جورج شرف: النظام اللبناني برلماني دستوريًّا وتوافقي سياسيَّا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ينشغل اللبنانيَّون هذا الشهر بالإنتخابات البلديَّة والإختياريَّة، متناسين أن أيار حمل قبل سنتين ذروة التصعيد في حوادث اليوم السابع من الشهر، قبل أن يرسي في الدوحة معادلة سياسيَّة جديدة لا تزال مفاعيلها صامدة، وأدت إلى إنتخاب قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان رئيسًا للجمهوريَّة في 25 أيار بعد فراغ القصر الرئاسي في بعبدا استمر سحابة سبعة أشهر .
بيروت: في ظل الأحاديث الدائرة في الكواليس السياسية عن انعكاسات سياسية لنتائج الإنتخابات البلدية والإختيارية قد تفرض الإطاحة بحكومة سعد الحريري التي شكلت وفق صيغة توافقية دقيقة وبعد مخاض طويل، سألت "إيلاف"الدكتور جورج شرف، المتخصص في تاريخ لبنان السياسي الحديث والأستاذ في الجامعة اللبنانية، عن العبر التي يمكن استخلاصها من احداث أيار/ مايو 2008 وانسحابها حتى اليوم على الواقع السياسي في لبنان ومدى قابليتها للدوام.
يرى شرف ان تلك الاحداث وما تلاها "أثبتت ان السلطة لا يمكن ان تتّخذ قرارات خارج اطار التوافق، بصرف النظر عن ماهية وحقوقية هذه القرارات"، موضحاً ان "منطق الجماعات يختلف مع منطق الدولة في كثير من الاحيان. لقد صوّتت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة لأسباب وجيهة بالاكثرية على قرارين في 5 ايار يتعلقان بمطار بيروت وقائد القوة الأمنية فيه وشبكة إتصالات "حزب الله" السلكية ، وكان واضحاً ان الطرف المعني لن يقبل بها من دون إجماع. والمواجهات الدموية التي شهدها 7 اياردليل على رفض أي جماعة ايّ قرار يفرض عليها".
ويقول شرف :"لا يمكن اليوم اخذ اي قرار خارج موافقة رؤساء الطوائف الثلاث، ومراعاة مصالح القوى السياسية. هذه هي العبرة الاساسية من مجمل ما شهده شهر أيار / مايو 2008 التي وضعت الاساس للواقع السياسي في لبنان اليوم" . ويشير الى ان "الترويكا"،( حكم الثلاثة رؤساء) اصبحت امرا واقعا، قبلنا بها ام لم نقبل. فنحن نمارسها رغم اننا نخافها ونخشى الاعتراف بها". ويوضح أن المنطق الجدليّ القائم بين المجتمع والسلطة يفرض تمثيل هذه الاخيرة في المجتمعات المرّكبة لكلّ الجماعات التي يتكّون منها المجتمع، دينيّة كانت، لغوية او عرقية. وفي ظل التركيبة المجتمعية اللبنانية المكوّنة من 18 طائفة دينية، سيؤدي تعارض السلطة مع مصالح احدها حتماَ الى صراع داخلي، كما حصل في 7 ايار.
ويرى شرف أن المنطق التوافقي ليس جديدا على لبنان. فتاريخه يثبت ان في مراحل كثيرة لجأ اللّبنانيون الى الاجماع لحلّ ازماتهم، كما سنة 1958 حين اطلقت المعادلة الشهيرة "لا غالب ولا مغلوب". والميثاق الوطني سنة 1943 عبّر تمامًا عن هذا المنطق، بحيث "توافق" المسيحيون (الموارنة) والمسلمون (السنة) على تقاسم السلطة في ما بينهم مناصفةً. وانتقل النظام التوافقي العرفي في الميثاق الوطني الى نظام برلماني دستوريّ في اتفاق الطائف. اي ما كان شفهياً اصبح خطيّاَ.
أمَّا عن الفرق بين النظام البرلماني والتوافقي فيجيب شرف: "هناك ثلاثة فروق اساسية تتمثّل في فصل السلطات، في طريقة التصويت، وفي دور رئيس الجمهورية"، ويوضح: "في النظام البرلماني الفصل كامل بين السلطات الثلاث. التصويت على القرارات يجري بالاكثرية، ورئيس الجمهورية هو حكم بين الاطراف. امّا في النظام التوافقي، فكل الطوائف تمثّل عملياً كلّ السلطات، فلا تأخذ السلطة التنفيذية قرارا بمعزل عن مجلس النواب، والعكس بالعكس. كما ان التصويت يكون بالاجماع، ورئيس الجمهورية لا يمكن ان يكون حكَما في ظلّ تمثيله لطائفة معيّنة، اي أنه طرف بحدّ ذاته".
وبحكم هذا الواقع يكون النظام اللبناني اذًا برلمانيًّا في الدستور، توافقيًا في السياسة. ويرى شرف ان "النظام التوافقي في اطار المناصفة، هو الصيغة الافضل لواقع لبنان الحالي، لافتاً الى انّ "النظام البرلماني لا يتوافق مع مجتمع مركّب". والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : بعد تغّير العوامل الديموغرافية والسياسية، هل يمارس لبنان اليوم التوافقيّة عرفاً في انتظار تكريسها كتابةً في دستور جديد، يراعي هذه المرة دور القوة الشيعية الجديدة التي اثبتت قوتها وتأثيرها البالغين ؟
وبصرف النظر عن اسباب وخلفيات احداث السابع من أيار،إلا ان المؤكد منه انهافرضت واقعاّ سياسياّ جديداّ، عنوانه التوافق، وبرهنت للبنانيين جميعاّ انه لا يمكن الغاء الآخر، بل ان اعتبار وجود الجماعات المختلفة طائفيا وسياسيا امر ضروري واساسي. واستبعاد احداها عن السلطةوعدم مراعاة مصالحها، سيؤدي حتماً الى شلل او انفجار في البلاد.
التعليقات
و امرهم شورى
ابن الاسلام -بلا كترة كلام:::الحكم في لبنان هو اسلامي!!!!! تحت مسمى التوافق