أخبار

فلسطينيون من دون هوية يصبحون أرقامًا معزولة عن العالم الخارجي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يأمل كثير من الفلسطينيين الفاقدي الهوية بالحصول عليها، ليتمكنوا من السفر والتنقل بحرية داخل قطاع غزة وخارجه، ويستطيعوا من خلالها تخليص معاملاتهم اليومية بأسرع وقت. وتفاقمت تلك المشكلة منذ العام 1993، عندما لم تستطع المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أن تجد حلاً لها بعد اتفاقية أوسلوا.

حمزة البحيصي من غزة: صبر الفلسطينيون وواجهوا المصاعب، وتخطوا العثرات كي يصلوا إلى ما هم بأمس الحاجة إليه ولكن دون جدوى، تتكسر آمالهم وتضيع عند عتبات ساستهم، ففي غزة تموت إمرأة كانت ستعيش لو أن الهوية متوفرة لديها.. أو يذوب شاب في اليأس لطموحه بإكمال دراسة الماجستير في الخارج لأنه بلا هوية... أو قد يفكر أصحاب الإنجازات ألف مرة لماذا أنا في فلسطين، وأعمل لمصلحتها وهي عاجزة عن منحي مجرد هوية يكتب فيها اسمي، تجعلني أشعر أني ابن هذه الأرض، مواطن فيها. "إيلاف" التقت مع اثنين من مجموع آلاف الفلسطينيين الذين يأملون بالحصول على هوية تمكنهم من السفر والتنقل بحرية داخل وخارج قطاع غزة، ويستطيعوا من خلالها تخليص معاملاتهم اليومية بأسرع وقت.

أشرف الهواري مخرج تلفزيوني كان في الأردن، ووصل إلى غزة في العام 1999 بتصريح زيارة، وعمل في تلفزيون فلسطين واستقر في غزة، ونصحه أهله بعد الرجوع إلى الأردن مع أن لديه عملاً هناك، يقول "أنا في غزة منذ 11 عامًا ونصف عام، وحياتي وعملي يقتصران على غزة فقط، لأني لا أملك هوية تمكنني من التحرك كباقي الفلسطينيين، أو حتى كباقي أفراد عائلتي الذين جاءوا إلى غزة قبلي وحصل بعضهم على الهوية".

وتلعب الأوضاع السياسية والأحداث التي يمر بها قطاع غزة بين فترة وأخرى دورًا سلبيًا في تمكين الهواري من الحصول على الهوية، ويؤكد أنه تزوج في غزة وقدم معاملة لم شمل على زوجته في بداية العام 2000، لكن بدأت الإنتفاضة ووقفت المعاملات، وفي العام 2008 تم فتح ملف لم الشمل وحصل جزء من أفراد عائلته على الهوية، حتى وصلوا إلى آخر دفعة التي فيها اسمه فبدأت الحرب على قطاع غزة وتوقفت المعاملة ووقف حاله حتى اللحظة".

ويشعر بأنه توقف مهنيًا منذ أن دخل إلى قطاع غزة، لأن الوضع محدود العمل كما يقول، ويضيف "إذا أردت أن تتطور في غزة فلا تستطيع ذلك، فعملي كمخرج لا يحتاج دواماً كموظف يبدأ بساعة محددة وينتهي عند ساعة أخرى، بل يجب أن نتحرك هنا وهناك ونطلع على العالم الخارجي ونكتسب خبرات ونحقق إنجازات، ولا أستطيع ذلك".

وقد استقر الهواري في غزة دون أن يكون معه أي إثبات هوية، فيمنعه ذلك من السفر أو التحرك بحرية، ويشير في هذا الشأن "إلى أنه قد حصل على فرص كثيرة للسفر للعمل في الخارج ولم يتمكن من ذلك، وأيضًا فقد حصل على ثلاث جوائز دولية ولم يتمكن من استلامها، وبالتالي شعر أنه معزول عن العالم الخارجي، وأحيانا كان يشعر باليأس".

ويبين الهواري أنه على الرغم من مشكلته هذه إلا أنه يشعر بعين الرضا مقارنة مع كثير ممن لا يملكون الهوية، وقد يتعطل مستقبلهم كالطلاب والمرضى، وهم بأمس الحاجة إليها لإصدار جوازات سفر تمكنهم من الدراسة، أو حتى تلقي العلاج في الخارج.
ويأمل من المفاوضين الفلسطينيين أن يضمنوا قضية فاقدي الهوية وكثير من القضايا العالقة ضمن مفاوضاتهم.

إسرائيل وافقت .. والهوية لاتزال مفقودة
ياسر عطية الحنفي عاد إلى قطاع غزة في العام 1993، ومنذ ذلك التاريخ لم يعد قادرًا على السفر لرؤية أهله، أو الالتقاء بهم، تحدث لـ"إيلاف" عن قصته فقال "قدمت لي زوجتي على لم الشمل، وحصلت على رقم وطني، ومنذ ذلك الوقت وحتى اللحظة وأنا أجري على الوزارات وأسعى هنا وهناك وأسأل كي أحصل على الهوية، ولا حياة لمن تنادي".

ويوضح الحنفي أن "الموافقة من الجانب الإسرائيلي على إعطائي الهوية كانت قبل الحرب بثلاث شهور، وصدر الرقم الوطني في 2008 قبل الحرب بشهر، وبعد انتهاء الحرب عدت وطلب الحصول على الهوية في شهر فبراير-شباط 2009 وحتى اللحظة لم أحصل عليها".

فبعد أن تعطي إسرائيل الموافقة على إصدار الهوية، حسب حنفي، يبقى هناك بعض الإجراءات البسيطة التي تتم عند الجانب الفلسطيني، حتى يستلم الهوية بعد ذلك، وقد أتمم أوراقه كافة، وطلبوا منه المراجعة بعد 3 أشهر،ولما عاد للمراجعة قالوا إن الجانب الإسرائيلي يوقف كل المعاملات، وهو السبب الوحيد الذي يقدموه في كل مرة، وما زال ينتظر منذ أكثر من سنة ونصف.

وعلى الرغم من أن الجانب الإسرائيلي أوقف جميع معاملات لم الشمل، إلا أن الحنفي يبين بأنه حصل على لم الشمل، وأن مشكلته تكمن في إستكمال الإجراءات، حيث يؤكد أن الحق القانوني معه للحصول على الهوية لأن زوجته معها لم شمل، وقد صدر موافقة إسرائيلية بإعطائه هوية وحصلت على رقم وطني، ولكنه منذ صدور الرقم الوطني قبل سنة ونصف وهو يتابع قضيته في الوزارات، وكلما ذهب إليهم قالوا له إن المشكلة عند الجانب الإسرائيلي". ويتساءل الحنفي: "طالما المشكلة لدى إسرائيل فكيف قامت بإصدار رقم وطني ووافقت على إعطائي هوية".

مطالبة بوضعها على سلم أولويات المفاوضات
سامر موسى محامي مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان يرى أن "مشكلة فاقدي الهوية بدأت منذ عام 1993، عندما لم تستطع المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أن تجد حلاً لهذا الموضوع بعد اتفاقية أوسلوا، حيث عاد الفلسطينيون إلى الأراضي الفلسطينية وتقطعت بهم السبل ولم يعودوا قادرين على التواصل مع ذويهم في البلدان المختلفة".

ويشير موسى إلى أنه "بعد قدوم السلطة الفلسطينية دخل إلى غزة، هناك ما يقارب من 100 ألف فلسطيني لا يملكون هوية، وهم ممنوعون من كل الحقوق الإنسانية والإجتماعية، ولذلك نعتبر قضيتهم إنسانية بالدرجة الأولى".

ويؤكد موسى أنه من الضروري أن يسمح لكل مواطن فلسطيني يعيش في أراضي السلطة الوطنية بممارسة حقه في المواطنة، وعلى رأس ذلك حصوله على الجنسية، ولكنه يبين أن "قدوم كثير من الناس بناء على اتفاقية إوسلوا دون احترام ما سمي آنذاك الأشكال القانونية للعودة، جعل وجود كثيرين من فاقدي الهوية هو بطريقة غير شرعية من وجهة نظر إسرائيل، وبالتالي لن يصدر لهم هويات".

ويقول موسى إن كثيرين ممن لا يملكون هويات حالفهم الحظ واستطاعوا أن ينجحوا في الحصول على الهوية من خلال لم الشمل عندما تقدموا لوزارة الداخلية بذلك وحصلوا على لم الشمل بعد فترة من الزمن. ويرى أن قضية فاقدي الهوية تستدعي الإهتمام من كل مؤسسات حقوق الإنسان لكونها إنسانية بحتة، ويضيف "هي شريحة تعاني بشكل كبير، حيث لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يسافر أي شخص لا يملك هوية مهما كانت حالته لأنه في النهاية لا يملك جواز سفر".

وتمنى موسى أن يكون هناك استجابة سريعة من قبل المفاوض الفلسطيني لاعتبار هذا الموضوع على سلم أولوياته ومحاولة وضع حل جذري له، لأن فاقدي الهوية راحوا ضحية اتفاقية أوسلوا، وتمنى كذلك ألا يؤثر الإنقسام الفلسطيني على هذه الشريحة التي وصفها بالمهمة لأنها قدمت التضحيات في الشتات من أجل فلسطين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف