روسيا تستعد للتصويت: هل شعبية بوتين في خطر؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يواجه رئيس الوزراء الروسي تحدياً صعباً في الحفاظ على شعبيته، حيث تلقى خلال الأسابيع الماضية ضربات موجعة، من خلال ظهوره غير الموفق في إحدى المناسبات.
بيروت:يبدو أن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين يواجه تحدياً صعباً في الحفاظ على شعبيته لخوض الانتخابات الروسية بثقة هذا العام، فالزعيم الذي يملك "كاريزما" أمنت له دعماً واسعاً خلال السنوات الماضية، يواجه منعطفاً خطراً في ظل انخفاض شعبيته التي انعكست في صيحات الاستياء أثناء إطلالاته العامة.
المكان الوحيد الذي يمكن أن يجعل فلاديمير بوتين يشعر بالراحة في هذه الأيام هو: قاعة مليئة بمشعيه من المخلصين لحزب روسيا الموحدة، الذين يتم إحضارهم من جميع أنحاء روسيا، حاملين الأعلام وهاتفين باسمه. هذا المشهد كان يوم الاحد في تجمع لحزب روسيا الموحدة، الذي دعم بوتين في ترشحه لمنصب الرئاسة.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، تلقى الحزب وزعيمه ضربات موجعة، فالصحف والمدونات الالكترونية سلطت الضوء لأكثر من أسبوع على ظهور بوتين غير الموفق في إحدى المناسبات العامة الكبرى، حيث استقبله جمهور موسكو بصيحات الاستهجان والسخرية. وكانت هذه المرة الأولى التي يختبر فيها بوتين مثل هذا الموقف المحرج في حياته السياسية، وقد تركه هذا الأمر في حال من الذهول والتوتر.
يوم 23 نوفمبر/ تشرين أول، كان من المقرر أن يحضر بوتين ليتحدث في القاعة ذاتها، عن مسألة مكافحة تعاطي المخدرات، لكنه ببساطة لم يحضر. وكان يفترض بالزعيم الروسي أن يلقي كلمة في حدث مماثل بعد ثلاثة أيام في مسقط رأسه في سان بطرسبرغ، لكن بدلاً من ذلك ارسل نائبه، ديمتري كوزاك.
عندما توجه كوزاك إلى المنصة ليلقي كلمته، غرقت القاعة بالصراخ والضجيج وأصوات الاستهجان، إذ غضب الحضور من أن بوتين لم يحضر وبدأوا بالهتاف: "يا للعار"!
نتيجةلهذه الأحداث، اضطر بوتين لاعتماد أسلوب شديد في السيطرة على الحضور، وتحديداً خلال قمة الأمم المتحدة في نهاية الأسبوع الماضي، حيث اكتظت المنطقة برجال الأمن الذين منعوا السيدات المسنات من الاقتراب من قاعة الاجتماع "لوجنيكي"، حيث عقدت القمة، في حيناكتظت المدرجات بالناشطين الشباب، الذين تلقوا أوامرهم من رجال الأمن في أن يبدأوا بالهتاف باسم بوتين أثناء إلقائه كلمته.
في هذا السياق، تساءلت صحيفة الـ "تايم" عن سبب انخفاض شعبية بوتين، معتبرة أن ضعف "الكاريزما" التي كان يتمتع بها نتيجة لتقدمه في العمر، فبوتين (60 عاماً) لم يعد ذاك الشاب الشقي الذي تولى السلطة قبل 11 عاماً. وأظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه الشهر الماضي من قبل وكالة "مركز الاقتراع ليفادا" أن شعبية بوتين الجماهيرية أصبحت أقل مما كانت عليه في بداية مسيرته السياسي.
انخفض عدد المشاركين في الاستطلاع الذين شعروا بـ "تقارب" مع بوتين بمقدار النصف تقريبا منذ عام 2008 ، أي من 40 ٪ إلى 24 ٪. لكن في منصبه الحالي كرئيس للوزراء، لا يزال التصويت لمصلحته مطمئناً، إذ أظهرت النتائج أن 61 ٪ يؤيدون ترشحه، وفقاً لمركز ليفادا.
وعلى الرغم من هذه النتيجة، إلا أن الأرقام تؤشر إلى تراجع في شعبيته، إذ انخفضت من نسبة 79 ٪ قبل عام إلى 61%.
في العام الماضي، كان بوتين لا يزال قادراً على لعب دور "البطل الروسي" من خلال السباحة في الأنهار السيبيرية، وركوب الخيل والصيد البري، لكن اليوم لم يعد باستطاعته ذلك، فمغامرات بوتين الأخيرة جعلته موضع سخرية.
في الشهر الماضي، لعب بوتين مباراة خرقاء في كرة المضرب مع الرئيس ديمتري ميدفيديف، وفي شهر آب ارتدى بذلة غطس ليخرج من قاع البحيرة وبيده قطعتين أثريتين انتشلهما من المياه الضحلة.
واعتبرت الحيلة الأخيرة بمثابة إهانة لذكاء الجمهور، فكيف يمكن لأحد هواة الغطس أن يغوص إلى قاع بحيرة ويعثر على كنوز في غضون بضع دقائق تحت الماء؟ واضطر المتحدث باسم بوتين إلى الإعتراف لاحقاً بأن ما حدث جرى تحضيره وترتيبه في وقت سابق.
وقال المتحدث ديمتري بيسكوف: "ما ان غطس بوتين في البحيرة، أراد الجميع أن يعرف ماذا يوجد في قاع البحيرة"، في حين أشارت الصحيفة إلى أن قاع البحيرة مليء بالأوساخ لا بالأحجار الكريمة والقطع الاثرية.
واعتبرت الصحيفة أن اجتماعات السياسيين يجب أن تتضمن مجموعة من الآراء المختلفة والمتنوعة، فالتصويت لا يجب أن يقتصر على التصويت بـ "نعم" من دون نقاشات أو استفسارات أو حتى اعتراضات.
وأشارت الـ "تايم" إلى أن رئيس حزب روسيا الموحدة السابق، بوريس غريزلوف، قرأ ملخص الإجتماع وهو يدير ظهره للمندوبين، لأنه لم يرد أن ينظر إلى الذين يرفعون أيديهم للإمتناع أو الإعتراض.
ويقول يفغيني غونتماخير، منتدب إلى الكرملين، إن "هذه التصرفات تشير إلى علامات من الاستبداد"، مشيراً إلى أن الدائرة الضيقة المحيطة بالزعيم تسعى جاهدة لإبلاغه بأخبار سارة، لكن الأنباء فعلية سيئة في كثير من الأحيان.
واشارت الصحيفة إلى أن هذه السلوكيات جعلت بوتين في طريق "الإنفصال التدريجي عن الواقع"، معتبرة أن الزعيم الروسي ربما يجهل تماما مدى انخفاض شعبيته.
ليس أمام بوتين خيار آخر سوى تجنب الجمهور مع اقتراب الانتخابات، يقول المحلل السياسي في مركز كارنيغي للأبحاث في موسكو، ماشا ليبمان، مشيراً إلى أنه مهما كانت الرقابة شديدة، فالمزاج العام لا يزال يعبر عن نفسه، والانتخابات ستكون معركة صعبة هذا العام، وهي مختلفة جداً عن انتخابات العام 2004 عندما ترشح بوتين لولايته الثانية.
وعلى الرغم مما تقدم، فإن هذا لا يعني أن بوتين سيخرج من الحكم أو سيتم التصويت ضده، ففي ظل عدم وجود منافسة سياسية، والسيطرة الكاملة للبيروقراطية الانتخابية، سوف يسيطر حزب روسيا الموحدة على معظم المقاعد في البرلمان ويعود بوتين رئيساً لروسيا في العام القادم.