أخبار

مجلس التعاون الخليجي صمد في وجه الأزمات والمتغيرات

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عامر الحنتولي- إيلاف: في ظل إقليم ملتهب كان يتجه نحو الحريق الشامل والدائم، بدأت نذره وقتذاك تلوح في الأفق بين العراق وإيران، تاليا لإعتلاء الثورة الإسلامية في طهران سدة الحكم هناك، ومساعيها المكتومة حتى وقتذاك لتصدير الثورة الى الدول الخليجية، فقد وجدت الأخيرة نفسها مضطرة، لأن تنشئ فيما بينها مظلة تقيهم شر التقلبات السياسية في المنطقة، وتوحد قوتهم وكلمتهم، في إطار تنظيمي لمجابهة التحديات المقبلة، وقد كانت الكويت التي استضافت أواخر العام الماضي النسخة الأخيرة حتى الآن لقمة قادة مجلس التعاون الخليجي وراء فكرة إنطلاق العمل الخليجي، بيد أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي التي نالت إستضافة أول إجتماع للمنظمة على مستوى القادة، علما أن اللقاءات على مستوى القادة ظل يوازيها على الدوام لقاءات متكررة على مدى العام للجان فنية متخصصة مهمتها طبخ المهام والتشريعات والقرارات ورفعها الى القمة السنوية ليقرر القادة الموقف النهائي منها، إذ لم تسجل المنظمة أي إنقطاعات أو تراجع، بل بقيت صامدة رغم العواصف السياسية والإقتصادية في الإقليم، في وقت إنهارت فيه عدة منظمات دولية.

الفكرة والبداية
وفي الخامس والعشرين من شهر أيار (مايو) من العام 1981 قادة كل من دولة الامارات العربية المتحدة ، ودولة البحرين ، والمملكة العربية السعودية ، وسلطنة عمان ، ودولة قطر ، ودولة الكويت في اجتماع عقد في ابوظبي الى صيغة تعاونية تضم الدول الست تهدف الى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دولهم في جميع الميادين وصولاً الى وحدتها ، وفق ما نص عليه النظام الاساسي للمجلس في مادته الرابعة ، التي اكدت ايضا على تعميق وتوثيق الروابط والصلات واوجه التعاون بين مواطني دول المجلس . وجاءت المنطلقات واضحة في ديباجة النظام الاساسي التي شددت على مايربط بين الدول الست من علاقات خاصة ، وسمات مشتركة ، وانظمة متشابهة أساسها العقيدة الاسلامية ، وايمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف ، وان التعاون فيما بينها انما يخدم الاهداف السامية للامة العربية النظام الاساسي .

ولم يكن القرار وليد اللحظة ، بل تجسيداً مؤسسياً لواقع تاريخي واجتماعي وثقافي ، حيث تتميز دول مجلس التعاون بعمق الروابط الدينية والثقافية ، والتمازج الاسري بين مواطنيها ، وهي في مجملها عوامل تقارب وتوحد عززتها الرقعة الجغرافية المنبسطة عبر البيئة الصحراوية الساحلية التي تحتضن سكان هذه المنطقة ، ويسرت الاتصال والتواصل بينهم وخلقت ترابطاً بين سكان هذه المنطقة وتجانساً في الهوية والقيم . واذا كان المجلس لهذه الاعتبارات استمرارا وتطويرا وتنظيما لتفاعلات قديمة وقائمة ، فانه من زاوية اخرى يمثل ردا عمليا على تحديات الامن والتنمية ، كما يمثل استجابة لتطلعات ابناء المنطقة في العقود الاخيرة لنوع من الوحدة العربية الاقليمية ، بعد ان تعذر تحقيقها على المستوى العربي الشامل .

وحدد النظام الاساسي لمجلس التعاون اهداف المجلس في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الاعضاء في جميع الميادين وصولا الى وحدتها ، وتوثيق الروابط بين شعوبها ، ووضع انظمة متماثلة في مختلف الميادين الاقتصادية والمالية ، والتجارية والجمارك والمواصلات ، وفي الشؤون التعليمية والثقافية ، والاجتماعية والصحية ، والاعلامية والسـياحية ، والتشـريعية ، والادارية ، ودفع عجلـة التقـدم العلمـي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية ، وانشاء مراكـز بحـوث علميـة واقامـة مشـاريع مشـتركة ، وتشـجيع تعـاون القطاع الخاص.

ويتكون مجلس التعاون الخليجي من الدول المطلة على ساحله، وهي أساسا تشمل العراق واليمن أيضا، لكن ظروف الحرب الإيرانية العراقية حالت دون أن ينضم العراق الى هذا الكيان السياسي، وسط محاولات سياسية تحظى بتحفظ بعض الدول الخليجية الى ضم العراق بشكل رسمي، بعد أن جرى إدخال العراق في مسابقة كأس الخليج لكرة القدم، وهي تظاهرة رياضية تقام كل عامين، وهو الوضع الذي ينطبق على اليمن أيضا إذ جرى السماح له خليجيا بالدخول الى المجالات الرياضية والصحية، إلا أنه لم يتبلور بعد المستوى السياسي لليمن في المنظومة الخليجية، وسط آراء خليجية تقول أن اليمن الضعيف المعبأ بالمشاكل السياسية والإقتصادية لن يقوي المنظومة الخليجية بل قد يضعفها، إذا ما إنشغلت الدول الخليجية الست بالسعي لإنقاذ الوافد الجديد الى عضويتها من أزماته المتكررة، وظروفه الصعبة.

الأمين العام
وفي الذكرى ال29 لتأسيس مجلس التعاون الخليجي فإن مملكة البحرين تستعد لأن تحوز الأمانة العامة للمجلس، عبر الدبوماسي المرموق محمد المطوع، الذي نال ثقة القادة الخليجيين في القمة الخليجية الأخيرة، خلفا للدبلوماسي القطري عبدالرحمن العطية الذي إنتهت ولايته الشهر الماضي رسميا، على وقع محاولات من جانب الدوحة بمد أمانة العطية عاما آخر، إلا أن العواصم الخليجية تتفق ضمنا بأن العطية قد أدى قسطه، وأنه يتعين على الموقع أن يكمل دورته بين الأقطار الخليجية التي يتشكل منها المجلس.


ولم تكن هذه أول مرة تحاول فيها قطر مد أمانة العطية، إذ خلال القمة الخليجية الأخيرة في الكويت، فإن رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني قد تمنى على الحكومات الخليجية أن يتم التمديد لمرشحيها لمدة عام واحد في مساعي اللحظة الأخيرة، إلا أن من إتصل بهم قائد الدبلوماسية القطرية، أبلغوه أنهم وعدوا المنامة قبل أشهر أنها صاحبة الحق في هذا الموقع، وأنه يصعب عليهم تبرير أي قرارات جديدة تصب في صالح مرشح قطر الأمين العام الحالي، رغم ثقتهم بأداء الدبلوماسي المحنك العطية، وهدوئه وخبراته المتراكمة في العمل الدبلوماسي، وأن التصويت للمنامة لا يعني بأي حال من الأحوال إرسالة رسالة من أي نوع للحكومة القطرية، بل يأتي في إطار حق جميع الدول الخليجية في ترشيح أبنائها لتولي هذا الموقع الخليجي الثابت والدائم، وأن ما طلبته الحكومة البحرينية حقا له، بعد أن نالت دولة الكويت لسنوات طويلة جدا هذا الموقع عبر الدبلوماسي الخبير عبدالله بشاره، ولاحقا الأمين العام الإماراتي فاهم القاسمي، ثم السعودي جميل الحجيلان الذي سلم الراية في العام 2002 الى القطري عبدالرحمن العطية.

وبحسب ما تردد لاحقا فإن الدوحة قد أقرت بالإجماع الخليجي على نقل منصب الأمانة العامة لأحد أبناء البحرين، بل وسارعت الى تهنئة البحرين بإنتقال الأمانة إليها، علما أن الأمانة العامة بعد خمس سنوات ستكون من نصيب سلطنة عمان البلد الخليجي الوحيد حتى الآن، بعد تناول البحرين لهذا المنصب، التي لم يشغل أحد مرشحيها الموقع، علما أنه يحق بالرضى والتوافق أن تتنازل الدولة صاحبة الدور لأي دول عضو أخرى كي يشغل أحد أبنائها المنصب.

الأمانة العامة
تتلخص إختصاصات الأمانة العامة في إعداد الدراسة الخاصة بالتعاون و التنسيق و الخطط و البرامج المتكاملة للعمل المشترك ، و إعداد تقارير دورية عن أعمال المجلس ، و متابعة تنفيذ القرارات ، و إعداد التقارير و الدراسات التي يطلبها المجلس الأعلى أو المجلس الوزاري ، و التحضير للإجتماعات و إعداد جدول أعمال المجلس الوزاري و مشروعات القرارات ، و غير ذلك من المهام

النظام الأساسي .
يتألف الجهاز الإداري للأمانة العامة من الاّتي :
أzwnj;-أمين عام يعينه المجلس الأعلى لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة .
بzwnj;-ب- خمسة أمناء مساعدين للشوؤن السياسية و الاقتصادية و العسكرية و الأمنية و الإنسان والبيئة ، ورئيس بعثة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في بروكسل ، ويعينهم المجلس الوزاري بترشيح من الأمين العام لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد .

ج- مدراء عامو قطاعات الأمانة العامة وبقية الموظفين ، ويتم تعيينهم من قبل الأمين العام .
يتمثل التنظيم الإداري للأمانة العامة في عدد من القطاعات المتخصصة و المساندة هي الشؤون السياسية ، و الشؤون الاقتصادية و الشؤون العسكرية ، الشؤون الأمنية ، وشؤون الإنسان و البيئة ، و الشؤون القانونية ، و الشؤون المالية و الإدارية ، و مكتب براءات الإختراع ، و مركز المعلومات. يضاف إلى ذلك ممثلية مجلس التعاون لدى الإتحاد الأوروبي في بروكسل ، والمكتب الفني للاتصالات بمملكة البحرين ، و مكتب الهيئة الاستشارية بسلطنة عمان.

يشار الى أن آخر نسخة من القمة الخليجية قد عقدت في العاصمة الكويتية شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بحضور القادة الخليجيين، بينما عقدت القمة التشاورية النصف سنوية في العاصمة السعودية الرياض قبل نحو أسبوعين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف