اسرائيل تنفي عرضها بيع رؤوس نووية لجنوب افريقيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نفت اسرائيل المعلومات التي تحدثت عن اقتراحها بيع صواريخ نووية لجنوب افريقيا.
غزة: نفت اسرائيل اليوم صحة التقرير الذي نشرته صحيفة (الغارديان) البريطانية بانها اقترحت بيع صواريخ نووية لجنوب افريقيا قبل 35 عاما. وقال مقر رؤساء اسرائيل في بيان نشرته الاذاعة الاسرائيلية صباح اليوم ان هذا التقرير لا يمت الى الواقع بصلة واصفا اياه "بالكاذب".
وكانت وثائق سرية جنوب افريقية كشفت ان اسرائيل عرضت بيع رؤوس نووية الى نظام الفصل العنصري في اول دليل موثق على امتلاكها اسلحة نووية. وحسب تقرير لصحيفة الغارديان اليوم الاثنين فان محاضر "سرية للغاية" تسجل وقائع اجتماعات بين مسؤولين كبار من الدولتين عقدت في عام 1975 تبين ان وزير الدفاع الجنوب افريقي وقتذاك بي دبليو بوتا طلب رؤوسا حربية وان شيمون بيريز وزير الدفاع الاسرائيلي في حينه ورئيس الدولة العبرية حاليا ، استجاب بعرضها "في ثلاثة احجام".
كما وقع الوزيران اتفاقية سرية واسعة تنظم العلاقات العسكرية بين الدولتين وتعلن في احدى فقراتها "ان وجود هذه الاتفاقية ذاته" يجب ان يبقى طي الكتمان.
كشف الوثائق الأكاديمي الاميركي ساشا بولاكو سورانسكي خلال ابحاثه لتأليف كتاب يتناول العلاقة الوثيقة بين الدولتين. وتقدم الوثائق أدلة تثبت ان اسرائيل تملك اسلحة نووية رغم سياسة "الابهام" التي تتبعها بعدم تأكيد أو نفي امتلاكها هذه الاسلحة.
ويقول التقرير ان السلطات الاسرائيلية حاولت منع حكومة جنوب افريقيا بعد سقوط النظام العنصري من انهاء سرية هذه الوثائق استجابة لطلب سورانسكي وان ما تميط اللثام عنه سيكون مصدر احراج لاسرائيل ، لا سيما وان محادثات حظر الانتشار النووي التي تجري هذا الاسبوع في نيويورك ستركز على منطقة الشرق الأوسط تحديدا.
كما ان الوثائق ستقوض محاولات اسرائيل الرامية الى الايحاء بأنها إذا كانت تملك اسلحة نووية فهي "دولة مسؤولة" لن تسيء استخدامها في حين ان دولا مثل ايران لا يمكن الوثوق بها على هذا الصعيد.
تبين الوثائق الجنوب افريقية ان جيش النظام العنصري كان يريد استخدام الرؤوس النووية رادعا وربما لاستهداف دول مجاورة بها.
ومما تكشفه الوثائق ان الجانبين اجتمعا في 31 آذار/مارس عام 1975 ، كما يقول سورانسكي في كتابه الذي يصدر في الولايات المتحدة هذا الاسبوع بعنوان "التحالف المسكوت عنه: تحالف اسرائيل السري مع جنوب افريقيا العنصرية". وعرض المسؤولون الاسرائيليون خلال المحادثات "رسميا" بيع جنوب افريقيا بعض الصواريخ من طراز اريحا ، القادرة على حمل رؤوس نووية كانت في ترسانتها".
وشارك في الاجتماعات من بين آخرين رئيس اركان الجيش الجنوب افريقي وقتذاك اللفتاننت جنرال آر اف ارمسترونغ ، الذي قام على الفور باعداد مذكرة عرض فيها منافع حصول جنوب افريقيا على صواريخ اريحا على ان تكون مجهزة بأسلحة نووية.
كُتبت على المذكرة عبارة "سري للغاية" وهي تحمل تاريخ الاجتماع مع الاسرائيليين. وسبق ان جرى الكشف عن هذه المذكرة ولكن سياقها لم يُفهم في حينه لأنها لم تُربط بالعرض الاسرائيلي الذي قُدم في اليوم نفسه.
كانت جنوب افريقيا تبعد سنوات عن انتاج اسلحة نووية. وبعد نحو شهرين على الاجتماع التقى بيريز وبوتا مجددا في زوريخ ولكن مشروع اريحا اكتسب وقتذاك اسما آخر هو "شاليه".
تسجل المحاضر السرية لهذه الاجتماعات ان وزير الدفاع الجنوب افريقي بوتا "اعرب عن رغبته في الحصول على عدد محدود" من صواريخ شاليه على ان تتوفر معها الحمولة الصحيحة من الرؤوس الحربية. ثم تمضي الوثيقة قائلة "ان الوزير بيريز قال ان الحمولة الصحيحة متوفرة بثلاثة احجام. واعرب الوزير بوتا عن تقديره وقال انه سيطلب مشورة". ويُعتقد ان "الأحجام الثلاثة" تشير الى الأسلحة التقليدية والكيمياوية والنووية.
ويعكس استخدام تعبير "الحمولة الصحيحة" المطلف تحسس اسرائيل بشأن القضية النووية وهي ما كانت لتستخدمه لو كانت الاشارة تتعلق بأسلحة تقليدية. ولم تكن "الحمولة الصحيحة" تعني شيئا آخر سوى الرؤوس النووية لأن مذكرة رئيس الاركان الجنوب افريقي ارمسترونغ تجعل من الواضح رغبة جنوب افريقيا في صواريخ اريحا كوسيلة لايصال اسلحة نووية الى اهدافها ليس إلا.
يضاف الى ذلك ان الحمولة الوحيدة التي كانت جنوب افريقيا تحتاجها من اسرائيل هي حمولة "نووية" لأن النظام العنصري كان قادرا على انتاج جميع الرؤوس الحربية الأخرى. ولم يمض بوتا في ابرام الصفقة لأسباب منها الكلفة الباهظة.
في النهاية تمكنت جنوب افريقيا من انتاج قنابل نووية ربما بمساعدة اسرائيلية. ولكن التعاون في مجال التكنولوجيا العسكرية لم يتوثق إلا في السنوات اللاحقة. كما كانت جنوب افريقيا تزود اسرائيل بالكثير من اليورانيوم المعروف باسم "الكعك الأصفر" لتطوير اسلحتها النووية.
كان بيريز وبوتا وقعا قبل اسابيع على العرض النووي الاسرائيلي اتفاقية سرية تنظم تحالفهما العسكري. وكانت الاتفاقية من السرية بحيث نصت على نفي الجانبين وجودها اصلا ، كما تؤكد الفقرة القائلة ان الجانبين يتفقان بلا لبس على "ان وجود هذه الاتفاقية نفسه... يكون سريا ولا يكشفه اي من الطرفين". كما نصت الاتفاقية على انه لا يجوز لأي من طرفيها الانسحاب منها احاديا.
كان وجود البرنامج النووي الاسرائيلي كشف عنه مورخاي فعنونو في مقابلة مع صحيفة صندي تايمز عام 1986. كما ان الوثائق التي اخذها الطلاب الايرانيون من السفارة الاميركية في طهران بعد ثورة 1979 تكشف ان الشاه نقل الى اسرائيل رغبته في انتاج اسلحة نووية.
قال المؤلف سورانسكي ان وزارة الدفاع الاسرائيلية حاولت منعه من الوصول الى الاتفاقية السرية على اساس انها مادة حساسة ، لا سيما اسماء الموقعين عليها وتاريخ توقيعها. ولكن الجنوب افريقيين لم يهتموا بذلك "وسلموها لي بعد حذف بضعة اسطر. فان حكومة المؤتمر الوطني الأفريقي ليست قلقة على حماية الغسيل القذر لحلفاء النظام العنصري القدامى".