أحمد البغدادي صارع التطرف والمرض حتى الرمق الأخير
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ترك المفكر الكويتي أحمد البغدادي الذي غيبه الموت أمس في العاصمة الإماراتية، مهمة التصدي للتيار الإسلامي المهيمن على الساحة الكويتية الى التيار الليبرالي غير المتماسك، إذ كان البغدادي حتى الرمق الأخير أحد أقطاب التيار الليبرالي، الذين تصدوا بشدة للتيار التكفيري - كما ظل يردد- داخل الكويت.
الكويت: عمليا يمكن القول إن المفكر الكويتي الدكتور أحمد البغدادي الذي غيبه الموت عصر أمس بعد صراع مرير مع المرض امتد لسنوات، قد أخلى مكانه في ساحة المواجهة مع التيار الإسلامي المتشدد في الداخل الكويتي، بعد أن خاض ضده على امتداد سنوات طويلة حربا شرسة، اعتبر معها العدو الأول للتيار الإسلامي، الذي يرى الدكتور البغدادي أنهم استطاعوا أن يهيمنوا بقوة غير مسبوقة على الساحة الكويتية عبر فرض شروطهم، ورغباتهم على الحكومة الكويتية، وهو الأمر الذي ظل موضع انتقاد وتذمر الدكتور البغدادي، ومعه التيار الليبرالي والعلماني، غير المتماسك، وغير الموحد ضد التيار الفكري الإسلامي الموسوم بالتشدد.
وحفلت الساحة الفكرية في الكويت خلال السنوات الأخيرة بآراء صادمة ومثيرة للجدل، ظلت تثير الأسئلة، وتوابعها في الداخل الكويتي، إذ استغلت تلك الآراء التي كان يطلقها الدكتور البغدادي، عبر مؤلفاته الأدبية، التي أثرى بها المكتبة الكويتية، الى جانب عمود ظل يواظب عليه في السنوات الأخيرة في جريدة السياسة الكويتية تحت عنوان (أوتاد)، إذ إن أبرز المعارك التي خاضها ضد التيار الإسلامي تجلت في انتقاداته الحادة للنص الديني وسلطته، إذ حرف أنصار خصومه التقليديين، آراء الدكتور البغدادي لتغدو تكفيرية، وإلحادية، إلا أن الدكتور البغدادي سرعان ما كان يصوب مقاصده الحقيقية، عبر البرامج التلفزيونية، والندوات الحوارية، و إسهاماته الصحافية المتعددة.
القضاء والسجن
وفي آذار| مارس 2005 دفع المفكر الكويتي البغدادي أول أثمان مواقفه الجريئة للغاية، إذ عادت إلى الأضواء مجددا آراءه المثيرة للجدل بعد أن أدانته محكمة الاستئناف الكويتية بتهمة "تحقير مبادئ الدين" ، على خلفية قيامه بنشر مقال في صحيفة "السياسة" الكويتية تحت عنوان "أما لهذا التخلف من نهاية؟"، اعتبرها البعض، من بينها هيئة المحكمة، تحتوي على آراء وأفكار تميل إلى تحقير الدين والاستهزاء به.
رغم أن دائرة الجنايات في المحكمة الكلية وقتذاك كانت قد برأت البغدادي ورئيس تحرير صحيفة "السياسة" أحمد الجار الله من تهمة "الجنحة الصحافية"، المرفوعة ضدهما، لكن النيابة العامة أصرت على الاستئناف، ولا سيما أن المقال من وجهة نظرها قد تجاوز حدود النقد المباح وامتد ليطال الاستهزاء بدروس الدين والربط بين التربية الإسلامية والإرهاب الفكري. وحكمت محكمة الاستئناف على البغدادي بالسجن لمدة سنة مع الشغل، ووقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات على أن يوقع تعهدا بكفالة قدرها 2000 دينار كويتي، ويلتزم "بعدم العودة إلى الإجرام".
و قال البغدادي في تصريحات صحافية وقتذاك عن استغرابه الشديد من الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف، معتبرا أن الحكم قاس جدا، ولا يخدم تعددية الآراء وحرية التعبير، واصفا الديمقراطية داخل الكويت بالمشوهة في حال استمرت بعض السلطات بقمع الآراء والتعدي على الحريات الصحافية التي كفلها الدستور، على حد تعبيره.
وكانت المحكمة قد حكمت على د. البغدادي قبل سنوات بالسجن بتهمة الإساءة إلى الدين وقضى خمسة عشر يوما في السجن، غير أن ردود الفعل العالمية والمحلية المنددة بالحكم تواصلت حتى أصدر أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح عفوا أميريا عنه.
الموسيقى والقرآن
وفي صدام آخر مع التيار الإسلامي المتشدد إعترض المفكر البغدادي على تقليص قطاع التدريس الخاص في الكويت لحصص الموسيقى لزيادة حصص التربية الإسلامية، وحفظ القرآن الكريم، إذ اعتبر البغدادي أن هذا التوجه جاء بضغط من الحركة الإسلامية المتشددة في الكويت، وأنه أملى على أبنائه الإنتساب الى القطاع الأهلي في التدريس، وليس مدارس الحكومة لأنه يرغب في أن يتعلم أبناؤه حصصا متساوية من العلوم المختلفة، ومن بينها علوم الموسيقى التي تغذي الروح، وتصفي الذهن، ولا يريد لأبنائه أن يتخرجوا من المدارس كمتطرفين ومتشددين، معتبرا أن كليات الشريعة في الكويت قد أصبحت في الأوان الأخير عبارة عن مدارس تقليد لأئمة التطرف والتشدد في العالم العربي، وأنه يؤيد العودة بها الى الوضع السابق حين كانت كلية الشريعة في جامعة الكويت تابعة لكلية الحقوق.
سجال "إضاءات"
وفي رد على سؤال مباشر من الإعلامي السعودي تركي الدخيل في برنامج "إضاءات" على فضائية العربية قبل سنوات، عما إذا كانت أصول الإسلام فيها مبادئ إرهابية كما ألمح البغدادي في مؤلفاته؟ .. فقد قال الأخير إنه لم يقل يوما هذا الأمر ولم يلمح إليه مستدركا أن النص الديني كما يقول علي بن أبي طالب (حمّال ذو وجوه).. كل واحد يؤوّل النص كما يراه، إذا تقول والله أتكلم عن تسامح تقول وجادلهم بالتي هي أحسن, تقول لي عن العنف أقول: اقتلوهم حيث ثقفتموهم، ليست المشكلة في قصة النص، بل كيف تستخدم النص؟ استخدام النص هو المشكلة.. نحن في الفكر الديني للأسف الشديد لا نجعل للنص بداية ونهاية في مسألة تاريخيته ظرفه أسباب نزوله، لا نحن نريده أن يمتد ويمتد ويمتد، ونُسقط الماضي على الحاضر، ونعيش أزمة في هذا الجانب".
تركي الدخيل: وأنت تريد من النص أن يكون مربوطاً بالحادثة فقط التي نزلت به؟د.أحمد البغدادي (كاتب وأستاذ جامعي): نعم إذا كانت تتعلق بالحادثة فستتعلق بالحدث، ما في داعي أنك أنت تمدّ العملية وتؤذي نفسك.تركي الدخيل: يعني أنت لا تميل إلى أن العبرة بعموم .. يعني..د.أحمد البغدادي (كاتب وأستاذ جامعي): لا لا، العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ، وأنا أؤمن بأنه لابد أن يكون فيه اجتهاد في النص كما فعل عمر بن الخطاب.
تركي الدخيل: طيب يعني أليس من حق الآخرين أن يؤمنوا بعكس هذه النظرية بأنه العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب.د.أحمد البغدادي (كاتب وأستاذ جامعي): من حقهم دون أن يؤذوا الآخرين، من حقهم.تركي الدخيل: دون أن يلزمك يعني..د.أحمد البغدادي (كاتب وأستاذ جامعي): دون إيذاء الآخرين، شوف أنا أؤمن أن من حق أي إنسان أن يعبّر عن رأيه كما يشاء، بشرط أن نتوقّف عند حدود الكلمة، حدود الكلمة، أنت ترى هذا الأمر أنا أرى شيئاً مخالفاً، أنت تتبنّى مذهب ابن حنبل، أنا لا أتبنّى أي مذهب، كل واحد فينا حر، لكن يجب أن لا يتعدّى ذلك إلى السلاح، أو إلى العنف اللفظي، أو إلى العنف اليدوي..تركي الدخيل: ولا الإلزام، الإلزام بقول.. د.أحمد البغدادي (كاتب وأستاذ جامعي): الإلزام خاص بوليّ الأمر، أن يتحوّل هذا الإلزام إلى قانون ثم بعد ذلك يلزم الجميع، المسلم وغير المسلم، ما دام مواطناً، وما دام موجوداً على أرض الدولة، لكن إذا تجاوز هذا الحق، حق الرأي، إذا تجاوز إلى العنف أنا أقول لك مرفوض.
هيمنة التيار الديني
تركي الدخيل: تفرّق بين وليّ الأمر والحكومة أنت؟ ولاّ ما تفرق بينهم؟د.أحمد البغدادي (كاتب وأستاذ جامعي): لأ هو نفسه. بس وليّ الأمر مصطلح ديني.تركي الدخيل: طيب يعني لأني أنا عندي الآن نصوص كثيرة أنت يعني تتحدث فيها تقول مثلاً في اعتراضك على هيمنة التيار الديني في الكويت: الوضع في الكويت وهيمنة التيار الديني شيء غير معقول يفقد الحليم صبره وأحياناً عقله، ثم تقول تتحدث عن تحالف الحكومة مع التيار الديني، وأنت قبل قليل تقول إن من حق ولي الأمر أن يفرض في النهاية، لماذا لا تعتبر أن من حق ولي الأمر أن يتحالف مع من يشاء؟ د.أحمد البغدادي (كاتب وأستاذ جامعي): لأ التحالف سياسي، ما يفرضه النظام يتحوّل إلى قانون وشتان بين الاثنين، يعني التحالفات السياسية ليست ملزمة لأحد، التحالفات السياسية تقوم بناءً على مصالح خاصة تراها السلطة لكي تحقق أهدافاً معينة, تمام؟ أعطيك مثالاً بسيطاً: أن يتقدّم التيار الديني مثلاً بقانون الفصل بين الجنسين في جامعة الكويت، رغم ما في هذا من تكلفة مادية وبشرية، تأتي الحكومة في سبيل إرضاء هذا التيار لكي تحصل ربما على مكاسب أخرى, فتسمح له بذلك. هذا التحالف تحوّل إلى قانون, هذا القانون أنا في الجامعة ملتزم فيه، سواء أعجبني أم لم يعجبني..تركي الدخيل: بس من حقّك أن تعترض عليه.د.أحمد البغدادي (كاتب وأستاذ جامعي): هو تحوّل إلى قانون، أكتب أعترض عليه، لكن لا أقدر لازم أطبقه تمام؟ لكن أنا أعترض على هذا الأسلوب،أن الحكومة تتحالف مع التيار الديني لتحقيق مصالح معينة, التحالفات السياسية ما هو معروف في السياسة لاعلاقة لها في الدين.
نعي (معك)
من جهته يؤكد المفكر الكويتي أنور الرشيد الأمين العام لمظلة العمل الكويتي (معك) في بيان نعي البغدادي: "أن رحيل الدكتور احمد البغدادي إلى الباري عز وجل و انتهاء مشوار حياته عند هذه النقطة تحديدا ، لا شك بأنها خسارة عظيمة للفكر العربي و الإسلامي ، أن الدكتور احمد البغدادي كان و سيظل نبراسا يهتدى به في ظلمة الفكر العربي المستمر منذ فترة طويلة ، ولا شك أيضا أن مدرسته قد أسست للفكر الإنساني المعاصر محاور و أسسا سليمة مبنية على عواميد صلبة و متينة بنقد الفكر العربي نقدا علميا سليما سواء الماضي أو المعاصر".
ويتابع الرشيد: "لذا رسخ بالعقول الباطنية العربية نقدا قلما كان يجهر به على الساحة العربية سواء كان خوفا من ردة فعل المتطرفين أو تجنبا للخوض في مسائل قد تجر وراءها الكثير من الإشكالات ، لذا عندما قرر الدكتور احمد البغدادي الخوض في هذا الظلام الشائك كان على بينة علمية و قد عاصر و شارك أصحاب الفكر الديني السياسي وخالطهم ودرس منهجهم ، لذا كان نقده للممارسات مبنيا على تجربة عملية عاشها في صباه و خاض غمارها فترة طويلة من التجارب ، لذا كان منتقدوه يروجون الكثير عنه بأنه ينتقد الإسلام ويتهجم عن الإسلام و الدين مرتعبين من نشر أفكاره الدينية الحقيقية المبنية على أسس علمية لا مصلحية".
سيرته
ولد البغدادي في 1 كانون الثاني|يناير 1951 وهو أحد الوجوه الكويتية البارزة وقد اشتهر بتوجهه العلماني، ويُعد من أكبر الناشطين في الحركة الليبرالية في الكويت والمنادين بعلمنة القوانين.
مارس الراحل مهنة التدريس في كلية العلوم السياسية في جامعة الكويت، وكان واحدا من اعمدة صفحات "الرأي" في "السياسة" من خلال العمود الذي يكتبه تحت عنوان "أوتاد"
والراحل حائز على ليسانس علوم سياسية واقتصاد من جامعة الكويت عام 1974 وعلى شهادة الماجستير في الفكر السياسي الغربي من جامعة كلارك في الولايات المتحدة الأميركية عام 1977 وعلى شهادة الدكتوراه في الفلسفة (فكر إسلامي) من جامعة ادنبره عام .1981
وللبغدادي مؤلفات عدة منها "تجديد الفكر الديني دعوة لاستخدام العقل: محاولة في قراءة عقلية للفكر الديني 1999" و"أحاديث الدين والدنيا: الواقع المفارق للنص الديني 2005".
التعليقات
كان عملاقا
عبد الرحمن -رحمة الله عليك ايها المفكر الليبرالي العظيم, رأيناك وانت تفحم المتشددين , فقدتك الامة كمشعل مضئ في دروب الحرية والتفتح.
في ذمة الخلود
عدنان قارس -لقد رحلتَ مبكراً.. وحتى قبل الآوان بكثير.. أحر التعازي لعائلة وأصدقاء الفقيد.. مثقفو وأحرار الكويت وفي خارجها سيتذكرون على الدوام أحد ابرز أعلام الديمقراطية والفكر النيّر الدكتور الفقيد احمد البغدادي.
لاحول ولاقوةالابالله
ابو عبدالمحسن -لاحول ولا قوة الا بالله كلن سيحاسب عما يقول ويكتب حتى انت ياصاحب المقال اللهم احسن خاتمتنا اتمنى ان يكون قد تاب قبل موته وان يرحمه الله
خسارة لا تعوض
حاتم حرب -رحم الله البغدادي كان رمز حرية الفكر الذي لا يوقفه بالحق لومة لائمخسارة للكويت والمنطقة كلها
مفكر يحب الانسان
سعد -لقد فقد العرب واحد من المفكريين-اللذين يؤمنون في التمدن والتحضر والحداثه وانتشال هذه الامه المنكوبه الغائصه في الجهل والتخلف والتكفير ويريد لها ان تكون رائده في الفكر والعلم والثقافه---ولكن لا حياة لمن تنادي
العلمانيه هي الحل
جابر بن سشلم -اما الاراء والنظريات الاخرىالتي تقول ان هذا الدين هو الحلفهو واهم -لماذا لانه اطروحات قديمهمضى عليها المئات من السنيين اي لا تصلحابدا الان -للفرق بين الحياة التي غلبعليها الجهل وغياب التطور العلمي والثقافيوظهور النظريات والافكار الحديثهمثل اليمقراطيه والمواطنه والتحرر والحداثهوتاثير عمل منظمات المجتمع المدني وغيره
My condolences
Halim M. Meawad -This is indeed sad news.Dr. Bghdady was a pioneer and a torch bearer. He will be greatly missed.My sincere condolences to his family and the millions who appreciated this great man.
Al-Baghdadi
Iraqi American -This is truly a great loss. The Middle East has lost a great thinker at a time when such writers are most needed in the current environment.
العلمانيه =الحل
SAME -اما الاراء والنظريات الاخرىالتي تقول ان هذا الدين هو الحلفهو واهم -لماذا لانه اطروحات قديمهمضى عليها المئات من السنيين اي لا تصلحابدا الان -للفرق بين الحياة التي غلبعليها الجهل وغياب التطور العلمي والثقافيوظهور النظريات والافكار الحديثهمثل اليمقراطيه والمواطنه والتحرر والحداثهوتاثير عمل منظمات المجتمع المدني وغيره
كتابات البغدادي
عابر ايلاف -كل مداخلات البغدادي قائمة على الضغينة والكراهية لتيار فكري ناجح ومتسيد وبعيدة عن الموضوعية والعلمية لقد هاجم الاسلام في صورة انا اختلف معهم فكريا ... ؟!
فقدان و خسارة
حسن -رحيل المفكر و الكاتب الإنساني أحمد البغدادي خسارة كبيرة للفكر الحر في الكويت و البلدان العربية كافة. سيبقى ما تركه من كتابة إنسانية و عقلانية ينير العقول و النفوس و يمحو ما يتركه الظلام الديني المتطرف و المنغلق على نفسه الى أمد طويل. عزائنا الى أهله و أحباءه كافة بما تركه من طاقة إيجابية نيرة.
Great loss
Salem -Arab World needs more like BughdadyIt wasn''t like thatIn the last 30 Years so many things changed in the middle east since Khomeini came to power.Soon the Fanatics will find themselves can not compete in a very minor work then it will be a loss to all Country not to only part of it