النجيفي: الوضع السياسي هشّ والعراق يواجه تحديات كبيرة

أكد رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي في مؤتمر صحافي رفض برلمان بلاده منح الحصانة لأي جندي أجنبي، محذراً من هشاشة الوضع السياسي، وأكّد رفض توقيع حكومة كردستان عقودا مع شركات أجنبية للتنقيب عن النفط خارج حدود الاقليم.

لندن:قال رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي إن برلمان بلاده يرفض منح الحصانة لأي جندي أجنبي. وشدد على ان بقاء 15 الف عسكري لحماية السفارة الأميركية امر غير مقبول، وحذر من هشاشة الوضع السياسي ومواجهة العراق تحديات ومخاطر كبيرة واشار الى ان البلاد تواجه هيمنة جهة واحدة على القرارات السياسية والأمنية وأكد رفض توقيع حكومة كردستان لعقود مع شركات اجنبية للتنقيب عن النفط في أراضٍ خارج حدود الاقليم.

الانسحاب الأميركي والخلافات السياسية

وحول قرب الانسحاب الاميركي الذي يتم في وقت لم تنه القوى السياسية خلافاتها وتأثير ذلك على أوضاع البلاد، اشار النجيفي خلال مؤتمر صحافي في بغداد اليوم الى ان الوضع العراقي مازال غير مستقر بالكامل وهناك خلافات سياسية وعدم توازن في بناء الدولة اضافة الى التقاطع الموجود في المنهج المتبع سياسيا لادارة الدولة والتعامل مع الدستور.

وقال ان كل هذه الاشكالات يجب ان تحلّ لأن الانسحاب الاميركي واستلام العراق كامل السلطات يضع القوى السياسية امام مسؤولية الجلوس والبحث عن مشتركات لوضع البلد على الطريق الصحيح دستوريا وقانونيا وعلى صعيد احترام حقوق الانسان. واشار الى مبادرة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لتوقيع ميثاق شرف بين الفصائل السياسية ودعوة الرئاسة لعقد قمم سياسية واستعداد رئيس القائمة العراقية للتصالح مع رئيس الوزراء رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي فقال ان هذه كلها مؤشرات ايجابية من اجل الاتفاق على اسس للاتفاق والعمل سوية. وشدد على ان العراق يواجه تحديات ومخاطر كبيرة تتطلب إرادات لتصحيح المسار.

بقاء فريق الناتو في العراق او رحيله

وفي ما يخص عمل فريق الناتو في العراق وفيما اذا كان سينهي عمله في العراق بسبب عدم منح جنوده الحصانة القضائية، أوضح النجيفي ان مجلس النواب غير مقتنع بمنح اية حصانة لأي جندي اجنبي على الأراضي العراقية واشار الى ان الاتفاقية الجديدة مع الناتو معروضة الآن امام المجلس للمناقشة وأهم ما فيه رفض منح الحصانة. وكان حلف شمال الأطلسي قد نفى أمس أن يكون قرر عدم تمديد مهمة التدريب العسكري في العراق بعد عام 2011 وصرح مسؤول في الحلف في بروكسل "لم يتخذ قرار بعد لكن بما ان الحكومة العراقية تطلب منا تمديد المهمة يجب بالتالي تمديد اطارها القانوني ايضا".

وأضاف "ما زلنا نأمل في ايجاد حل والتمكن من الرد ايجابا على الطلب العراقي بتمديد مهمتنا على اساس الاطار القانوني الذي نحظى به منذ 2009".

واشار الى ان مجلس الحلف، الهيئة التي تضم سفراء الدول الاعضاء، لم يتخذ بعد قراره ولم يحصل على تأكيد رسمي بأن بغداد ترفض توسيع الحصانة الى أعضاء البعثة. وقال "الحلف الأطلسي يتفاوض مع الحكومة العراقية التي طلبت منا في وقت سابق من هذا العام تمديد مهمتنا حتى نهاية 2013 والتي تنتهي مبدئيا نهاية 2012". وتابع "هذا الخريف قرر مجلس الحلف ان نفعل ذلك لكن يجب ان نؤمن لموظفينا الاطار القانوني اللازم". وقال ان المفاوضات مستمرة لكن اذا تأكد رفض السلطات العراقية تمديد الحصانة، "فعلى مجلس الحلف الاطلسي درس الأمر". واوضح ان السفراء سيدرسون هذه المسألة "مطلع هذا الاسبوع".
وينص اتفاق بين الحلف الاطلسي والحكومة العراقية على ان يحاسب العسكريون والمدربون في الحلف امام القضاء العسكري للحلف او الدول الاعضاء فيه وليس امام القضاء العسكري العراقي.

الثقة هشة بين القوى السياسية .. وتعديل الدستور

واكد النجيفي ان الثقة بين القوى السياسية ما زالت هشة وهناك رؤى مختلفة لشكل الدولة وتفسير الدستور اضافة الى وجود محاولات هيمنة على القرار السياسي والأمني من قبل جهة معينة لم يذكر اسمها، ولكن يعتقد انه يشير بذلك الى المالكي . واوضح ان الوضع السياسي في العراق حاليا هو عبارة عن شراكة في الحكم وليس مشاركة حقيقية موضحا ان المطلوب هو مشاركة في القرارات واحترام صلاحيات المحافظات وعدم تجاوز المركز عليها.

وحول عمل لجنة التعديلات الدستورية وما اذا كانت هناك حاجة لتعديل الدستور، اشار المالكي الى ان هناك لجنة كانت تشكلت بعد اشهر من المصادقة على الدستور اواخر عام 2005 وهي ثبتت حوالى 50 تعديلا على الدستور لكن الخلافات السياسية حول هذه التعديلات جمّدت عمل اللجنة وأوقفت تنفيذ التعديلات. وأكد الحاجة إلى تنشيط عمل اللجنة من أجل انجاز تعديل الدستور او وضع آليات اسهل من المعمول بها حاليا لإنجاز مثل هذه التعديلات.

استضافة المالكي حول مباحثاته مع اوباما وجاهزية القوات العراقية

وفيما اذا كان مجلس النواب سيستدعي المالكي بعد عودته من واشنطن لشرح أبعاد الانسحاب الأميركي ومباحثاته مع الرئيس باراك اوباما اشار النجيفي الى ان زيارة المالكي الحالية للولايات المتحدة وبدء مباحثاته هناك اليوم الاثنين امر مهم، وقال إن البرلمان سيستضيف المالكي بعد ذلك لسؤاله حول جاهزية القوات العراقية وما تحتاجه من أموال وتدريب وتجهيز للدفاع عن حدود البلاد وحفظ الأمن الداخلي.

وسيجتمع المالكي مع اوباما في واشنطن في وقت لاحق اليوم لفتح صفحة جديدة بين البلدين بعد نحو تسع سنوات من الوجود العسكري الاميركي في العراق. وتأتي هذه الزيارة التي تستمر يومين قبل اقل من ثلاثة اسابيع على نهاية انسحاب القوات الاميركية وبعد حوالى تسع سنوات على اجتياح العراق الذي تمّ من دون موافقة الامم المتحدة بهدف الاطاحة بصدام حسين الذي اعدم نهاية العام 2006.

ويرافق المالكي في هذه الزيارة الثالثة له الى الولايات المتحدة منذ وصوله الى الحكم في ايار/مايو 2006، وزير الخارجية هوشيار زيباري ووزير الدفاع بالوكالة سعدون الدليمي وكبير مستشاريه ثامر غضبان ومستشاره لشؤون الأمن القومي فالح الفياض. واوضح المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان "اوباما والمالكي سيجريان محادثات حول انسحاب القوات الأميركية من العراق وجهودنا لفتح صفحة جديدة في الشراكة الاستراتيجية الواسعة بين الولايات المتحدة والعراق". وتشمل لقاءات رئيس الوزراء العراقي اضافة الى اوباما، نائب الرئيس الاميركي جو بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون واعضاء في الكونغرس للتباحث في شؤون الأمن والطاقة والتعليم والقضاء.

رفض بقاء 15 الف عسكري لحماية السفارة الاميركية

وعن رأيه في التقارير التي تشير الى إبقاء 15 الف عسكري اميركي في العراق بعد اتمام الانسحاب الاميركي من العراق نهاية الشهر الحالي من اجل حماية السفارة الأميركية اكد النجيفي أن إبقاء هذا العدد الضخم أمر غير منطقي ولا واقعي ويجب التحقق من صدقيته من الحكومة. وأكد ان إبقاء هذا العدد الضخم من الجنود امر غير مقبول ضمن علاقات البلدين واتفاقهما ضمن الاطار الاستراتيجي الموقع بينهما.

ولا يزال 6 آلاف عسكري وموظف في وزارة الدفاع الاميركية موجودين حاليا في اربع قواعد في العراق مقابل 170 الف جندي و505 قاعدات عامي 2007 و2008. ومن المقرر ان يسلم الجيش الأميركي المسؤولية الأمنية بحلول نهاية الشهر الحالي لقوات الأمن العراقية البالغ عديدها حوالى 900 الف عنصر عليهم مواجهة تحديات داخلية وايضا الدفاع عن الحدود والمجال الجوي والمياه الاقليمية للعراق.

ويندرج الانسحاب في اطار اتفاق ثنائي وقع نهاية العام 2008 وستبقي الولايات المتحدة مع ذلك 157 عسكريا و763 متعاقدا مدنيا على ارض العراق سيدربون القوات العراقية برعاية السفارة الاميركية.

التحقيق في تفجير مبنى مجلس النواب

وحول التفجير الذي تعرض له مبنى مجلس النواب الشهر الماضي وهل كان يستهدفه هو ام رئيس الوزراء نوري المالكي، اشار النجيفي الى ان التحقيق في الحادث ما زال مستمرا لمعرفة ملابساته حيث طلبت لجنة الأمن والدفاع مهلة أسبوع آخر للانتهاء من التحقيق فيه. وأضاف ان المؤشرات الأولى تبين أن الانفجار لم يكن يستهدف المالكي وانما رئيس البرلمان واعضاءه. وكانت قيادة عمليات بغداد قالت في وقت سابق ان التفجير استهدف المالكي.

وحول تأخر مجلس النواب في تشريع القوانين الاستراتيجية المهمة وانصرافه لقوانين ثانوية اوضح النجيفي ان المجلس شرع في فصله التشريعي الأول 40 قانونا مهما وهناك قوانين مهمة أخرى تنتظره مثل النفط والغاز والمحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى. لكنه اشار الى وجود خلافات سياسية بين الكتل تقف حائلة امام الانتهاء من تشريع بعض القوانين المهمة التي ما زالت تنتظر توافق هذه الكتل حولها. واكد ان هناك 100 قانون ستشرع خلال الفترة المقبلة ومنها 9 مهيّأة للتصويت يوم الخميس المقبل.

رفض عقود حكومة كردستان النفطية خارج أراضي الاقليم

وعن موقف مجلس النواب من توقيع حكومة كردستان اتفاقات مع شركات اجنبية للتنقيب عن النفط في مناطق متنازع عليها تابعة حاليا الى محافظة نينوى الشمالية، اشار النجيفي الى ان اصدار قانون النفط والغاز الجديد والاتفاق عليه أمر مهم جدا لتوحيد العراق وشعور المواطنين أنهم معنيون بتوزيع ثروة النفط عليهم من اجل مصالحهم لكنه شدد على ان اتفاق حكومة كردستان للتنقيب عن النفط في نينوى امر غير مقبول ويعارض الدستور. وشدد على رفض هذا التجاوز وتوقيع حكومة كردستان لأي عقود تخص مناطق خارج حدود الاقليم ولا بد ان يبحث مع حكومته، لأن عقودها التي وقعتها مع شركات اجنبية بهذا الخصوص مرفوضة تماما.

مصير معسكر اشرف

وفي ما يخص الموقف من مصير معسكر اشرف للمعارضة الايرانية الواقع شمال بغداد اوضح النجيفي ان سكان المعسكر موجودون في العراق منذ ثمانينات القرن الماضي، ولكن ليس بصفة لاجئين سياسيين. وتحاول الأمم المتحدة الآن ايجاد دول ثالثة تقبل لجوءهم لترحيلهم اليها وهو امر يوافق عليه العراق ايضا ولكن يجب ان لا يكون هذا الترحيل قسريا وانما متماشٍ مع حقوق الانسان وحفظ كرامة السكان وتسهيل مغادرتهم العراق وليس نقلهم الى مكان آخر داخله.

وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري اكد الخميس الماضي ان العراق مصمم على اغلاق المعسكر نهاية الشهر الحالي، في وقت دعت شخصيات سياسية عسكرية وسياسية اميركية واوروبية في مؤتمر عقد في باريس السبت الماضي، الرئيس اوباما للضغط على المالكي بعدم غلق المعسكر وطالبت الرئيس الفرنسي ساركوزي بمنح سكان المعسكر البالغ عددهم 3400 شخص، اللجوء السياسي على الاراضي الفرنسية.