نهاية الاتحاد السوفياتي في 1991: أيام قوّضت استقرار العالم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
موسكو: في الثامن من كانون الاول/ديسمبر 1991، وقع الرئيس الروسي بوريس يلتسين ونظيراه الاوكراني والبيلاروسي وثيقة وفاة الاتحاد السوفياتي. وبذلك تكون الامبراطورية الشيوعية قد استمرت قرابة 70 عامًا، وشكل اختفاؤها نهاية نظام عالمي قام على التنافس بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة.
وفي اعقاب اشهر من الاضطرابات، ومحاولات السيطرة على الوضع (13 قتيلا في فيلنيوس في كانون الثاني/يناير)، ومحاولة انقلاب فاشلة في آب/اغسطس وتصريحات بالجملة تطالب بالاستقلال، اعلن قادة الجمهوريات الثلاث الكبرى -روسيا واوكرانيا وبيلاروسيا- في الثامن من كانون الاول/ديسمبر ان اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية "لم يعد موجودا".
وفي 25 كانون الاول/ديسمبر، استقال الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشيف، وسحب من الكرملين العلم الأحمر الذي يتوسطه المنجل والمطرقة.
هكذا انطفأت الامبراطورية الشيوعية، التي اضطلعت بدور كبير في تحقيق الانتصار على النازية، وارسلت اول انسان الى الفضاء، لكن قادتها أعدموا ملايين من مواطنيهم. وشكل انطفاؤها ايضًا نهاية الحرب الباردة العالمية ثنائية القطب، وجعل من الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة في العالم.
وحصل القسم الاكبر من الجمهوريات السوفياتية الخمس عشرة على الاستقلال للمرة الاولى في تاريخها، وهي تواجه تحدي تكوين هوية وطنية واقتصاد صلب، لكن القسم الاكبر من هذه الاهداف لم يتحقق بعد. بدورها، تعاني روسيا فقدان وضعها كقوة عظمى في مواجهة الولايات المتحدة.
وفلاديمير بوتين، الرجل القوي في روسيا، الذي كان رئيسًا من 2000 الى 2008 ثم رئيسًا للوزراء، والذي تعتبر عودته الى الكرملين شبه مؤكدة في الانتخابات الرئاسية المقبلة في اذار/مارس 2012، يبدي بمزيد من الوضوح حنينًا الى الاتحاد السوفياتي، الذي لم يكن كما قال غير "روسيا الكبرى". وكان خلفه بوريس يلتسين، الذي توفي في 2007، يعتبر ان تفتت الاتحاد السوفياتي كان حتميًا.
ولم يؤد اختفاء الاتحاد السوفياتي الى حصول كوارث حقيقية، لكن السنوات التالية اتسمت بتدهور البنى التحتية وإفقار السكان ونزاعات محلية اسفرت عن مقتل مئات الاف الاشخاص. فقد كانت طاجيكستان مسرحًا لحرب أهلية بين الإسلاميين. وتواجهت أرمينيا واذربيجان حول منطقة ناغورني كراباخ الانفصالية. وشنّذت روسيا حملتين داميتين في جمهورية الشيشان الصغيرة المتمردة. وقاتلت جورجيا انفصاليين في ابخازيا واوسيتيا الجنوبية.
ولم تتم تسوية اي من هذه النزاعات بصورة نهائية. فالإسلاميون ما زالوا يشكلون تهديدًا في طاجيكستان، وتعيش ناغورني كراباخ سلامًا هشًا، وانتشر تمرد بات إسلاميًا في كل انحاء القوقاز الروسي. وللمرة الاولى منذ سقوط النظام السوفياتي، ارسلت روسيا دباباتها في آب/اغسطس 2008 الى جمهورية جورجيا الشقيقة، التي بدأت باستعادة السيطرة على اوسيتيا الجنوبية.
وبعد محاولات اصلاح ليبرالية، استقطبت الحماسة في البداية، ثم فقدت شعبيتها ابان رئاسة بوريس يلتسين، تلتفت روسيا الى الماضي بعد وصول فلاديمير بوتين الى السلطة. فقد اعاد العميل السابق للكي.جي.بي النشيد السوفياتي السابق، وضبط وسائل الاعلام والمسرح السياسي، واستخدم كل نفوذ روسيا ليجمع حولها جمهورياتها القديمة. وذلك على رغم التخوف من اتهامه بالسعي الى إحياء اتحاد سوفياتي وصف في 2005 زواله بأنه "أكبر كارثة جيوبوليتيكة في القرن العشرين".
وبعد وفاق صريح في التسعينات، وعلى رغم "بداية جديدة" اعلنت مع رئاسة باراك اوباما، تظهر موسكو من جديد طموحات قوة عالمية، من خلال معارضتها حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة حول مشروعها للدرع المضادة للصواريخ في أوروبا.
وروسيا، التي ما زالت تقيم علاقات خاصة مع حلفائها القدامى من الحقبة السوفياتية، مثل كوريا الشمالية وإيران وكوبا وسوريا، تستخدم أيضًا حقها في النقض في مجلس الأمن الدولي، حتى تعارض مع الصين مبادرات غربية، خصوصًا ضد النظام السوري. لكن بعد عشرين عامًا، لا شيء يشير الى امكان قيام اتحاد جديد على اراضي الاتحاد السوفياتي السابق.
وانضمت دول البلطيق الثلاث الى الاتحاد الاوروبي والحلف الاطلسي، وتطمح جورجيا للقيام بالخطوة نفسها. اما اوكرانيا التي تريد القيام بالخطوات نفسها فترفض الحضوع لسلطة موسكو.
ولا تزال العواقب الاجتماعية-الاقتصادية لسقوط الاتحاد السوفياتي ماثلة للعيان في المنطقة. فمولدافيا وطاجيكستان الواقعتان على طرفي الامبراطورية السابقة، تعانيان الفقر، حيث يبلغ الدخل الفردي 1800 و800 دولار على التوالي، كما تفيد معلومات البنك الدولي.