رغم الإتفاق السياسيّ... الثورة في اليمن مستمرّة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لا يزال الآلاف من الشباب اليمنيّ يبيتون كل ليلة في ساحة التغيير في صنعاء، التي أصبحت مدينة خيام عشوائية، وفي تعز وكذلك في مدن أخرى. ورغم الاتفاق السياسي لنقل السلطة بين المعارضة والرئيس صالح، يقول الشباب إنهم سيواصلون ثورتهم واعتصاماتهم.
صنعاء: يتابع عشرات الآلاف من الشباب المحتجّين "ثورتهم" واعتصامهم في وسط صنعاء، بالرغم من الاتفاق السياسي لنقل السلطة بين المعارضة والرئيس اليمني علي عبدالله صالح، ويتهم بعضهم المعارضة بخطف ثورتهم.
إلا أن أحزاب المعارضة، بحسب ناشطين ومراقبين، تبقى الداعم والمموّل الرئيس لاعتصام الشباب، خصوصًا بهدف الاحتفاظ بورقة ضغط على رئيس، لا تثق بأنه سينفذ الاتفاق، الذي يعني نهاية عهده، الذي استمر 33 عامًا.
وقال حمود هزاع من تجمع شباب الثورة اليمنية لوكالة فرانس برس "الثورة مشروع حياة، ولا خيار لنا سوى الثورة".
ولخّص أهم مطالب الشباب بـ"إرساء الدولة المدنية" و"عدم منح صالح الحصانة"، التي حصل عليها بحكم توقيعه على اتفاق انتقال السلطة، و"إسقاط رموز النظام".
والاعتصام مستمر كذلك في تعز (جنوب صنعاء)، التي بات الشباب يقولون إنها "قلب الثورة".
وما زال الآلاف من الشباب يبيتون كل ليلة في "ساحة التغيير"، التي أصبحت مدينة خيام عشوائية متغلغلة في شوارع ضيقة، تحيط بمباني جامعة صنعاء في شمال المدينة.
وكل شيء متوافر تقريبًا في هذه المدينة، التي فيها منبر للخطابات، ومتاجر ألبسة مدنية وعسكرية، جديدة أو مستعملة، وسوق للقات وبائعو أطعمة سريعة وعصائر وحتى خلطات الأعشاب "العرائسية".
ولا يبدو أن همّة المعتصمين تراجعت بعد توقيع المبادرة الخليجية، التي حوّلت من حيث المبدأ الرئيس صالح إلى رئيس فخري لثلاثة أشهر فقط، حتى إن بعضهم يستبدل خيامه البلاستيكية ببناء ثابت بأحجار الطوب والأسمنت.
وقال خالد المداني المسؤول عن شباب المتمردين الحوثيين الذين انضموا الى "ثورة الشباب" انهم "متسمرون في الثورة لان اهداف هذه الثورة لم تتحقق".
ورأى المداني إن المعارضة، التي دخلت في التسوية مع صالح "خطفت الثورة، وخانت دماء الشهداء، وضيعت جهود الشهداء، لتقاسم الحصص مع السلطة"، في إشارة إلى الدخول المتوقع للمعارضة في حكومة وفاق وطني.
وعن موقفه من الشباب التابعين لأحزاب المعارضة، الذين ما زالوا في الساحة، قال المداني "لا نريد أن نتهمهم، ونحن نحسن بهم الظن، ونعتقد أن عقلياتهم تختلف عن عقليات قياداتهم".
من جهته، رأى الناشط بسام الأصبحي، الذي يقول إنه مستقل، إن هناك تيارًا مستقلاً بين الشباب، وآخر حزبي يتأثر بأحزاب اللقاء المشترك، وخصوصًا التجمع اليمني للإصلاح (إسلامي).
وقال إن "مرجعيات هذا التيار الحزبي، بشقيها السياسي والقبلي، تقع كثيرًا تحت التأثير السعودي (...) ونعتقد أن جزءًا من هذه المرجعيات لا يقف فعلاً مع مطالبنا".
وقال المحلل السياسي اليمني فارس السقاف لوكالة فرانس برس إن "الشباب منقسمون فعلاً بين مستقلين، يذهبون في مطالبهم إلى سقف مرتفع، وحزبيين أعتقد أنهم الأكثرية في الساحة، لكنهم يتقدمون خطوة على قياداتهم".
وأشار السقاف، الذي يرئس مركز دراسات المستقبل في صنعاء، إلى أن الأحزاب المعارضة تبقى لاعبًا أساسيًا في ساحات الاعتصام، بالرغم من التباعد الظاهر في الموقف مع الشباب.
وقال في هذا السياق إن "أحزاب اللقاء المشترك تملك قاعدة تاريخية وحقيقية في اليمن، وتمتلك قدرة تنظيمية وتمويلية، تبقي الشباب في الساحة، ولولا تمويل الأحزاب لانتهت ساحة التغيير".
وتقوم مطابخ كبيرة يموّلها التجمع اليمني للإصلاح، الذي من أركانه الشيخ الملياردير حميد الأحمر، وهو رمز الجناح القبلي في التجمع، بتوزيع الطعام الساخن على المعتصمين، الذين يجلسون يوميًا في صفوف متوازية على الأرض، بانتظار أكياس بلاستيكية حمراء مملوءة بالأرز المطبوخ مع الكركم والقليل من اللحم أو الدجاج.
وغالبًا ما يتهم معسكر الرئيس اليمني المعارضة بتحريض الشباب على البقاء في الشارع. وقال نائب وزير الإعلام عبدو الجندي لوكالة فرانس برس إن "المطالبة بإسقاط رموز النظام يعني الحرب الأهلية".
وعن سبب استمرار دعم المعارضة للاعتصام، قال السقاف إن "الأحزاب تعلم أن الذي دفع الرئيس إلى التوقيع هم الشباب، وهؤلاء بالتالي احتياطي استراتيجي، تلجأ إليه الأحزاب، لاسيما للضغط على الرئيس من أجل تنفيذ المبادرة الخليجية".
ويؤكد القيادي في ساحة التغيير محمد العسل في هذا السياق "نحن مستمرون في الساحة، لأننا لا نصدق بأن صالح سيطبّق المبادرة الخليجية".
كما إن المعارضة لا تريد أن تتحول بسرعة من موقع الثائر إلى موقع السلطة في أعين الشباب، بحسب السقاف، الذي يشير أيضًا إلى "التزام اخلاقي" مع الشباب، الذين قدموا الدماء، ولأن التخلي عن الشباب هو بكل بساطة "خسارة قوة في الشارع" بالنسبة إلى المعارضة.
لكن "الثوار المستقلين" يريدون اليمن "دولة مدنية"، تخرج من عباءة القبيلة، التي هي مكون أساسي للمعسكر المعارض لصالح حاليًا، لاسيما من خلال آل الأحمر، الذين يتزعمون قبائل حاشد الأكثر نفوذًا في البلاد.
وقال بسام الأصحبي "ثورتنا على القبلية والتخلف (...) أعرف أننا في مواجهة الجميع، الرئيس والمعارضة والسعودية والدول الكبرى، التي ترعى المبادرة الخليجية، لكن هذه هي الثورة".