محسن بلعباس: سنوسّع الاحتجاجات لرفع حالة الطوارئ في الجزائر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يعتزم حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الأمازيغي المعارض في الجزائر توسيع الاحتجاجات والتحركات في المرحلة المقبلة، ويقول محسن بلعباس الناطق باسم الحزب في مقابلة مع (إيلاف) إنّ الهدف هو رفع حالة الطوارئ المفروضة.
الجزائر: يكشف "محسن بلعباس" الناطق باسم الحزب الأمازيغي الجزائري المعارض التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، عن اعتزام الأخير توسيع احتجاجاته، وتنظيم مسيرة يجري الإعداد لها مع فعاليات نقابية وحقوقية للتظاهر في التاسع فيفري/شباط القادم من أجل رفع حالة الطوارئ المزمنة التي تخدم بحسبه ممارسات الرشوة والفساد.
وفي مقابلة خاصة بـ"إيلاف"، يقول الرقم الثاني في التشكيلة التي يتزعمها "سعيد سعدي"، أنّ ما حصل السبت الماضي ما هو إلا بداية، مؤكدا تواصل التحركات إلى غاية إطلاق سراح جميع معتقلي الأحداث الأخيرة في البلاد، وفتح مجال الحريات، ويبرز النائب في الغرفة السفلى للبرلمان اعتماد تشكيلته على الشباب كوقود للتغيير.
الأستاذ "محسن بلعباس" صحيفة "إيلاف" ترحب بكم، كلام كثير أثير بشأن المظاهرة التي اعتزمتم تنظيمها في الجزائر السبت، وتحولت إلى تجمهر واعتصام داخل مقر حزبكم "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، لماذا الاحتجاج وفي هذا الوقت بالذات؟
هي في الحقيقة مسيرة شعبية أقرّها المجلس الوطني للحزب بالغالبية، وقمنا بإيداع طلب لدى الجهات المختصة من أجل نيل الترخيص لكننا فوجئنا بالرفض دون تقديم أي مبررات، خلافا لما حاولت السلطات الترويج له عبر تجنيدها لكل من التليفزيون وقنوات الإذاعة الرسمية، ودفع المواطنين لعدم الانضمام إلى نداءات المسيرة، وتخويفهم من حصول استفزازات، ومع ذلك حصل تجاوب ما اضطر السلطات لتجميد جميع رحلات السكك الحديدية، وتحويل مسار حافلات واعتقالات حدثت عشية المظاهرة، فضلا عن وضع حواجز أمنية عبر كل الطرق المؤدية إلى العاصمة الجزائرية، ناهيك عن تسخير 15 ألف شرطي التي تواجدوا بكثافة عبر مختلف النقاط الحساسة، واستخدام الوسائل القمعية ضدّ مقار ومناضلي الحزب منذ الخامسة فجرا.
وهناك الكثير من المواطنين الذين حاولوا القدوم عبر الحافلات إلى العاصمة ليلة المظاهرات، وجرى أخذهم إلى مراكز الشرطة، ووُضعوا أمام خيار العودة من حيث أتوا أو المبيت في مقار الأمن لمدة ثلاثة أيام.
وبالتالي كان من الصعب على المواطنين الوصول إلى ساحة الفاتح مايو التي اختيرت كمنطلق للمسيرة، التي سعينا من خلالها للمطالبة أولا بإطلاق سراح جميع المعتقلين، وفي مقام ثان إلغاء حالة الطوارئ التي لا تزال سارية منذ سنة 1992، وهي في الحقيقة تخدم عدم الكشف عن الرشوة والفساد الذي يسود في البلاد، فضلا عن غلق مجال الحريات الفردية والجماعية.
والمعروف أنّ حالة الطوارئ المفروضة لم تحل دون تراكم الاحتجاجات منذ سنوات طويلة، وأشير إلى أنّ العام 2010 لوحده شهد 9700 انتفاضة شبانية لأسباب متعددة لها صلة بمشاكل المعيشة والبطالة والسكن والفساد وما إلى ذلك من المشاكل التي طرحناها على مستوى البرلمان قبل سنوات، وركّزنا عليها لدى عرض الوزير الأول قبل أشهر بيان السياسة العامة لحكومته، حيث طالبنا بحماية القدرة الشرائية والكف عن منح أرقام خاطئة ورصد مخصصات ضخمة للقطاعات المنتجة كالزراعة والصناعة.
وتوقع الحزب قبل فترة أن تعرف السنة الحالية احتجاجات أكثر عنفا، وللأسف لم تكن هناك قرارات شجاعة في أعلى هرم الدولة من خلال وضع استيراتجية لحل المشاكل، وهو ما أفرز الزوبعة التي هزت 42 ولاية جزائرية أوائل الشهر الجاري، وكان علينا كحزب سياسي تعوّد على تحمّل مسؤولياته، أن نعمل على تأطير هذه الاحتجاجات وإعطاءها بعد سياسي اجتماعي اقتصادي منظّم، في هذا الشأن كانت لنا اتصالات مع قيادات أحزاب سياسية ونقابات وتنظيمات مجتمعية وحقوقية.
هل تنوون توسيع احتجاجاتكم مع تيارات سياسية أخرى؟
نعم هناك تنسيق وهو ليس وليد اللحظة، حيث شرعنا فيه قبل مدة مع ممثلي أحزاب سياسية وفاعلي المجتمع المدني وتنظيمات شبانية، ونقابات مستقلة وكذا الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان برئاسة "حسين بوشاشي"، إضافة إلى شخصيات في انتظار انضمام جمعيات أخرى، سنعقد اجتماعا موسّعا هذا الجمعة (28 يناير/كانون الثاني) للنظر في تحركاتنا المشتركة خلال المرحلة القادمة.
كما ستكون هناك عديد التجمعات والمسيرات التي نعمل على تنظيمها عبر جميع الولايات، سواء عن طريق طلبة أو جمعيات شبانية، اجتماعية وثقافية، وأحيطكم علما أنّ كثير من التجمعات الشعبية أقيمت أمام الحواجز الأمنية التي أقامتها السلطات الجزائرية على مستوى كل الطرق المؤدية إلى العاصمة، على سبيل المثال مناطق يسر، قورصو، الثنية وتادمايت (الضاحية الشرقية).
يتردد أنكم ستنظمون مسيرة في التاسع من فيفري/شباط المقبل في العاصمة الجزائرية، هل تؤكدونها، وما الهدف منها؟
نؤكد هذه المعلومة، حيث سننظم مسيرة شعبية في التاسع من فيفري/شباط القادم، وسيكون المطلب الرئيسي: رفع حالة الطوارئ في الذكرى التاسعة عشر لفرضها، لكن القرار النهائي بشأن هذه المسيرة وتفاصيلها، لا يعود إلينا وحدنا، إذ سيجري بحث المسألة مع ممثلي أحزاب وجمعيات ونقابات في لقاء الجمعة القادم.
ماذا عن الجيل الجديد، وخططكم لإقناع شباب جزائر 2011 بالانخراط ضمن مسعاكم؟
المشكلة ليست في إقناع الجيل الجديد، فالأخير مقتنع وعبّر عن ذلك ليس من خلال احتجاجاته خلال الأعوام الأخيرة فحسب، بل كذلك عبر ما فعله في السنوات الماضية، فكل الاحتجاجات التي شهدتها الجزائر منذ العام 2004 كانت عن طريق شبان.
وقمنا في سنة 2007 بتنظيم ملتقى استوعب ما يربو عن التسعمائة شاب مثلوا أزيد من أربعين ولاية، والمشكلة ليست في تجنيد أو إقناع الشباب، بل في العمل على تأطيرهم وهيكلتهم ليس بالضرورة ضمن حزبنا بل في تشكيلات سياسية أخرى ونقابات وجمعيات، وهناك حاليا استغلال لفضاءات الفايسبوك وتويتر، وهو ما ساعد كثيرا الشبان في التواصل.
ما يهمنا العمل بطريقة موحّدة لتحقيق الهدف الأسمى وهو تغيير النظام، فمنذ استقلال البلاد في الخامس يوليو/تموز 1962 ولدينا نفس النظام الذي يحكم، لذا نطالب باستبدال هذا النظام وليس رحيل حكومة ورئيسها، نريد تغيير العملية التي نختار بواسطتها ممثلي الشعب.
يجب الذهاب إلى انتخابات عامة تحت رقابة دولية، لأنّ هناك انتخابات لكنها مزوّرة مثل رئاسيات 2009 التي استفاد فيها الرئيس بوتفليقة من حصة أصوات فاقت التسعين بالمائة، والمشكل الحقيقي هذا هو، فالمعروف أنّ كل المجالس الحالية من بلديات وولايات وبرلمان "مزوّرة"، والجيش يتواجد ضمن المناخ السياسي، وعليه حان الآوان لرحيل المؤسسة العسكرية عن السياسة، وتصبح السلطة مدنية بحتة.
كيف تردون على من يقولون أنّ الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي تزعم تونس سنة 1987، وسعيد سعدي لا يزال يقود التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية منذ العام 1988، وهو ما يعني أنّ ليس هناك تداولا على السلطة داخل التشكيلة، فكيف تريدونه على مستوى السلطة الحقيقية؟
حزبنا يحتكم إلى قانون أساسي وبقاء الرئيس أو ذهابه خاضع لتصويت أعضاء المجلس الوطني بكل ديمقراطية وجميع مؤتمراتنا جرى فتحها لممثلي الصحافة، والانتخابات لوحدها هي التي أبقت سعيد سعدي رئيسا للحزب، وأحب أن أوضح أنّ سعدي لو كانت له نية في الحكم لقبل أن يكون وزيرا حينما عرض عليه بوتفليقة ذلك في مطلع الألفينيات.
هذه المقولات خرجت من مختبرات الشرطة الجزائرية، وجرى إخراجها لدى رفضنا تعديل دستور البلاد لإعطاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ولاية ثالثة (12 نوفمبر/تشرين الثاني 2008)، ومن ذلك الوقت أخرجت تلك الطروحات للترويج بأنّ هناك رؤساء أحزاب معارضة لا زالوا في مناصبهم منذ سنوات.
كما أنّ المتعارف عليه في العالم بأسره أنّ استبدال زعماء المعارضة يحصل عندما تصل إلى السلطة، والأحزاب التي تغيّر قادتها هي تلك التي وصلت إلى السلطة، وصار رؤساءها وزراء وقادة حكومات ودول، وبالتالي يتخلون عن رئاسة أحزابهم، مثل الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران الذي ظلّ رئيسا للحزب خلال 20 سنة.
عندما تكون رئيسا لحزب معارض، ليس هناك امتيازات، فسعيد سعدي نائب في البرلمان مثلي يدفع اشتراكه الشهري مثله مثل أي مناضل، ويواجه مشكلات وعقبات بالجملة.
في الجزائر ثمة مشكلة، فالإعلام الرسمي أغلق هناك على جميع الشخصيات السياسية التي تستطيع أن تعطي لنفسها إشعاعا، في وقت يطرح المواطنون أسئلة بشأن وزير التعليم الذي لا يزال محتفظا بمنصبه منذ تسعة عشر سنة، وكذا رئيس الغرفة العليا للبرلمان الذي لا يزال في السلطة منذ العام 1992 عبر توليه رئاسة المجلس الانتقالي، مجلس الشعب وكذا مجلس الأمة.
بماذا تردون عمن يتهمون سكان منطقة القبائل التي تمثلون أجزاء كبيرة منها، بعدم التعاون مع مصالح الأمن في الحرب ضدّ الإرهاب والتراخي في مواجهة ما يسمى "قاعدة بلاد المغرب الإسلامي" التي تتخذ من المنطقة المذكورة معقلا تقليديا لها؟
هذا الاتهام غير مؤسس، والمعروف أنّ سكان منطقة القبائل هم من الأوائل الذين صمدوا في وجه مجموعات الإرهاب منذ تسعينيات القرن الماضي، كما واظبوا على الخروج في مسيرات شعبية وتنظيم تجمعات تنديدا بالإرهاب، وهم الذين استطاعوا بصمودهم أن ينقذوا الكثير من المواطنين الذين احتجزوا من طرف مجموعات الإرهاب، بينما الأمن لم يحرّك ساكنا.
ولم يكن الإرهاب متمركزا في منطقة القبائل، حصل ذلك خلال السنوات الأخيرة مع تفاقم حدة الاختطافات التي طالت على وجه الخصوص المقاولين وأبنائهم، بما أنتج تقاطعا بين إستراتجيتين: الأولى تخص الإرهابيين الذين يسعون لتحصيل فديات، والثانية للحكومة التي تفرض ضغوطا جبائية وتخلق مشكلات عقارية لعرقلة الاستثمار ودفع المقاولين للهروب من تلك المنطقة.
وأشير هنا إلى مغالطة يروج لها البعض، بزعمهم أنّ الإرهاب ظهر في منطقة القبائل عند مطالبة الأحزاب برحيل رجال الدرك الوطني، مع أنّ ذلك لم يكن مطلبا سياسيا، بل طالبت به أعراش القبائل إثر الذي حدث في ربيع العام 2001، ومع ذلك فإنّ الدرك متواجد في المنطقة وأصبح أقوى منذ سنة 2004، إضافة إلى تواجد الجيش والشرطة بكثافة هناك.
وحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية على مستوى المجلس الشعبي الوطني (الغرفة البرلمانية السفلى) وحتى في المجلس الشعبي لمدينة تيزي وزو (110 كلم شرق وتعد قلب منطقة القبائل)، عن طريق هيئاته ومن خلال آليات كالأسئلة الشفوية والمكتوبة وبمناسبة عرض بيان السياسة العامة للحكومة، طرحنا السؤال التالي: لماذا لم تقم قوات الأمن بعمل كبير في منطقة القبائل للحد من التواجد الإرهابي هناك، ولما لم تحرّك الشرطة تحقيقا واحدا في الاختطافات؟، ولماذا لم تتدخل السلطات لحل مشكلة الرهائن والتحقيق بشأن ظاهرة خطف الأثرياء وأبنائهم ومطالبات الخاطفين بدفع فديات؟، بينما رأينا مواطني القبائل يحاصرون الجبال والغابات دون خوف، ويطالبون الإرهابيين بمكبرات الصوت لإطلاق سراح الرهائن، على الرغم من أنّ الأمن يخص السلطة المركزية وليس مواطني جهة ما.