احتمالات السلام الدائم. وفي الواقع، فإنه من الصعب تخيل إمكانية قبول إسرائيل والاعتراف بها من قبل الدول الأخرى في ظل احتلالها للأراضي الفلسطينية واستمرار نكرانها للحقوق السياسية الأصيلة للشعب الفلسطيني.

حل الدولتين بشروط إسرائيلية
وفي الوقت ذاته، فإن حل الدولتين لابد من تطبيقه بطريقة تحمي إسرائيل من الهجمات الناجمة من أراضي دولة فلسطين الجديدة، فلا يمكن لأية دولة أن تتوقع الأمان المطلق، وبطبيعة الحال فإن الإسرائيليين سيريدون التأكد من أن دولة فلسطين لن تصبح معقل للهجمات الإرهابية المكثفة ضد إسرائيل.

والحماية الأكيدة من هذا الخطر تتمثل في نمو علاقات إيجابية وودية بين الشعبين، ومن ثم القضاء على الحافز وراء مزيد من الهجمات. في غضون ذلك، فإن الحل الواقعي والمتمثل في إقامة الدولتين سوف يتطلب فرض قيود على التسلح الفلسطيني والتطوير المستمر لقوات الأمن الفلسطينية (الشرطة والقوات شبه العسكرية) - وهي العملية التي تجري حاليًا - بل وربما نشر مؤقت لقوات حفظ الأمن الدولية والتي من المحتمل أن تضم قوات أميركية وذلك خلال الفترة الأولى من إقامة الدولة الفلسطينية.

ويجب ألا ننسى أن الاتفاق المتبادل والتخطيط المسبق والتقسيم الواضح للمسؤوليات كان مفقودًا وقت الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة في أيلول/سبتمبر عام 2005 مما خلق فجوة الفراغ الأمني وخلفَ وضعًا كارثيًا للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء مما أدى في نهاية الأمر إلى هبوط الصواريخ في مدن الجنوب الإسرائيلي والحصار الذي فرض على غزة وحرب غزة أواخر عام 2008 وبدايات عام 2009.

المتطلبات الأمنية لدولة فلسطين المستقلة
يشير "والت" إلى أن توفير الحد الأدنى من المتطلبات الأمنية لدولة فلسطين من أكثر المهام صعوبةً على الإطلاق، حتى أكثر المخططات التوسعية لإقامة دولة فلسطينية في المستقبل فإنها لن تمنح لهم السيادة على ما لا يزيد عن 22 % من أراضي فلسطين الأصلية (في ظل الانتداب) بما في ذلك قطاع غزة.

وحتى إذا ما تم توصيلها بمعبر أرضي (بمعنى معبر ضيق للعبور) فإن دولة فلسطين المستقبلية ستتكون من مقاطعتين متميزتين أكبرهم ستكون مقاطعة حبيسة ومطوقة بالإسرائيليين من ناحية الغرب وبالأردن من ناحية الشرق، ومن ثم فالدولة الجديدة ستكون أكثر فقرًا وضعفًا من جارتها إسرائيل لعدة عقود قادمة. كما أن مقترحات السلام السابقة (بما في ذلك معايير كلينتون في ديسمبر 2000) تتبنى تصورًا لقيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وعلى الرغم من ذلك فإنها تسمح للفلسطينيين ببناء قوات أمن داخلية وذلك من شأنه السماح بالنمو حيث الزيادة السكانية الفلسطينية. وقد اقترحت معايير كلينتون أيضًا ما يلي:

1. حق إسرائيل في الاحتفاظ بثلاث محطات للإنذار المبكر على الأراضي الفلسطينية بوضعهم الحالي على أن يعاد النظر في ذلك بعد مرور (10) سنوات ويتم مراجعة ذلك في إطار الاتفاق المتبادل.

2.مد السيادة الفلسطينية على مجالها الجوي وذلك باستثناء الاحتياجات التدريبية والعملية الإسرائيلية.

3.حق القوات العسكرية الإسرائيلية في اختراق الأراضي الفلسطينية في ظل إعلان حالة الطوارئ الوطنية والتي يطلق عليها مصطلح "الخطر الوشيك للأمن القومي الإسرائيلي ذي الطبيعة العسكرية".

وتمثل هذه المعايير تنازلات هامة فيما يتعلق بالسيادة الفلسطينية. وفي الواقع، فإنه من الصعب التفكير في قيام دولة مستقلة تواجه قيود مماثلة، ومن ثم فالترتيبات الأكثر ترجيحًا لقيام دولة فلسطين المستقبلية تتمثل في تعظيم أمن إسرائيل عن طريق ضمانة رئيسة هي التأكد من عدم وضع دولة فلسطين الجديدة في وضع يهدد أمن إسرائيل بشكل مباشر ويتيح لإسرائيل اتخاذ الخطوات التي تراها ضرورية لحفظ أمنها في حالة فشل الاتفاقية.

وعلى الرغم من أن قبول فلسطين لهذه الضمانات يمثل تطورًا جوهريًا في ظل الوضع الراهن للفلسطينيين (بعبارة أخرى في ظل عدم تمتعهم بدولة خاصة بهم وخضوعهم المباشر للتحكم العسكري الإسرائيلي) إلا أن هذه القيود ما تزال محل قلق كبير لاسيما بالنظر إلى احتمال حدوث نزاعات في المستقبل حول الحصول على الموارد المائية والمواقع الدينية المقدسة وذلك جنبًا إلى جنب مع محاولات الإسرائيليين والفلسطينيين المتطرفين شبه المؤكدة لإحباط أي اتفاقية من خلال القيام بالعديد من أحداث العنف. ولا يمكن لأي حكومة فلسطينية مسئولة أن تتجاهل إمكانية ظهور تهديدات جديدة الناجمة عن أي مكان بالإقليم.

وقد أشار عدد من المراقبين والمشاركين في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني (بما فيهم الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون) أن أكثر الحلول الواعدة بشأن هذا التحدي يتمثل في شكل ما من أشكال قوات حفظ سلام دولية. فإذا ما تم تصميمها وتنفيذها بشكل صحيح، فإن تواجد القوات الدولية من شأنه أن يطمئن إسرائيل بشأن التهديدات المحتملة الناجمة عن قيام دولة فلسطين وفي الوقت نفسه حماية الدولة الجديدة من الضغوط الخارجية

دولة فلسطينية ضعيفة يهدد إسرائيل
وتوضح الاعتبارات السابقة أن النجاح في إقامة الدولتين يتطلب نهج علاقات مع الفلسطينيين من منظور مختلف نوعًا ما عن النهج الذي كان متبعًا سابقًا. ففي الماضي كانت القيادة الإسرائيلية والصهيونية تفضل بشكل عام أن يكون خصمها ضعيفًا ومنقسمًا مما يسهل من جهودها الذاتية ويقلل من فرص تمثيل الجانب الفلسطيني لأي تحديات خطيرة، وقد كان لهذا النهج منطقه حينذاك ولكنه الآن يجلب نتائج عكسية.

ففي الوقت الراهن، يمكن تعزيز أمن إسرائيل من خلال إقامة دولة فلسطينية شرعية يمكنها الحفاظ على النظام في المنطقة الخاضعة لسيطرتها. ومن المفارقات، فإن وجود مجتمع فلسطيني ضعيف ومقسم يمثل بيئة خصبة لنمو الإرهاب ضد إسرائيل

وبالمثل فإن القادة الفلسطينيين لابد وأن يروا جيرانهم الإسرائيليين على أنهم شركاء في مناهضة الخطر المشترك المتمثل في الإرهابيين المتطرفين داخل وخارج النفوذ الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء. غير أنه يبدو أن بعض القادة من الجانبين لديهم القدرة على تحقيق هذا التغيير عن إيمان بذلك ولكن من الصعب حدوث هذا التغيير عالميًا أو حتى نشره على نطاق أوسع.

إن تحقيق هذا الهدف يتطلب من إسرائيل أن تقدم مقترح اتفاق نهائي سخي بقدر كافٍ لإعطاء الزعيم الفلسطيني الذي سيوقعه فرصة إحراز تقدم سياسي كبير، حيث إن فرض اتفاق أحادي الجانب من شأنه تقويض ما تم الاتفاق عليه والسماح بنمو روح الانتقام. بعبارة أخرى، من مصلحة إسرائيل أن تبرم اتفاقًا مع الفلسطينيين يقبله الطرفان لحظة توقيعه وفي المستقبل البعيد.

ومن المفارقات، أنه كلما بدا الاتفاق جيدًا من وجهة النظر الفلسطينية كلما ازدادت ثقة الجانب الإسرائيلي في عدم التزام الجانب الفلسطيني به. ووفقًا لنفس المنطق، فإن الاتفاق أحادي الجانب من الممكن أن يحث الأجيال القادمة على محاولة إعادة التفاوض بشأنه مرة أخرى مما يؤدي بدوره إلى إطالة أمد الصراع بدلاً من وضع حدًا له.

وفي النهاية، فإن قضية الأمن الإسرائيلي - الفلسطيني تعتمد في نهاية الأمر على ما هو أكثر من الترتيبات العسكرية، قوات حفظ السلام، وتوازن القوى. فالهدف النهائي يجب أن يمثل نقطة تحول في كيفية رؤية كل طرف للآخر بحيث يبدأ الصراع بينهم يبدو وكأنه بعيد وبشكل متزايد لا يمكن تصوره.

قد يبدو هذا الهدف بعيد المنال في الوقت الحاضر، غير أنه لا ينبغي نسيان أن المنافسات الأخرى طويلة الأمد (مثل الصراع بين ألمانيا وفرنسا) قد مرت بتحولات مشابهة في الماضي. ووصولاً لتحقيق هذه الغاية، فإن ترتيبات الأمن يجب تفهمها كما يجب أن تشمل جهودًا حثيثة من قبل الحكومتين للقضاء على خطابات الكراهية وغيرها من أشكال الدعاية العنصرية. وهذا من شأنه إثارة قضايا أخرى مثل حرية التعبير والحريات المدنية التي تكمن من وراء هذا التقرير. وفي أضيق الحدود، فإن اتفاقية الوضع النهائي لابد وأن تشمل تعهدات بأن الممثلين الرسميين عن حكومات الطرفين سوف يمتنعون عن انتهاج لغة الحوار الاستفزازية ويُدينون مثل هذا الفعل وقت حدوثه.

ويختتم "والت" مقالته بالتأكيد على أن إسرائيل وأية دولة فلسطينية مستقبلية سوف يواجهون تحديات أمنية معقدة كما أن أي اتفاق للتسوية النهائية لن يقضي على كافة المشكلات الأمنية التي قد يواجهها الطرفان. إن تنفيذ اتفاقية الوضع النهائي لا يمكن أن يتم بين عشية وضحاها إنما يتطلب ذلك التحلي بالصبر والخطوات الثابتة من جانب كلا الطرفين لكي تؤتي ثمارها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف