أخبار

سرت..معقل القذافي وآخر فصول الثورة في ليبيا

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تدور معارك عنيفة في حيث تحاول قوات معمر القذافي فك الحصار الذي يفرضه عليها الثوار منذ منتصف ايلول/سبتمبر.

لميس فرحات، أ.ف.ب: شهدت مدينة سرت اشتباكات شوارع دموية الجمعة في معارك وصفتها قوات النظام الليبي الجديد بانها "الهجوم الاخير" على مسقط راس القذافي المحاصرة بعد ان صدرت لهم اوامر بالسيطرة على المدينة "اليوم".

وقال عاملون طبيون ان اربعة من المقاتلين قتلوا واصيب العشرات في قتال في الجانب الغربي من المدينة، وقال مراسل فرانس برس ان عربات الاسعاف واصلت التوافد على مستشفى ميداني قريب.

ولم ترد معلومات فورية عن اعداد الضحايا في الجانب الشرقي من المدينة الواقعة على المتوسط.

وفي وقت سابق ذكرت مصادر طبية في مستشفى ميداني اخر يبعد 50 كلم غرب سرت، ان المستشفى استقبل 18 من المقاتلين المناوئين للقذافي، كانت اصابة معظمهم بشظايا.

وتواصلت معارك الشوارع والقصف الكثيف من ليل الخميس الجمعة عند مركز واغادوغو للمؤتمرات الذي كانت تعقد فيه القمم الافريقية وبات اليوم معقلا لانصار القذافي.

وتصاعدت اعمدة الدخان من عدة مواقع في المدينة وسط اصوات الرشاشات والانفجارات.

وحلقت طائرات حلف الاطلسي في سماء المدينة، الا انه لم ترد اية تقارير عن وقوع غارات جوية.

وقال براك ابو هاجر احد مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي لوكالة فرانس برس انه يشارك في القتال منذ وقت مبكر عند مركز واغادوغو للمؤتمرات ونقل احد زملائه الجرحى الى المستشفى الميداني.

واضاف "انهم يطلقون القذائف الصاروخية من كل مكان. وتم اخبارنا ان هذا هو الهجوم الاخير. وانشاء الله سنسيطر على سرت اليوم".

وقال المقاتل فيصل عسكر "دخلنا مركز واغادوغو، الا اننا تراجعنا بسبب القذائف الصاروخية ونيران القناصة. لا يوجد غطاء".

واضاف "لدينا اوامر ان ننهي المهمة اليوم".

وفي مستشفى ميداني على بعد كيلومترات قليلة، قال مراسل فرانس برس ان عربات الاسعاف تصل كل دقيقتين.

وقال ان رجلا يحمل مكبرا للصوت كان يهتف مع اخرين "الله اكبر" كلما تم نقل احد الجرحى داخل المبنى الذي أقيم فيه المستشفى الميداني.

ووصلت شاحنة بيضاء صغيرة وتجمع عدد من الحضور للصلاة.

وداخل الشاحنة سجيت اربع جثث ملفوفة ببطانيات رمادية ومربوطة بحبل ابيض، ووضعت عليها ملصقات تحمل اسماء القتلى.

وقال مراسل اخر لوكالة فرانس برس ان اشتباكين عنيفين اخرين وقعا داخل جامعة سرت وحولها بالقرب من مركز المدينة، وفي الحي الموريتاني.

واندلع القتال على الجبهة الشرقية من سرت صباح الخميس بعد تقدم انصار القذافي تحت جنح الظلام.

وعند منتصف النهار، اوقف مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي هجوم انصار القذافي وكانوا يتقدمون مشيا بين المباني في مواجهة الصواريخ ونيران القناصة.

وليل الخميس الجمعة تقدمت كتيبة علي نوري صباغ نحو كيلومتر مما قربها من معقل انصار القذافي، حسب المراسل.

وتشكل مدينة سرت وبلدة بني وليد الصحراوية التي تبعد 170 كلم جنوب شرق طرابلس، اخر معاقل القذافي الكبيرة في مواجهة المجلس الوطني الانتقالي.

ومع احتدام القتال ليل الخميس الجمعة، دعا العقيد الليبي الفار معمر القذافي

في تسجيل صوتي اذاعته قناة "الراي" التي تبث من سوريا، الليبيين الى تنظيم تظاهرات بالملايين احتجاجا على المجلس الوطني الانتقالي الذي يسيطر على معظم انحاء البلاد.

ودعا القذافي في التسجيل الذي كان بالكاد يسمع الى "تنظيم تظاهرات مليونية" بهدف "اسماع الناس صوتهم الرافض لمجلس عملاء الناتو (..) ورفضا لما يحاولون فرضه من ادوات الدمار".

وقال القذافي الذي لا يعرف مكان وجوده "لا تخافوا من احد انتم الشعب وانتم اصحاب الحق وانتم اهل البلاد ولا يستطيع احد ان يسلبكم هذا الحق ويسلبكم ليبيا ويطلق النار عليكم. انتم تتظاهرون سلميا امام العالم مدافعين، تشجعوا وانتقموا منهم واخرجوا للشوارع".

وشن أنصار الزعيم الليبي السابق هجوماً مضاداً ليل الأربعاء الخميس على جبهة شمال شرق المدينة وتمكنوا على أثره من التقدم بضع مئات الأمتار.

وصباح الخميس شن الثوار هجوماً مضاداً ودخلت عشرات السيارات المسلحة داخل منطقة المعارك وسط المدينة.ودارت معارك بالاسلحة الخفيفة على الطريق المؤدية الى فندق فخم على الطريق الساحلية شمال شرق المدينة الذي يسيطر عليه الثوار منذ أسبوع.

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ "غارديان" البريطانية إلى أن القوات الموالية للقذافي باتت محاصرة في سرت وبني وليد وهي تحتمي بين السكان مما يجعل غارات الحلف الاطلسي أقل فاعلية ويزيد من مخاطر سقوط ضحايا بين المدنيين.

وعلى الرغم من انحسار المعارك بين مدينتي سرت وبني وليد، إلا أن الصحيفة تعتبر أن سرت - مسقط رأس القذافي - هي المعقل الأخير، وان سقوطها يحسم المعركة لصالح الثوار وينهي آخر فصول الثورة في ليبيا.

ونقلت الصحيفة عن مقاتل من الثوار قوله: "نريد أن ننتهي من هذه المعركة بسرعة والقضاء على القذافي بشكل نهائي"، مضيفاً: "لقد قمنا بعدة محاولات فتح الطريق القريبة من موقعنا والمؤدية إلى المستشفى لإجلاء المدنيين، لكن هناك الكثير من القناصة".

وقال سلام فرجاني (37 عاماً): "بالامس اقتربت قوات القذافي من مواقعنا وقامت بإطلاق النار علينا بواسطة مدفع مضاد للطائرات. لم يصيبوا المدنيين في ذلك الوقت، لأن السكان يهربون في وقت مبكر من الصباح وعند الغسق، عندما تكون الأحوال أكثر أمناً".

وأشار فرجاني إلى أن مقاتلي القذافي لم يعد لديهم شيئ : "ليس لديهم وقود لسياراتهم، ويقاتلون لمجرد البقاء على قيد الحياة".

مدينة سرت باتت شبه خالية، لا يوجد ماء أو كهرباء أو وقود، فالناس الذين يأتون من سرت -بما في ذلك الفارين - ويقولون إن الأسعار مرتفعة بشكل جنوني وكل شيء باهظ، حتى ولاعة السجائر تكلف أربعة دولارات.

وبينما فر الكثير أو يحاولون الفرار من القصف في سرت، لن يتمكن كل هؤلاء من الخروج من المدينة قبل ان تنفذ قوات الحكومة الهجوم النهائي.

المعركة التي تدور في سرت تشكل خطراً على المدنيين الذين يدفعون الثمن، فهؤلاء يقبعون تحت الحصار مع تضاؤل امدادات الغذاء والمياه وعدم وجود مرافق طبية مناسبة لعلاج الجرحى.

ويلقي العديد من السكان والأفراد من قبيلة القذافي باللائمة على قوات الحكومة الجديدة وحلف الناتو، الذي تحلق طائراتهالحربية فوق أجواء المدينة.

يقول عبد الله ، رجل في الخمسينات من العمر، انه هرب للتو من المدينة، مشيراً إلى أن ابنه البالغ من العمر 11 عاماً توفي بسبب صواريخ حلف شمال الاطلسيودفنوه حيث قتل، مضيفاً: "الذهاب إلى المقبرة خطير جداً بسبب الضربات العشوائية في المدينة، والناس يموتون في منازلهم".

حرب شوارع عنيفة داخل مدينة سرت

بدات حرب الشوارع في مدينة سرت بعد ثلاثة اسابيع من الحصار، ويخوض فيها مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي معارك عنيفة تزداد ضراوة كلما توغلوا نحو وسط المدينة مواجهين مقاومة شرسة من قوات القذافي.

وعلى الجبهة الشرقية من المدينة تدور المعارك في "حي الموريتانيين" قرب البحر وايضا في وسط المدينة وفي محيط الجامعة ومركز مؤتمرات واغادوغو.

وافاد مراسل فرانس برس ان رجال كتيبة "علي نوري الصباغ" تمكنوا مساء الخميس في ختام يوم من المعارك الضارية من التقدم نحو كلم ليصلوا الى مقربة من الجادة التي تربط من الشمال الى الجنوب معاقل كتائب القذافي.

وبينما كانت المعارك مستعرة على هذا المحور قال القائد في قوات المجلس الانتقالي نجيب مسماري "لا بد من السيطرة على هذا المحور مساء اليوم".

واضاف "لا يمكننا ان نبقى هنا وسط المنازل مع هبوط الظلام، لان قوات القذافي قد تقوم بتطويقنا".

وتعرقل تلة من الرمل وضعت وسط الطريق تقدم قوات المجلس الانتقالي، وكان لا بد للمقاتلين من دخول ازقة رملية بين مبان من طابقين وحدائق صغيرة.

ويكاد يستحيل اقحام آليات عسكرية داخل هذه الازقة ولا بد من تقدم المقاتلين سيرا على الاقدام.

ويشكل هذا المكان المدخل الى وسط المدينة، وتدافع عنه قوات القذافي بشراسة وهم يمطرون عناصر المجلس الوطني بالرصاص وقنابل الهاون لمنعهم من التقدم.

ويحاول عناصر من الثوار تشغيل مدفع هاون الا ان الرصاص المنهمر عليهم اجبرهم على التنحي والانبطاح.

لكن القائد مسماري يظل منتصبا وسط ميدان المعركة ويعطي اوامره بحزم وهدوء "اريد هنا في زاوية الشارع بندقية كلاشنيكوفا ورشاشا ثقيلا من عيار 12,7 ملم"، وسارع جنوده الى تنفيذ الامر على الفور.

وتتكون كتيبة "علي نوري الصباغ" في معظمها من جنود جيش النظام السابق الذين التحقوا بالثورة وتظهر حنكتهم بوضوح في تناقض مع اسلوب الهواة الذي تتسم به بعض وحدات المتطوعين المدنيين.

وقال احد الجنود وهو يرتدي عمامة ان "الذخيرة بدات تنفد" فتتوجه على الفور سيارة مكشوفة رباعية الدفع الى الخطوط الخلفية تحت وابل من الرصاص الخطاط.

واحتدمت المعارك بين الطرفين اللذين تفصل بينهما مسافة 300 متر، في حين تقاتل وحدات اخرى من قوات المجلس الانتقالي في موقع الى الشمال من هناك في قلب "حي الموريتانيين".

ويسال مسماري عبر جهاز اتصاله "ما هو موقعكم؟" فيرد عليه صوت احدهم "نحن في العمارات الحمراء" دون مزيد من الايضاحات، ويشكل عدم معرفة هؤلاء الرجال القادمين من شرق البلاد ارض المعركة، نقطة ضعف خطيرة تزيد في مخاطر تعرضهم لرصاص زملائهم.

ويسرع احد الرجال باتجاه القائد مسماري وهو يلهث ويصيح "ان ثلاثة من رجالنا عالقون هناك على مقربة من المكان في مدرسة، سيقتلون ان لم نساعدهم على الفور" شارحا كيف تمكن هو من الافلات باعجوبة من داخل المدرسة.

ويسأل القائد ببرودة "من اعطاهم امر التقدم؟" لكن الجندي لم يرد وبدا عاجزا عن الوقوف فاتكأ على جدار صغير. واضاف القائد "تحرك! خذ معك فريقا لاخراجهم من هناك وخذوا معكم رشاش دوشكا".

وتتوغل المجموعة وفوهات بنادقها موجهة الى العدو الى الامام لتختفي وراء احد الشوارع.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف