المسرحيّ نبيل بهجت: مذبحة المتظاهرين بميدان التحرير ارتكبت بدم بارد

قدّم المخرج المسرحي نبيل بهجت أستاذ المسرح بجامعة حلوان بصفته شاهد عيّان وقائع لما جرى يوم 2 فبراير الجاري في ميدان التحرير بالقاهرة عندما هاجم موالو الرئيس مبارك المحتجين.

القاهرة: أكد الكاتب والمخرج المسرحي د.نبيل بهجت أستاذ المسرح بجامعة حلوان وعضو المجلس الأعلى للثقافة ومؤسس ومدير فرقة ومضة أن ما حدث يوم الأربعاء الثاني من فبراير هو جريمة ضد المصريين المتظاهرين سلميا في ميدان التحرير وسط القاهرة هو جريمة بشعة استندت إلى مخطط شيطاني.

ووثق د.بهجت ما حدث في ذلك اليوم في بيان له وزع عبر الإنترنت، قال فيه أنه باعتباره شاهد عيان على ما حدث لابد أن يقول "لكم توثيقا لما حدث لنا في تلك الساعات العصيبة ودليلا على إجرام نظام الديكتاتور مبارك. توقع البعض أن ينخفض عدد المتظاهرين فى الميدان نسبيا بعد مسيرة المليون والتي وصل تعددها الي ما يزيد عن الخمسة ملايين تقريبا، وبالفعل جاء الأربعاء لينخفض العدد، ونفاجأ عند الصباح ببعض المشبوهين يقفون عند بوابات الدخول يهتفون لمبارك ولقد شعرت بالأسى، عندما رأيت وجوه مؤيديه فعلا شعرت بالأسى الذي وصل إليه مبارك وما كان يتحدث عنه ليلة أمس من أن التاريخ سيفصل بينا، لقد سكب الماء علي جبل من الرمل يدعي تاريخه عندما استعان بهؤلاء المأجورون ليمثلوه".

وأضاف "أدركنا منذ البداية أن هؤلاء العشرات حفنة مأجورة، مر اليوم وبدأنا نسمع في الثانية عن أنباء تجمع بضع المئات عند ميدان عبد المنعم رياض، كنا في البداية نظنهم جاءوا للتظاهر للتشويش، ولكنهم بدأوا الاحتكاك بنا، وتلا ذلك في تمام الثانية والنصف تقريبا جلبة وأصوات سياط وفوجئنا بالبلطجية فوف الخيول والجمال يحملون السنج و السياط و العصي، وكأن الهجانة التي لم نشاهدها إلا في الأفلام تعود من جديد ليضربوا الناس بالسياط نالني احدي سياطها، ولكن بعد فترة وجيزة سيطر الشباب علي أحدهم وأخذوا منه حصانه، فدب الخوف في قلوب رفاقه وتراجعوا، هكذا كان المشهد الأول من الاحتكاك المباشر احتمى الشباب بعدها ببعض العربات وصنعوا من ألواح الصاج التي كانت تستخدمها المقاولون العرب في موقع الأحداث حائطا متحرك لصد هجوم بلطجية مبارك الذين جاءونا بالسنج والجنازير والسياط والأسلحة البيضاء.

واستطرد د.بهجت "بعد هذه الهجمة تراجعوا و تجمعوا ليوحدوا صفوفهم و كأنها الحرب وتشكلت لدينا الخطة سريعا، فنحن عزل وأوحوا إلينا بالسلاح عندما أخذوا يهاجموننا بالحجارة .. إنها الحجارة .. ولكن للأسف فرض علينا سلوكنا تنظيف الميدان، فلم يكن لنا بد من استخدام بلاط الميدان وتكسيره إلي قطع صغيرة تشكلات مجموعات عمل سريعة لتكسير البلاط وأخري لحمله ودفعه للرماة وفريق استطلاعي يرصد تحركات مجموعات الديكتاتور وأخري توزعت علي المنافذ السبعة للميدان علي مستويين يفصل بين كل منهم قرابة 300 متر كل هذا حدث في أقل من لحظات بدأ الشباب يتراصون في صفوف متتالية، يحضن بعضه البعض بصدور عارية وكأنها قصيدة الكعكة الحجرية لأمل دنقل تتشكل أمامي واقعا بيد الشباب المعتصميين بدأ الوقت يمر علينا، فكانت الفكرة الأولي استدعاء الناس إلي الميدان، ولكن كيف وحظر التجول قد بدأ الآن النظام الفاشي فرضه من الثالثة عصر وحتى الثامنة صباحا لم يكن خيارا إلا الدعم المعنوي فأشاعنا عن أن مظاهرات مؤيدة تزحف إلينا وبالفعل تناقلتها وسائل الإعلام وحدثت مسيرة داخلية لتقنع المرابطين أن المدد وصل وارتفعت معنويات الناس وبدأنا في وضع المتاريس لحماية أنفسنا منهم فقد بدا علي بلطجية النظام احتراف الإجرام لما يحملونه من سنج وسيوف ومطاوي كانت في أيديهم ساعات الهجوم وهتفنا جميعا (حسني اتجنن ) كان الاشتباك الأول عند ساحة المتحف بدأ فعلا بالإضرار به ذهبنا إلي الجيش لم يستجيب قائد الكتيبة التي كانت تقف عند المتحف في الوقت ذاته وضع أحد الضباط في الكتيبة التي تقف في بداية شارع طلعت حرب المسدس في فمه وقال لمن يعلوه إذا لم تأمرني بحماية المتظاهرين سأقتل نفسي و كان الأمر.

وقال "حمي شوارع الجامعة الأمريكية وطلعت حرب والقصر العيني بشكل ساعد المتظاهرين على تخفيف الضغط عليهم بدأنا ننتقل من شارع إلي أخر شاهدت بسالة لم أر لها نظير كانت الأصوات تعلو بالتكبير كالهدير، وكان البعض يطرق علي الحديد ليحدث أصوات كإشارات لتجمع الشباب عند منفذ معين وكأنهم يوقظون الموتى من جديد ينفخون فيهم الروح يقولون ها نحن أبناؤك يا مصر جئنا إليك نجدد ملحمة، وفي الوقت الذي كنا نعاني تحت الضغط نبتكر الحيل لدفعنا بعد أن أنهكنها التعب كان مذياع مقهى قديم يذيع أحاديثه البالية عن دعاة الشغب كان الإعلام الرسمي يقول بكل وقاحة ان الموضوع يتلخص في مجموعتين من البلطجية تتصارعان علي الميدان، وكان بعض المراسلون يضللون الرأي العام ويزعم بعضهم ان بيننا إيرانيين وأفغان وباكستانيين لهذا الدرجة نسوا وجهنا!".

وأوضح "لم يكن بينا إلا بعض مرسلو وكالات الأنباء الأجنبية فمن أين جاءوا بهذا الوجوه قال بعضهم إننا أخوان في الوقت الذي كنت أري بعيني مثقفين وفنانين وأساتذة جامعة أعرف مواقفهم السابقة ضد الأخوان، كل هذه الأكاذيب كانت محاولة منهم لتجييش الرأي العام العالمي ضدنا باستخدام الإسلاموفوبيا لتعطيهم أمريكا إشارة بسحقنا، وللأسف فان برنامج مثل العاشرة مساء ردد مثل هذه الأكاذيب وهو ما جعلنا نصدق ما وصل إلينا من ان الأبناء الهاربين جمال وعلاء للرئيس المنتهية شرعيته، قد هددوا بعض رجال الأعمال بفتح ملفاتهم وهو ما لاحظناه في تغير لهجة المصري اليوم أيضا وجعلني اردد ما قاله هملت "إني أشم رائحة العفن.. عفن.. عفن..".

وقال د.بهجت "لقد وصفنا الإعلام الرسمي بالبلطجة فإذا كان الإعلام الرسمي يري أن عضو المجلس الأعلى للثقافة وعضو اتحاد الكتاب وعضو نقابة المهن التمثلية والأستاذ الجامعي والمسرحي بلطجي، والطبيب الذي كان بجواري بلطجي والشاعر الذي لم أره منذ سنوات وتقابلنا سويا لحظة كان كل منا يلتقط حجر بلطجي ومدير احدي أهم شبكات المعلومات بلطجي وأعضاء هيئة التدريس بلطجية والمهندسون والأزاهرة والقساوسة والمحامون والأطباء الذي جهزوا مراكز لإسعافنا بشكل سريع بلطجية وشباب الجامعات بلطجية وغيرهم وغيرهم، لقد ظل مبارك لا بارك الله له يحكمنا من خلال الإعلام مدة حكمه يلعب به ومعه لغسل عقولنا لا يظهر إلا من وراء حجاب، ومن يسعي لكسر هذا الحجاب حتى وإن كان في سياق ما ألفناه في حواديتنا الشعبية بأن يعطي المظلوم شكواه للحاكم يكن مصيره كما حدث في بورسعيد".

وأشار د.بهجت "لقد استخدم بلطجية مبارك ضدنا أمس قنابل المولوتوف والقنابل المسيلة للدموع، وفريقا من الهجانة وأخيرا الرصاص الحي، يا لهم من متظاهرين حقا !! كان بلطجية مبارك فد كسروا أبواب العمارات المغلفة المواجهة للمتحف المصري واستخدموها لإمطارنا بقنابل الولوتوف والحجارة ولكننا كنا مصرون على الصمود و الدفاع عن أنفسنا و بعد فترة تمكنا من التقدم والقبض على البلطجية المتمركزين فوق العمارات وتم احتجازهم دون إيذائهم، وسيطر المتظاهرون علي كل المواقع التي استولي عليها بلطجية مبارك من أسطح المنازل واحتجزنا منهم علي ما يقارب من15 فرد وكان مثبت في هوايات بعضهم انهم رجال أمن وأما الآخرون، فكانوا من البلطجبة معتادى الإجرام، حتى إنه كان واضحا جدا أنهم قد تناولوا مواد مخدرة أثرت علي وعيهم بشهادة بعض الأطباء الذين توجدوا بالميدان".

ويواصل د.بهجت شهادته باعتباره شاهد عيان "لقد أعاد مبارك وأعوانه تموضع رجال أمنه من مزورا الانتخابات إلي مزورين لضمير وهتافات الأمة، خرج رجاله ليهتفوا باسمه ومعهم من تم شراؤه من قبل نواب مجلس الشعب وأعضاء حزبه الذي سيكون محظورا قريبا إن شاء الله اشتروهم بوجبة و50 جنيها، وزعم بعضهم علي حسب روايتهم أن من دفع لهم كان فتحي سرور، كهذا قالوا وأخذنا دراجاتهم البخارية وأعلن البعض عن سيطرتهم علي إحدي الدرجات البخارية التي تنتمي للحرس الجمهوري، وعربة شرطة اشتدت المواجهات، واستطاع المتظاهرون تطهير ميدان التحرير من أعوان مبارك من أمناء الشرطة والمرتزقة والسيطرة عليهم وكنا إذا سيطرنا علي احدهم تعلو الصيحات (محدش يضربه ثورتنا ثوره سلمية سلمية حتى بعد أن سقط منا البعض بالرصاص الحي كان بعضنا يلتف حوله من يقبض عليه منهم كسياج لحمايتهم من الغاضبين".

و"نتيجة لهذه المواجهات و قع آلاف الجرحى من المتظاهرين و لم يعد المستشفى الميداني الذي أقيم في أحد المساجد القريبة كافيا لاحتواء المرضى وعشرات الأطباء المتطوعين، فقام الأطباء بإقامة مستشفى ميداني في قلب مكان المواجهات بجوار المتحف المصري".

"وبعد12 ساعة من المواجهات فر الهاربون منهم فوقفوا كوبري أكتوبر بمواجهة عبد المنعم رياض و حوالي الساعة الثالثة صباحا دوت أصوات ست طلقات تخرج لتصيب العزل، فهرول المتظاهرون يحملون المصابون بالأعيرة النارية في الرأس و البطن و الأقدام، وبعدها سمعنا طلقات نارية علي أوقات متفرقة احدها طلقات متتالية ربما يكون مصدرها رشاش إلى ورأينا ما يشبه القناص فوق فندق رمسيس هلتون، وفي تلك اللحظة توجه المتظاهرون لكتيبة الجيش التي كانت تتمركز عند المتحف ولم تبد أي استعداد للتدخل عدي إطفاء بعض الحرائق التي كانت تشعلها قنابل المولوتوف التي كان يلقيها أنصار مبارك من أسطح الأبنية، ومن كوبري أكتوبر اتجه بعضنا إلي هذه الكتيبة بدأوا بالتفاوض معهم ليطلقوا ولو طلقة واحدة في في الهواء، وصرخ فيهم البعض أعطونا أسلاحتكم نحميكم ونحمي أنفسنا هنا تدخل الجيش بعدها سيطر نسبيا علي الموقف بعد أن أصابت طلقات مؤيدو مبارك حوالي 22 فرد سقط منهم قرابة 6 شهداء، وظلت فلول منهم تحاول إنهاكنا بالإشارات البذيئة تارة أو بقذف الحجارة وكنا نعلم انها محاولة لإنهاكنا.. فهم كما تأكدنا رجال أمنه الذين أخفاهم فجأة، وعادوا إلينا في زي مؤيدوه لقد سطر الشباب بدمائهم أمس يوما بطوليا من بطولات هذا الشعب الذي حاول مبارك وأعوانه طمس ملامحه علي مدار 30 عام، كان الشاب يجرح فيذهب إلي إحدي نقاط الإسعافات الأولية يداوي نفسه، ويستريح دقائق يجفف دمائه، ويعود بعدها للمواجهات لم يخرج احد منا دون جرح وكنا نسخر ونقول (من غرزه لعشرة متعتبرهوش مجروح) لم يؤثر في نفسنا إلا قتل بعض المتظاهرين بدم بارد عندما أطلقوا الرصاص الحي علي صدورهم وروؤسهم استقبلنا الفجر وكأنه زائر عزيز، وجاء نور الصباح ليملأناأمل بأن المتظاهرين سيأتون إلينا وقد وفينا لهم ولمصر بوعدنا ان مبارك لن يأخذ الميدان إلا علي أجسدنا".

ويختتم الكاتب المسرحي والأستاذ الجامعي "بدأنا نراهم وكأنهم نبضات أمل تأتي إلينا يحملون معهم طعاما ودواء وكل ما نحتاجه جاءوا ليستلموا مواقعنا وقد وفينا لهم بما وعدنا ونشير الي جروحنا في سخرية ويردد بعضنا (هذا هو مفهوم مبارك للانتقال الآمن للسلطة) لقد كنا ننادي باسقاط النظام ورحيل مبارك و أعوانه من شفيق وعمر سليمان وغيرهم(للملاحظة فقط فان سليمان هو حامل الحقائب الي تل أبيب وهو نفس الدور الذي لعبه مبارك في سبعينات القرن الماضي لا نريد حملة حقائب امن اسرائيل يحكموننا مرة ثانية ) إننا اليوم ننادي بمحاكمة هذا النظام وكل رموزه لقد جاء الصباح ومعه نداء واحد.. حاكموا السفاح مبارك وأعوانه".