أخبار

رفيق خوري: الصحافة تتراجع والفضائيات أذرع الأحزاب

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يؤكد رفيق خوري رئيس تحرير صحيفة الأنوار اللبنانية بأن الصحف الورقية في تراجع، مشيرا إلى أن الزمن هو عصر الصحافة الالكترونية في وقت تعاني فيه الصحف الورقية من خسائر فادحة في عمليات الطباعة والتوزيع، وبين أن صحيفة الأنوار تعتمد على التبرعات والدعم.

صحافي عريق وشاهد حيّ على أعقد حقبَة مرّت على منطقة حفلت بالعنف والحروب وتنازعتها المصائب. تميّز بالعمل الدؤوب في مهنة تعد من أصعب المهن وفي أحلك الظروف فاكتسب خبرة فريدة، حافظ على حريّة رأيه ودافع عنها في وقت كان يصعب على المرء ان يحقق معادلة الحافظ على حياته و الحرية معًا، يخفي خلف عينيه بريق شاعرٍ لا زال يشع سلامًا على الدوام ، يُعد من الرعيل الأول المؤسس للصحف اللبنانية وان كان سوري المولد. إنه رفيق خوري رئيس تحرير جريدة الأنوار .


وصفه رفيق دربه طلال سلمان بالقول بأنه " افضل كاتب تعليق صحافي في لبنان، وانه من أبرع من أوجز فأوعى، ولكنه مجرم وقاتل لانه اغتال الشاعر فيه مدعيا انه قد اكتفى من الحب".
إلتقيناه على هامش أعمال منتدى الاعلام العربي 2010 الذي انعقد في دبي الاسبوع الفائت وكانت لنا معه دردشة طويلة تجاوزت الهمّ الصحافي والاعلامي وغاصت في الشأن اللبناني ننقل للقارئ جزءًا منها .

bull;نلاحظ اليوم "سرعة كبيرة" في الحصول على لقب "صحفي" ان صح التعبير، إلى ماذا يعود ذلك ومن وجهة نظرك لا سيما وانك امضيت ما يقارب نصف قرن من العمل في هذا المجال ؟
الصحفيين الحاليين بمعظمهم غير مهنيين، ومعظم طلاب كليات الاعلام لا يقرأون وغير مثقفين .... لقد كنّا في بداية عملنا الصحفي في السابق نتعب كثيرا، وقد مارسنا شتى أنواع الكتابة.

مراسلة إيلاف مروة كريدية تحاور رفيق خوري

bull;ما أهم ما كان يميّز الرعيل الأول من العاملين في الصحافة ؟
ما كان يميز جيلنا هو التدرج في العمل ولا يصل المرء الى منصب معين إلا بشقّ الأنفس وبصعوبة بالغة و بعد سنوات عديدة من العمل، لقد عملت وَالاستاذ طلال سلمان رئيس تحرير جريدة السفير اللبنانية سويًّا وكنا نبذل الجهد الكبير كي نجري مقابلة مع شخصية معينة ، وكنا نعدّ لها الكثير، أما اليوم فقد اختلف الأمر مع وجود المدونات أصبح كل انسان صحفي منهم الجيد ومنهم التافه ...

bull;ولكن البعض ينظر بإيجابية حيال وجود المدونات، لا سيما وانها فتحت فضاء من الحرّيات لم نعرفه من قبل، وسهلت عملية الوصول الى المعلومة ، كيف تقَيّم هذه الظاهرة ؟
ظاهرة التدوين والصحافة الالكترونية ايجابية وجيدة بشكل عام ، ولكن أين الضوابط ... ان ما يميز المواقع الالكترونية الجادة هو متابعتها الدقيقة والسريعة للأحداث كما انها تطالب مراسليها بالاعتماد على مصادر موثوقة لجمع المعلومات وهي بالنهاية تخضع مراسليها للمساءلة عن مصدر المعلومة .
إذن المهم هو وثوقية المصدر وصحّة المعلومة، لا يمكن ان أقبل من طالب الاعلام الاعتماد في مصدره على الشبكة العنكبوتية بالاطلاق... هناك الجاد وهناك غير ذلك .

bull;بيد أن الصحافة الورقية أصبحت "خارج الوقت" استاذ رفيق، وهذه حقيقة وليس تجنيًّا ..

رفيق خوري في سطور:
ولد في مشتى الحلو عام 1936 وتعلم في مدرسة ابن خلدون ثم علّم فيها . بعد أن اخذ البكلوريا بدأ دراسة الحقوق في الجامعة ولكن الظروف السياسية الصعبة أجبرته للهرب إلى لبنان بعد أن قضى فترة قصيرة في الحبس لميوله اليساريه . وسرعان ما تعرف بالعاملين في مجال الصحافة في لبنان وأخذ يكتب في عدة جرائد ومجلات حيث استقر فيه المطاف في دار الصياد وبسرعة رأس تحرير مجلة الصياد لمدة طويلة ثم رأس ولا يزال تحرير جريدة الأنوار .
واستقر خوري في بلدة زوق مكايل اللبنانية التي كرّمته مؤخرا في 17 نيسان ابريل 2010.
يعمل بالسياسة إلى جانب الصحافة ويعتبر من أكثر المدافعين عن حرية الرأي وحرية التعبير ومن ألمع الصحفيين في الشرق الأوسط . في بداية حياته كان له كتابي شعر الأول ( زنبق ودم ) كتبه في مشتى الحلو وفي بداية اغترابه عنها حيث ييبث في هذا الكتاب كل الحنين والشوق لسهرات المشتى وأيامها وخاصة أنه كان لا يستطيع المجيء إليها كذلك عبر في الكتاب عن أفكاره الثورية ودفاعه عن الثورات العربية والعالمية.
ثم كان كتابه الثاني الذي وصف فيه بيروت ( بمدينة الحجارة ) . وبعد ذلك توقف عن كتابة الشعر والتزم السياسة والصحافة والمقالات الأدبية وخاصة فيما يتعلق بفيروز والرحابنة الذي كان معهم منذ البداية وكتب لهم أكثر من ثلاثة عشر اسكتش حسب ما قاله منصور الرحباني وكان ولا يزال من أكثر المقربين منهم حتى أن عاصي الرحباني في أواخر حياته كان يعتمد عليه ليعرف ما يدور في العالم .

الزمن هو عصر الصحافة الالكترونية فالصحف الورقية تعاني من خسائر فادحة في عمليات الطباعة والتوزيع .. بالنسبة لي شخصيًّا فإن مقالاتي تُقرأ أكثر بمئات المرات الكترونيا منها ورقيا إذا افترضنا ان كل النسخ الورقية قُرأت ... الصحف الورقية مهددة بالافلاس .

bull;وماذا عن "الأنوار" الصحيفة التي ترأسونها ؟
نحن في الانوار نكاد نغطي وضعنا من المساعدات والتبرعات والصحافة الورقية من وجهة نظري ترجع اليوم الى الوراء . ولكن نحتاج الى ضوابط تنظم الاعلام الالكتروني .

bull;ولكن البعض ينظر بحذر وقلق بالغ في عالمنا "العربي" من مسألة الضوابط والتنظيم، فالسلطة السياسية غالبًا ما تتخذ من القانون ذريعة للحد من الحريات ... هل ينقصنا مزيدًا من القمع ... فالفضاء الالكتروني أتاح متنفس للشارع المكبوت الذي كُمم فاهه ردحًا من الزمن والصحافة الورقية فيه ملك "الزعيم " .. لماذا لا ندع الناس تعبّر كما تشاء ؟
أقصد التنظيم الداخلي وانا ضد تدخل الدولة في عمل الاعلام، والانظمة العربية التي لم تسمح بحرية الصحافة الورقية لن تسمح بحرية الالكترونية، واني شخصيا أؤمن بثلاث حريات، حرية التفكير، حرية التعبير ، وحرية التغيير.
حرية التفكير تتطلب حتما حرية التعبير، وحرية التعبير، لابد ان تتطور لتقدر على التغيير، ينبغي ان ندعم الحريات بأصنافها الثلاثة ...

bull;هناك من يتساءل عن سرّ بقاء رؤساء التحرير في الصحف"المعروفة" هذه المدة الطويلة في مهامهم، فبعضهم لا زال في منصبه منذ عقود ، الجرائد تحتاج لجيل جديد، لقد هجركم الشباب واتجهوا الى انشاء مواقع الكترونية خاصة اليوم تخشونها وهي ربما اكتسحتكم ؟
من جهتي لم أعد أمارس العمل التحريري، ومهتم بالكتابة أكثر من إهتمامي بالإدارة ، وقد تعبت من الممارسة الرسمية ، لم أعد أعمل بشكل مباشر .
bull;كيف ترى الصحافة اللبنانية اليوم ؟
رأيي بكلّ الصحافة اللبنانية... انه لم يَعُد هناك تحقيقات مهمة وهناك جرأة وموضوعية أقل بكثير . والصحافة بشكل عام ومن وجهة نظر مهنية تتراجع الى الوراء اليوم لسنا أمام newspaper ماهو موجود paper..

bull;الصحافة اللبنانية تخضع بشكل "مباشر" او " غيرمباشر" لسلطة الطوائف أورجال الدين أو الاحزاب فنرى أن أعضاء كل حزبٍ بما لديهم من وسائل الاعلام فرحون ! اين انتم من سياق التبعية ؟
الامر لا ينطبق على كل الجرائد فنحن في الانوار لسنا أسرى لأي حزب أو جهة داعمة وإلا لما عانينا من أزمة تمويل مادي ...
bull;ولكن ربما يكون لكم توجه سياسي معين أو خط تدعمونه على الأقل...
أنا كرئيس تحرير عارضت رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري 12 سنة... وربما الأمر اختلف عقب استشهاده .... بالنسبة لمحررينا وكتّابنا نعم لبعضهم ميول سياسية معينة ولكن نحن حريصون على الموضوعية قدر الامكان .


bull;وماذا عن الاعلام المرئي اللبناني أيضا ؟
التلفزيونات (الفضائيات اللبنانية ) أذرع الأحزاب والطوائف ، لانها تحتاج لتمويل كبير ...

bull;انتشرت مؤخرًّا المنتديات الاعلامية العربية والبعض يرى انها تتشابه في مضمونها الى حد بعيد إن من حيث "المتحدثون" و"المشاركون" أم من حيث المضامين والموضوعات .. ماهو تقيمك؟
جيد جدًا ان يكون للاعلام منتدى او منتديات وجيد ان يكون هناك جوائز ولكن ينبغي التركيز على المضمون أكثر من الشكل .

bull;ماهو تعليقك على "جائزة الصحافة العربية " ؟

رفيق خوري يُعرّف بنفسه :
عرفت الزوق للمرة الاولى عام 1948 وانا في العاشرة من العمر كنت مع جدي في الطريق الى عين الريحانة، افتتنت بأشجار اللوز والصنوبر واندهشت ، يدل ذلك على موقع حضاري في التاريخ . وتكررت هذه الرحلة في كل صيف حتى عدت نهائيا الى لبنان وانا في العشرين من العمر لاعمل في الصحافة في بيروت.
وعلى مدى 51 سنة لم أشعر بانني (غريب) (على الطريقة الكسروانية) بل من الاهل وبينهم. انا الذي ولدت مرحلتي الاولى بيولوجية في مشتى الحلو الجميلة مثل الزوق والمتميزة في سوريا حيث درست الحقوق في دمشق وسجنت في المزة على خلفية كوني يساريا وعضوا في رابطة الكتاب العرب والثانية روحية في لبنان حيث فتحت الحرية امامي باب التعلم من الناس، القراءة والمهنة والسفر متعة اكتشاف الآفاق المتعددة لشروط الحياة الانسانية ،واستشهد بقول الفيلسوف هوبز: (ان الكلمات هي مال المجانين) !


اعتقد ان هناك خلل في معايير "اختيار النصوص" يُفترض ان يكون هناك ترشيحات لا سيما في جائزة المقال السياسي ... لأن الكثير بل غالبية كُتّاب المقالات السياسية والمحللين الجيدين والمعروفين لا يُرشحون أعمالهم للجائزة فتذهب الجائزة الى من هم دونهم ...
أنا اقترحت تغيير اسمها من "جائزة الصحافة العربية " الى "جائزة نادي دبي للصحافة العربية ".

bull;العلاقة الجدلية بين "الاعلام" و"الانظمة" في العالم العربي مثيرة للجدل، والمنظمات العالمية التي تعني بالحريات الصحفية والحقوق المدنية تنظر باستغراب لما يحدث، والبعض يتساءل كيف يمكن للدول التي ترعى منتديات الاعلام ومؤتمراتها ان تكون داعمة للحريات الصحفية فيما الحريات السياسية عنها غائبة ؟ ولا يوجود فيها نقابات تضمن الحد الأدنى لحماية الصحفي ان هو قال ما يزعج سلطة ما وان كان حقيقيا ؟

الصحافة "المحلية" أشبه ما تكون بجريدة الحائط لتروي الاخبار الخاصة لان معظم صفحاتها تُستهلك في أخبار "الحاكم وعائلته" الكبيرة بحيث تغيب المضامين الأخرى عن الجريدة لحساب تغطية اخباره...
فالعالم العربي اليوم عالم مكرر لا يوجد فيه حريات ... أكيد لا يمكن ان نتكلم عن تنوع وحرية صحافة دون حرية سياسية .
الاعلام ليس بضاعة ، ينبغي ان يكون هناك حريات كاملة في المجتمع والاعلام يعبر عنه ، فالصحافة بالنهاية ليست معمل لتطليع الاخبار .
****

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
بوق لأمراء الحرب
رباح الطويل -

انتهى عصر الصحافة اللبنانية. تنتهي صحافة بلاد الأرز حيث بدأت صحافة الدكتاتوريات العربية. اليوم صحافة لبنان بوق للأحزاب لا رأي حر فيها ولا نقاش، بل تحريض لا يجدي أكثر من تحريض اللبنانيين للتقاتل كي يظل أمراء الحرب في مقاعدهم وكراسيهم. حال التلفزيونات ليس أفضل.