أخبار

الفلسطينيون يشعلون انتفاضة المقابر لوقف الزحف الاستيطاني

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لجأ الفلسطينيون إلى وسيلة جديدة يعتبرونها إحدى خيارات "المقاومة الشعبية" لتحدي السياسة الاستيطانية الإسرائيلية، وتمثل هذا الخيار في إقامة المقابر في المناطق المهددة بالمصادرة من قبل إسرائيل.

أشعل الفلسطينيون انتفاضة جديدة أمام الزحف والتوسع الاستيطاني الإسرائيلي بعيدا عن التظاهرات والمسيرات مستخدمين المقابر والقبور من خلال إقامتها في المناطق المهددة بالمصادرة، مستندين في ذلك إلى حرمة تدنيس المقابر في كل الأعراف الدولية والشرائع السماوية ولتثبيت حقهم في زيارة ودفن موتاهم في هذه المناطق التي تخضع إداريا وحسب تقسيمات أوسلو، للسيطرة الإسرائيلية.

هذا ويعتبر الفلسطينيون أن مجابهة الاستيطان والتوسع الاستيطاني يجب أن يكون بكل الوسائل والإمكانيات سعيا للتصدي لمحاولات السيطرة على الأراضي الفلسطينية لا سيما في الريف والمناطق القريبة من المستوطنات بعدما انتهكت إسرائيل الأعراف والقوانين الدولية وانتهكت كرامة الإنسان الحي والميت باعتداءاتها المتكررة على القبور.

وقال الشيخ محمد حسين، مفتي القدس والديار الفلسطينية في لقاء مع "إيلاف": "إن السلطات الإسرائيلية لا تحترم كرامة الإنسان الفلسطيني حيث تقوم أجهزة هذه السلطات بقتل الأحياء منهم بدم بارد والشواهد على ذلك كثيرة في كافة محافظات الوطن".

وأضاف "هذا يعد مشهدا للتجاوزات بحق الأحياء، وتجاوز هذا الأمر ليمسّ كرامة الأموات كما يحصل في مقبرة مأمن الله ومقبرة باب الرحمة في القدس والمقابر في الداخل المحتل وفي مختلف الأراضي الفلسطينية".
وأوضح حسين، أن مقبرة مأمن الله يعتدى عليها وتجرف القبور ويلقى برفات الأموات في الشوارع وفي مكبات النفايات ويعد ذلك مساسا بالكرامة الإنسانية التي حفظتها كل الشرائع السماوية وكل الأعراف والقوانين الوضعية.

وأشار إلى أن العجيب والغريب في الأمر قيام السلطات الإسرائيلية بتجريف هذه المقبرة لصالح إقامة ما يسمى "معهد التسامح"، متسائلا "أي تسامح هذا الذي يقام على رفات الأموات وعلى نبش هذه القبور؟، منوها في الوقت ذاته إلى عدم وجود مثل هذا التسامح في ظل ما يحدث من تجاوزات".

وقال "يمكن اعتبار مثل هذا العمل نوعا من التعصب وإهانة الكرامة الإنسانية للأموات، مؤكدا أن ما يحدث في مقبرة باب الرحمة المجاورة لسور الأقصى المبارك يعد دليلا واضحا على هذا التعصب حيث نبشت بعض القبور ومنع المقدسيون من دفن الأموات فيها بحجة أن السلطات الإسرائيلية تنوي إقامة حديقة حول سور البلدة القديمة، مؤكدا أن الاعتداءات طالت كذلك شواهد القبور في بعض المقابر كمقبرة القسام وغيرها.

وأضاف "هذه أعمال مستنكرة ومستهجنة"، مؤكدا في الوقت ذاته أن "كل الشرائع والأديان السماوية تحرم المس بكرامة الإنسان سواء كان حيا أو ميتا وهناك أحاديث شريفة تقول "كسر عظم الميت ككسر عظمه حيا" وتنهى عن الجلوس على المقابر فكيف بنبشها أو طمرها أو إهانتها؟".

ولفت حسين إلى أن كل الشرائع السماوية حثت ودعت إلى احترام كرامة الإنسان الحي والميت، لافتا إلى أن الاعتداء على المقابر أمر مرفوض في كافة الشرائع والأديان وكل القوانين الوضعية والاتفاقيات والأعراف الدولية.
وأوضح مفتي القدس أن السلطات الإسرائيلية تضرب بعرض الحائط كل هذه القيم الإنسانية والدينية لتحقق الأهداف التي تسعى إلى تنفيذها.

وحول المطلوب من الفلسطينيين لمواجهة هذه السياسات، قال الشيخ حسين: "الشعب الفلسطيني يتعرض لإجراءات تعسفية من قبل الاحتلال منها التعرض للمقابر ومنع وصول المواطنين لها كما يحصل في القرى والضواحي التي فصلها جدار الفصل العنصري المقام حول المدينة المقدسة وعلى طول الأرض الفلسطينية وأصبح يشق على الفلسطينيين الوصول إليها وفي بعض الأحيان عند عمليات الدفن يُفتَش الميت ومرافقوه أثناء الدخول عبر بوابات هذا الجدار.
وأضاف "يتوجب على الفلسطينيين بذل المزيد من الصبر والثبات والتعاون والتلاحم ونبذ الانقسام والخلاف الداخلي والتفرغ لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية.

وعن "انتفاضة القبور" والحرب السلمية الجديدة التي أطلقها الفلسطينيون ضد الزحف الاستيطاني قال المفتي إن الشعب الفلسطيني شعب يبتكر ويبدع في استخدام الأساليب الكفاحية ضد المحتل، ويستحدث أفضل الأساليب لفضح الانتهاكات التي تقوم بها السلطات الإسرائيلية أمام العالم ومنها مسيرات سلمية في بلعين ونعلين والمعصرة والنبي صالح وغيرها من المواقع، داعيا إلى مزيد من الصبر والثبات على أرض الرباط والعمل على دفن الموتى في الأراضي الفلسطينية بعيدا عن أي تقسيمات إسرائيلية.

انتهاك القانون الدولي
وفي ما يتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية بحق المقابر والقبور ودفن الموتى أكدت المحامية رغد جرايسة من قسم الأراضي المحتلة في جمعية حقوق المواطن الإسرائيلية في اتصال هاتفي مع "إيلاف" أن "لكل إنسان الحق في الوصول إلى أرضه مهما كان بدون علاقة لجنسية أو وطنية أو لأي صفة أخرى".

وقالت "الإنسان لديه حق الوصول لأرضه ومن هذا المنطلق فإن جمعية حقوق المواطن تعارض سياسة التصاريح الإسرائيلية التي تهدف إلى منع الفلسطينيين من الوصول لأراضيهم بالذات الأراضي الموجودة خلف الجدار في القسم الإسرائيلي وجزء من هذه الأراضي أراضي مقابر كما يوجد أراض زراعية أو أراضي بناء ملكية فردية لمواطنين فلسطينيين.

وأضافت "يحق لكل مواطن له قريب في هذه المقبرة أن يقوم بزيارته، موضحة أن معارضة الجمعية ليست فقط لمنع الفلسطينيين من الوصول لأراضيهم بل إن الجمعية تعارض بشكل عام كل سياسة التصاريح الإسرائيلية التي تهدف للحد من إمكانية وصول الفلسطيني لأرضه".

وأكدت جرايسة، أن قضية متابعة الاعتداءات على المقابر والقبور من قبل الجمعية تسير وفق مجالين المجال الأول يتضمن العمل على المشاكل العينية عندما يحدث أي انتهاك لأي مقبرة أو مكان ملكية عامة ويمكن تقديم شكوى إذا كان الحدث داخل إسرائيل للجهات المعنية وللإدارة المدنية في المناطق المحتلة، أما المجال الثاني فيتمحور حول تغيير السياسة والنهج الإسرائيلي في التعامل مع الأمور المتعلقة بحقوق الإنسان".

ونوهت محامية جمعية حقوق المواطن بأن الجمعية وغيرها من الجمعيات الأخرى تعمل على كلا الحالتين، مؤكدة في الوقت ذاته أن المناطق المصنفة حسب اتفاقيات أسلو "ج" هي في الحقيقة تخضع سلطتها المدنية والإدارية والعسكرية لإسرائيل ولكن حسب القانون الدولي فإن القوة المحتلة يجب عليها المحافظة على الوضع القائم قبل الاحتلال والعمل من أجل تحسين وضع السكان في هذه الأراضي وليس منعهم من الوصول إلى أراضيهم.
وقالت "عمليا فإن سياسة منع الفلسطيني من الوصول إلى أرضه الموجودة في المناطق المصنفة "ج" أو ممارسة حقه في هذه الأراضي بغرض زراعتها أو حرثها أو استخدامها كمقبرة فإن ذلك يعد انتهاكا للقانون الدولي".

حملة "انتفاضة المقابر"
وفي ما يتعلق بحملة "انتفاضة القبور" التي يقوم بها الفلسطينيون في المحافظات الفلسطينية أوضح عزمي الشيوخي أمين عام اللجان الشعبية وأحد القائمين على هذه الانتفاضة السلمية، في لقاء مع "إيلاف"، أنه في الذكرى السنوية الثالثة والعشرين لانطلاق انتفاضة الحجارة تم الإعلان عن إطلاق انتفاضة جديدة تمت تسميتها "بانتفاضة القبور".

وقال الشيوخي: "إن الهدف من هذه الانتفاضة يتمثل بضرورة إيصال صوت الشعب الفلسطيني عاليا وأنه شعب متمسك بأرضه قبل الممات وبعده، فإما أن نكون شهداء تحت الأرض أو أحياء أعزاء أحرار فوق هذه الأرض".
وأكد أنه بالتالي في حال قامت السلطات الإسرائيلية بالاعتداء على هذه القبور التي يجب زرعها في الأراضي المهددة بالمصادرة لحمايتها، فإن هذه الحملة تعمل على فضح هذه الممارسات أمام العالم كله الأمر الذي يكسب الفلسطينيين تعاطفا متزايدا وتزيد الضغوط على الإسرائيليين.

وقال "إذا ما قمنا بتشييد قبر ما وتم الاعتداء عليه فإن هذا الأمر يهز الكيان الإسرائيلي من جذوره وبالتالي مجموع هذه الهزات تقصر من عمر الاحتلال وانتهاكاته المستمرة".
وأكد الشيوخي أن هذه الحملة تهدف أيضا إلى "محاصرة المستوطنات الإسرائيلية الآخذة بالتوسع على حساب الأراضي الفلسطينية بالقبور، موضحا أن الفلسطينيين سيعملون على مواجهة هذا الاستيطان بأجسادهم وقبورهم وبالصمود وسيجندون كل طاقاتهم بغية التصدي للهجمة الاستيطانية الشرسة".
وعن الوسائل التي سيتم اتخاذها لتعميم هذه الحملة بين أمين عام اللجان الشعبية، أن انتفاضة القبور سيتم تعميمها ونشر ثقافتها من خلال وسائل الإعلام، مؤكدا وجود تجاوب كبير بين صفوف المواطنين.
وقال: "هناك من تبرعوا بقطع أراض في مناطق مهددة بالمصادرة لصالح الحملة من أجل حمايتها وهناك من طلبوا أن يدفنوا في هذه المناطق، مؤكدا أن هذا الموضوع بات يأخذ منحى متصاعدا في كافة المناطق وفي الخليل أصبح الوضع جيدا والجميع يتعاطى مع هذه الفكرة.

ولفت إلى أن هذه الحملة تعد واحدة من وسائل المقاومة الشعبية للدفاع عن الأرض ومجابهة مشاريع الاستيطان والجدار العازل.
وحول الاعتداءات التي وقعت بحق مقابر الفلسطينيين قال الشيوخي الاعتداءات والانتهاكات مستمرة ومن بينها الاعتداء الذي وقع بحق مقبرة بيت أمر للأطفال وتم التعدي عليها قبل نحو أسبوع، وكذلك الجدار الفاصل في منطقة الولجة سوف يفصل أضرحة الشهداء والموتى وبات يطارد الأموات والأحياء وهي قصة مأسوية ترتكب من خلال إقامة هذا الجدار.
وأكد أن هذه الحملة تندرج ضمن برامج المقاومة الشعبية، موضحا أنهم يتطلعون إلى مزيد من الحراك من أجل إنجاحها في كافة المناطق للتصدي للغول الاستيطاني ولفضح الممارسات الاحتلالية.

ودعا الشيوخي إلى استغلال الأراضي المهددة بالمصادرة وإقامة المقابر ودفن الموتى فيها وزراعة الأشجار والسياج لمنع مصادرتها وقال "كما نزرع الشجر سنزرع القبور لمنع مصادرة أراضي المواطنين".

تحريم الاعتداء على القبور
تجدر الإشارة إلى أن الاعتداء على القبور والمقابر محرم وفق كافة الشرائع والديانات السماوية وقال الشيوخي بهذا الخصوص "للقبور حرمات، فمع تشييد القبر أو الضريح تصبح له حرمة وفق كافة الديانات السماوية بما فيها الديانة اليهودية التي تحرم الاعتداء على القبور".

بدوره أكد الكاهن حسني واصف السامري في تصريح " لإيلاف"، أنه وتبعا للتوراة وأسفار سيدنا موسى فإنه من المحرم الاعتداء على أي مقبرة سواء أكانت للمسلمين أو المسيحيين أو اليهود أو السامريين.
وقال الكاهن السامري: "إن تدنيس المقابر جرم وتحرمه كافة الشرائع ولا يجوز العبث بالمقابر ويجب المحافظة عليها ونستنكر الاعتداء على أية مقبرة ولا يجوز تدنيس المقابر بأي أسلوب مهما كان نوعه".

جرائم متواصلة
وفي إطار تواصل الاعتداءات ضد المقابر قامت مجموعة من المتطرفين اليهود هذا الاسبوع، بهدم وتحطيم نحو 20 قبراً في مقبرة مأمن الله الإسلامية التاريخية في القدس.
وأكدت "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث" في بيان لها حصلت "إيلاف" على نسخة منه، جاء فيه أنه وخلال جولة تفقدية للمقبرة قام بها فواز حسن المتابع لأعمال مؤسسة الأقصى في القدس، وجد أن مجموعة من المتطرفين اليهود قد أقدمت على تحطيم نحو عشرين قبراً في المقبرة، تم تحطيم بعضها كليا، وحطمت شواهد لقبور أخرى.

وأشار حسن إلى أن القبور التي حطمت تقع في المنطقة الواقعة بين المنطقة المسيجة في المقبرة، والتي تخطط المؤسسة الإسرائيلية لإقامة ما يسمى بـ "متحف التسامح" عليها، وبين البركة الواقعة وسط ما تبقى من مقبرة مأمن الله.
وبحسب ما أكده حسن، فإنه يستدل من الطريقة التي نفذ فيها العمل أن عملية الهدم تمّت بمعاول كبيرة ومن قبل عدة أشخاص أو على عدة مراحل.

ووصفت مؤسسة الأقصى تحطيم القبور بـ"الجريمة النكراء"، لتضاف إلى سلسلة "الجرائم" التي ارتكبت بحق أعرق مقبرة إسلامية في القدس.
وكانت صحيفة القدس قد نشرت تقريرا نقلا عن صحيفة "ذي تايمز" البريطانية مؤخرا، حول انتفاضة المقابر" وأنها محاولة فلسطينية لوقف انتشار المستوطنات في الضفة الغربية وضمان القدرة على زيارة الأقارب الراحلين وأكدت الصحيفة تبعا للشخصيات التي جرى مقابلتها حق الفلسطينيين في دفن موتاهم في ثرى وطنهم دون الحاجة إلى تصاريح إسرائيلية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ساكن
من سكان العالم -

الرد غير واضح

ساكن
من سكان العالم -

الرد غير واضح