أخبار

إسفنديار رحيم مشائي... صهر رئيس إيران الذي يمقته "آيات الله"

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الرئيس أحمدي نجاد ومدير مكتبه إسفنديار رحيم مشائي

شنّ التيار الدينيّ المحافظ في إيران هجومًا جديدًا على كبير مستشاري الرئيس أحمدي نجاد ومدير مكتبه إسفنديار رحيم مشائي الذي يوصف بأنه "ليبراليّ النزعة" على خلفية تصريحات فُهمت على أنها عودة لـ"الوثنيّة". وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرّض فيها مشائي لسهام التيار المحافظ فقد سبق أن تطرّق لمواضيع اجتماعيّة وأخرى تتعلق بالسياسة الخارجية أثارت استياء المحافظين.

يبدو أنّ فصول الحرب التي أعلنها التيار المحافظ المتشدّد الذي يسيطر على دواليب الحكم في جمهورية إيران الإسلامية ضدّ صهر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ومدير مكتبه إسفنديار رحيم مشائي لن تنتهي قريبًا. إذ شنّ المحافظون مرّة أخرى هجومًا حادًّا على مدير مكتب الرئيس الإيرانيّ بسبب تصريحات له وصفت بأنها "وثنيّة" بحسب ما نقلت وسائل الإعلام الإيرانية.

وكان رحيم مشائي قد صرّح الثلاثاء الماضي في مؤتمر للإيرانيين في المهجر قائلا: "هناك تفسيرات متعدّدة للإسلام (حول العالم) لكن فهمنا لحقيقة إيران والإسلام ينبع من المدرسة الإيرانية. من الآن وصاعدًا علينا أن نقدم المدرسة الإيرانية للعالم". هذه التصريحات لم ترق لمحافظي إيران الذي "يتصيّدون" عادة "زلات" صهر الرئيس نجاد لتوجيه سهام النقد إليه، وأثارت الجملة التي نطق بهام مشائي عن الإسلام انتقادات شرسة من المحافظين، إذ قال رجل الدين المتشدّد آية الله أحمد خاتمي في خطبة الجمعة في طهران إن "وضع مدرسة إيران في مواجهة مدرسة الإسلام هو قومية وثنية لم يقبل بها الشعب الإيراني قط"، في حين قال النائب المحافظ أحمد توكلي الذي غالبا ما ينتقد نجاد وحكومته إن ما تفوّه به صهر الرئيس ومدير مكتبه يعتبر "خيانة للإسلام ولإيران، وعلى الرئيس توضيح موقفه من هذا الشخص الذي يستخدم منابر عامة للتعبير عن مواقف منافية للدستور والإسلام وإيران". في حين نصح محافظون آخرون مشائي بـ" تجنب الحديث عن الإسلام وعن إيران" حتى لا يكرّر مواقف "الملكيين والجماعات القومية".

الفصل الجديد من المعركة المحتدمة بين إسفنديار رحيم مشائي الذي يصفه مناوئوه بأنه "ليبرالي النزعة" والتيار الدينيّ المحافظ ، يأتي بعد فصول سابقة وشدّ وجذب واتهامات وانتقادات وتصريحات، وتصريحات مضادة، وتوضيحات واستقالات وتعيينات وتأويلات. فالسيّد إسفنديار رحيم مشائي الذي ضرب هذه المرة على وتر النزعة الوطنية القطرية الفارسيّة التي يمقتها رجال دين إيران المحافظين اعتقادا منهم أن ذلك قد يؤدي إلى العلمانية، سبق وأنّ صرّح في 2008 تصريحًا مثيرًا للجدل ذكر فيه أنّ إيران صديقة لإسرائيل وأميركا. وكان مشائي قال خلال فترة ولاية نجاد الأولى إن إيران عدو للحكومة الإسرائيلية لكنها صديقة للشعب الإسرائيلي، وأثارت تصريحاته تلك احتجاجات عنيفة من قبل رجال الدين في إيران الذين استغلوا حينها وسائل الإعلام ومنابر المساجد للتحريض ضدّه والدعوة إلى "قتله" سياسيًا وحرمانه من كل منصب. وسبق لمشائي أيضاً أن أثار الجدل والاحتجاجات في إيران عندما اعتبر بعض المناطق الواقعة فی إقلیم أذربیجان الإیراني الواقع في شمال إقلیم کكردستان الغیراني بأنها تابعة للأکراد الأمر الذي أثار غضب الأتراك الأذربیجانیین في السلطة وخارجها واتهموه بأنه اعتبر أذربیجان أرضًا کردیة، إلا أن مشائي أوضح بأنه لم یعتبر أذربیجان کردیة بل إنه شرح الخارطة الإثنیة لإیران فقط، مشیرًا إلی وجود الأکراد فی جنوب إقلیم أذربیجان الغربي.

وكان الرئيس أحمدي نجاد عين رحيم مشائي نائبا له في 2009 بعد إعادة انتخابه على الرغم من احتجاجات رجال الدين والبرلمان، بل وحتى مؤيديه وأنصاره. وعلى الرغم من اعتذار مشائي عن قبول المنصب بعد الحملة التي أطلقت ضدّه فإنّ الرئيس الإيراني رفض استقالته من منصب النائب، إلا بعد أن أصدر آية الله خامنئي "أوامره" الحازمة بهذا الصدد عبر رسالة وجهها إلى نجاد. ويعتبر مشائي مقربًا جدًّا من احمدي نجاد الذي عيّنه مستشارًا له ومديرًا لمكتبه وهو المنصب الذي يشغله لحدّ الآن، وابنة مشائي متزوجة من ابن الرئيس الحاليّ وعادة ما يرافق مشائي الرئيس في زياراته الداخليّة والخارجيّة وتشير بعض التقارير إلى "علاقة مميزة" بين الاثنين تتجاوز ما هو سياسيّ إلى العلاقات العائليّة والشخصيّة والخاصّة.

وفي تموز 2008 قال رحيم مشائي ان إيران "صديقة الشعب الإسرائيلي"، وذلك في تصريح غير معهود إطلاقا من جانب قياديّ إيرانيّ اعتاد زملائه في حكومة جمهورية إيران الإسلامية على توجيه الخطب النارية ضد إسرائيل. وقال حينها "أن إيران اليوم هي صديقة الشعب الأميركي والشعب الإسرائيلي. ما من امة في العالم هي عدوتنا وهذا فخر لنا، وأضاف "إننا نعتبر الشعب الأميركي من أفضل شعوب العالم.

ولم تكن تلك التصريحات لوحدها سببًا لسخط "آيات الله" ومقتهم لمدير مكتب نجاد "الليبرالي" الذي ينشط داخل التيار المحافظ ولم يعلن يومًا انحيازه للإصلاحيين أو دفاعه عنهم ضدّ ما يتعرضون له منذ انطلاق "الثورة الخضراء" على خلفية أزمة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فقد سبق وأن تعرّض لهجمات عنيفة بحجة ''إهانة القرآن'' من جانب شخصيات دينية ومحافظين طالبوا بإقالته عندما كان وزيرا للسياحة، إذ أثيرت عاصفة حول حفل أقيم طهران في 2009 حول الاستثمارات الأجنبية في قطاع السياحة، وحملت اثنتا عشر فتاة إيرانية كن يرتدين اللباس التقليدي وهن يرقصن، نسخة من المصحف على طبق، تناغما مع التقاليد الإيرانية الرسمية التي تجعل أي حفل رسمي ينطلق بتلاوة آيات من القرآن الكريم.
و"صدم" المحافظون من حمل الفتيات المصحف وهن يرقصن وأثار حنقهم بشكل كبير. ودان السلوك مسؤولان دينيان كبيران هما رجلا الدين لطف الله الصافي كلبايكاني، وناصر مكارم شيرازي، وقال كلبايكاني: ''إن إهانة القرآن أمر غير مقبول''، معتبرًا أن مشائي ''غير جدير لشغل هذا المنصب''.ولتهدئة الأمور، قدم مساعد مشائي حينها وهو منظم الحفل مهدي جهانغيري استقالته من منصبه، مؤكدًا ''أن حمل القرآن على طبق هو من ضمن تقاليد شعوب غرب إيران''. لكن حملة التيار المحافظ لم تكن معنيّة بالتقاليد الإيرانية حينها ولا باستقالة مساعد مشائيّ، لأن هدفها كان العدوّ اللدود أي إسفنديار رحيم مشائي ذاته. ويتجنّب مشائي عادة الدخول في جدل "عقيم" مع آيات الله عندما ينتفضون ضدّ تصريحاته، فغالبا ما يكتفي بتوضيح مقتضب يبرر به وجهة نظره أو يكشف من خلاله عن "تحوير" أصاب تصريحاته أو إساءة فهم من قبل البعض.

ومنذ أشهر دافع مستشار نجاد ومدير مكتبه عن نفسه، وقال "إن ما يتعرض له من إساءات ناجم عن دعمه وتأييده للرئيس محمود احمدي نجاد الذي يعلم علم اليقين بان الدور سيصله، وأنا أتوقع أن ذلك سيتحقق بعد عام ونصف العام". وتابع رحيم مشائي قائلا: "في احد الأيام قال لي السيد احمدي نجاد، انه سيصبح كافرًا بعد عام، وطبعًا هو يعني من هذا الكلام بان الآخرين سيتهمونه بالكفر في ذلك الوقت"، في إشارة إلى المحافظين المتشددين. ويقول في تصريحات نسبت له: "إنني من وجهة نظر السيد شريعتمداري (رئيس تحرير صحيفة "كيهان" اليمينية المتطرفة) جاسوس ومنافق وعضو في الثورة المخملية، كما أنني لست مسلما، وربما الكثير منكم يعتقد أن شريعتمداري هو مظهر للدفاع عن الحكومة، لكن الأمر ليس كذلك، انه لا يؤيد إطلاقًا السيد احمدي نجاد، وأنا سأثبت ذلك، وسترونه انتم بأم أعينكم بعد عام من الآن".

عندما عزل أحمدي نجاد نائبه على خلفية تصريحاته "الإشكالية" وضغط المتشددين، اهتزت أركان حكومته، بعض التحليلات تذهب إلى اعتبار مشائي "متنفذا" وله سلطة "سحريّة" على الرئيس الإيرانيّ أحمدي نجاد ومقربين آخرين منه ، وتحليلات أخرى تقرّ بأنه يتمتّع بـ"غباء سياسي" لا نظير له كونه لا يدرس ردات فعل تيار محافظ يقود جمهورية إسلامية في بحر متلاطم من الأزمات الداخلية والدوليّة لعلّ أبرزها العلاقة المضطربة مع الغرب على خلفية ملفّ إيران النووي وتزايد مطالب الإصلاح والديمقراطية في الداخل الإيراني.
لم يفهم كثيرون إلى حدّ اللحظة سرّ تمسّك أحمدي نجاد بهذا الرجل صاحب المواقف "الغريبة" في قضايا اجتماعية محلية على غرار قضايا الحجاب والزيّ الإسلامي وفسح المجال أمام الشباب وإعطائه مزيًدا من الحريات الشخصيّة، فبعضهم يقول إنّ عزل سفنديار رحيم مشائي كنائب أوّل ثم إعادة تعيينه بعد سويعات من طرف الرئيس نجاد في منصب كبير مستشاريه ومديراً لمكتبه، يعتبر تحديا واضح المعالم للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الذي لم ترق له تصريحات مشائي.

وبكلّ حال، لا يعتبر المنصب الحالي لمشائي مهمّا مقارنة بالمناصب التي تولاها سابقًا، فهو مستشار لأحمدي نجاد ورئيس للمكتب، وهذا المنصب هو منصب إداري بحت، لا علاقة له بالتشكيلة الوزارية وبالتركيبة السياسية، وليس له أي دور سياسي كما كان الحال بالنسبة لرئيس المكتب السابق "شيخ الإسلام" الذي لم يكن يذكر أبدًا عبر الإعلام، ولم يكن في الواجهة السياسية، ولم يكن من أصحاب القرار، ولم تكن علاقاته بنجاد جيدة أصلاً عكس المستشار الحاليّ مشائي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
صهر الجنرال
أبو الليالي -

عندنا في لبنان نموذج عن هذا الصهر، والكل يعرفه، ويعرف إلى أين يقود كلّ وزارة يدخل إليها. وتعرفون من أقصد طبعاً.