السياسة الخارجيّة لا تشكل أولوية في برامج الأحزاب المغربيّة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تثير الحملات الإنتخابية في المغرب عدة تساؤلات حول مدى تنافسية البرامج الإنتخابية المقدمة من قبل الأحزاب. ويلاحظ أن ملف السياسة الخارجية لم يحظ بالاهتمام حيث استحوذت ملفات الصحة والتعليم وتعزيز البنية التحتية والعمل على الجانب الأكبر من السباق الإنتخابي.
تتواصل الحملات الدعائية للانتخابات التشريعية في المغرب، المقررة في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، لـ 31 حزباً سياسياً والتي تتنافس فيها 1565 قائمة بينها 19 وطنية للفوز بمقاعد مجلس النواب البالغ عددها 395 مقعدا وسط تساؤلات حول مدى تنافسية البرامج الإنتخابية المقدمة من طرف الفاعلين السياسيين.
ويلاحظ على هذا المستوى أن ملف السياسة الخارجية لم يحظ باهتمام الأحزاب السياسية سواء داخل برامجها الإنتخابية أو من خلال تدخلاتها عبر وسائل الإعلام العمومية، حيث اكتفت بإعلان مواقف تدعو إلى دعم خيار الحكم الذاتي لإنهاء نزاع الصحراء والتعبئة من أجل الوحدة الترابية ومطالبة إسبانيا بمدينتي سبتة ومليلية وتقوية موقع المغرب ضمن التكتلات الإقليمية والدولية.
وفي مقابل ذلك استحوذت ملفات العمل والصحة والتعليم وتعزيز البنية التحتية على الجانب الأكبر من السباق الإنتخابي. وتعتبر الحملات الإنتخابية بالنسبة إلى الاحزاب السياسية مناسبة لقياس توجهات الرأي العام ونظرته للسياسة العامة والإطلاع على أولوياته.
التركيز على قضايا عامة
ويرى محمد ياسر أكميرة (فاعل سياسي) أن "الأحزاب السياسية فضلت اللجوء إلى الشعبوية كأقرب طريق لإقناع المواطن بالتصويت لهامن خلال تركيزها على قضايا مثل السكن والصحة والعمل... وبأرقام وإحصائيات لا تعكس قدرتها على تحقيق ما تقدمه من وعود للناخبين في ظل مشهد سياسي متحكم فيه - حسب رأيه - لأن التوجهات الكبرى للسياسة العامة للدولة لا تزال خارج القرار الحكومي ولأن النظام الإنتخابي غير قادر على إفراز أغلبية حكومية منسجمة".
ومن جهة أخرى يضيف أكميرو "الأحزاب السياسية ومن خلال صمتها عن كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية تكون صادقة ومنسجمة مع ذاتها لأنها تعي جيدا أن ملف السياسة الخارجية قد يخضع للتقلبات تبعا للأغلبية الحكومية المنبثقة من البرلمان لذلك فإنها تنأى بنفسها عن تقديم أي وعود في هذا المجال رغم الأهمية القصوى للسياسة الخارجية وخصوصا ارتباط قضية الصحراء المغربية في سياق المتغيرات الإقليمية ومع الظرفية الدقيقة التي يجتازها العالم نتيجة الأزمة المالية التي يعرفها عدد من الدول التي تربطها شراكات استراتيجية مع المغرب".
حق مغاربة الخارج في التصويت
في حين أشار عبد الله عبدلاوي (برلماني عن حزب العدالة والتنمية) إلى أن ملف السياسة الخارجية ليس غائباً عن البرنامج الإنتخابي لحزبه مشيراً إلى أن حزبه خاض معركة وصفها بـ "الشرسة" داخل البرلمان من أجل نيل حق مغاربة الخارج بالتصويت في الإنتخابات التشريعية ولكن "للأسف الأغلبية الحكومية بالإضافة إلى حزب الأصالة والمعاصرة صوتوا ضد هذا الحق الدستوري"، كما أشار.
ومن المعروف أن المغاربة في الخارج يمثلون أكثر من خمسة ملايين أي 10 في المائة من العدد الإجمالي للسكان (29 مليون نسمة) وهو ما يعني أحقيتهم في 40 مقعدا في البرلمان.
وكان عبده المنبهي رئيس جمعية المركز الأورومتوسطي للهجرة والتنمية في هولندا قد انتقد في لقاء صحافي عقده " تجمع مغاربة أوروبا" مؤخرا في الرباط، ما اعتبره تعليلات واهية "لحرمان المهاجرين المغاربة من المشاركة في الانتخابات عبر التصويت الحر". وأشار إلى ما وصفه بـ "حالة الغضب" التي انتابت أوساط أفراد الجالية المغربية في الخارج ازاء "المواقف المزدوجة" للأحزاب السياسية المغربية في تعاطيها مع موضوع مشاركة تلك الجالية في الانتخابات.
السياسة الخارجية مجال محفوظ للسلطة الملكية
من جهته، يشير محمد الوزاني أستاذ القانون الدستوري في جامعة محمد الأول بوجدة (شرق المغرب) في تصريح لـ "إيلاف" إلى أن "غياب ملف السياسة الخارجية من أولويات البرامج الإنتخابية للأحزاب السياسية تعود بالمقام الأول إلى كون مجال السياسة الخارجية لا يزال مجالا محفوظا للسلطة الملكية التي تتحكم فيه رغم التعديل الدستوري الأخير الذي ينص على تعيين الوزير الأول من ضمن الأغلبية البرلمانية المنبثقة من البرلمان حيث لايزال الملك يحتفظ بالقضايا المصيرية وضمنها ملف السياسة الخارجية والحكومة أو الوزير الأول ينفذ التوجهات الملكية في مجال السياسة الخارجية للدولة المغربية".
وأشار الوزاني إلى أن الأحزاب السياسية عادة لا تضمن ملف السياسة الخارجية ضمن أولوياتها لاعتبارها لا تشكل أولوية بالنسبة إلى المواطن العادي المنشغل بالقضايا اليومية مثل الصحة والسكن والعمل.