أخبار

الازمة بين انقرة وباريس قد تطول

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
باريس: قطعت تركيا اتصالاتها الدبلوماسية بفرنسا التي صادقت على قانون يجرم انكار ابادة الارمن ما دفع بالعلاقات الثنائية الى عاصفة قد تطول اكثر من الازمات السابقة لان الاتراك شعروا بالاهانة.وكان رد تركيا على التصويت الفرنسي عنيفا جدا. فقد اعلنت انقرة ذات الاقتصاد الناشئ والتي تعتبر بلدا فاعلا اقليميا لا يمكن الاستغناء عنه، تجميد كل تعاونها السياسي والعسكري مع فرنسا حليفتها في حلف شمال الاطلسي.وغادر سفير تركيا في فرنسا باريس صباح الجمعة بينما يمضي سفير فرنسا عطلة في بلده حاليا.وفي هجوم عنيف على باريس، اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الجمعة فرنسا بارتكاب "ابادة" في الجزائر. وقال "تعرض الجزائريون الى عمليات حرق جماعية في الافران والى الاضطهاد بلا رحمة".واضاف "اذا كان الرئيس الفرنسي (نيكولا ساركوزي) لا يعلم بحصول ابادة فبامكانه ان يسال والده بال ساركوزي (..) الذي خدم في القوات الاجنبية في الجزائر (المستعمرة الفرنسية سابقا) في اربعينات القرن الماضي".واكد ان "الرئيس الفرنسي ساركوزي بدأ يبحث عن مكاسب انتخابية مستخدما مشاعر كراهية المسلم والتركي".وقد حذرت تركيا التي ترفض الاعتراف بابادة 1,5 مليون ارمني في عهد الامبراطورية العثمانية (بين 1915 و1917) التي اعترفت بها فرنسا وعشرين بلدا اخر، من هذا السيناريو.وزارت عدة وفود تركية برلمانية وارباب عمل عبثا العاصمتين في محاولة الحؤول دون التصويت على مشروع القانون الذي يجرم بالجسن انكار الابادة.واكد مصدر حكومي تركي لفرانس برس طلب عدم ذكر اسمه ان "النص ينتهك حرية التعبير ويمس كبرياء الاتراك".واضاف مستذكرا الازمات السابقة بين البلدين حول ابادة الارمن، ان تركيا سنة 2011 لن تكون "كبش فداء" الفرنسيين عشية كل انتخابات في محاولة استدراج اصوات الجالية الارمنية التي تعد نحو نصف مليون نسمة.وقد فرضت تركيا بقيادة حكومة اردوغان الاسلامية المحافظة نفسها اقتصاديا بنمو قياسي بلغ 9,6% خلال الاشهر التسعة الاولى من 2011 ودبلوماسيا حيث تحولت الى فاعل يتمتع بوزن كبير ونموذج لدول "الربيع العربي".وقد تقصى فرنسا من منطقة النفوذ التي بنتها تركيا وخصوصا في ملف سوريا الحساس لان اردوغان امر بتجميد المبادلات السياسية مع باريس وكل تعاون عسكري.واعلن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الجمعة "لم تعد تركيا في موقف دفاعي. انها الان نشطة وقوية على كافة الجبهات (...) والزمن الذي كانت تفرض فيه علينا كل الاشياء قد ولى".وفي 2006 خلال اول محاولة مصادقة على مشروع قانون من هذا النوع في مجلس الشيوخ الفرنسي ركز رد انقرة على المجال الاقتصادي لكن الرد اليوم تدريجيا اكثر من ذي قبل.ففي مرحلة اولى سيقتصر على الجانب الدبلوماسي والعسكري كما اشار اليه يوسف كانلي في صحيفة حريات دايلي نيوز، وقد تدوم طويلا.وكتب المعلق ان "اردوغان اعلن ان هذه المرة ان الرد التركي سيتجاوز بعض الاجراءات الارتجالية الرمزية الرامية الى تهدئة غضب الراي العام التركي".وهاجمت الصحف التركية صباح الجمعة بشدة القانون الذي صادق عليه اربعون نائبا في الجمعية الفرنسية.وعنونت صحيفة راديكال الليبرالية "البؤساء" باللغة الفرنسية بينما كتبت سوزكو بدون مجاملات على صفحتها الاولى "45 مهووسا".

تأثير محدودوالقرار الذي اتخذته انقرة بتجميد علاقاتها العسكرية مع فرنسا، يفترض الا ينجم عنه إلا تأثير محدود لأن البلدين لم يتفقا على برنامج زمني لاي نشاط ثنائي مهم، لكن تعاونهما سيستمر مع ذلك في اطار حلف شمال الاطلسي.والعلاقات الفرنسية التركية على الصعيد الدفاعي، واجهت منذ عشر سنوات توترا بين باريس وانقرة بسبب مسألة "الابادة" الارمنية.وبعد تبني النواب الخميس مشروع القانون الذي يفرض عقوبات على انكار الابادة، اعلنت تركيا ان "المناورات العسكرية المشتركة مع فرنسا وكل الانشطة العسكرية مع هذا البلد قد ألغيت".وردا على اسئلة وكالة فرانس برس، ذكرت رئاسة اركان الجيوش في باريس ان ليس من "المقرر رسميا" اجراء اي "مناورة" بين البلدين.وتنوي تركيا ان تتخذ من الآن فصاعدا، قرارات تتعلق بكل طلب عسكري فرنسي على حدة لاستخدام مجالها الجوي و"باتت ترفض اي طلب من فرنسا حول زيارات تقوم بها سفنها الحربية للمرافىء التركية".ويمكن تطبيق تدابير اخرى "تدريجيا".وتقول باريس ان الجانب الفرنسي لم يقدم اي طلب خاص في هذا المجال.وتشارك باريس وانقرة الحليفان في اطار الحلف الاطلسي في عمليات القوة المتعددة الجنسية في افغانستان. لكن التصريحات التركية تشمل العلاقات الثنائية مع فرنسا وليس انشطة تركيا في اطار الحلف الاطلسي.وفي مجال مبيعات الاسلحة، واجهت العلاقات ايضا توترات سابقة بين البلدين. ففي 2002 ثم في 2004، الغت انقرة عقودا لتركيب انظمة ملاحة للطائرات المطاردة والانتاج المشترك للصواريخ المضادة للدبابات.لكن التقرير السنوي في البرلمان حول مبيعات فرنسا من الاسلحة، افاد ان تركيا التي تمتلك صناعة دفاعية مهمة، حصلت على اقل 1% من الصادرات الفرنسية خلال الفترة 2005-2009 وهي ليست بين كبار زبائن فرنسا.وتعد تركيا ايضا بين البلدان السبعة الزبائن (مع المانيا وفرنسا واسبانيا وبريطانيا وبلجيكا) التي اشترت طائرة الارباص آي400ام المعدة للنقل العسكري الاوروبي، لكن هذا البرنامج المتعدد الجنسيات لن يتأثر بالخلافات الفرنسية-التركية."ابادة الارمن" اعترفت بها عدة دول وترفضها تركيا ''وادت المجازر وعمليات تهجير الارمن في الامبراطورية العثمانية بين 1915 و1917 الى سقوط اكثر من 1,5 مليون قتيل حسب الارمن وبين 250 الفا و500 الف حسب تركيا التي ترفض الاقرار بحدوث "ابادة" رغم اعتراف باريس واوتاوا والبرلمان الاوروبي خصوصا بها.وفي فرنسا، اقرت الجمعية الوطنية الخميس اقتراح قانون يجرم انكار اي ابادة من ضمنها الابادة الارمنية، مثيرة بذلك غضب انقرة.وكانت فرنسا اول دولة اوروبية اتخذت خطوة الاعتراف بابادة الارمن بموجب قانون صدر في 2001 ونص على ان "فرنسا تعترف علنا بالابادة الارمنية في 1915" بدون ان تحمل الاتراك بالاسم مسؤولية ذلك.وعام 2007، فرضت سويسرا عقوبات على شخص قام بانكار الابادة الارمنية تطبيقا للقانون السويسري لمكافحة العنصرية.وكانت مواجهات دامية بين الاتراك والارمن بدأت في نهاية القرن التاسع عشر واسفرت عن سقوط مئتي الف قنيل بين 1894 و1909، حسبما تقول مصادر ارمنية.وفي تشرين الاول/اكتوبر 1914 دخلت الامبراطورية العثمانية الحرب العالمية الاولى الى جانب المانيا والنمسا-المجر.وفي 24 نيسان/ابريل 1915 اعتقل الاف الارمن الذين اشتبهت السلطات بانهم يكنون مشاعر قومية معادية للحكومة المركزية.في 26 ايار/مايو صدر قانون خاص اجاز عمليات الترحيل لكافة المجموعات المشبوهة "لاسباب تتعلق بالامن الداخلي".واجبر السكان الارمن في الاناضول وكيليكيا (المنطقة التي ضمتها تركيا في 1921) الذين اطلق عليهم اسم "العدو الداخلي"، على الرحيل بالقوة الى بادية الشام.وقد سقط منهم قتلى في الطريق او في مخيمات.وكان لعمليات الترحيل هدفان هما الاستيلاء على الاراضي التي كان الارمن يقيمون فيها والواقعة بين تركيا والقوقاز من جهة، والغاء مسألة الاصلاحات عبر تشتيت الشعب الارمني من جهة اخرى.وفي 1920 تم تقسيم الامبراطورية العثمانية وبعد سنتين من ذلك قامت دولة ارمنية مستقلة تحديدا في ايار/مايو 1918.وتعترف تركيا فقط بسقوط حوالى 500 الف قتيل خلال معارك في الحرب العالمية الاولى وعند انتقالهم قسرا الى العراق وسوريا ولبنان، وهي بلدان كانت واقعة حينها تحت حكم السلطنة العثمانية، وليس في "ابادة".وتؤكد ان الامر كان يتعلق بقمع سكان تعاونوا مع العدو الروسي ابان الحرب العالمية الاولى، كما تؤكد ان عشرات الاف الاتراك قتلوا على ايدي الارمن.وفي 29 اب/اغسطس 1985 تم الاعتراف بابادة الارمن من قبل لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة ثم من قبل البرلمان الاوروبي في 18 حزيران/يونيو 1987.اما اليونان، التي لطالما ارتبطت بعلاقات ملتبسة مع تركيا، فاستخدمت دائما مصطلح "ابادة" واقرت في 24 نيسان/ابريل 1996 بتخصيص "يوم لذكرى ابادة الارمن من جانب النظام التركي".وتضم قائمة الدول او البرلمانات التي اعترفت بالابادة الارمنية الاوروغواي (1965) ومجلس الدوما الروسي (1994) ومجلس الشيوخ البلجيكي (1998) والمجلس الوطني السويسري، المجلس الادنى في البرلمان (2003)، ومجلس العموم الكندي (2004) ومجلس الشيوخ الارجنتيني (2005) والبرلمان السويدي (2010).من جهة ثانية، اعترفت لجنة تابعة للكونغرس الاميركي في اذار/مارس 2010 ب"الابادة" الارمنية خلال حكم السلطنة العثمانية.ويعيش حوالى 3,2 ملايين ارمني في ارمينيا في حين ان الشتات الارمني يقدر بحوالى 8 ملايين شخص غالبيتهم في روسيا والشرق الاوسط وكندا والولايات المتحدة وفرنسا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف