"الترحال السياسي" يخلط أوراق الأحزاب المغربية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
استفاد حزب الأصالة والمعاصرة المغربي من ظاهرة "الترحال السياسي" والتجمع الوطني، المرتبة الثانية، وكذلك حزب الإستقلال، في حين أن أحزاب الحركة الشعبية والتقدم والإشتراكية وجبهة القوى الديمقراطية كانت هي الخاسر الأكبر من هذه العمليات.
أخذ "الترحال السياسي" في التزايد إلى درجة تحوله إلى ظاهرة باتت تؤرق بال السياسيين في المغرب، الذين يصفونه بـ "الورم الخبيث"، الذي ينخر الجسد الحزبي في المملكة. وتشير آخر المعطيات إلى أن 111 عملية ترحال سياسي جرت، خلال الثلاثين شهرا الماضية، كما أن "الأصالة والمعاصرة"، كان المستفيد الأكبر من هذه العمليات، التي لم تطل حزبي العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
وأصبح "الأصالة والمعاصرة"، الذي يقوده الشيخ بيد الله، يمتلك أكبر فريق برلماني في مجلس النواب، إذ يصل عددهم إلى 55، رغم أن الحزب لم يتأسس إلا في آب/أغسطس 2008.
من المستفيد من الظاهرة؟
ليس الأصالة والمعاصرة وحده من استفاد من ظاهرة "الترحال السياسي"، بل حتى التجمع الوطني، الذي احتل المرتبة الثانية، وحزب الإستقلال، في حين أن أحزاب الحركة الشعبية والتقدم والإشتراكية وجبهة القوى الديمقراطية كانت هي الخاسر الأكبر من هذه العمليات.
يقول محمد ضريف، أستاذ العلوم السياسية في جامعة المحمدية، ان "جميع القوى السياسية في المغرب متفقة على أن الظاهرة سلبية، وتؤثر بشكل كبيرفي العمل السياسي، حيثإن الأحزاب عندما تقدم مرشحيها فهي تقدمهم على أساس أنهم ملتزمون ببرنامجها".
وأوضح محمد ضريف، في تصريح لـ "إيلاف"، أن "هناك برلمانيين حطموا الرقم القياسي".
وذكر المحلل السياسي أن الأحزاب اتفقت على الوقوف في وجه الظاهرة، التي أثيرت في قانون الأحزاب الصادر في سنة 2006، لكن عندما اقتربت انتخابات سنة 2009، طبق وزير الداخلية آنذاك، شكيب بنموسى، ما جاء في القانون، غير أن الأصالة والمعاصر طعن في هذه الإجراءات، وتوجه إلى القضاء الذي اعتبر أن تطبيق المادة الخامسة غير قانوني.
وأبرز محمد ضريف أن "الأصالة والمعاصرة هو المستفيد الأكبر من عمليات الترحال السياسي، فرغم أنه لم يشارك في انتخابات الغرفة سنة 2007، إلا أنه يتوفر على أكبر فريق في مجلس النواب".
وذكر أستاذ العلوم السياسية أن "الظاهرة لا ترسخ قيم الالتزام الحزبي والسياسي، إذ إن 25 في المائة من البرلمانيين غيروا انتماءاتهم والفرق البرلمانية التي دخلوا بها إلى مجلس النواب"، خاتما كلامه بالقول ان "غالبية الأحزاب استفادت من الترحال السياسي، باستثناء حزب العدالة والتنمية".
... تناقض قانوني
من جهته، قال محمد الأزهر، أستاذ العلوم القانونية، إن "الترحال السياسي يطرح حاليًا معضلة في المشهد الحزبي في المملكة"، مشيرًا إلى أنه "في السابق كانت العملية تتم بشكل عادي، ودون حسيب ورقيب، رغم أن ذلك لم يكن مقبولاً أخلاقيًا، إذ يعتبر نوعا من الخيانة للأمانة".
وأوضح محمود الأزهر، في تصريح لـ "إيلاف"، ان "هذه العملية ساهمت في الإخلال بالمنظومة البرلمانية"، مضيفا أن "المادة 5 من قانون الأحزاب جاءت للتصدي للظاهرة، لكن ما يعاب عليها أنها لم تتضمن أي جزاءات أو عقوبات، علمًا أنه كان من المفروض أن تتضمن جزاءات صارمة من قبيل الحرمان من الترشح في دورة أو اثنتين".
وأبرز أن المادة 5 تتناقض مع المادة 27 من قانون الأحزاب، إذ إن البرلماني لديه الحق في الاستقالة من الحزب، لكن يمنع من الانتقال من مكون سياسي إلى آخر، وهذا يضعنا أمام ظاهرة أخرى ألا وهي تزايد عدد اللامنتمين في البرلمان".
وذكر أستاذ العلوم القانونية أن "الأصالة والمعاصرة هو أكبر مستفيد من الترحال السياسي، وإذ إنه عندما اتخذت وزارة الداخلية إجراءات للتصدي للظاهرة لجأ الحزب إلى القضاء، الذي طبق قانون الانتخابات".
وطالب محمد الأزهر بإعادة النظر في قانون الأحزاب لسد الثغرات بهدف تخليق الحياة السياسية، مبرزًا أن الحزبين اللذين لم تمسهما ظاهرة الترحال السياسي هما الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والعدالة والتنمية".
وجاء في المادة 5 من قانون الأحزاب أنه "للمغاربة ذكورًا وإناثًا البالغين سن الرشد أن ينخرطوا بكل حرية في أي حزب سياسي مكون بصفة قانونية، غير أنه لا يمكن لشخص، يتوفر على انتداب انتخابي ساري المفعول في إحدى غرفتي البرلمان تم انتخابه فيها بتزكية من حزب سياسي قائم، أن ينخرط في حزب سياسي آخر إلا بعد انتهاء مدة انتدابه".
أما المادة 27 فتنص على أنه "يمكن لكل عضو في حزب سياسي وفي أي وقت أن ينسحب منه موقتا أو بصفة نهائية شريطة الامتثال للمسطرة التي تقررها النظام الأساسي للحزب في هذا الشأن، وذلك بغض النظر عن جميع الشروط المخالفة".