صناعة معادلة التغيير السلمي ستتم تبعاً لخصوصية الجزائر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يشدّد جمال بن عبد السلام عرّاب "الائتلاف من أجل التغيير" الذي أعلن عن ميلاده السبت الماضي في الجزائر، على نواياه لإحداث تغيير ديمقراطي حقيقي سلمي هادئ وهادف يتسم بالشمولية والعمق في أقرب وقت وبأقل ثمن وجهد. وفي تصريحات خاصة بـ "إيلاف"، يعلن بن عبد السلام الأمين العام لحركة الإصلاح الإسلامية الجزائرية، أنّ صناعة معادلة التغيير السلمي في الجزائر لن تنحصر في "هوامش ضيقة"، لكن التحرّكات ستتم بحكمة، تبعًا لخصوصية جزائرية تختلف عن النموذجين التونسي والمصري، إذ ستخضع بحسبه إلى جملة من المحددات الداخلية والخارجية.
يُعتبر "التحالف من أجل التغيير" الذي يضمّ أحزابًا وجمعيات ونقابات ومنظمات وشخصيات، بينها رئيس الوزراء السابق "أحمد بن بيتور"، نقطة إيذان بانطلاق مسار التغيير الهادئ في الجزائر، على حد تأكيد الرقم الأول في حزب "الإصلاح" المحافظ.
ويبرز بن عبد السلام، أنّ توافق عدد معتبر من سياسيي ونقابيي وشباب بلاده على إنشاء تحالف التغيير وتبني ميثاقه، أتى ليتوّج سبعة أشهر من العمل بعد طرح مبادرة للنقاش العام في تموز/ يوليو الماضي.
الانفتاح والتوافق لاستبعاد التشرذم والانزلاقات
عما إذا كان يخشى استنساخ حالة التشرذم والانقسام الذي يطبع المعارضة المصرية حاليًا، يلفت بن عبد السلام إلى أنّ الداخل الجزائري متنوع المشارب والتوجهات، ما جعل الساحة المحلية منقسمة سابقًا بين عائلات سياسية، وحتى العائلة الواحدة عانت أيضًا انقسامات وتجاذبات وحزازات كبيرة، وبالتالي يقدّر أنّ الأمر ليس من السهولة بمكان لتجميع قوى المعارضة في جبهة واحدة، لكنّه ليس مستحيلاً كذلك.
ويركّز بن عبد السلام على حرص الائتلاف للتعاطي بواقعية كبيرة مع الساحة المحلية من خلال ممارسة الانفتاح على الآخر ومدّ الجسور مع الجميع في إطار خيار البحث على المشترك، ولو كان ضئيلاً، وإعذار الآخرين في المختلف عليه، تحت شعار "جمع ما يمكن جمعه"، وتأجيل الباقي لظروف مواتية قد تأتي، والعمل على توفيرها.
وتريد نواة "الخامس شباط" أن تكون - بمنظور بن عبد السلام - نقطة توازن وإلتقاء تتوصل إلى الاتفاق بشأن مبادئ الدفاع عن الحريات والحقوق العامة وبناء دولة القانون وإرساء النظام الديمقراطي في الجزائر.
يدافع بن عبد السلام عن نظرته بالقول إنّ الجو العام لدى بدء تشكيلته اتصالاتها لتفعيل مبادرة التغيير في صيف 2010 مع ثلاثمائة شخصية من المنظمات والجمعيات والشخصيات ورجالات الفكر والثقافة والإعلام، لم تكن مساعدة ميدانيًا، لكن (تسونامي) الثلاثة أيام الذي هزّ 42 ولاية جزائرية في الشهر الأخير، أكّد صحة التوجه، وأقنع الجميع بضرورة حراك سمح بظهور أصوات عديدة تطالب بالتغيير، ما أضفى انتعاشة بحسبه على المشهد السياسي المحلي بعد انضمام ما يربو عن الألف شخص إلى لقاء الخامس من شباط/فبراير الجاري.
وعن أفق الأيام المقبلة، يسجّل الزعيم الإسلامي الشاب، أنّ "التحالف من أجل التغيير" لا ينوي الاكتفاء بالتحرك فقط في الهوامش المتاحة والضيقة جدًا، بل يريد الذهاب رأسًا لصنع التغيير المنشود، معطيًا انطباعًا قويًا بتخطيطه لتحرّك أكبر.
بيد أنّ بن عبد السلام يؤكد على التزام أضلاع تحالف التغيير، بالحكمة درءًا لكل المخاطر والانزلاقات التي قد تحدث، متصورًا أنّ تعقيدات الأوضاع في الجزائر تختلف نوعًا ما عن نظيراتها في مصر وتونس، ما يعطيها بعض الخصوصية التي ينبغي مراعاتها، وسط ما يسميه "محددات داخلية وخارجية"، حتى يتجسد التغيير سلميًا وبأقلّ كلفة.
وبشأن أجندة تحالف التغيير، يكشف بن عبد السلام عن عمل حثيث لإعداد أرضيتين، تخصّ الأولى ميثاق شرف داخلي، فيما تتعلق الثانية بلائحة سياسية تتضمن مجالات التغيير سترفع إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة حتى يتسنى فتح حوار وطني حولها.
كما يوضح محدثنا أنّه سيتم التوقيع على الوثيقتين المذكورتين خلال ندوة وطنية عامة، بالتزامن مع مواصلة المساعي إلى توسيع تركيبة الائتلاف الوليد، بحيث يتم توسيعه ليستقطب عددًا إضافيًا من القوى السياسية والجمعيات والمنظمات والشخصيات التي لم تنضم إلى المشروع حتى الآن.
إجراءات بوتفليقة "ذرّ للرماد في العيون"
تعليقًا على التدابير التي اتخذها الرئيس بوتفليقة قبل أسبوع و"مرونته" من حيث تعهده برفع وشيك لحالة الطوارئ المزمنة وفتح التليفزيون الرسمي أمام المعارضة، يقلّل بن عبد السلام من أثر هذه الإجراءات، ويجزم أنّ حركة الإصلاح على منوال حلفائها والشارع المحلي، لا ترى أي انفتاح من طرف السلطة تجاه الأحزاب أو الشعب، بل كل ما هنالك هو محاولة ذرّ الرماد في العيون، وحتى ما يسمى بإجراءات رفع حالة الطوارئ وفتح وسائل الإعلام الثقيلة أمام الأحزاب لا يمكن أن ترتقي إلى مستوى بداية الانفتاح.
كما يجزم بن عبد السلام أنّ مأساة الجزائر اليوم تكمن في فريق من الجزائريين أعطى لنفسه حق الاستيلاء على السلطة بمصادرة الإرادة الشعبية الحرة فارضًا وصايته على الجميع، وممارسًا كل أساليب وأشكال الاحتكار والإقصاء والتهميش تحت شعار "من ليس معي فهو ضدي"، ليكرّس ما يطلق عليه "الاستبداد السياسي والظلم الاجتماعي والفساد الاقتصادي".
ويشدد الناشط الإسلامي على حتمية تسريع التغيير، لكون السلطة التي أحكمت الإغلاق على كل شيء، وأخذت كل وقتها ووظّفت كل مقدرات البلاد الضخمة لمصلحة سياستها، ولم تجن من ذلك سوى الفشل والإفلاس على الأصعدة كافة، تدفع كل جزائري غيور على وطنه وشعبه إلى التحرك لإحداث التغيير المطلوب لإخراج البلاد من الإخفاقات التي تسببت فيها هذه السلطة.