أخبار

فسيفساء حرب أفغانستان في 92 ألف وثيقة مسرّبة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إيران تقدم المال والأسلحة والتدريب الى طالبان

أفغانستان لم تفاجأ بمضمون الوثائق السرية الأميركيّة

في واحدة من أكثر فصول الحرب الأفغانية إثارة، نشر موقع "ويكيليكس" Wikileaks الإلكتروني، المتخصص في تسريب الوثائق والقرارات المهمة، أكثر من 92 ألف وثيقة عن كواليس هذه الحرب. وبين أهم ما ورد في هذه الفضيحة المدوية تفاصيل لم تنشر من قبل عن مقتل مئات المدنيين الأفغان، واتهام باكستان صراحة بأن مخابراتها تتعاون مباشرة مع طالبان، بالإضافة الى عدد الوثائق نفسه وهو رقم قياسي لا يضاهى من قريب أو بعيد.

قال الموقع الإلكتروني "ويكيليكس" Wikileaks إنه حجب نحو 15 ألف وثيقة أخرى لأن مصدرها يرى أنها "قد تضر بالأمن القومي الأميركي"، رافضة الكشف عن هوية هذا المصدر. ولكن يُعتقد أنه المحلل العسكري الأميركي، برادلي مانينغ، الذي يواجه حاليا تهمتين جنائيتين بعدما حامت حوله شكوك تسريبه شريط فيديو يظهر غارة شنتها مروحيات "أباتشي" الأميركية في وضح النهار في العراق وقتل فيها 12 مدنيا.

وقد قدم عنها "ويكيليكس"نسخة من تلك الوثائق الى كل من صحيفتي "نيويورك تايمز" الأميركية و"غارديان" البريطانية ومجلة "دير شبيغل" الألمانية قبل أسابيع بشرط الامتناع عن نشرها قبل الأحد 25 من الشهر الحالي. وقال كل من هذه إنه أمضى تلك الأسابيع لدراسة الوثائق لمعرفة مدى صدقيتها والتعرف إلى أي متناقضات فيها لكن لم يجد أيا من هذه الأخيرة.

والوثائق التي أفرج عنها الموقع تضم أيضا "مذكرات يومية كتبها أفراد قوة أميركية القيادة افتقرت في معظم الأحيان الى الموارد والرعاية وهي تناضل ضد عدو يتعاظم حجما ويتمتع بالتنسيق المضطرد ويتزايد خطره القاتل سنة بعد أخرى"، تبعا لما أوردته "نيويورك تايمز".

وتمتد الفترة الزمنية لتلك الوثائق على مدى إدارتين، من يناير (كانون الثاني) 2004 إلى ديسمبر (كانون الأول) 2009، وتشكل تفاصيلها فسيفساء الحرب الأفغانية التي تكشف أنه بعد كل هذه السنوات وإنفاق الولايات المتحدة قرابة 33 مليار دولار فيها، فإن طالبان أكثر قوة من أي وقت مضى منذ العام 2001.

وترفع الوثائق النقاب أيضا عن أن الشرطة والجيش الأفغانيين "يفتقران الى الكفاءة والولاء لقوات التحالف"، وأن مشاة البحرية اشتكوا مرارا من أن أفراد القوات الأفغانية الذين يدربونهم "لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم"، وأن الجيش الباكستاني "غير متعاون في أفضل الأحوال وموال لطالبان في أسوئها".

ويأتي كل هذا وسط شكوك متعاظمة في الولايات المتحدة وبريطانيا إزاء ولاء القوات الأفغانية على ضوء مقتل جنودهما بيد "زملائهم" الأفغان. وكان الحادث الأخير من هذا النوع قد وقع في 12 من الشهر الحالي حين قتل جندي أفغاني ثلاثة من زملائه البريطانيين، وأحدهم برتبة ميجر، بينما كانوا نياما في معسكرهم.

حقائق مخفيّة

تكشف الوثائق أيضا أشياء كثيرة ظلت مخفية عن أنظار العالم. ومن هذه ما يلي:

* استخدام رجال طالبان الصواريخ الباحثة عن الحرارة لضرب طائرات التحالف. وقد كانت هذه عاملا حاسما في تحرير المجاهدين الأفغان من احتلال القوات السوفياتية في الثمانينات.

* وجود فرقة كوماندوز سرية تسمى "تاسك فورس 373" مهمتها اغتيال حوالى 70 من قادة طالبان. لكن أنشطة هذه الوحدة، التي عززها البنتاغون كثيرا بعد مجيء الرئيس باراك أوباما، منيت بالإخفاق في العديد من مهامها وانتهى بها الأمر لقتل مدنيين أفغان بما رفع من حدة الغبن الذي يشعر به المواطنون إزاء قوات التحالف.

* لجوء القوات الأميركية إلى استخدام الطائرات من دون طيار لاستكشاف مسرح الحرب، رغم أنها أثبتت عدم كفاءتها مرارا إما بسقوطها أو بتصادمها. وكان هذا يتطلب تكليف الجنود استعادتها في مهام خطرة قبل وضع طالبان يدها عليها.

* امتناع قوات التحالف، في العديد من الأحوال، عن الإبلاغ عن مقتل المدنيين الأفغان.

* توسيع وكالة المخابرات المركزية "سي آي ايه" نطاق عملياتها الأفغانية بشكل غير مسبوق. فقد اتضح أنها دبرت ونفذت العديد من الغارات الجوية الليلية التي طالت مدنيين في العديد من الأحوال. وبين العامين 2001 و2008 كانت هي التي تموّل وكالة المخابرات الأفغانية وأدارت عملياتها باعتبارها فرعا لها.

* قلق المسؤولين في حلف شمال الأطلسي (الناتو) إزاء تقديم باكستان وإيران الدعم المادي والمعنوي لرجال طالبان والقاعدة.

ورغم أن الوثائق لا تناقض بيانات التحالف العسكرية الرسمية، فهي توضح بجلاء أن هذه البيانات كانت مضللة في بعض الأحيان. فقد عزت، على سبيل المثال، حالات سقوط المروحيات الى الأسلحة التقليدية بينما الحقيقة هي أنها أسقطت بالصواريخ الباحثة عن الحرارة. وفي حالات أخرى قدمت الفضل في بعض النجاحات للقوات الأفغانية بينما يعود في الواقع الى وحدات التحالف الخاصة.

الدور الباكستاني

إحدى الصدمات التي أتت بها الوثائق تتعلق بولاء جهاز المخابرات الباكستانية لطالبان في الخفاء. وجاء فيها أن الجهاز "شكل شبكات مقاتلين يحاربون جنود التحالف في افغانستان"، وأنه "نظم اجتماعات سرية مع بعض قادة طالبان والقاعدة بحثت اغتيال قادة افغان موالين للتحالف".

وجاء في بعض الوثائق أن الجنرال حامد غول، المدير السابق للاستخبارات الباكستانية "آي إس آي"، التقى في اجتماع في يناير 2009 عددا من هؤلاء في أعقاب مقتل قائد عمليات القاعدة في باكستان، وكان يعرف إما بلقب "زمراي" أو "أسامة الكيني"، في غارة نفذتها طائرة أميركية من دون طيار.

واشارت الوثيقة الى ان المشاركين في الاجتماع "أعربوا عن حزنهم لمقتل زمراي وناقشوا خططا لإكمال مهمته الاخيرة عبر تسهيل حركة آلية مفخخة بعبوة منزلية الصنع من باكستان الى افغانستان من معبر خان". وعلقت "نيويورك تايمز" بالإشارة الى أنه لا يعرف ما إن كان هذا الهجوم قد نفذ فعلا.

لكن الصحيفة أشارت الى أنه على الرغم من انتهاء ولاية الجنرال غول على رأس الاستخبارات الباكستانية عام 1989 "فإن اسمه يتكرر في الوثائق إلى درجة يستحيل معها ألا يكون المسؤولون العسكريون والاستخباراتيون الحاليون في باكستان غير محيطين علما ببعض من نشاطاته تلك".

وقالت الصحيفة إنها نقلت هذه المزاعم الى حسين حقاني السفير الباكستاني لدى واشنطن. فقال في بيان له ان الوثائق "تضمنت معلومات غير دقيقة ولا تعكس الواقع على الارض". وقال أيضا في تصريح لفضائية "بي بي سي" الإخبارية: "لقد دفعنا الثمن بالغالي والنفيس خلال السنتين الأخيرتين اللتين حصدت فيهما الأعمال الإرهابية عددا ضخما من المدنيين والعسكريين وعملاء المخابرات الباكستانيين. لن نسمح لشيء كهذه المزاعم بأن تصرفنا عن مهامنا الحقيقية".

غضب أميركي

كما هو متوقع فقد أدانت الولايات المتحدة تسريب الوثائق بشدة. ووصفه الجنرال جيمس جونز، مستشار الأمن القومي، في بيان له بأنه "عمل يفتقر الى المسؤولية ومن شأنه تهديد الأمن القومي الأميركي وأرواح الجنود الذين يخوضون الحرب الأفغانية". وقال إن الوثائق "تغطي الفترة 2004 إلى 2009، أي قبل أن يعلن الرئيس أوباما استراتيجيته الجديدة لتخصيص مزيد من الموارد لأفغانستان". وقال، في ما يتعلق بدور إسلام آباد: "أعتقد أن القيادة الأميركية تعرف تماما ما تفعله باكستان".

لكن السناتور الديمقراطي جون كيري، الذي يترأس لجنة العلاقات الخارجية النافذة في مجلس الشيوخ، قال إن الوثائق "تثير تساؤلات جدية حول حقيقة السياسة الاميركية إزاء باكستان وافغانستان". وأضاف أن هذه السياسة "تمر بمرحلة حرجة وهذه الوثائق تزيد من ضرورة التعجيل في إجراء التعديلات الضرورية لإكسابها شيئا من الصدقية والفعالية".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف