البلديّات اللبنانيّة: معركة سياسيّة بامتياز في صيدا وجزين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أغلقت صناديق الإقتراع في جنوب لبنان يوم الأحد في الجولة الثالثة للانتخابات البلدية على وقع الإشكالات الأمنية التي كانت سيدة الموقف في صيدا خصوصًا، حيث بدأ هذا التوتر مع فتح مراكز الاقتراع صباحًا مع اعلان مصدر عسكريعن القاء قنبلة صوت قرب احد مراكز الاقتراع واغلاق مركز اخر لفترة وجيزة بسبب اشكال امني. وترافقت الانتخابات في المدينة مع تعزيزات امنية مشددة.
بيروت: انتهت مساء اليوم الاحد المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية في لبنان التي كان مسرحها الجنوب وقد تخللتها اشكالات امنية متعددة ولا سيما في صيدا، اكبر مدن الجنوب، حيث دارت معركة حامية بين انصار رئيس الحكومة سعد الحريري والنائب السابق اسامة سعد، واقفلت مراكز الاقتراع الساعة السابعة مساء (16:00 ت غ).
وأظهرت النتائج الاولية غير الرسمية للانتخابات البلدية حسبما ذكرت الوكالة الوطنية للاعلام بعد فرز 46 قلمًا من أصل 100 قلم في مدينة صيدا، حصول اللائحة المدعومة من "تيار المستقبل" و"الجماعة الاسلامية" على 8976 صوتًا، واللائحة المدعومة من "التنظيم الشعبي الناصري" على 3559 صوتًا.
هذا واعتبرت النائبة بهية الحريري في احتفال في صيدا أن "صيدا كلها نجحت ولم ينكسر أحد"، مشيرة إلى أن رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري "هو ابن صيدا وسننهض معًا بهذه المدينة". وعبرت الحريري للناس المحتشدين والداعمين للائحة المرشح لرئاسة البلدية محمد السعودي عن فخرها "لأنكم ضبطتم نفسكم".
ومن جانبه، توجه رئيس التنظيم الشعبي الناصري لمناصريه بصيدا في كلمة ألقاها مساء الأحد، فأكد أنه "عندما فشل التوافق قالوا لنا من الأجدى لكم الإنسحاب"، ولكنه شدد على أن "التنظيم الشعبي ليس هو الذي يسنحب من أرض المعركة ومن المواجهة ولسنا نحن من يفرط بخياراتنا". وقال سعد: "أثبتم أنكم من الأحرار والشرفاء وأنكم تستطيعون فرض إرادتكم الحرة وأن لا أحد يمكنه أن يأخذ هذه المدينة لقمة سائغة".
كما ذكرت الوكالة ان النتائج غير الرسمية أسفرت عن فوز اللائحة المدعومة من "تيار المستقبل" في بلدة البرغلية قضاء صور، وفازت اللائحة المدعومة من العائلات في بلدة الرمادية.
وأعلن "حزب الله" عن فوز لوائح "الوفاء والتنمية" في بلدات: حانين وكفرا والسلطانية وصفد البطيخ وزبقين والطيري والغندورية.
وسيطرت الاعتبارات العائلية والمحلية اجمالا على العملية الانتخابية، باستثناء معركتين سياستين بامتياز في مدينتي صيدا وجزين. انتخابات اليوم كانت موزعة على ثمانية اقضية جنوبية من صيدا الى صور ساحلاً وحتى اعالي حاصبيا وشبعا.
وأحصت الوكالة الوطنية للاعلام فوز اكثر من 73 مجلسًا بلديًا في قرى وبلدات الجنوب اللبناني موزعة كالتالي: 24 في قضاء صور-13 في قضاء النبطية -3 في قضاء حاصبيا- 9 في قضاء مرجعيون- 8 في قضاء جزين- 4 في قضاء بنت جبيل- 12 في قضاء صيدا الزهراني.
وإعتبر وزير الداخليّة والبلديات زياد بارود أنّ "أصوات الجنوبيين اليوم كانت أعلى من أصوات المناورات الاسرائيليّة"، مشيرًا إلى أنّ "القوى العسكريّة والأمنيّة كانت في جهوزيّة عالية وأمّنت مناخًا مكّن الجميع من ممارسة حق الإقتراع على الرغم من كل الأحداث التي وقعت". وتوجّه بالشكر إلى "القوى الأمنيّة والقضاة في النيابة العامة وفي لجان القيد الذين سيبدأ عملهم الأساسي بعد ساعات".
بارود، وفي مؤتمر صحافي عقده في وزارة الداخلية بُعيد إقفال مراكز الاقتراع في محافظتي الجنوب والنبطيّة، أكد أنّ "مراقبة العمليّة الانتخابيّة خلال هذا اليوم تدلّ على ضبطها على المستوى الإداري واللوجستي"، مشيرًا إلى أنّه "كان يعالج كل الشكاوى التي ترد إلينا".
وشدّد بارود على أنّ "حضور الدولة وجهوزيّتها أدّيا إلى الحدّ من أثر الإشكالات التي وقعت"، معربًا عن أسفه لأن "يقع جرحى في منافسة بين الأخوة". ولفت بارود إلى أنّ "العملية الانتخابيّة لم تنته فهناك فرز وجمع للأصوات التي تبدأ بالأقلام وتنتهي عند لجان القيد، ومع هذه العمليّة نستكمل هذا اليوم الانتخابي الطويل". مضيفًا أنّ "وزارة الداخليّة تعلن فقط النتائج الواردة إليها من اللجان".
وعن نسب الإقتراع، أوضح بارود أنّ "المعدل الوسطي الإجمالي في محافظتيّ الجنوب والنبطيّة بلغ 52% وهو نسبة متقاربة مع الانتخابات النيابيّة السابقة حيث بلغت النسبة 54%". أما النسب الخاصة بأقضية المحافظتين كل على حدى، فأوضح بارود أنّه في قضاء صيدا، بلغت نسبة الاقتراع في مدينة صيدا 56% وكذلك في قضاء قرى صيدا، وقضاء جزين ككل 52%، أما مدينة جزين فـ62 %، وقضاء بنت جبيل 45،5%، وقضاء صور 52%، قضاء مرجعيون 48%، قضاء حاصبيا 55%، وقضاء النبطيّة 52%". ونبّه بارود إلى أنّ "هذه النسب لا تشمل من بقي بعد الساعة السابعة ضمن باحة مراكز الاقتراع الداخليّة علمًا أنّ هذه النسب لا تؤثّر عادة على الرقم الاجمالي".
وعن الشكاوى التي وردت إلى غرفة العمليات وعلى الخط الساخن 1790، أشار بارود إلى أنّ "عددها بلغ 1036 شكوى، ومقارنة مع بيروت والبقاع حيث كانت 1300 و1200 في جبل لبنان"، موضحًا أنّ "45% من هذه الشكاوى كانت ذات طابع أمني و55% ذات طابع إداري استفساري". وعن أعمال العنف التي تابعتها وسائل الإعلام اليوم وعدد الموقوفين فيها، قال بارود: "كان عددها 9 في محافظة الجنوب و5 في محافظة النبطيّة أي 14 حادثة عنف سجّلت ووثّقت، وقد أدّت إلى 18 جريحًا هم قيد المعالجة، وهناك 90 موقوفًا أطلق سراح القسم الأكبر منهم".
وختم بارود مؤتمره الصحافي بالتشديد على أنّ "الجولة الثالثة من العمليّة الانتخابيّة أكدت ضرورة إدخال إصلاحات أساسيّة على القانون الانتخابي وهي في صلب سلامة هذه العمليّة وتؤثّر على مسارها، ونريد لها أن تكون علامة فارقة في ديمقراطيتنا التي فيها شوائب ولكن فيها أيضاً تراكم تجاه الأفضل لأنّ اللبنانيين يستأهلون أن يكون عندهم أفضل القوانين التي ترعى شؤونهم الانتخابيّة".
وافادت تقارير امنية عن حوادث عديدة في صيدا ذات الأغلبية السنية بينها ظهور مسلح قرب احد اقلام الاقتراع واستخدامه للتهديد واشتباكات بالايدي وبالسكاكين تسببت بسقوط عدد من الجرحى. واوقفت القوى الامنية عشرات الاشخاص المتورطين في هذه الاشكالات التي تسببت باقفال بعض مراكز الاقتراع لبعض الوقت.
وتنافست في صيدا لائحة مدعومة من تيار المستقبل بزعامة الحريري واخرى من التنظيم الشعبي الناصري الذي يتزعمه سعد المنتمي الى قوى 8 آذار الممثلة بالاقلية النيابية. وكانت اجواء التوتر بدأت قبل اسبوعين مع مناوشات بين انصار الطرفين تخللها اطلاق نار وتفجير عبوات ناسفة ونزع صور ومشادات وعمليات تخريب، وتبادل الطرفان الاتهامات حول التوتير الامني.
وقال عضو اللائحة المدعومة من المستقبل احمد الحريري للصحافيين الاحد ان انصار اللائحة المنافسة "حاولوا ان يوتروا الاجواء"، مضيفًا ان "الطرف الآخر الذي لديه شلل مسلحة في المدينة (...) يخلق حالات استفزاز في الشارع الصيداوي". في المقابل، حمل النائب السابق اسامة سعد في مؤتمر صحافي القوى الامنية مسؤولية ما يحدث، متهمًا اياها "بالتغطية" على ما يقوم به انصار الحريري، واتهم فريق تيار المستقبل بشراء الاصوات.
وأعلن رئيس "التنظيم الشعبي الناصري" أن "الجو متوتر في صيدا من دون سبب"، وقال: "لسنا نحن من يسبب التوتر فنحن نقوم بواجباتنا الطبيعيّة التي نقوم بها كل أيام السنة". سعد، وعلى أثر الإشكال الذي وقع قرب المدرسة اللبنانيّة - الكويتيّة، رأى أن "السلطة السياسيّة هي المسؤولة عن هذه الأوضاع وبالتالي سلوكها هو الذي أدّى الى كل هذا التوتر"، قائلاً "أنا أحمّل السلطة السياسيّة والحكومة اللبنانيّة كل المسؤولية، وألوم القوى الأمنيّة التي لديها واجبات يجب أن تقوم بها".
الى ذلك، وفي حديث الى قناة "otv"، رأى سعد أن "قوى الأمن الداخلي تتصرف بطريقة غير صحيحة، وهي تستدعي الجيش لأسباب لا تستأهل، في حين أن الجيش مكلّف بضبط الأمن، وعندما يتمّ استدعاؤه من قبل قوى الأمن يقوم بإجراء يؤدي الى توتر وبالتالي تتشنج الأوضاع"، مضيفًا "نحن وضعنا معالي وزير الداخلية زياد بارود عبر موفده في أجواء ما حصل معنا في قلم "مكسر العبد" ووعد باتخاذ الإجراء المناسب".
وفيما بدأت عملية فرز الاصوات، عززت القوى الامنية انتشارها في المدينة خوفًا من تطورات على الارض. بينما بدا احمد الحريري واثقًا من الفوز، ودعا الصيداويين الى "عدم ممارسة الاستفزاز والى الاحتفال بهدوء". كما حصلت اشكالات اخرى مثل القاء اصبع ديناميت او اشتباكات بالايدي او اعتداءات على صحافيين في مناطق جنوبية واقعة في منطقة نفوذ حزب الله وتسبب بعضها بوقف عملية الاقتراع في مراكز معينة لبعض الوقت.
ووقع إشكالاً مساء اليوم قرب مركز الإقتراع في بلدة النبطيّة على خلفيّة أفضلية المرور ما دفع بأحد قيادي "حزب الله" الى إطلاق النار من مسدسه الحربي في الهواء الأمر الذي استدعى تدخل الجيش، والقوى الأمنيّة التي حضرت الى المكان مطالبة بتسليم مطلق النار، حسب موقع "nowlebanon.com".
إلى ذلك، وفي بلدة ميس الجبل قرب البركة، وقع إشكال تخلله تضارب بالأيدي والسكاكين، فحضرت قوة من الجيش وأوقفت ثلاثة عناصر من حركة "أمل" و"حزب الله" من المتسببين بالإشكال. ويسود في هذه الأثناء جوّ من التوتر في البلدة.
وكانت الانتخابات حسمت بالتزكية لصالح لوائح ائتلافية برعاية حزب الله وحركة امل الشيعيين في العديد من البلدات والقرى. ورغم دعوة الامين لعام لحزب الله حسن نصر الله الجنوبيين الى الاقتراع لصالح لوائح "التنمية والوفاء" المدعومتين من الحزب والحركة والى انسحاب المرشحين الآخرين لافساح المجال امام التوافق، فان الاعتبارات العائلية والمحلية غلبت في اماكن كثيرة على الولاء السياسي.
ودعا نصر الله الجمعة الجنوبيين الى الاقتراع لصالح لوائح "التنمية والوفاء" والى "الالتزام المطلق والكامل بها"، مشددا على ضرورة "الا تاخذهم لا حسابات شخصية ولا حسابات عائلية". واكد ان "هذا التحالف الانتخابي البلدي جزء من التحالف الاستراتيجي الذي يحمي ويحصن بيئة المقاومة".
الا انه اقر بان "كل الاحزاب السياسية وحتى العقائدية في الانتخابات البلدية لا يمكنها ان تواجه العرف العائلي"، في اشارة واضحة الى الفشل في فرض التوافق في معقل الحزب الشيعي حيث تضم اللوائح المنافسة للوائح الحزب والحركة حزبيين وانصارا لهما.
كما شهدت مدينة جزين ذات الغالبية المسيحية معركة حادة بين لائحة مدعومة من التيار الوطني الحر بزعامة النائب المسيحي ميشال عون ولائحة مدعومة من القيادات المسيحية في قوى 14 آذار الممثلة بالغالبية النيابية وبين اعضائها انصار لرئيس المجلس النيابي نبيه بري (اقلية). وبلغت نسبة المشاركة في جزين حوالى 62 في المئة وهي النسبة الاعلى في الجنوب. وفاز تيار عون الصيف الماضي في الانتخابات النيابية في قضاء جزين (المدينة والقرى المجاورة) في مواجهة مرشحين مدعومين من حركة امل برئاسة بري، بينما بقيت قوى 14 آذار خارج الانتخابات.
وتزامنت عملية الاقتراع في الجنوب الحدودي مع اسرائيل مع مناورة للدفاع المدني الاسرائيلي للتدرب على مواجهة هجوم صاروخي محتمل على البلاد. وشارك عشرون الف عنصر امني في تأمين العملية الانتخابية في الجنوب.
الى ذلك، أجرى رئيس كتلة "المستقبل" النيابية الرئيس فؤاد السنيورة اتصالات هاتفية بكل من وزير الدفاع الياس المر، وزير الداخلية زياد بارود، وقائد الجيش العماد جان قهوجي، ومدير عام قوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي . وقد شكر الرئيس السنيورة الأجهزة الأمنيّة على الدور الذي قامت به في حماية العمليّة الإنتخابيّة وتأمين نجاحها.
وقال السنيورة إن "الدولة اللبنانيّة نجحت اليوم في الامتحان عبر الدور الذي لعبته القوى الامنيّة وبخاصة الجيش وقوى الامن الداخلي عبر الموقف الحيادي تجاه الأطراف والموقف الصارم تجاه المخالفات. وتجري المرحلة الاخيرة من الاقتراع البلدي والاختياري التي بدأت في الثاني من ايار/مايو، الاحد المقبل في 30 ايار/مايو في الشمال.