الانتخابات التونسية تتمخض عن نموذج حزبي جديد بالمنطقة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كشفت انتخابات المجلس التأسيسي في تونس عن نموذج حزبي جديد لم تكن المنطقة العربية تعرفه من قبل.
في انتخابات يُنظَر إليها على أنها نموذج لديمقراطيات الشرق الأوسط الناشئة، بدا أن التونسيين مستعدون لتقديم رواية جديدة: بخصوص ذلك المجلس الذي يُشكِّل جزءً كبيراً من قوامه حزب إسلامي يعد بانتهاج أسلوب معتدل، إلى جانب حزبين علمانيين تعهدا بأن يعملان معه. وتبين، كما كان متوقعاً، وفقاً لما أظهرت نتائج التصويت الأولية، أن حزب النهضة الإسلامي هو أبرز الفائزين في انتخابات الأحد الماضي.
فقد حصل على 43 مقعداً - أو نسبة تقدر بحوالي 43% - في المجلس الوطني التأسيسي الذي يقدر عدد مقاعده بـ 217 مقعداً، والذي سيدير البلاد لمدة عام واحد فقط، وسيقوم بوضع دستور البلاد الجديد. لكن حزبان آخران خالفا التوقعات، ونجحا في الفوز بحوالي 26 % من نسبة الأصوات. وينتمي هذان الحزبان إلى اليسار الوسط، وخاضا حملاتهما الانتخابية استناداً إلى القيم العلمانية والتقدمية، وأبديا استعدادهما كذلك للتعاون مع الإسلاميين، وهو ما أعلناه عقب انتهاء الانتخابات.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن أمين غالي، مدير مركز الكواكبي للقضايا الانتقالية، وهو منظمة غير حكومية داعمة للديمقراطية ويوجد مقرها في تونس، قوله: "بدا من الواضح أن الأحزاب التي فازت بالأصوات هي الأحزاب التي لم تبن استراتيجياتها بصورة بحتة على المواجهة مع حزب النهضة".
واعتبرت الصحيفة أن ذلك يعد تحولاً بالغ الأهمية في منطقة تميل بها الانتخابات، حين تجرى، إلى إدخال الجماعات الإسلامية المتشددة في مباراة ضد الأحزاب العلمانية، الذين يرفضون بنفس الصورة الفكر السياسي لخصومهم. وذكّرت الصحيفة بسفك الدماء العنيف الذي شهدته الجزائر عام 1991 حين حقق الإسلاميون فوزاً سياسياً، وكذلك الاقتتال الشديد والمقاطعة الدولية التي تلت فوز حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عام 2006 في الانتخابات بالأراضي الفلسطينية.
ومع هذا، أكدت الصحيفة أن كثير من الليبيين مازالوا يشكون بشدة في وجه الاعتدال والتسامح الذي ظهر ه مؤخراً حزب النهضة. حيث نُظِّمت تظاهرات صغيرة في العاصمة ضد الحزب منذ انتخابات الأحد الماضي. وذلك في وقت لا تزال فيه المرحلة السياسية الانتقالية بالبلاد في بداياتها، ورغم تعهدات الأحزاب بالعمل سوياً، فإن الاختلافات العميقة في الآراء العالمية لا تزال تقسم ساسة البلاد العلمانيين والإسلاميين.
ونقلت الصحيفة عن أحد المرشحين عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، قوله: "تختلف قيمنا عن قيم حزب النهضة، كما يختلف مشروعنا للمجتمع عن مشروعهم. لكننا لم نهاجمهم، وهو ما أحبه الناس". وأوضحت الصحيفة أن الأحزاب تتوقع أن يتم توزيع المقاعد المتبقية بنفس النسب تقريباً كتلك التي أعلن عنها بالفعل.
وأشارت الصحيفة إلى أن حزب النهضة سيتطلع لتشكيل ائتلاف من أجل تولي مقاليد الحكم طوال فترة حكم المجلس الممتدة على مدار عام. وقال مسؤولون من حزبي المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل إن مثل هذه المحادثات قد بدأت بالفعل خلف الأبواب المغلقة. وفي العواصم الغربية، بدأت تشكل الحكومات علاقات أكثر دفئاً مع حزب النهضة.
وفي مقابل ذلك، لم يخف قادة الحزب رغبتهم في تعزيز علاقاتهم الودية مع واشنطن والعواصم الأوروبية. وقد قاموا بزيارة في الربيع الماضي لواشنطن، وهي زيارة نادرة لساسة إسلاميين بالمنطقة. حيث زاروا مبنى الكابيتول هيل واجتمعوا مع مسؤولين من وزارة الخارجية وتحدثوا في مراكز أبحاث بواشنطن واُستُقبِلوا بشكل جيد.
وبعد أن لفتت الصحيفة للزيادة الكبيرة التي طرأت على المساعدات التي تقدمها واشنطن لتونس منذ الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي، شددت على عدم وجود الرغبة حالياً لدى أي من الأحزاب في احتكار السلطة، من منطلق قِصَر مدة العام التي ستقود فيها الحكومة الانتقالية البلاد وفي ظل العقبات الصعبة التي تواجهها. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي، قوله "الشيء الوحيد الذي أدهشني هو أن التوانسة تمكنوا من خلق توافق على نقاط معينة في تطورهم السياسي".