الحكومة القطرية أخذت المبادرة لمكافحة الغلاء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الدوحة: فيما بات الغلاء الذي تشهده أسعار بعض السلع والخدمات خلال السنوات الأخيرة حديث شرائح واسعة من المواطنين والمقيمين في دولة قطر بدأت الحكومة بأخذ زمام المبادرة لمكافحة الغلاء وتخفيف العبء عن المستهلكين حيث جاء تنبيه الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية مؤخرا الى خطورة ظاهرة ارتفاع الأسعار دليلا على عزم الحكومة على مواجهة هذه الظاهرة.
وأشار رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية خلال اللقاء التشاوري الرابع مع رجال الأعمال القطريين الذي عقد نهاية شهر مايو الماضي إلى وجود ارتفاع غير مبرر في أسعار السلع والخدمات بالسوق المحلي مقارنة مع أسعار ذات السلع والخدمات في الدول المجاورة في تنبيه الى خطورة هذه الظاهرة، مؤكدا أن ذلك غير مقبول تحت أي مبرر، وأن الدولة "لن تقف مكتوفة الأيدي ولن تسمح أو تتغاضى عن الممارسات الاحتكارية واستغلال المواطنين"، وأشار إلى أنه في حال استمر الاحتكار سوف يتم فتح الوكالات التجارية ولن تكون حكرا على أحد.
وشدد على أن استقرار السوق وعدم استغلال المواطن هو مسؤولية مشتركة بين الدولة والتجار ما يفرض تعاونا بشكل وثيق بينهما للقضاء على تلك الممارسات، معتبرا أن القطاع الخاص يجب أن تكون لديه مسؤولية اجتماعية تجاه بلده وأبناء وطنه دون أن يقتصر نشاطه على تحقيق الأرباح وتعظيمها.
وتعكس الزيادة في عدد المتقدمين بالشكاوى من ارتفاع الاسعار إلى إدارة حماية المستهلك بوزارة الاعمال والتجارة في جانب منها نجاح تلك الإدارة في القيام بالدور الذي تضطلع به لتعريف المستهلكين بحقوقهم إلى جانب التعبير عن شعور عام ينتاب المواطنين الذين ضاقوا ذرعا بممارسات تجارية يرون أنها في الأغلب الأعم غير مبررة.
وفي حين يبرر البعض غلاء الأسعار الذي تشهده دولة قطر بأنه ظاهرة عالمية تتحكم به جملة من الإعتبارات الخارجية كارتفاع اسعار السلع في بلد المنشأ وارتفاع المصاريف التشغيلية للسلع ، من إيجار ونقل وتخزين وتوزيع إضافة إلى العامل الداخلي المتمثل في النمو الاقتصادي الذي تشهده قطر، إلا أن الزيادة المطردة في اسعار السلع والخدمات في الدولة عكس الدول المجاورة يرجع بالأساس إلى سياسة الاحتكار والزيادات المصطنعة للأسعار من قبل بعض التجار أكثر منه مناخ عالمي عام.
وبالتوازي مع تلك المعطيات تكثفت جهود السلطتين التشريعية والتنفيذية الرامية إلى الحد من تأثيرات ظاهرة ارتفاع الاسعار حيث وافق مجلس الوزراء في سبتمبر الماضي على اقتراح لوزارة الأعمال والتجارة بتشكيل لجنة تختص بتعيين الحد الأقصى لبعض الأسعار ونسب الربح.
ونظمت وزارة الأعمال والتجارة في فبراير الماضي المؤتمر الأول لحماية المستهلك بغية توعية المستهلك وتعريفه بحقوقه ودعت الى اشهار جمعيات أهلية لحمايته واضطلعت في نشاط آخر بتحديد أسعار بعض السلع في مواسم معينة.
وعملت الوزارة على تعديل القانون رقم 8 لسنة 2008 بشأن حماية المستهلك لتمكينها من التدخل الفعال في الأوقات التي ترتفع فيها أسعار السلع والخدمات بطريقة غير مبررة والمنتظر أن ينص على نسب معقولة لتذبذب الأرباح لا تتعدى 15 بالمئة ، كما كثفت من حملاتها التوعوية ودشنت سلسلة مبادرات على هذا الصعيد.
وفي هذا الإطار تسعى وزارة الأعمال والتجارة من خلال ادارة حماية المستهلك إلى الإضطلاع بدور رئيسي من خلال قيامها بتنظيم ومراقبة الأسواق واتخاذ التدابير اللازمة لحماية المستهلك ومكافحة الغش التجاري ومراقبة اسعار السلع والمواد الإستهلاكية والخدمات والتفتيش والتحقق في الأسواق عن مدى الإلتزام بأحكام التشريعات التي تهدف إلى حماية المستهلك.
وكانت وزارة الأعمال والتجارة (ادارة حماية المستهلك) قد اعلنت اواخر شهر يونيو الماضي عن طرحها لمبادرة من شأنها مكافحة الغلاء وتخفيف العبء عن المستهلكين مع قرب حلول شهر رمضان المبارك من خلال تخفيض أسعار مئة وستين سلعة لأقل من سعر التكلفة ستكون متوفرة في جميع منافذ البيع في الدولة إبتداءً من الخامس والعشرين من شهر يوليو الحالي وذلك في إطار جهود الوزارة لمواجهة موجات الغلاء وما لها من تبعات سلبية على المواطنين والمقيمين في البلاد.
وقبل أن نبسط آراء الأطراف ذات العلاقة في مسألة الفروق السعرية في قطر ومقارنتها بالدول المجاورة ذات الظروف المشابهة والأسباب التي تقف وراءها، من المهم الإشارة الى ثلاث حقائق تتعلق بطبيعة الاقتصاد القطري إذ تتبع الدولة سياسة السوق المفتوح والاقتصاد الحر الخاضع لعوامل العرض والطلب وتعتمد بشكل أساسى على استيراد معظم المواد الاستهلاكية الأساسية من الخارج ( 80 بالمائة تقريبا) ، فيما تطبق سياسة الدعم الحكومى كإحدى أولوياتها الرئيسية لبعض السلع الأساسية.
والحقيقة الثانية هى أن ارتفاع الاسعار عالميا استتبع ارتفاع أسعار السلع محليا وهى الحقيقة التى أشارت إليها المستويات التي سجلها الرقم القياسي لأسعار المستهلك فى الدولة والتي أثبتت أن هذا الرقم لايزال مرتفعاً اليوم بحوالي 21.6 بالمئة عند مقارنته بسنة الأساس 2006 في الوقت الذي لا تزال فيه الإيجارات مرتفعة رغم ما عرفته من تراجع خلال 18 شهرا الماضية بمقدار 19.2 بالمئة مقارنة بسنة الأساس 2006.
والحقيقة الثالثة هي ارتفاع فاتورة واردات قطر من السلع بسبب التراجع فى سعر صرف الدولار الامريكى واستمرار ربط الريال بالدولار.
وفي هذا الإطار كشف الشيخ جاسم بن جبر بن حسن آل ثاني مدير إدارة حماية المستهلك عن قرب تشكيل لجنة تابعة لوزارة الاعمال والتجارة ستنشأ بقرار وزاري وتضم اعضاء من الجهات المعنية مثل وزارة البلدية ووزارة الصحة اضافة إلى عدد من الخبراء تختص بدراسة طلبات الزيادة في الأسعار واجراء الدراسات فيما يخص ارتفاع الأسعار وتحديد الحدود القصوى لاسعار بعض السلع اذا كانت هناك ضرورة.
وحول الإجراءات التي باشرت ادارة حماية المستهلك بإتخاذها خاصة بعد اللقاء التشاوري لمعالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وتنبيه معاليه للتجار على ضرورة تخفيض الاسعار وخاصة فيما يخص وكلاء السيارات فقد أكد سعادة الشيخ جاسم بن جبر بن حسن آل ثاني أن ادارة حماية المستهلك بدأت بتنفيذ تعليماته فيما يخص وكالات السيارات من خلال مخاطبة الإدارة لهذه الوكالات لتخفيض الاسعار على أساس أن تكون الأسعار مناسبة للمستهلكين.
واشار إلى عقد اجتماعات بين ادارة حماية المستهلك ووكلات السيارات من اجل حثها على تخفيض اسعارها موضحا أن الردود بشأن الأسعار جاءت دون النتيجة المطلوبة وقد تم الطلب منهم إعادة النظر في اسعارهم مرة أخرى .. معرباً عن آمله بتعديل هذه الاسعار خلال الفترة القادمة وان تكون الاسعار في دولة قطر متناسبة مع الاسعار الدول المجاورة.
وأكد سعي وزارة الأعمال والتجارة لتطبيق تعليمات رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بهذا الخصوص وتشديد الرقابة على الأسعار لكي تكون السلع والخدمات في متناول الجميع وبأسعار معقولة، وطالب بإيجاد معادلة متوازنة بين التاجر والمستهلك تقوم على أساس أن التاجر يربح والمستهلك يحصل على سلعة ذات نوعية جيدة وبالسعر الجيد مشددا على ضرورة أن تكون الأرباح التي يحصل عليها التجار معقولة وأن لا يكون هناك غش او تدليس على المستهلك.
وأوضح أن السوق القطري سوق مفتوح، الا انه شدد على ضرورة ان يقوم اصحاب الوكالات التجارية بدورهم على الوجه الصحيح وان تكون اسعار المنتجات مناسبة ،وقال أن على التجار ان يقدموا سلعاً مناسبة بأسعار جيدة وارباح معقولة،مطالبا في الوقت ذاته المستهلكين بان تكون انماط سلوكهم الشرائية متوازنة بحيث تقوم على الشراء المتوازن الذي يتناسب مع ميزانيتهم.
من جانبه قال الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة قطر في مرئياته لعمل "لجنة تعيين الحد الأقصى لبعض الأسعار ونسب الربح " إن اللجنة يجب أن تدرس الموضوع من كل جوانبه وتتوصل إلى تصورات تحقق مصالح الطرفين (التاجر والمستهلك).
وقال رجال أعمال استطلعت وكالة الأنباء القطرية " قنا " آراءهم في هذا الشأن إن الارتفاع الملاحظ في أسعار بعض السلع يرجع إلى عوامل أبرزها التغيرات الحاصلة في ارتفاع سعر صرف اليورو أمام الدولار حيث فقد الدولار أكثر من 30 في المائة من سعره أمام اليورو في أقل من خمس سنوات ما نتج عنه ارتفاع أسعار السلع المستوردة خاصة من دول الاتحاد الأوروبي واليابان والصين.
واعتبر البعض الآخر من رجال الاعمال أن ارتفاع الخدمات وعدم توفر البنية التحتية المثلى في الدولة إضافة إلى الزيادة الكبيرة التي عرفتها أسعار الإيجارات خلال السنوات الأخيرة هي ضمن الأسباب التي تقف وراء تلك الظاهرة.
وشدد بعض من رجال الأعمال عند حديثهم عن "خدمات السلعة" على ضرورة إيجاد خدمات الصيانة وما بعد البيع لضمان أن يكون المستهلك مصدر خدمة ثانيا لهم.
وطالبوا في تعليقهم على توجه الدولة نحو تشكيل لجنة تعيين الحد الأقصى لبعض الأسعار ونسب الربح، بأن يكون عملها انطلاقا من بنية تحتية معلوماتية موثوقة ومدروسة وأن تعمل هذه اللجنة على ايجاد آليات فاعلة لضبط ومراقبة الأسعار .
وفي الوقت الذي لفتوا فيه إلى أن السوق مفتوح ويخضع لآلية العرض والطلب اعتبروا أن هناك ضوابط يجب الالتزام بها حتى لا تتجاوز الأسعار الحد المعقول، وأكدوا أهمية الجهود التي تبذلها الحكومة لا سيما تشكيل "لجنة تحديد الأسعار" للحد من الارتفاعات غير المبررة.
وتعليقا على أنه في حال ما إذا استمرت فروق الأسعار كبيرة بين السوق المحلي والأسواق المجاورة ستلجأ الحكومة إلى بدائل أخرى نبه رجال الأعمال إلى أن الاحتكار مرفوض من قطاع رجال الأعمال دون استثناء ، معتبرين أن إلغاء الوكالات يحمل في طياته جوانب إيجابية وأخرى سلبية ، ومن بين الجوانب السلبية ان عدم وجود وكيل مسؤول عن جودة السلع والخدمات المقدّمة إلى المواطن سيعود عليه بالضرر.
ولفتوا إلى أن تدخل الدولة لتحديد الأسعار عملية غير صحية من الناحية الاقتصادية، وسيتضرر منها المستهلك بالدرجة الأولى، لأنها ستنعكس على جودة المواد والسلع والخدمات المعروضة للبيع، حيث إن توحيد الأسعار سيدفع المنتجين إلى عرض خدمات وسلع متواضعة.
وأشاروا إلى أن قانون الوكلاء التجاريين يلزم الوكيل بأعباء متعددة، وفي حالة إلغائها تسقط المسؤولية التي تقع على عاتق الوكيل، ويصبح ضمان جودة السلعة غير وارد، مطالبين بتطبيق قانون الوكالات الحالي بشكل جيد ووضع لوائح تنفيذية ميسرة بما يحقق نتائج طيبة ويقلل من الاحتكار الذي يمكن أن يتحكم بمفاصل السوق.
من جانبهم قال مواطنون إن التعامل مع مسألة الفروق السعرية والغلاء بشكل عام لا يمكن أن يكون فعالا ومجديا وموضوعيا ما لم يتم ضبط حركة العرض والطلب فى السوق وفق المبادىء الأساسية لإقتصاد السوق الحر، مع استمرار سياسة الدعم الحكومى وتعزيز إدارة حماية المستهلك عملية الرقابة التى تعد من صميم اختصاصها، فضلا عن الإشهار العاجل لجمعيات حماية المستهلك بغية الحد من تأثير الغلاء والتخفيف من وطأته على المواطنين.
وطالب المواطنون باقتراح قائمة جديدة للسلع المدعومة من الدولة بما لا يتناقض مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها قطر، واعتبروا أن نشر أسماء الجهات التي تتلاعب بالأسعار قد يحد من ارتفاعها المبالغ فيه.