أوضاع اليمن تستمر بالتدهور رغم الالتفاف الدولي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بعد ثمانية أشهر من تأسيسها، تجتمع مجموعة "أصدقاء اليمن" الجمعة في نيويورك على وقع تدهور الأوضاع الأمنية في هذا البلد مع توسع نطاق نشاط تنظيم القاعدة وتوجيهه ضربات اكثر ايلاما فضلا عن عدم تحقيق تقدم في صرف المساعدات الموعودة.
دبي: خلال الاشهر الماضية، خرج تنظيم القاعدة الى العلن في عدة محافظات جنوبية يمنية وخاض ما يشبه الحرب في مدينتي لودر والحوطة. وقالت نيكول ستراك الباحثة المتخصصة في الشؤون اليمنية في مركز الخليج للدراسات الذي مقره دبي، انه منذ الاجتماع الدولي الرفيع الذي استضافته لندن في كانون الثاني/يناير بهدف دعم اليمن في مواجهة التطرف والفقر وافضى عن تشكيل مجموعة "اصدقاء اليمن"، "اخذت الامور منحى سلبيا واضحا".
واضافت "هناك مؤشرات لتنامي الازمة الاقتصادية مع تراجع قيمة صرف العملة المحلية، وهناك تراجع في الوضع الامني لاسيما في جنوب اليمن" الذي يشهد اصلا حركة احتجاجية واسعة ذات طابع انفصالي يقودها "الحراك الجنوبي".
وكانت انظار العالم توجهت الى اليمن بعدما تبنى "تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" الذي ينشط في اليمن محاولة التفجير التي استهدفت طائرة مدنية اميركية يوم عيد الميلاد الماضي، ما استدعى اجتماع لندن.
وبحسب ستراك، فان القاعدة "اصبحت اكثر قوة منذ بداية العام، وهي غيرت استراتيجيتها في الاشهر الماضي مركزة خصوصا على الاهداف الامنية والعسكرية". وتشير ستراك بذلك الى الهجمات التي نسبت خلال الاسابيع الماضية الى القاعدة في جنوب البلاد، لاسيما الهجوم على مركز عسكري في جعار (ابين) اسفر عن مقتل 12 شخصا بينهم 11 جنديا وآخر على مركز المخابرات في عدن اسفر عن مقتل سبعة عسكريين.
الا ان التطور الاكثر دلالة فكان المعارك القوية التي شهدتها مدينة لودر في ابين في اب/اغسطس والتي قتل خلالها حوالى 33 شخصا من الجانبين، وبدت القوات اليمنية خلالها في حرب مفتوحة مع مقاتلي القاعدة. وبحسب ستراك فان القوات اليمنية "ردت بقوة على القاعدة لكن يبدو ان المبادرة ما زالت في يد الارهابيين، على الاقل في المحافظات الجنوبية".
وبالرغم من نشر عشرات الخبراء الامنيين الاميركيين في اليمن لتدريب القوات اليمنية ومشاركة القوات الاميركية، رسميا على المستوى الاستخباراتي فقط، في غارات استهدفت القاعدة، الا ان طبيعة وحجم التزام واشنطن في اليمن يبقى على ما يبدو مسالة خلافية في الاروقة الاميركية.
وقد نشرت عدة تقارير صحافية في الولايات المتحدة عن انقسام داخل ادارة الرئيس باراك اوباما بين وجهة نظر مؤدية لبناء جيش يمني مسلح بشكل عصري لمواجهة القاعدة، واخرى تخشى من استخدام صنعاء الدعم المقدم لها لمحاربة خصومها وتثبيت نظام الرئيس علي عبدالله صالح.
ووجه نائب الرئيس اليمني السابق وابرز زعماء الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال علي سالم البيض الاربعاء نداء الى اجتماع اصدقاء اليمن في نيويورك لمنع صنعاء من استغلال الدعم المقدم لمحاربة الحراك الجنوبي. واتهم البيض المقيم في المنفى صنعاء ب"توظيف تنظيم القاعدة بشكل منهجي ومدروس" للقضاء على الحراك.
من جهته، قال استاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء محمد الظاهري "صحيح ان القاعدة موجودة في اليمن ودورها كبر، لكن هناك الكثير من المبالغات فالحكومة تحاول ان تقوم بتضخيم مفتعل وتصطنع الفزاعات لتستدر تعاطف الخارج من الناحية المالية ومن ناحية دعم وضعها".
لكن في المقابل، لم تصرف الدول المانحة الا 15% من خمسة مليارات دولار تعهدت بتقديمها لليمن خلال مؤتمر المانحين في لندن عام 2006، وذلك بحسب وزير الخارجية اليمني ابوبكر القربي. وتمثل دول الخليج الغنية لاسيما السعودية، الكتلة المانحة الاكبر اذ تعد مساهماتها اساسية لاحداث اي تغيير ايجابي في البلد الغارق في الفقر والواقع على حدودها.
وقال الاكاديمي البريطاني الخبير في الشؤون الخليجية نيل بارتريك لوكالة فرانس برس "بالنسبة للمساعدات الخليجية، هناك فجوة كبيرة بين المبالغ الموعودة والمبالغ التي تصرف فعلا، فدول مجلس التعاون الخليجي لا تريد ان تساهم مباشرة في موازنة الحكومة اليمنية خوفا من تحول هذه المساعدة الى امور اخرى غير مرغوب بها".
وبحسب بارتريك، فان الخليجيين يطالبون صنعاء بمعايير تخطيطية عالية جدا لمشاريع محددة وهو امر ليس بوسع صنعاء ان تلبيه، "فهذه المعايير لا تلبيها دول الخليج نفسها في غالب الاحيان". الا ان الخبير اشار الى دعم سعودي مالي "واسع النطاق" خارج الاطر الرسمية، وهو "دعم يأتي من قيادات في السعودية لعدة عناصر من النظام اليمني والتركيبة القبلية والسياسيين المعارضين على حد سواء".
وبالنسبة للمساعدات الاميركية، فان "غياب الثقة" ازاء صنعاء يبقى حاضرا في ذهن الاميركيين بسبب "مخاوف من استخدام المساعدات لتعزيز الحكومة وليس لمشاريع التنمية"، على حد قول بارتريك. لكن اجتماع اصدقاء اليمن في نيويورك بعد سلسلة اجتماعات، يؤكد ان اليمن ما زال يشكل اولوية للمجتمع الدولي نظرا الى المخاوف المتصاعدة من تاثير انفلات الامور في اليمن على الامن العالمي من خلال تنظيم القاعدة.
وقالت ستراك ان اجتماع نيويورك قد يفضي الى "قرار حول متى وكم من الاموال ستصرف" لكن "المجتمع الدولي يريد ان يرى ماذا تقدم الحكومة اليمنية في المقابل، وفي ظل الوضع الامني المتردي الحالي، فانه من الصعب على المانحين تطبيق مشاريع انمائية على الارض".
وبالنسبة للظاهري، فان "المشكلة الحقيقية في اليمن ليست القاعدة بل الفساد وغياب الحكم الرشيد وغياب دولة القانون والمساواة، فالقاعدة لم تنزل من السماء بل ان الظروف اوجدتها". واضاف "اقول لاصدقاء اليمن اذا اردتم ان تساعدونا اضغطوا على الحكومة اليمنية لتحارب الفساد وتحقق دولة القانون".
اليمن: الالاف يتظاهرون في الجنوب لاسماع صوتهم في اجتماع نيويورك
على صعيد متصل تظاهر الالاف من مناصري الحراك الجنوبي اليوم الخميس في محافظات يمنية جنوبية، خصوصا في لحج وابين الضالع لاسماع مطالبهم لدى مجموعة "اصدقاء اليمن". وذكرت مصادر محلية وشهود عيان ان الالاف شاركوا في مسيرات ومظاهرات في ذكرى "يوم الاسير الجنوبي" الذي يحتفل به الحراك المطالب بفك الارتباط مع الشمال.
وبحسب المصادر نفسها، رفع المتظاهرون في مدينة لودر بمحافظة ابين وفي مدن العين ومودية والمحفد اعلام دولة اليمن الجنوبي السابق ولافتات كتب عليها "عهدا لكل الشهداء ثورة حتى النصر والتحرير" ورددوا هتافات مناوئة للسلطة والوحدة اليمنية.
وقدرت مصادر قبلية عدد المشاركين في مهرجان لودر بثمانية الاف شخص معظمهم كانوا يحملون السلاح. يذكر ان لودر شهدت الشهر الماضي معارك طاحنة بين القوات اليمنية وعناصر القاعدة، كما اتهمت مصادر امنية يمنية عناصر من الحراك بالقتال الى جانب القاعدة. وقال مصدر في الحراك س ان مناصريه "حملوا السلاح بعدما توعدت قوات الجيش التي تفرض حصارا على مدينة لودر منذ اب/اغسطس الماضي بقمع الفعالية ونحن حملنا السلاح لدفاع عن انفسنا".
وصدر في ختام التظاهرة في لودر بيان طالب "ابناء الجنوب بضرورة الوقوف صفا واحدا في وجه الحملة العسكرية البربرية التي تشنها قوات الاحتلال اليمنية ضد اهالي منطقة الحوطة بمحافظة شبوة" حيث تدور منذ ستة ايام اشتباكات مع مقاتلين تقول السلطات انهم من القاعدة.
وطالب البيان المجتمع الدولي ومجموعة اصدقاء اليمن ب"التدخل لحل قضية الجنوب". واعتبر البيان ان "القضية الجنوبية المدخل الاول والاساسي لحل كافة القضايا التي يعاني منها اليمن" وان اي "حلول لا تتضمن حل نهائي لقضية الجنوب ستظل لامعنى لها ولا قيمة". وفي محافظة لحج خرج عشرات الشبان في عاصمة المحافظة الحوطة لاقامة مسيرة في وسط السوق وقاموا باشعال الاطارات غير ان ان قوات الامن فرقتهم بالقنابل المسيلة للدموع طبقا لشهود عيان.
وفي الحبيلين (لحج) القى ناصر الخبجي العضو في البرلمان اليمني وممثل للحزب الاشتراكي المعارض ويعد من قياديي الجنوبي في المحافظة كلمة دعا مئات المتظاهرين الى "عدم الانجرار الي العنف والحفاظ على الحراك السلمي الجنوبي".
وصدر في ختام مهرجان الحبيلين بيان دعا المجتمعين في نيويورك الى "تبني القضية الجنوبية" مطالبا ب"الضغط على نظام صنعاء لتحقيق مطالب الحراك الجنوبي التي تتمثل بفك الارتباط". وشهدت أيضا محافظة مدينة الضالع مسيرة شارك فيها الالاف من انصار الحراك الجنوبي.
من جهته، قال احمد الربيزي، وهو اعلامي في الحراك الجنوبي، لفرانس برس ان السلطات الامنية حاصرت مساء الاربعاء امس منزل الدبلوماسي السابق والقيادي في الحراك قاسم عسكر جبران واعتقلت 12 من نشطاء الحراك الجنوبي اثناء خروجهم من منزله في مدينة خور مكسر بمحافظة عدن.