المعاناة تطغى على الذكرى العشرين لعاصفة الصحراء في العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بغداد:غطت المعاناة التي عاشها العراقيون على الذكرى العشرين ل"عاصفة الصحراء" التي بداتها قوات دولية ليل 17 كانون الثاني/يناير 1991، بقصف هائل لاهداف مدنية وعسكرية، بهدف طرد قوات الرئيسس السابق صدام حسين من الكويت.
وكما في كل صباح، يتوافد العشرات الى سوق صغير قرب ساحة التحرير وسط بغداد، دون ان يتذكر احدا منهم تلك الليلة ابدا.
وقال كريم حسين بائع احذية في السوق "لا احد يفكر بحرب الخليج (الثانية)".
واضاف حسين (47 عاما) المرتدي قبعة حماية من البرد، "بصراحة، لم اتذكر حرب الخليج لو لم تسالني عن ذكراها العشرين في مثل هذه الايام".
لكنه في الواقع، لم ينس تلك الليلة عندما القى بجسده فوق اطفاله الثلاثة لحمايتهم من القنابل.
وتابع حسين متحدثا من محله المواجه لنصب "التحرير" الذي شيد العام 1961، "لا نريد ان نتذكر تلك الحرب لاننا متعبون بعد عشرين عاما من المعاناة".
وشنت قوات التحالف الدولي عملية "عاصفة الصحراء" التي استمرت ست اسابيع، وذلك بعد خمسة اشهر من الاجتياح العراقي للكويت.
ويقول مؤرخون ان حرب الخليج الثانية خلفت بين 150 الى 180 الف قتيل من العراقيين.
وعانى العراقيون الذين كانوا قد خرجوا للتو من حرب امتدت لثماني سنوات مع ايران (1980-1988)، طوال 12 عاما حظرا دوليا وحياة اكثر قسوة في ظل نظام صدام حسين. واعقب ذلك الاجتياح العام 2003، وسنوات متلاحقة من العنف الطائفي وغيره.
من جهته، قال صباح حميد (43 عاما) بائع اقراص مدمجة وسط السوق ذاته، ان "المآسي الكبيرة ترغمك على نسيان الامور الصغيرة" وتابع ان "العنف الذي نتعرض له منذ العام 2003، اكثر وحشية مقارنة بالعام 1991. لا نريد سوى العيش بسلام".
ولم تتطرق وسائل الاعلام العراقية الى الذكرى العشرين لعملية عاصفة الصحراء، ولا يوجد كذلك اي نشاط رسمي بمناسبة تلك الحرب.
ففي الثاني من اب/اغسطس عام 1990، قام نظام صدام حسين بارسال قواته لاجتياح جارته الجنوبية الكويت الامر الذي دفع القوات الدولية الى طرده منها في 26 شباط/فبراير 1991.
وقال المحلل السياسي احسان الشمري ان "الحروب التي مر بها الشعب العراقي وهي اكثر من حرب، واكثر من معركة واكثر من مواجهة اقليمية ودولية وعربية. هذا التراكم ادى الى فقدان المواطن اي رمز لهذه المعارك".
واضاف ان "العراقيين عاشوا العديد من الحروب لدرجة انهم فقدوا الرغبة في تذكرها (...) العراق لم يغز الكويت لمبدأ انما كان الامر عبارة عن احلام مريضة لرجل مريض، الشعب اكتشف هذا الامر فلا احد يريد ان يتذكرها".
ورغم الهزيمة التي لحقت بقواته، واصل صدام حسين طوال السنوات اللاحقة تاكيده تحقيق "انتصار" على دول التحالف.
واقام النظام نصبا تذكاريا لاظهار "وحشية الطغاة" في اشارة الى قصف دول التحالف، ملجأ العامرية، غرب بغداد، حيث قتل عشرات معظمهم من النساء والاطفال بقصف جوي في شباط/فبراير 1991.
واصبح الملجأ اليوم جزءا من قاعدة للجيش العراقيب في قلب العامرية ذات الغالبية السنية، وهي احدى المناطق المتوترة التي كانت ابرز معاقل المتمردين خلال السنوات الماضية.
بدوره، قلل المؤرخ الفرنسي بيير لويزار الخبير بالشأن العراقي، ان الخصوم السابقين لصدام حسين يسيطرون على الحكومة اليوم.
واضاف لفرانس برس "لا يرغب الضحايا سابقا من شيعة واكراد الذين يتمتعون بالنفوذ بفضل الاحتلال الاميركي في احياء ذكرى حدث يعطي انطباعا سلبيا عن القوات الاميركية".
وتابع ان "الامر ذاته ينطبق على اعوام الحظر الدولي التي لم تعد تشكل حافزا للتعبئة".