هل يُعتقل بوش في سويسرا عن جرائم حرب؟

طرحت صحيفة "واشنطن بوست" السؤال التالي: هل من المحتمل أن تعتقل دولة أوروبية، سويسرا على سبيل المثال، جورج دبليو بوش بتهمة ارتكابه جرائم حرب (في العراق وأفغانستان ومعسكر غوانتانامو)؟

مع حقيقة أن في مجرد طرح السؤال إقرارا ضمنيا بأن الرئيس السابق "ربما ارتكب جرائم حرب فعلا"، فقد قالت الصحيفة إن المسؤولين الأوروبيين وبعض الخبراء القانونيين الأميركيين ردوا على التساؤل قائلين إن فرص هذا الاحتمال غير واردة بالرغم من أنه ممكن من الناحية القانونية البحت.

ومنبع السؤال هو ما ساقته بعض جماعات حقوق الإنسان، بما فيها "منظمة العفو الدولية"، وعناوين صحافية رئيسية من أن بوش يواجه مذكرة اعتقال محتملة من لدن السلطات السويسرية لدى وصوله الى جنيف لألقاء خطاب له في عطلة نهاية الأسبوع الحالي.

لكن العفو الدولية تصر على أن الرئيس السابق "قد يواجه تحقيقا في أي مكان في العالم يسافر اليه وقد يواجه المحاكمة عن مسؤوليته في تعذيب السجناء وجرائم أخرى بموجب القانون الدولي، وخاصة على أراضي أي من 147 دولة وقّعت على ميثاق الأمم المتحدة لحظر كل أشكال التعذيب".

ويقول دِك مارتي ، وهو مدعٍ سويسري قاد فريق اللجنة الأوروبية التي حققت في ما يُقال من أن لهيئة الاستخبارات الأميركي "سي آي ايه" سجونا سرّية: "من وجهة النظر القانونية البحت فاعتقد أن من الممكن اعتقاله ومحاكمته. ولكن، من وجهة النظر السياسية الواقعية فلا أظن ان الاحتمال قائم ولا فرص في تحققه مطلقا".

وبالمثل فإن أرماندو سباتارو، مدعي ميلانو الإيطالية الذي كسب قضية ضد "سي آي ايه" في 2003 بعد اعتقالها شخصا اتهمته بالانتماء لتنظيم "القاعدة"، يقول إن اعتقال بوش "ممكن من الناحية النظرية التي ينتهي عندها الأمر ولا يتعداه الى الواقع".

ويضيف هذا القانوني قوله: "تبعا لنظامنا فيجب أو يتوفر واحد أو أكثر من الشروط الداعية لإصدار مذكرة اعتقال: الأول هو أن يكون المجتمع في خطر احتمال ان يكرر الشخص المعني جريمته.

والثاني خطر احتمال ان يتحول الى مجرم هارب، والثالث خطر احتمال أن يستحوذ على الدليل الدامغ ضده ويدمره". وتبعا لسباتارو فبما أن بوش ما عاد على سدة الرئاسة وممنوع بقوة الدستور من توليها مرة أخرى، فإن هاتين الحقيقتين تنفيان كل الشروط اللازمة لاعتقاله، على الأقل بموجب القانون الإيطالي.

ويذكر أن أشهر قضية اعتقل فيها رأس للدولة عن تهم تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان كانت في مارس / اذار 2000 عندما اعتقل دكتاتور تشيلي السابق الجنرال أوغوستو بينوشيه في لندن بمجهود من المدعي العام الاسباني.

وقد حدث هذا بالرغم من تدخل رئيسة الوزراء السابقة مارغريت ثاتشر للدفاع عنه باعتباره "من أقرب أصدقاء بريطانيا وساعدها في حرب الفوكلاند ضد الأرجنتين". وأعيد الدكتاتور الى تشيلي لمحاكمته لكنه توفي قبل بدئها.

ويقول غافين سوليفان، وهو محام لإحدى الجماعات العديدة التي تدعو لاعتقال بوش: "سويسرا ستوفر لنا سيناريو بينوشيه". لكن جون دينغز، مؤلف كتاب "سنوات النسر - كيف نشر بينوشيه وحلفاؤه الإرهاب في ثلاث قارات"، يقول إن بوش لن يكون قلقا إزاء زيارته السويسرية إذ يتعين أولا توجيه الاتهام إليه في مكان ما قبل اعتقاله.

ويقول هذا الكاتب، وهو أيضا محاضر في جامعة كولومبيا: "بالنظر الى الأمور من زاوية بوش، فهو في صحبة جيدة. فهناك ما لا يقل عن 300 من كبار الضباط في أميركا الجنوبية ممن استصدر الإنتربول مذكرات باعتقالهم وترحيلهم لكنهم لا يزالون طلقاء.

والمشكلة هي أن بوش لم يتلق اتهاما له من أي جهة. وإلى حين حدوث هذا الأمر فهو حر في السفر الى أي جهة يريد".