اعتبارات دينية وفوارق طبقية وراء الزيّ الجامعي الموحّد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أنشأ طلاب عراقيون ناشطون صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي "فايسبوك" أطلقوا عليها اسم (الصفحة الرسمية للمطالبة بإلغاء الزيّ الموحد في الكليات العراقية)، حيث دعوا إلى اعتصام سلمي والتصرف بشكل حضاري يعكس صدق المشاعر، بحسب ما جاء في نصالدعوة.
وسيم باسم من بغداد: يدور جدل واسع تزداد وتيرته بين طلاب الجامعات العراقية وكوادرها التدريسية حول موضوع الزيّ الموحّد، منذ أن أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقيةتعليماتها، التي وُصِفت بـ"المشددة " في أغسطس/آب 2011 للجامعات والمعاهد العراقية بضرورة التزام الطلبة بارتداء الزيّ الموحّد.
وبين معارض ومؤيد للقرار، تعددت الأسباب التي تحدد الموقف من القضية، حيث تقول سمية الجواهري، الطالبة في كلية الطب في بغداد، إنها تعارض فرض زيّ موحد، لأنه يدخل في نطاق الحرية الشخصية، التي ينبغي عدم المساس بها. ورغم أن سمية ترتدي زيًا قريبًا في ألوانه وتصميمه إلى الزيّ الموحد، إلا أنها تجد نفسها مقيّدة إذا ما فرض عليها أمر لا تودّه.
تحايل على القرار
بحسب سمية، فإنه لا فائدة من زيّ موحد يتحايل عليه الطلاب بشتى الوسائل والأساليب. وتتابع: ثمة أساليب للتحايل على الزيّ الموحد، حتى إنه أصبح بلا قيمة في الواقع العملي. وترى سمية أن البعض يؤيد القرار، لأنه يرى فيه تقليصًا لمظاهر الفوارق الطبقية بين الطلاب.
وتؤكد أن هذا الأمر يبدو كذبة كبرى إذا ما اخذنا في الاعتبار أن القميص الأبيض عينه للزيّ الموحد له أسعار مختلفة، بحسب قدرة الطالب على الدفع. وتضيف: ثمة طالبة اشترت قميصًا يشبه في لونه الزيّ الموحد المطلوب، لكن سعره يتجاوز المائة ألف دينارعراقي.
وتتابع: كثيرون يرون عدم جدوى في تطبيق نظام الزيّ الجامعي الموحد، فالطالبة المتحدرة من عائلة غنية، ترتدي ملابس باهظة الثمن، والعكس صحيح أيضًا.
وكانت جامعة بغداد اعتمدت في الشهر الماضي اللون الرصاصي للبنطلون والتنورة، واللون الأبيض للقميص، والنيلي للسترة كزيّ رسمي موحد للطلاب والطالبات للعام الدراسي 2011 / 2012.
ظاهرة حضارية
ويتابع: إن الذين يحتجّون على فرض الزيّ الموحد هم أقلية، وهم بحسب رأيه، لا يفهمون الغرض، الذي دعا الجهات المعنية إلى فرضه، والتي أخذت بآراء شريحة واسعة من الطلاب قبل فرضه.
محتجون
وكان طلاب جامعيون في مناطق العراق المختلفة احتجوا على القرار، واعتصم البعض في محاولة لثني الجهات المسؤولة عن تطبيق القرار.
ورغم أن نعمة يقول إن رافضي القرار أقلية، إلا أن نشاطاتهم الاحتجاجية على القرار فعالة، حيث طلبوا عبر مواقع الانترنت وموقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" بضرورة الاستمرار في الاحتجاج حتى إبطال القرار.
وأنشأ طلاب عراقيون ناشطون صفحة في "فايسبوك" أطلقوا عليها اسم "الصفحة الرسمية للمطالبة بإلغاء الزيّ الموحّد في الكليات العراقية"، حيث دعوا إلى اعتصام سلمي و(التصرف بشكل حضاري يعكس صدق مشاعرنا) بحسب ما جاء في نصالدعوة.
وفي الصفحة نفسها، كتبت زينب الجابري "الكل يعرف أن سعر أرخص قميص هو 30 ألف دينار. أما (البدي أو البليرة) الرخيص فسعره ثلاثة آلاف دينار فقط، لكننا منعنا من ارتدائه.
ملابس خادشة للحياء
يحمل الطالب الجامعي سمير الياسري، الذي يصفه أصدقاؤه بالمتشدد، على الطلاب، لا سيما الطالبات، اللواتي يرفضن الزيّ الموحد، حيث قال إن الطالبات اللواتي يرفض توحيد الزيّ، في غالبيتهن طالبات يرتدين ملابس خادشة للحياء. وتابع: هذا هو السبب وراء رفض الزيّ الموحد، وكذلك الحجاب.
يذهب سمير إلى أبعد من ذلك، حيث يطالب جامعيات العراق بارتداء الحجاب، ويقترح أن يكون موحدًا أيضًا. لكن هناك دوافع اقتصادية وراء عدم ترحيب الطالب في جامعة بغداد عامر ياسر بالقرار، حيث يعتبره مثقلاً لكاهل الطلبة، لا سيما الذين يتحدرون من أسر فقيرة. لهذا السبب يقترح ياسر رعاية الطلبة المتعففين، وتقديم العون والمساعدة لهم، عبر دعمهم في شراء الزيّ الموحد أيضًا.
ينظر الطالب حميد كاظم في كلية القانون في بابل (100 كم جنوب بغداد) إلى الأمر من الزاوية القانونية، ويقول إنه طالما كان القرار صادرًا من جهات رسمية عليا، فيجب التقيد به. ويمكن للمعترضين إيصال صوتهم إلى الجهات المعنية أيضًا.
الدكتور أحمد عودة من جامعة بابل يرى أن هناك حاجة ماسة إلى إضفاء مظهر موحد عام على طلاب الجامعات، بعدما أثبتت السنوات الأخيرة أن الطلاب والطالبات يرتدون في بعض الأحيان أزياء لا تتناسب والحياة الجامعية، التي تتسم بالجدية والبحث العلمي والموضوعية في المظهر والسلوك.
التمايز الطبقي
لكن المدرّس بهاء علي من أكاديمية الفنون فيرى أن الزيّ الموحّد يحول دون إضفاء مظهر التمايز الطبقي على الحياة الجامعية، ويتيح للطالب التعود على الالتزام وتمرين نفسه على البساطة. وبحسب الباحث الاجتماعي ليث السماوي، فإن ثمة حاجة ماسة إلى القضاء على فوضى اجتماعية لازمت الحياة العراقية، ومنها الجامعات منذ العام 2003.
في حين ترى الطالبة سناء كامل أن الزيّ الموحد يضفي مظهر متناسقًا على الحياة الجامعية، يحظى باحترام وتقدير الجميع. وتتابع: أنا لست مع من يرى أن الزيّ الجامعي يقلّص مظاهر الفوارق الاجتماعية، فالطالب الغني يستطيع أن يعبّر عن غناه بشتى الوسائل، منها امتلاكه سيارة باهظة الثمن، إضافة الى وسائل أخرى.
تطبيق الزيّ الموحد
وكانت جامعات العراق شهدت تطبيق الزيّ الموحد منذ الثمانينيات، حيث كانت السلطات تعاقب الطلبة الذين لا يلتزمون به، لكن السنوات التي أعقبت العام 2003 شهدت التخلي عن الزيّ الموحد في ظل اضطراب أمني وسياسي واجتماعي، رافق الحياة بعد سقوط النظام، وشمل أيضًا الحياة الجامعية في العراق.
تعتقد ريام الخفاجي أن الزيّ الموحّد سيقضي على مظاهر التبرج والبذخ، التي صارت سلوكًا يوميًا من قبل بعض الطالبات الجامعيات. وتتابع: ثمة طالبات لا همَّ لهن سوى تطبيق "صرعات" موضة الأزياء، بل إن بعضهن يأتي إلى الجامعة لاستعراض المظهر ليس إلا.
ويقول الطالب ماجد شاكر من كلية الرياضة في الديوانية إن تطبيق الزيّ الموحّد سوف يقضي على مظاهر الأزياء الغربية، التي لا تليق بطلبة الجامعة. وتحترم الطالبة نادية طارق القرار، وتعتبره دافعًا للطلاب لكي يهتموا بدروسهم، لا بمظاهرهم.
التعليقات
الزي الموحد
عراقي جريح -صحيح ان الفوارق الطبقيه سوف لن تجلي تماما بتطبيق هذا القرار الا اني من المؤيدين لهذا القرار فهو على الاقل يحفظ ماء وجهه الفقير كما انه يجبر الغني على الرضوخ للتوجهه للدراسه بدلا من التمظهر الذي لو سعى اليه جاهدا لقلل من ابداعه الدراسي