أخبار

الاميركيون يورثون العراقيين "فوضى خلاقة"

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بغداد: في فيديو كليب يلقى رواجا بين الشبان العراقيين، يسأل مغنى الراب بعد ان يقتاده مسلحان الى سجن في سيارة "هامر" اميركية "ليش شوارع العراق صارت متعطرة بالدم، ليش الكل ايد واحدة واحنا متفرقين؟".

و"دكتور كوني" هو واحد من مغني راب عراقيين كثر بدات اعمالهم تنتشر بعد اجتياح القوات الاميركية للبلاد عام 2003. ورغم ان غالبية العراقيين لا يزالون يفضلون الموسيقى الاصيلة، الا ان نتاج هؤلاء الشبان يمثل احد المتغيرات التي حملها الاميركيون الى مجتمع مغلق حكمه حزب واحد لاكثر من ثلاثة عقود.

ومنذ اللحظة الاولى لسقوط نظام صدام حسين، اصبحت البلاد اكثر انفتاحا على العالم بعد حصار دولي بدا العام 1990 اثر اجتياح الكويت، وحرم العراقيين من ابسط اشكال الرفاهية.

فخدمة الانترنت التي كانت متوفرة عبر خطوط ارضية لاشخاص محددين وتخضع لمراقبة مستمرة، اصبحت موجودة في معظم المنازل.

وباتت ايضا الهواتف النقالة واجهزة استقبال القنوات الفضائية متوفرة، بعد ان كان النظام السابق يعاقب من يمتلكها بالسجن ستة اشهر.

وتسببت السيارات التي تدفقت على العراق باولى ازدحامات حركة السير في بغداد بعد 2003، بينما اعاد العراقيون اختبار فاعلية مكيفات الهواء داخل السيارات على اعتبار ان هذه المكيفات عندما كانت تتعطل ابان النظام السابق لم يكن اصحابها يعثرون على قطع غيار لها.

وتقول حنين صباح (27 عاما) الاستاذة الجامعية التي تدرس اللغة الانكليزية "استخدمت الانترنت للمرة الاولى في حياتي العام 2002، وكان ذلك في مركز للانترنت في بغداد، الا ان كل المواقع كانت محظورة آنذاك، ما عدا المواقع الفنية".

وتضيف "عندما استحصلنا على خط خاص للانترنت في المنزل في 2003، اصبحت كالمجنونة، حيث كنت امضي معظم وقتي امام شاشة الكمبيوتر".

ويقول اكرم ابو احمد (45 عاما) وهو صاحب محل لبيع المواد الانشائية في بغداد "شعرت ان عالما جديدا انفتح امامي عندما احضرت جهاز تلفزيون جديد وجهاز استقبال للقنوات الفضائية".

ويوضح "كنا نتجمع انا واطفالي الثلاثة، نتسابق على تتبع القنوات ورؤية كل شيء، اي شيء ومهما كان نوعه".

وكان العراقيون محكومين بمشاهدة ثلاث قنوات عراقية فقط تشمل برامجها الرياضة والسياسة وافلام الكرتون.

وفي شارع المتنبي التاريخي وسط بغداد، يتنقل القراء بين الكتب التي تفترش جانبي الشارع، وبينها كتب دينية وروايات حديثة لكتاب اميركيين لم تكن متوفرة في العراق قبل العام 2003.

ويقول شعلان زيدان (50 عاما) الذي يملك زاوية يبيع فيها الكتب منذ 30 سنة "في بداية الاحداث (بعد سقوط النظام)، انصب اهتمام القراء على الاتجاه الديني وخصوصا الكتب الشيعية التي كانت ممنوعة".

ويضيف "انفتحت اسواق الكتب بعد ذلك امام العالم، وتحول التركيز نحو كتب تعلم اللغة الانكليزية وروايات اميركية مثل +توايلايت+ و+هاري بوتر+، الا ان القراء باتوا يميلون اليوم نحو مسائل سطحية مثل كتب السحر والروحانيات والابراج".

وفي ساحة الجادرية المقابلة لجامعة بغداد في جنوب العاصمة، يتجمع شبان عراقيون كل يوم جمعة، وينظمون عروضا بالسيارات والدراجات النارية.

ويقف منظم السباقات وسط سيارتين، ويرفع علما ثم يهبط به على الارض ايذانا ببدء سباق يستنسخ سباقات اميركية مماثلة، عادة ما تكون نجمتاه سيارتي "دودج تشارجر" و"فورد موستانغ" الاميركيتين.

وباستثناء هذه السيارات، بقيت اسواق العراق منيعة بعض الشيء امام البضائع الاميركية كونها اكثر كلفة من غيرها. وينسحب ذلك على بعض ابرز رموز طريقة العيش الاميركية.

فلا "ماكدونالدز" في العراق، ولا "بيتزا هات"، ولا مقهى "ستارباكس" الشهير، ولا غيرها من مطاعم ومقاهي الخدمة السريعة، ما عدا بعض الاماكن المقلدة مثل "هابي ماكدونالدز"، و"بيتزا هيت" (القبعة) في العاصمة.

واذا كان التاثير الاميركي واضح في الملبس، فانه لم يمس المراجع الثقافية وخصوصا الموسيقى والفن. وبعكس سكان دول عربية اخرى، فان العراقيين لم يتبنوا عادة مزج الكلمات العربية مع بعض الكلمات الاجنبية خلال احاديثهم.

وفي جامعة بغداد، المدينة التي اعلنت مؤخرا اسوأ مكان في العالم للعيش، يتمتم محمد حميد (21 سنة) وهو يتمشى في الباحة الموازية لمبنى ادارة الاعلام، كلمات اغنية باللغة الانكليزية يسمعها عبر جهاز تسجيل، مركزا نظره على حذائه الابيض المرقط بالاسود يعلوه سروال ازرق فضفاض.

ويقول الطالب في كلية اللغات "لقد جلب الاميركيون معهم التغيير في الموضة والتكنولوجيا (...) لكن الثمن كان باهظا".

ويرى استاذ العلوم السياسية في الجامعة حميد فاضل ان "الاميركيين لم يتركوا لنا معلما حضاريا لنقول انهم قدموا شيئا يستحقون ان نشكرهم عليه بعد ان يرحلوا، لكن جل ما تركوه هو هذه الفوضى الخلاقة".

المحطات الرئيسية المرتبطة بالوجود الاميركي في العراق

في ما يلي المحطات البارزة المرتبطة بالوجود الاميركي في العراق منذ 2003، فيما سيغادر اخر الجنود الاميركيين كما هو مقرر البلاد بحلول نهاية 2011 بعد اكثر من ثماني سنوات من النزاع:

-- 2003

- 20 آذار/مارس: بدء عملية "حرية العراق" بغارات على بغداد ودخول القوات الاميركية والبريطانية جنوب البلاد.

- 09 نيسان/ابريل: دخول الاميركيين الى بغداد وسقوط نظام صدام حسين.

- 01 ايار/مايو: الرئيس الاميركي جورج بوش يعلن "نهاية المعارك" في العراق ومواصلة "الحرب على الارهاب".

- 02 تشرين الاول/اكتوبر : الاعتراف بعدم العثور على اي اسلحة دمار شامل.

- 16 تشرين الاول/اكتوبر : صدور القرار رقم 1511 عن الامم المتحدة وينص على تشكيل قوة متعددة الجنسيات بقيادة اميركية.

- 13 كانون الاول/ديسمبر: اعتقال الرئيس المخلوع صدام حسين قرب تكريت (شمال بغداد).

-- 2004

- من نيسان/ابريل الى آب/اغسطس: مواجهات بين قوات التحالف والميليشيا التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر.

- نيسان/ابريل وتشرين الثاني/نوفمبر : هجمات واسعة على الفلوجة حيث كان يتحصن متمردون من السنة وعناصر من تنظيم القاعدة.

- 28 نيسان/ابريل: نشر صور معتقلين عراقيين يسيء عسكريون اميركيون معاملتهم في سجن ابو غريب.

- 28 حزيران/يونيو: بعد 14 شهرا من الاحتلال، قوات التحالف تسلم السلطة الى حكومة عراقية.

-- 2005

- 30 كانون الثاني/يناير: اول انتخابات تشريعية متعددة الاحزاب في العراق يقاطعها السنة.

- 06-07 نيسان/ابريل: انتخاب اول رئيس كردي (سني) في تاريخ العراق هو جلال طالباني وتعيين ابراهيم الجعفري (شيعي) رئيسا للوزراء.

- 15 كانون الاول/ديسمبر: فوز الائتلاف الشيعي الموحد في الانتخابات التشريعية.

-- 2006

- 22 شباط/فبراير: تفجير مسجد شيعي في سامراء شمال بغداد يؤدي الى اندلاع اعمال عنف طائفية (450 قتيلا).

- 20 ايار/مايو : نوري المالكي يصبح رئيسا للوزراء.

- 07 حزيران/يونيو: مقتل ابو مصعب الزرقاوي زعيم فرع تنظيم القاعدة في العراق في غارة اميركية.

- 30 كانون الاول/ديسمبر: اعدام صدام حسين شنقا اثر ادانته في قضية مقتل 148 شيعيا في 1982.

-- 2007

- 10 كانون الثاني/يناير: الرئيس الاميركي جورج بوش يعلن ارسال ثلاثين الف جندي اضافي الى العراق.

-- 2008

- 23 آذار/مارس: عدد الجنود الاميركيين الذين قتلوا في العراق منذ ايار/مايو 2003 يرتفع الى اربعة آلاف.

- 27 تشرين الثاني/نوفمبر: البرلمان يصادق على الاتفاقية الامنية مع واشنطن التي تنص على انسحاب القوات الاميركية اواخر العام 2011.

-- 2009

- 01 كانون الثاني/يناير: العراق يستعيد المنطقة الخضراء المحصنة وخصوصا القصر الجمهوري رمز السيادة.

- 27 شباط/فبراير: الرئيس الاميركي باراك اوباما يعلن سحب الجزء الاكبر من القوات الاميركية في نهاية آب/اغسطس 2010 قبل انسحاب كامل في 2011.

- 30 حزيران/يونيو: القوات الاميركية تنسحب من المدن العراقية.

- 19 آب/اغسطس، 25 تشرين الاول/اكتوبر، 8 كانون الاول/ديسمبر: اعتداءات في بغداد على مبان حكومية تؤدي الى سقوط 386 قتيلا.

-- 2010

- 07 آذار/مارس: انتخابات تشريعية. لا غالبية حقيقية بين حزبيي اياد علاوي ورئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي.

- 31 اب/اغسطس : انتهاء المهمة القتالية الاميركية.

- 10 تشرين الثاني/نوفمبر : اتفاق على تقاسم السلطة.

- 21 كانون الاول/ديسمبر : حكومة وحدة، تكتمل في شباط/فبراير 2011

-- 2011

- 03 آب/اغسطس: ضوء اخضر عراقي لبدء مفاوضات حول الابقاء على مدربين عسكريين اميركيين بعد 2011. وفي 8 ايلول/سبتمبر البنتاغون يؤكد تأييده لابقاء ما بين ثلاثة الاف واربعة الاف جندي.

- 15 اب/اغسطس : 74 قتيلا في اعتداءات يتبنى معظمها تنظيم القاعدة في العراق.

- 21 تشرين الاول/اكتوبر : اوباما يعلن رحيل 39 الف جندي اميركي ما زالوا في العراق بحلول نهاية العام. ويرغب البلدان في ابقاء قوة لتدريب الجيش العراقي لكن واشنطن تطالب بالحصانة القضائية لعسكرييها الامر الذي رفضته بغداد.

- 9 تشرين الثاني/نوفمبر الى 7 كانون الاول/ديسمبر : الجيش الاميركي يسلم العراقيين قواعده الجوية في بلد (شمال بغداد) والاسد (غرب) وكذلك قاعدة فيكتوري قرب بغداد.

وما زال اقل من سبعة الاف عسكري ومتعاقد مدني من وزارة الدفاع الاميركية متمركزين في اربع قواعد.

الاميركيون يغادرون العراق والمشاكل باقية

تواصل القوات الاميركية مغادرة العراق لتنهي وجودها الذي استمر ثمانية اعوام، الا ان مشاكل البلاد لا تزال على حالها.

- المناطق المتنازع عليها:

الاكراد، وان اكتفوا بالسيطرة على اقليم كردستان العراق بدون المطالبة بالاستقلال، فانهم ينازعون حكومة بغداد المركزية على السيادة في مناطق تمتد على اربع محافظات بينها مناطق غنية بالنفط ابرزها كركوك.

- المتمردون وتنظيم القاعدة:

رغم انخفاض معدلات العنف مقارنة بالذروة التي بلغتها بين عامي 2006 و2008، وذلك بفضل التحالف بين العشائر والقوات الاميركية، لا تزال الهجمات والاغتيالات واعمال القتل مستمرة. وتقوم "دولة العراق الاسلامية"، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، بشن هجمات دامية ضد قوات الامن والزوار الشيعة والمسيحيين.

- التوتر الطائفي:

يلقي كثير من العراقيين اللوم على الاميركيين متهمين اياهم بزرع توتر طائفي في البلاد لم يكن موجودا ابان نظام صدام حسين. وتتهم الحكومة العراقية التي يسيطر عليها الشيعة انصار النظام السابق السنة بالتخطيط لاسقاط النظام الحالي لاستعادة السلطة.

- الازمة السورية:

تشترك سوريا مع العراق بحدود تمتد على طول 600 كلم، وقد يدفع سقوط النظام العلوي السوري الذي يرئسه بشار الاسد ووصول السنة الى السلطة الاف اللاجئين للتوجه الى العراق ما سيعيد تاجيج الصراع الشيعي-السني. كما يعتمد العراق بشكل كبير على سوريا في التزود بالمواد الغذائية خصوصا الفاكهة والخضار.

- النفوذ الايراني:

يعتقد ان ايران تمارس نفوذا كبيرا على الحكومة العراقية اضافة الى قيامها بتدريب الميليشيات الشيعية المسؤولة عن تنفيذ هجمات ضد القوات الاميركية، وسط اتهامات اميركية بالعمل على تشكيل "حكومة داخل حكومة" على شكل حزب الله اللبناني.

- ضعف وفساد المؤسسات:

لا وزير للداخلية في العراق منذ عامين، وذلك بسبب الصراع بين الكيانات السياسية. وتعاني المؤسسات الحكومية من الضعف ويستشري الفساد فيها، وقد احتل العراق المرتبة الثامنة بين دول العالم الاكثر فسادا، وفقا لمنظمة الشفافية العالمية.

كذلك تطالب بعض المحافظات بتشكيل اقليم على شاكلة اقليم كردستان الشمالي، فيما ان الجيش العراقي لن يكون جاهزا للدفاع عن حدود واجواء البلاد قبل عام 2020، وفقا لرئيس اركان الجيش بابكر زيباري.

- النفط :

مازال قانون النفط الذي ينظم استغلال هذا المورد الرئيسي لاقتصاد البلاد، في اروقة مجلس النواب بانتظار التوصل لاتفاق حوله.

- المشاكل الاجتماعية:

يعيش ربع سكان البلاد تحت خط الفقر. اوضاع النساء متدهورة منذ اجتياح البلاد عام 2003، ويوجد مليون و750 الف نازح داخل البلاد ولاجئ خارجها.

- الانفصاليون الاكراد:

حزب العمال الكردستاني الكردي وحزب الحياة الحرة "بيجاك" الكردي الايراني المعارض يتخذان من مواقع في شمال العراق معاقل لهم. وتقوم القوات التركية والايرانية بتنفيذ عمليات ضدهم.

- الصراع مع الكويت:

العلاقات العراقية الكويتية متوترة منذ اجتياح قوات صدام حسين للكويت عام 1990، اضافة الى مشاكل تتعلق بترسيم الحدود بين البلدين. كما يتهم العراق الكويت باعاقة وصوله الى مياه الخليج بسبب بناء ميناء سيعيق حركة تصدير النفط العراقي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف