عمر سليمان ووائل غنيم... وجهان مميزان لثورة مصر

يستعد المتظاهرون في مصر للمشاركة في "يوم زحف" ينطلق من محافظات مصرية عدةالجمعة باتجاه القاهرة، في وقت تتحدث فيه تقارير صحافية عن ما وُصف بـ "الوجهين المميزين لمصر"، الأول هو نائب الرئيس عمر سليمان، والآخرالشاب وائل غنيم، الذي يقول إنه ساهم في إشعال فتيل الانتفاضة.

في وقت يُنتَظر أن تحتشد فيه يومالجمعة الملايين للمشاركة في التظاهرات التي ستنطلق في ميدان التحرير وعدد من المحافظات المصرية ضمن ما أسماه المحتجون "أسبوع الصمود"، أبرزت اليوم الخميسصحيفة الغارديان البريطانية من وصفتهما بالوجهين المميزين لمصر في تلك الأثناء، بعيداً عما يحدث من تظاهرات في ميدان التحرير.

وبدأت الصحيفة حديثها بنائب رئيس الجمهورية، عمر سليمان، حيث امتدحت طريقة قصّ شاربه، والبدل الجميلة التي يرتديها. ورغم تأكيدها على ما يتمتع به من ذكاء، إلا أنها أشارت في الوقت عينه أيضاً إلى أنه شخص غامض بطبيعته، وأن كلماته تهدف إلى أن تكون مطمئنة، لكن يصدر منه بين الحين والآخر تلميحاً بوجود خطر ما.

ثم تابعت بقولها إنه قد يكون أقل مكراً وأقل تحكماً في الأمور عما يحب أن يظهر، لكن هذا كله يُشكِّل ملامح وجه أحد الناجين، والمصلحين، والمؤمنين بالسلطة على آخرين من الثعالب القديمة مثل نفسه، التي تنقلها حركات جسمه بوضوح تام.

ثم انتقلت الصحيفة للحديث عن الوجه الآخر، وهو الخاص بالناشط الشاب، وائل غنيم، الذي يقول إنه ساهم في إشعال فتيل الانتفاضة من خلال تدويناته على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك. واستشفت من أحاديث غنيم أنه صاحب شخصية محتشمة وخجولة، وأبعد ما تكون عن المكر. ورأت أيضاً أن إصراره على أن يكون للحركة الاحتجاجية طابع متنوع ورفضه القيام بدور قيادي يظهر تمتعه بتواضع مُرضٍ.

وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن أمانته في الاعتراف بأن آماله لم تكن تشمل في البداية الإطاحة بالرئيس مبارك، وحرصه التأكيد على حقيقة أنه لم يتعرض لمعاملة سيئة خلال فترة احتجازه، ومشاعر الحزن التي طغت عليه عندما عُرِضت عليه صور لبعض ممن لاقوا حتفهم في ميدان التحرير - كل ذلك أظهر امتلاكه لقلب وعقل مفتوحين.

وأرجعت سر توافد المحتجين على ميدان التحرير بمثل هذه الأعداد يوم الثلاثاء الماضي إلى ظهور غنيم في إحدى البرامج التلفزيونية مساء يوم الاثنين الفائت. وفي اليوم نفسه الذي كان يأمل فيه النظام القديم فقدان الثورة لزخمها، حدث العكس، ونجحت الثورة في حشد قوة جديدة.

وبات من الواضح أن المحتجين لن يتمكنوا من مغادرة الميدان لأنه مهم للغاية من الناحية الرمزية، ومع هذا، تبين أن مجرد الوجود في الميدان ليس كافياً. من ناحية أخرى، لا يمكن للنظام أن يفض المظاهرات باستخدام القوة، لأن ذلك سيكون النوع الخاطئ من الانتصار بالنسبة إليه.

بعدها، انتقلت الصحيفة لتؤكد أن معظم الناس لا يؤمنون بوسائل الإعلام الحكومية، داخل مجتمع شبه سلطوي مثل المجتمع المصري. وأضحوا يعرفون أن بمقدورهم توقع القليل على صعيد الدقة والإخلاص في تلك الوسائل.

ورأت أيضاً أن إعادة بث قناة الجزيرة أخيراً على النايل سات، وهو التنازل الذي كان يتعين على النظام أن يُقدِّمه، سوف تعزز من ظهور وسائل إعلام موازية وأكثر قوة، مع زيادة جرأة أبواب وسائل الإعلام القديمة التي كانت على درجة من الاستقلال.

وختمت الغارديان بقولها إن رد فعل سليمان الأول كان محاولة السيطرة على السرد السياسي. فمن خلال مزاعمه عن وجود تدخل أجنبي، حاول أن يصف المتظاهرين بأنهم ضحايا، يتم استغلالهم من قِبل قوى خارجية خبيثة.

ومن خلال وصفه للقاءات المتناغمة التي حضرها مع جماعات المعارضة، حاول أن يوحي بأن عملية المصالحة تسير على قدم وساق. وبإشاراته المستمرة إلى رغبات الرئيس، حاول أن يظهر توافقاً غير موجود في الآراء على الحاجة إلى بقاء مبارك في منصبه.

ومع أن كل ما يتعين على سليمان أن يقوله ليس خاطئاً، إلا أن رواية الأحداث التي يعرضها، ومعه النظام، تعتبر مغرضة، في وقت يحتاج فيه الناس تطورًا واعدًا. ويمكن للشعب المصري الآن أن ينظر من وجه إلى آخر، ويقرر من نفسه في أيهما يضع ثقته.