غباغبو يسعى لحرف الانظار من خلال التصعيد ضد فرنسا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لكن صحيفة الغارديان اللندنية تجد هذا الادعاء يخلو من أي منطق لأن الأزمة الداخلية لا تضع فرنسا في وضع معارض لإحدى مستعمراتها السابقة، بل هو نزاع حول الشرعية بين طرفين داخل ساحل العاج.
مع ذلك فإن الروابط التي تجمع ساحل العاج بفرنسا كثيرة، فكل الأطراف المتنازعة لها صلة بفرنسا. فحين كان غباغبو في المنفى خلال الثمانينات من القرن الماضي حيث تعرض قبل ذلك للاضطهاد والسجن على يد الحزب الحاكم الوحيد آنذاك (حين كان بروفسورا جامعيا شابا)، أقام الكثير من الأواصر هناك.
وفي فرنسا انتمى إلى الاشتراكية الدولية، وكسب دعم الحزب الاشتراكي الفرنسي، وعند عودته إلى ساحل العاج ظل يتمتع بدعم اليسار الفرنسي، لكن بعد انحراف غباغبو بدأ أحزاب اليسار الفرنسي بإقصاء نفسها عنه.
أما منافسه الحسن اوتارا الذي فاز بالانتخابات الرئاسية الأخيرة في ساحل العاج، فهو الآخر يتمتع بصلات بقوى فرنسية، إضافة إلى أنه تزوج إمرأة فرنسية. سبق لاوتارا أن عمل اقتصاديا في صندوق النقد الدولي بواشنطن، وكان رئيسا للوزراء خلال حكم هوفويت بواني الذي حكم البلاد من تاريخ الاستقلال من فرنسا عام 1960 وحتى وفاته عام 1993.
وكانت العاصمة ابيدجان آنذاك تسمى "بباريس الصغيرة" وما زال يعيش فيها حتى اليوم ما يقرب من 15 ألف مواطن فرنسي مع وجود ما يقرب من 1000 جندي فرنسي موضوعة تحت سلطة الأمم المتحدة. وخلال فترة العشر سنوات التي حكم غباغبو فيها حققت فرنسا الكثير من المشاريع التجارية التي جعلتها تحتل المرتبة الأولى.
مع ذلك لعب الرئيس الفرنسي ساركوزي دوراً سلبياً في تعميق الشعور لدى بعض الساحل العاجيين من التدخل الفرنسي فبعد انتهاء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في ساحل العاج بأيام قليلة أصدر ساركوزي بيانا يمنح غباغبو فيه أيام قليلة لمغادرة قصر الرئاسة. وهذا ما أعطى غباغبو الفرصة لتحويل تقاعسه من قبول نتائج الانتخابات إلى إدانة لفرنسا واتهامها بالتدخل وركوب موجة مشاعر الوحدة الافريقية المصطنعة لتبرير تشبثه بالحكم.
وإذا كان غباغبو قد نجح في كسب قدر من الدعم الداخلي فإنه لم يكسب من بين الفرنسيين سوى شخصيات ذات سمعة مثيرة مثل فرغيز البالغ من العمر 85 (والذي سبق أن دافع على زعمي الخمير الحمر خيو سامفان والإرهابي كارلوس) ووزير الخارجية السابق رونالد دوماس، 89 سنة. وشخصيات مثل هذه اتهمت ساركوزي بأنه يسعى إلى بيع ساحل العاج للولايات المتحدة وأن الحسن عوتارا ليس سوى "عميل للسي آي ايه".
وترى صحيفة الغارديان أن فرنسا ما عادت القوة الوحيدة في أفريقيا الفرانكوفونية وأنه لتطور مستحسن أنها لم ما عادت القوة الوحيدة القادرة على تحديد مسار الأمور بما يتعلق بحكومات الدول الأفريقية التي كانت تحت سطوة الاستعمار الفرنسي. ومن اللازم ألا يصبح هذا التغير في موازين القوى صراعا افريقيا- فرنسيا بل أن يبقى متعلقا بقضية الديمقراطية وحكم القانون في أحدى بلدان أفريقيا المتميزة.