الإختبار الأول لمساعي السعودية وسوريا في لبنان

تتجه الانظار يوم السبت الى قريطم حيث يقيم سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني مأدبة افطار رمضانية يضع خلالها حدا لـ "الصمت" الذي اعتمده منذ المؤتمر الصحافي للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله تاركا لنوابه الإدلاء بما لديهم بهذا الخصوص. وبانتظار انقشاع الصورة الضبابية تعول الاوساط السياسية آمالها ان تؤتي القمة السعودية السورية في بيروت ثمارها.

أحدث الكلام المنسوب الى رئيس الحكومة سعد الحريري، والذي وصف فيه ما ورد في المؤتمر الصحافي الأخير للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لجهة تقديمه قرائن تعزز فرضية ضلوع اسرائيل في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بأنه "شديد الأهمية والحساسية"، وقوله إن "على المحكمة الدولية ان تنظر بجدية إلى ما طرحه نصر الله وأن تضعه للتمحيص"، محذرا من أن عدم تجاوب إسرائيل مع طلب المحكمة الاستماع إلى إسرائيليين بهذا الخصوص يعني بالنسبة إليه تحولها من متهمة إلى مدانة.

هذا الكلام احدث ارتياحاً لدى حزب الله رغم بعض المحاولات التي قام بها نواب من كتلة المستقبل للتشكيك بصحتها واستمرار فريق منهم بالتقليل من أهمية ما أورده نصر الله في مؤتمره الصحافي، كما فعل النائب عمار حوري في مداخلة تلفزيونية بدا فيها وكأنه ينفي ما نقل عن لسان الحريري عبر قريبين منه ونشر مضمونه في صحيفة "السفير" أول من أمس، فيما ذهب النائب هادي حبيش بعيدا واعلن في حديث تلفزيوني "ان المؤتمر الصحافي الاخير للسيد نصر الله تضمن بعض القرائن التي تحتاج الى اثبات. وإذا لم تكتمل القرينة بالاثبات فعندها لا تؤدي الى حكم بالنهاية"، مضيفا ان "استبعاد فريق الاكثرية فرضية ان تكون اسرائيل اغتالت الرئيس شهيد رفيق الحريري في الفترة السابقة خصوصا منذ اربع سنوات كان سياسياً" .

هذه العبارات الأخيرة أثارت استغراب عضو المجلس السياسي في حزب الله غالب ابو زينب الذي رأى فيها إقرارا من نائب في الكتلة التي يتزعمها الرئيس الحريري باستبعاد الفرضية الاسرائيلية عن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري طوال السنوات الماضية ،واساءة الى الاخير الذي وقف الى جانب المقاومة وعمل على شرعنتها من خلال اتفاق ابريل - نيسان العام 1996 . وأمل ابو زينب في ان يستدرك حبيش هذا "الخطأ الفظيع" الذي ارتكبه ويقوم بتصحيحه ، معربا في الوقت نفسه عن تقديره للموقف الصادر عن رئيس الحكومة بخصوص المحكمة وضرورة النظر في ما قدمه الامين العام لحزب الله من معلومات ومعطيات توجه اصابع الاتهام الى الجانب الاسرائيلي في جريمة اغتيال الحريري. وفي ما اشار الى ان الحزب ميال لاعتماد ما صدر عن رئيس الحكومة كاشفا ان من ابلغ صحيفة "السفير" به قريب جدا منه وحائز على ثقته.

هذا وتترقب الاوساط السياسية والشعبية ما سيقوله الرئيس الحريري في خطاب يلقيه خلال مأدبة افطار يقيمها في دارته غروب يوم السبت، حيث يتوقع ان يضع حدا لـ "الصمت" الذي اعتمده منذ المؤتمر الصحافي لنصر الله تاركا لنوابه الإدلاء بما لديهم بهذا الخصوص وان بدت في تصريحات بعضهم ملامح ارتباك يدلل على انعدام الوضوح في الموقف النهائي المطلوب اتخاذه من "قرائن" الامين العام لحزب الله.

وبانتظار انقشاع "الصورة الضبابية" التي تغلف المشهد السياسي اليوم فان اوساطا قريبة من حزب الله تبدي تفاؤلا وان حذراً لمسار الامور بعد ان تنامى الى اذهانها عزم الحكومة على ايلاء موضوع المحكمة "وقرائن" نصر الله اهتماما خاصا والنظر في ما يجب فعله بهذا الشأن بعد مبادرة مدعي عام المحكمة الدولية القاضي دانيال بلمار الطلب من لبنان بالحصول على الشرائط والوثائق والمعلومات التي عرضها السيد حسن نصر الله في مؤتمره الصحافي.

كما تبدي الاوساط السياسية المتابعة ارتياحها لابقاء الخط مفتوحا بين رئيس الحكومة والامين العام لحزب الله ونفى وجود أي قطيعة بينهما كما اوضح ذلك الاخير، الامر الذي يسهل امكانية حصول لقاء بين الرجلين في أي وقت. وهذا ما المح اليه نصر الله نفسه في مؤتمره الصحافي المذكور فيما ينشط الوسطاء لتحقيقه فور عودة الحريري من اجازته العائلية معولة في ذلك على ما ستسمعه منه في خطاب الافطار الاول الذي يفتتح فيه سلسلة الافطارات التي دعا اليها رئيس الحكومة والذي لا تستبعد معه ان يعيد الداعي اليه ما نسب له من كلام مشجع عن المحكمة واسرائيل ، ما يعني ان مساعي العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري الدكتور بشار الاسد بدأت تعطي ثمارها وان على مراحل كما توقع ذلك من قبل رئيس البرلمان نبيه بري.