أخبار

عائلات المفقودين الجزائريين تطلب العدالة وترفض "الإفلات من العقاب"

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ترى عائلات المفقودين في الجزائر أن المصالحة الوطنية وفرت الحماية للجلاد والمتطرف "التائب" على السواء على حساب "الحقيقة والعدالة".

الجزائر: قال الناشط الحقوقي الجزائري أحمد الدحماني إن "الوئام المدني الذي جاء به بوتفليقة في نهاية سنوات التسعينات والميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية سنة 2006 كرسا الإفلات من العقاب سواء تجاه الإرهابيين الذين انضموا لأطروحة الحكم، أو رجال الدولة الذي ارتكبوا أعمال عنف ضد مواطنين وخصوصا منهم الذين مارسوا التعذيب والاختفاء القسري أو الإعدام خارج القانون".

واعتبر الدحماني في تصريح لإيلاف أن عملا من هذا النوع كان بهدف "تقسيم عائلات الضحايا، موضحا أن "الحكم اقترح عليهم تعويضات مالية شريطة تنازلهم عن حقهم في متابعة الجلادين ومطالبتهم بالحقيقة والعدالة".

وزاد قائلا إنه "بالنسبة للعائلات التي تتمسك بمطالبها تواجه بالقمع والترهيب والعنف اللفظي والجسدي، هذا في حالة عدم جرها إلى القضاء، لأن قانون المصالحة الوطنية يعاقب بالسجن من عبر علنا عن عدم اتفاقه مع هذا الميثاق ويناضل من أجل الحقيقة والعدالة".

وعن المطالب التي ترفعها أسر المفقودين في الجزائر، يقول الدحماني: "أعتقد قبل أن نتحدث عن هذه المطالب، الإشارة إلى أن أصحابها هم عائلات ضحايا الأعمال الإرهابية التي ترتكبها جماعات إسلاموية، فضلا عن عائلات ضحايا اختفوا نتيجة الأفعال التي يرتكبها رجال الدولة، من شرطة ودرك وأمن عسكري".

وأوضح الناشط الحقوقي الجزائري أن "المطالب واضحة: تسليط الضوء على أعمال العنف المرتكبة سواء من طرف الجماعات الإرهابية أو تلك المقترفة من طرف موظفي الدولة وإحقاق العدالة بشأن تلك الانتهاكات".

وشكلت أسر الضحايا نوعا من التحالف يرى فيه الدحماني "انتصار كبيرا للجمعيات المنخرطة فيه وعلى نطاق أوسع لكل المدافعين عن حقوق الإنسان"، مشيرا في نفس الوقت إلى أن هذا التحالف وصل إلى نقطة التقاء بعد عدة سنوات من الخلاف".

ضد الإفلات من العقاب في الجزائر

كان هذا التحالف المتكون من جمعية "إس أو إس المفقودين"،"جمعية جزائرنا" و"جمعية صمود" دعا إلى التظاهر في باريس مساندا من طرف عدد من المثقفين وجمعيات وشخصيات مغاربية وفرنسية ومواطنين عاديين، و ذلك دعما لمظاهرة مماثلة نظمت في نفس اليوم بالجزائر.

وأكد هذا الائتلاف في نداء له، توصلت إيلاف بنسخة منه، على أنه "في ظل ثورات العالم العربيةالنّضال ضد الإفلات من العقاب جزء لا يتجزأ من النضال من أجل التغيير الديمقراطية".

وقال التحالف في ندائه الذي يحمل عنوان: "الجميع ضد الإفلات من العقاب في الجزائر" إن "المواطنين لم يستفيدوا من حماية الدولة، وهم الذين واجهوا أساسا الاغتيالات والتعذيب والاختفاء والاغتصاب الجماعي".

وأشار النداء أنه في إطار مكافحة الإرهاب قامت الدولة "بشن قمع كثيف وأعمى ضد الشعب والذي أدى إلى اعتقالات تعسفية وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والتعذيب والاختفاءات القسرية".

وأضاف:"اختفى ثمانية آلاف شخص بعد اعتقالهم من طرف قوات الدولة المسلحة، ولم يتم أي تحقيق لإيجاد هؤلاء المفقودين، ولا الأشخاص الذين اختطفوا من قبل الجماعات الاسلاموية المسلّحة."

كما انتقد تشدد السلطات الجزائرية في محاسبة من يجرؤ على مناقشة بنود ميثاق المصالحة علنا، والتي تجبر بشكل من الأشكال أسر الضحايا على الصمت، إلا أنه يؤكد في نفس الوقت،عزمه على متابعة المسير لأجل إثبات وتأكيد مبدأ عدم الإفلات من العقاب.

مصالحة وطنية ولكن..

هناك قراءة ثانية للأوراش الحقوقية التي كانت من توقيع الرئيس الجزائري الحالي، وهي ترى أن المصالحة الوطنية في الجزائر أغلقت الباب بطريقة معينة على أي جدل يمكن أن تنتجه السنوات الأليمة التي عرفها هذا البلد المغاربي.

كما تعتبر هذه القراءة أنه بفضل قوانين المصالحة الوطنية دخلت الجزائر إلى مرحلة السلم، ولم يكن للمعالجة الأمنية أي يد فيها وإن كان لملاحظين رأي آخر، حيث يصفونها "بالاستئصالية".

ميثاق السلم والمصالحة الوطنية يستمد قوته، بحسب مراقبين، من "شرعيته الشعبية الواسعة التي تأكدت من خلال استفتاء شعبي، حيث صوت لصالحه ما يزيد عن 97 بالمائة من الجزائريين".

لكنه برأي البعض منهم، لم يعد في مستوى التطلعات المستقبلية للجزائريين رغم أنه يحسب له إخماد الفتنة وحقن الدماء وتجنب ممتلكات المواطنين الضياع في الجزائر.

هؤلاء يرون أن المصالحة عالجت الشق الأمني والاجتماعي دون أن تنكب بعد على الشق السياسي، وهو ما يزرع لديهم تخوفات من أن "يستغلها متطرفون لإحياء نار الفتنة من جديد" كما صرح يوما أحد قيادات النهضة، وهي من الأحزاب الإسلامية المعتدلة في الجزائر.

بل أن هناك من يرى فيها مصالحة "عرجاء"، على حد لأنها "أنزلت من فوق و ركزت على الجوانب المادية ممثلة في تعويض الضحايا، دون أن تذهب إلى أبعد من ذلك، لأجل المكاشفة والمصارحة وقراءة مرحلة بالمزيد من الشجاعة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف