أخبار

خبراء ومواطنون تونسيون يقترحون "بروفايل" رئيسهم الجديد

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ثلاثة أيام تفصلنا عن موعد التونسيين مع صنع التاريخ، ثلاثة أيام ويتأهب التونسيون لانتخاب أعضاء مجلسهم التأسيسي، في 23 أكتوبر كل العالم يراقب الشعب التونسي، ويقوّم درجة الوعي بأهمية المرحلة الإنتقالية التي يعيشها من أجل صياغة نظام سياسي جديد، أعضاء المجلس التأسيسي سيقومون بإعداد الدستور التونسي الجديد.

التونسيون يريدون رئيسًا مقربًا منهم وغير متورط بالفساد وعلى مسافة واحدة من الجميع

محمد بن رجب من تونس: بعد فترة غير بعيدة ستشهد تونس انتخابات تشريعية ورئاسية، وسينتخب التونسيون رئيسًا جديدًا يعيد تونس إلى تاريخها، ويعيد التونسيين إلى تونسهم، رئيسًا بمواصفات جديدة تبدد ما عرفه التونسيون طيلة أكثر من خمسين عامًا، فما هي مواصفات الرئيس المستقبلي لتونس؟، وكيف يراه التونسيون؟، وماذا يحبون فيه؟ وماذا يكرهون؟.

"إيلاف" طرحت هذه الأسئلة على مجموعة من الخبراء والمواطنين التونسيين. د. عمر النمري المتخصص في التحليل النفسي والعامل في أحد المستشفيات البريطانية يؤكد أنّ الشعب التونسي سيكون هذه المرة "صعبًا" في اختيار رئيسه، وحريصًا على أن يحمل جملة من الخصائص والمواصفات الدقيقة، والتي يراها ضرورية، حتى لا يتم اختيار رئيس بمواصفات الرئيسين السابقين.

الشعب التونسي سيكون حريصًا على أن لا يعيد أخطاء الماضي، وبالتأكيد سيطعن في رئيس بمواصفات، يرى فيها عودة إلى الماضي الأليم، بما فيه من تسلط وديكتاتورية وخوف ومحسوبية وفقر. د. النمري، وخلال حديثه لـ"إيلاف"، أكد أنه مقتنع بأن الدولة يديرها الشعب، والرئيس والوزراء ما هم إلا منسقون، وهم في الحقيقة واضعو استراتيجيات كبرى، ومن يقوم بإدارة شؤون البلاد هم كاتب الدولة وما دون من تكنوقراط وغيرهم.

والرئيس، سواء انتخب مباشرة أو من طرف البرلمانيين، ينبغي أولاً أن ينفصل عن حزبه، وأن يكون رئيسًا لكل التونسيين، مهما كان النظام برلمانيًا أم رئاسيًا، لا يمثل إيديولوجيا معينة أو جهة أو حزبًا. ومن مواصفاته كذلك أن يكون مثقفًا ووطنيًا حريصًا على الثوابت الوطنية التونسية لأن تونس دولة عربية، دينها الإسلام، ولغتها العربية.

الخبير وأستاذ الإقتصاد في الجامعة التونسية حسين الديماسي بيّن لـ"إيلاف" أنّ أهم شرط في الرئيس التونسي الجديد هو القدرة التوافقية، ولنا في تونس الرجال الذين تتوافر فيهم هذه الصفة، وهم ليسوا كثرًا، وهذا شرط أساس لأن لنا مع الأسف الشديد مشاكل عديدة، ولنا نسيج سياسي مفتت، ولذلك، وحتى نتمكن من معالجة هذه القضايا الشائكة بكل حكمة وتبصّر وبأقل ما يمكن من التكاليف، لا بد من رئيس دولة يوفّق بين هذه القوى السياسية، حتى نصل ببلادنا في أقرب وقت وبأقل الخسائر إلى برّ الأمان والتطور، وبالتالي شرط القدرة التوافقية ضروري لكل رئيس تونسي جديد.

وأشار الديماسي إلى أنّه مع أهمية توافر صفات الثقة والصدق وحبّ الشعب في الرئيس، لأننا نعيش فترة استثنائية، لا بد أن يكون الرئيس مساندًا من طرف الشعب، حتى يكون قادرًا على النهوض بالبلاد والخروج بها إلى برّ الأمان. الصحافي مختار غزيل يستمدّ اختياره للرئيس التونسي الجديد من خلال تجربته الشخصية ومعاناته طوال عشرات السنين: "إنني كمواطن اكتويت بنار الديكتاتوريين على مدى أكثر من نصف قرن، أرى أن رئيس الجمهورية المقبل يجب أن لا تتجاوز سنّه الخمس وأربعين سنة، وأن يكون من خارج الأحزاب، وأن يكون مستقلاً ومشهودًا له بالكفاءة والإشعاع، ومتوافرة فيه الأخلاق الأساسية لصون البلاد، وأن يكون مراقبًا من السلطة التشريعية، ومحل توافق من طرف مختلف الأحزاب، وألا يحكم أكثر من فترتين، ويحبّذ أن لا تتجاوز الفترة ثلاث سنوات، كما شدد على أن يصرح، سواء رئيس الجمهورية أو أعضاء الحكومة والمجالس المنتخبة، بأملاكهم، قبل مباشرتهم مهامهم وكذلك عند انتهائها".

من جانبه، أكّد الخبير والأستاذ الجامعي المنجي المقدم أنّ الرئيس يمكن أن تحدده بالسلطات التي ستمنحها له، واليوم في البلدان النامية وحتى في البلدان المتقدمة إذا لم تربط الرئيس بشروط معينة يمكن أن يرغب في البقاء على الكرسي لسنوات طويلة مع الاستحواذ على السلطة، واليوم نحن في حاجة إلى رئيس يعرف جيدًا حدود دوره التعديلي، وهو الضامن للدستور، من دون أن تكون له سلطات واسعة، ويجب أن يكون مراقبًا من طرف البرلمان، وهو بالتالي غير قادر بمفعول القانون على فعل كل شيء، أي أن تكون سلطاته محدودة.

أما الصحافي هشام السنوسي وعضو الهيئة العليا لإصلاح الإعلام فبيّن أنّ الرئيس الجديد والمستقبلي لتونس الجديدة يجب أن يكون محلّ توافق من طرف التونسيين، ويكون مؤمنًا بالدولة الديمقراطية، وحداثيًا يؤمن بالحرية. وأضاف السنوسي أنّ الرئيس المقبل لتونس يجب أن يكون شخصية وطنية غير حزبية، حتى يكون بعيدًا عن كل انتماء حزبي، يجعله في الواقع رئيسًا لحزب، وليس رئيسًا لكل التونسيين.

الشباب، وهي النسبة الطاغية في تونس، شباب فايسبوك وتويتر، لهم تجربتهم الخاصة وطموحاتهم وأمانيهم، وبالتالي فهم يرسمون صورة لتونس الجديدة، التي ضحّوا من أجلها بدمائهم، شباب الراب الذين بلغت أغانيهم كل مكان، أغانٍ جريئة لامست "الريّس"، وزعزعت كرسيه، وكانت عاملاً من العوامل التي ساهمت في نجاح ثورة الحرية والكرامة.

فراس، شاب متعلم، عمره لا يتجاوز الـ21 سنة، يفقه جيدًا ما يدور حوله من حراك سياسي، على الرغم من عدم اهتمامه بالأحزاب والمرشحين لانتخابات المجلس التأسيسي، يؤكد أنّ أولى أمنياته تتمثل في أن يرى الثورة قد اكتملت مراحلها، وحققت النجاح، الذي ينتظره التونسيون. فراس يتمنى أن يرأس تونس رئيس شاب، وقادر على العطاء يوميًا ولساعات طويلة، رئيس يفهم الشباب ويتحاور معهم، يضمن لهم مستقبلهم التعليمي والإجتماعي، ويحقق لهم أمانيهم ورغباتهم، ويستغل طاقاتهم للعمل من أجل تونس، وأن يكون ديمقراطيًا، يتسع صدره لمخالفي سياساته ويمنح الحرية للشعب، ويتعامل مع الجميع كتونسيين، لهم الحق في تقرير مصير بلدهم، وفي الإنتفاع بخيراته، نريد أن يكون الجميع سواسية أمام القانون، نريد أن نصل يومًا يقف فيه الرئيس والمواطن البسيط أمام القضاء لسبب من الأسباب، وبالتالي لا فرق بين رئيس ومرؤوس، أو بين فقير وغني، نريد الرئيس أن يكون محبّا لشعبه الذي يرغب فيه ويسانده.

نسبة الدارسات في التعليم العالي حاليًا أكبر من نسبة الدارسين، وهو ما يضيف إلى المرأة حظوة على حظوة، ولكن هذه الحظوة يجب أن تصلها من خلال كفاءتها وقدرتها على الخلق والإبداع والتسيير، المرأة لها رأي، وأي رأي ورؤية للرئيس الجديد. وسيلة، ربة بيت متعلمة، في الثالثة والأربعين من العمر، ترغب في أن يكون الرئيس الجديد شابًا، يفهم الشباب، فهو العنصر المهم في المجتمع، ويكون في الخمسينات من العمر، كما يجب أن يكون وطنيًا راغبًا في شعبه، يحبه فعلاً، ويعمل المستحيل من أجل إسعاده وتوفير كل الظروف الحياتية المناسبة، ويجب أن يكون فعلاً من الشعب، حتى يحسّ بالشعب، ويقضي على كل مظاهر الفقر والتخلف في كامل أنحاء البلاد من دون تفرقة، وأن يكون عادلاً بين الجميع يوزع الثروة بين مختلف الجهات التونسية من الجنوب إلى الشمال بكل شفافية ومساواة، وعليه أن يضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار، وبعيدًا عن المصالح الضيقة، التي لا تفيد البلاد، بقدر ما تفيد أشخاصًا معينين، يضعون خيرات البلاد في جيوبهم.

الحاج عبدالحميد (72 سنة) لم يطلب المستحيل، وهو الذي عايش فترتين أو أكثر من تاريخ تونس، أشار إلى الشعب التونسي لا يريد غير رئيس يريد الشعب" لا أكثر ولا أقل". إجابات عدد من التونسيين تخللها بعض الطرافة، فهذا مواطن تونسي يرى أنّ الرئيس التونسي المقبل نعرفه منذ مدّة، ولكنه "حاير وين يسكن"، بعدما رفض الإقامة في قصر قرطاج، وهو يقصد صاحب فضائية، يقدّم نفسه كل ليلة على أنه الرئيس المقبل لتونس.

مواطن آخر قال "لا حاجة لنا بالمواصفات والترّهات، نحتاج النهوض بالدولة وحصد المكاسب وإصلاح ما فسد"، ومواطن ثان قال "لا نريد أن نراه إلا في نشرة الثامنة". وأضاف تونسي "نريده مقطوعًا من شجرة، عازب وبلا أنساب"، وثالث رأى أنه "من الأفضل أن نسأل عن مواصفات الشعب الجديد، وليس الرئيس الجديد"، موضحًا "إذا صلح الشعب صلح الرئيس، والعكس صحيح". ورابع قال "مكونات المجتمع المدني من جمعيّات ونقابات وأحزاب يجب أن تكون يقظة، وبالتالي هي التي ستضمن نشر الحرية والعدالة، وليس الرئيس". و ختم مواطن تونسي بالقول "إننا نريده داعمًا لفلسطين".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف