جنوب السودان... بين تحقيق الاستقلال وخطر الدخول في نفق الظلام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
وافق الرئيس السوداني عمر حسن البشير على نتائج الاستفتاء الذي نظم في جنوب السودان، والذي بموجبه سيتم في شهر تموز/يوليوإعلان انفصال الجنوبرسميًا عن الدولة، ما يفتح الباب أمام إقامة دولة جديدة، تكون الدولة 193 في العالم، وسط تساؤلات عديدة حول مستقبل تلك الدولة الجديدة، وأهمها حول العلاقة التي ستربطها بإسرائيل.
يستدل من نتائج الاستفتاء الشعبي، الذي جرى في جنوب السودان، وأعلن الرئيس عمر البشير الموافقة عليه، أن موافقته تعني تكريس استقلال جنوب السودان، وانفصاله رسميًا عن السودان، ما يفتح الباب أمام إقامة الدولة رقم 193 في العالم في تموز (يوليو) المقبل.
فالنتائج التي تم مصادقة الحكومة السودانية عليها تبين أن أكثرية 98.83 % من مواطني جنوب السودان مؤيدة للاستقلال.
إهتمام إسرائيلي بارز
عشية تنظيم الاستفتاء، تابعت وسائل الإعلام الإسرائيلية باهتمام بارز قضية تنظيم الاستفتاء في جنوب السودان، خصوصًا أن الحديث يجري عن قيام دولة لن تكون عربية، وأن إسرائيل قد تحظى بدولة صديقة، وتقيم معها علاقات دبلوماسية، وقد تستفيد من مواردها في النفط، إضافة إلى أن الدولة العتيدة قد يكون لها علاقات خاصة بإسرائيل، نظرًا إلى العلاقة المميزة والخاصة التي كانت قائمة بين إسرائيل ومتمردي جنوب السودان.
إسرائيل دعمت متمردي "انيانيا"
بين الحين والآخر، تنقل وسائل الإعلام عن قيام إسرائيل بتقديم الدعم للمتمردين في جنوب السودان ضد الحكومة المركزية في الخرطوم، وقد اعترف بذلك جوزف لاغو في مقابلة نشرتها صحيفة "هآرتس" كزعيم أول حركة تمرد في جنوب السودان المعروف باب ثورة "انيا نيا"، والتي أطلقها من جوبا كبرى مدن الجنوب.
وقال بعد حرب 67بعثت برسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ليفي اشكول قمت فيها بتوجيه إطراء له بالقول "أنا سعيد بأنكم، شعب الله المختار، غلبتم العرب" وأضفت "أنا أيضاً أحارب العرب، ما يعني أنكم في حال زودتمونا بالأسلحة، سأتغلّب على القوات السودانية التي لن تستطيع بعدها دعم مصر ضدكم". وقد أتت هذه الرسالة ثمارها، وحصلت حركة التمرد "انيا نيا" على أسلحة، وجمعت آلاف الجنوبيين في صفوفها. وأضاف لاغو "الناس كانوا يتهافتون من كل مناطق الجنوب، في النهاية كان لدينا نحو 18 ألف مسلح".
المربح الإسرائيلي- علاقات كاملة
من خلال ما تقدم ممكن قراءة واقع مستقبل العلاقة بين "جمهورية جنوب السودان" ودولة إسرائيل، والبحث عن الفائدة التي ستجنيها إسرائيل من وراء إقامة الدولة الـ193 في العالم، والتي ستكون غير عربية، وتقوم على أرض عربية.
من خلال متابعة التحليلات الإسرائيلية، يظهر أن إسرائيل ستسجل مكاسب من وراء الانفصال المتوقع لجنوب السودان، بعد مصادقة حكومة الرئيس البشير على نتائج الاستفتاء، ولكن المشكلة التي يتخوف منها الإسرائيليون هي طريقة تنفيذ الانفصال، وإذا سيتم بشكل كامل وسريع يمكّن إسرائيل من الحصول على مكاسب أكبرمع الدولة الجديدة.
محلل الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس" تسفي برئيل اعتبر في تحليل عشية الاستفتاء أنه في حال تقرر الانفصال بين جنوب السودان وشماله فإن إسرائيل ستحظى بدولة صديقة، وهي غير مهمتة بالصراع العربي-الإسرائيلي، وهذا الأمر هو نجاح لإسرائيل، لكونها ستكون ذات مساحة، وتحظى بموارد اقتصادية وبشرية كبيرة، إضافة إلى ما تحظى به من وضعية جغرافية وإستراتيجية متميزة في القارة السمراء.
وأشار برئيل إلى أن إسرائيل حين تقيم علاقات دبلوماسية رسمية وطبيعية مع إحدى الدول الأفريقية، كانت تقوم بدعوة وفد من فلاحيها لتعليمهم كيفية زراعة الخضر وغرس البذور التي تنتب ثمار كبيرة، وبعد ذلك تصل الشركات الإسرائيلية إلى الدول الأفريقية لبناء قصور للحكام ومدارس للجمهور، وبمرور الوقت يذهب الإسرائيليون أيضًا لتزويد هذه البلدان بالسلاح لتحارب بعضها البعض.
واستشهد برئيل بتصريح لوزير الإعلام بحكومةجنوب السودان برنابا مارسيال حين قال "إن الجنوب المستقل سيكون صديقًا لكل دول العالم، ولن يعادي أحدًا، وهناك علاقات دبلوماسية بين عدد من الدول العربية وإسرائيل، إذًا لماذا نحن لا نفعل ذلك؟".
بدوره، كتب وزير العدل الإسرائيلي السابق يوسي بيلين في "يسرائيل هيوم" عشية الاستفتاء يقول إن "دولة جنوب السودان الجديدة ستقيم معها إسرائيل علاقات طبيعية، ستكون بحجم فرنسا من حيث المساحة، ومعظم مقدرات السودان من النفط تتركز في الجنوب، بشكل سيساعد إسرائيل على الاستفادة من هذا النفط مقابل تمويل تنمية المنطقة المهملة في جنوب السودان".
الباحثان يوئيل ججنسكي ويونتان شختر، من "معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي" التابع لجامعة تل-أبيب كانا قد أشارا في دراسة حول السودان، إلى أن انفصال جنوب السودان سيكون في مصلحة إسرائيل، حيث ستقيم معها علاقات دبلوماسية، إذ إن المسؤولين في حكومة جنوب السودان قالوها علانية إنه لا مشكلة لديهم في إقامة علاقات مع إسرائيل.
رونين: لا يمكننا معرفة إلى أين ستقودنا عملية الانفصال
برفيسور يهوديت رونين الباحثة في "مركز ديان لدراسات الشرق الأوسط" والمحاضرة في شؤون السودان في جامعة بار أيلان، ذكرت لـ"إيلاف" أن" تاريخ الصراع في جنوب السودان يعودإلى العام 1881 حين قاد السيد محمد أحمد بن عبد الله المهدي ثورة المهدية، ضد الاحتلال الأجنبي للسودان، بريطانيا ومصر، حيث كان السودان تتبع لسلطة مشتركة.
وحققت الثورة المهدية في السودان، انتصارات محدودة في البداية، ثم توالت بعدها انتصارات الثورة في عدد من المعارك، منها معركة شيكان الشهيرة، التي تم القضاء فيها على هكس باشا وجنوده من المصريين والانكليز، وفتحوا مدينة الخرطوم، وقضوا على غوردون، لتنتهي بذلك فترة السيطرة التركية المصرية على السودان.
كانت الأحوال في السودان سيئة في فترة الحكم التركي وفترة عبد الله التعايشي، الذي تلا المهدي في عام 1885، ودخل التعايشي في حروب داخلية وخارجية كثيرة، منها حرب ضد الحبشة، وحاول غزو مصر التي كانت قد صارت مستعمرة بريطانية بصورة رسمية في ذلك الوقت، ولم تتمكن قواته من هزيمة الجيش البريطاني.
في عام 1896 أنذرت الحكومة البريطانية في مصر فرنسا من الزحف في اتجاه السودان، وأرسلت بعثة عسكرية لاحتلال السودان، وكان قائد الحملة الجنرال هربرت كتشنر، قد حاصر التعايشي في أم درمان في أيلول- سبتمبر 1898، وسقطت الخرطوم في يد القوات الإنكليزية المدعومة بجنود مصريين، وبذلك انتهت الثورة المهدية في كانون الثاني/يناير 1899، ووقعت الحكومتان المصرية والبريطانية على اتفاقية تقضي بالسيادة المشتركة على السودان.
بريطانيا فصلت بين السودان ومصر
تضيف يهوديت رونين أن بريطانيا "عملت على فصل السودان فصلاً تامًا عن مصر، وأنشأت نظامًا إداريًا في الشمال، وأقامت في العام 1920 مشاريع اقتصادية جديدة، مثل مشروع الجزيرة، في محاولة لإنتاج القطن وتصديره إلى بريطانيا. لكن في الجنوب كانت السيطرة البريطانية أقل منها في الشمال، حيث تركت السلطة في يد عدد من المسؤولين المدنين، الذين أطلق عليهم لقب البارونات، بسبب سلطتهم شبه المطلقة على مساحات كبيرة في الجنوب.
وفي عام 1946، وبعد الحرب العالمية الثانية، تفاوضت مصر وبريطانيا بشأن تعديل وتنقيح معاهدة عام 1936، وطالبت الحكومة المصرية بريطانيا بالانسحاب من السودان، واقترح البريطانيون بعض التعديلات على الوضع وقتذاك، ولكن المفاوضات أفضت إلى طريق مسدود.
1955 بداية التمرد الجنوبي
وتبين رونين أنه "في آب/أغسطس 1955، وعشية إعلان استقلال السودان، تمرد البعض في جنوب السودان ضد الشمال، حيث كانت هناك شكوك لدى الجنوبيين من سياسات وزارة إسماعيل الأزهري، التي تشكلت في كانون الثاني من العام نفسه.
وفي عام 1958، وبعد تولي إبراهيم عبود السلطة، قامت الحكومة العسكرية بإتباع سياسة التذويب بالقوة مع الجنوبيين، ما أدى إلى مطالبة الأحزاب الجنوبية، وعلى رأسهم "حزب سانو" باستقلال الجنوب.
كما تم تشكيل حركة أنانيا التي بدأت عملياتها العسكرية في عام 1963، وبعد الشد والجذب تم بحث تسوية سلمية للصراع. وفي عام 1972 تم توقيع اتفاقية أديس أبابا، والتي أعطت للإقليم الحكم الذاتي في إطار السودان الموحد، إلا إنه في تموز/يوليو وأيلول/سبتمبر من عام 1983 أصدر الرئيس جعفر النميري قرارات عدة،أطاحت بالاتفاق، منها تقسيم الإقليم إلى ثلاثة أقاليم، والذي كان يريد فرض الشريعة الإسلامية في السودان.
كما تشير رونين إلى أن الحكومة كلفت العقيد جون قرنق، إلا أنه أعلن انضمامه إلى المتمردين مؤسسًا الحركة الشعبية لتحرير السودان، ولها جناح عسكري عبارة عن جيش، وأعلن أن هدف الحركة هو "تأسيس سودان علماني جديد" قائم على المساواة والعدل الاقتصادي والاجتماعي داخل سودان موحد، ورفع شعارات يسارية، فحصل على دعم من إثيوبيا وكينيا، خصوصًا الرئيس الإثيوبي منغستو هيلا ميريام.
وفي العام 1985، وبعد إسقاط الرئيس جعفر النميري بقيادة المشير عبد الرحمن سوار الذهب، عبر انتفاضة شعبية عام 1985، كان هناك أمل في التوصل إلى اتفاق مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، وقام بتسليم السلطة إلى رئيس الوزراء السوداني الصادق المهدي مع قرنق بعام 1986. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1988 تم إبرام اتفاق بين قرنق ومحمد عثمان الميرغني في أديس أبابا، الذي نص على تجميد قرارت أيلول 1983، ولكن هذا الاتفاق لم يأخذ طريقه إلى التنفيذ بعد الانقلاب الذي قاده الرئيس عمر البشير في 1989، والذي تبنى وفرض الشريعة الإسلامية في السودان.
وتوضح رونين أنه في العام 2003 نشبت أيضًا حرب أهلية في إقليم درافور في غرب السودان، وللأسف فشلتكل مساعي تحقيق السلام، والخطر الحقيقي يكمن في تقسيم السودان، وتقول "أنا هنا استشهد بتصريح للشيخ حسن الترابي الذي تحدث عن خطر تفتت السودان وتقسيمه إلى 8 دويلات، والذي قال حان الوقت أن نوجه أصابع الاتهام للغرب، وكذلك اتهم الرئيس البشير".
وأضافت: نتائج الاستفتاء تؤكد مدى وعمق الشرخ بين الجنوب والشمال، وأن جنوب السودان في طريقة لتحقيق الاستقلال عن الدولة السودانية، والسؤال المركزي هو: ما هي صورة وشكل الدولة التي ستكون؟ وكيف سيتم إدارتها، فهناك لا توجد بنى تحتية، ولا يوجد تعليم، والأوضاع الاجتماعية صعبة للغاية.
ويوجد كثير من التساؤلات المطروحة الآن. وهل سيكون النظام الديمقراطي؟ وهل سيتقبل الشمال الانفصال؟ وهل سيكون هناك جنوب وشمال؟ وما هي صورة التعاون بين الدولتين؟ وهل ستحدث ثورة في الشمال أو الجنوب؟ وفي المحصلة النهائية لا يمكننا معرفة إلى أين سيصل الأمر في السودان.
التعليقات
supporting Isreal
supporting Isreal -الدور الذى تلعبه امريكا مع روسيا و اسرائيل و غيرهم لا احد يعرف من مع من و من ضد من الهدف منه يتقابل الجيشان فـ يقع الخائن قالت هذا لى اليسا و انا اشاهد فيلم تقريبا امريكا فيه القوه عملت اثنين طابور كل منهم فى الغابه تقابلوا و بينهم و قع الخائن كان جندى احدى الفريقين كان هذا ايضا فى شقتى لكن بدون مقابله
supporting Isreal
supporting Isreal -الدور الذى تلعبه امريكا مع روسيا و اسرائيل و غيرهم لا احد يعرف من مع من و من ضد من الهدف منه يتقابل الجيشان فـ يقع الخائن قالت هذا لى اليسا و انا اشاهد فيلم تقريبا امريكا فيه القوه عملت اثنين طابور كل منهم فى الغابه تقابلوا و بينهم و قع الخائن كان جندى احدى الفريقين كان هذا ايضا فى شقتى لكن بدون مقابله