التقرير السنوي لمجلس حقوق الإنسان المصري يتجاهل ثورة يناير
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تجاهل التقرير السنوي للمجلس القومي لحقوق الإنسان المصري أحداث ثورة 25 يناير الماضي، التي أطاحت بنظام الرئيس حسني مبارك. وكان التقرير تنبأ بتلك الثورة قبل حصولها عبر تحذيره من خطورة عدم حصول المواطنين على حقوقهم.
تجاهل التقرير السنوي للمجلس القومي لحقوق الإنسان المصري أحداث ثورة 25 كانون الثاني - يناير الماضي، وأطاحت بنظام الرئيس حسني مبارك في 11 شباط - فبراير الجاري، رغم أن التقرير صدر أمس، أي بعد انتصار الثورة بثلاثة أيام، ورغم أنه من المفترض أن يغطي الفترة من منتصف فبراير 2010 حتى منتصف فبراير 2011، وكان من الممكن تأجيل صدوره لحين إعداد فصل عن الثورة، لا سيما أن التقرير السابق تأخر صدوره لأكثر من ثلاثة أشهر، بناء على طلب وزارة الداخلية، لحين الإطلاع عليه والإنتهاء من ردودها على الشكاوى المقدمة ضدها من مواطنين ومنظمات حقوقية.
غير أن التقرير تنبأ بتلك الثورة عبر تحذيره من خطورة عدم حصول المواطنين على حقوقهم الإقتصادية والإجتماعية، وتدني الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار السلع الغذائية والأدوية والخدمات والسكن. وقد صدقت توقعاته حيث إندلعت الثورة إحتجاجاً على تلك الأوضاع بالأساس.
ومما جاء فيه في هذا الإطار "إستمرت بواعث القلق من التباطؤ في تلبية وإعمال الحقوق الإقتصادية والإجتماعية خلال العام الماضي، وخاصة في ظل استمرار تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على الأداء الاقتصادي الوطني للعام الثاني، واستمرار ظاهرة الاحتجاجات الاجتماعية للعام الرابع على التوالي للمطالبة باحترام حقوق العمال وزيادة معدلات الأجور ومواجهة الغلاء المتزايد وبهدف تحسين أحوال المعيشة.
يأتي ذلك في ظل الرقابة على الأسواق الضعيفة نسبياً، وبينما شهدت غالبية دول العالم انخفاضاً ملحوظاً في أسعار السلع الأساسية، فقد اتجهت مؤشرات الأسعار في مصر إلى الارتفاع، ما دلل على وجود ظاهرات احتكارية في السوق.
واستمرت أسعار الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والغاز ومياه الشرب خلال العام على ارتفاعها خلال العامين الماضيين، وسط مخاوف من النية لزيادتها، كما استمر العمل بقرار وزير الصحة بالتحرير النسبي لأسعار الدواء، والاستمرار في تفعيل قانون الضريبة العقارية رغم المعارضة الشعبية الواسعة له.
وزادت الشكوى خلال العام من ارتفاع أسعار العقارات دون مبرر، كما ارتفعت أسعار مواد البناء في أعقاب انتخابات مجلس الشعب على نحو متواتر، وبالتبعية ارتفعت القيمة الإيجارية للمساكن، على الرغم من الركود في ظل الأزمة المالية العالمية، وعدم استجابة الدولة للمطالب بالعودة إلى جهود توفير الإسكان لمحدودي الدخل والفقراء، في ظل استمرار القطاع الخاص في المشاريع الإسكانية الفاخرة، فضلاً عن اتجاه الدولة لنزع أراض وإزالة مساكن بعض مناطق لصالح مشروعات استثمارية وليس لصالح المنفعة العامة".
تحذير من بطالة الشباب
كما نبه التقرير لتزايد أعداد العاطلين عن العمل بين الشباب، واعتمد في ذلك على تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن العام 2010، وورد فيه أن "هناك معدل بطالة هائلا بين الشباب بنسبة 87.1 بالمئة في الفئة العمرية من 15 إلى 29 سنة، وقد بلغ في الفئة العمرية من 19 إلى 24 سنة نسبة 49 بالمئة، وفي الفئة من 24 إلى 29 سنة نسبة 26.4 بالمئة. غير أن الخبراء يذهبون إلى أن هذه الأرقام لا تعكس حقيقة ظاهرة البطالة في مصر، حيث أشارت الوحدة الإقتصادية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إلى أن هذه النسبة قد ترتفع إلى الضعف وفق البيانات التفصيلية التي تقدمها الحكومة للبنك الدولي".
شكاوى الحقوق بالجملة
وفقاً للتقرير فإن الشكاوى المتعلقة بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية إحتلت المرتبة الأولى حيث وصل عددها إلى 6426 شكوى مثلت نسبة 71.1 % من إجمالي 10520 شكوى تلقاها منذ بداية العام وحتى 31 ديسمبر 2010.
ومن تلك الشكاوى التي أوردها التقرير تلك المتعلقة بالبطالة والمستحقات المالية والنقل التعسفي والاضطهاد وسوء معاملة والإخلال بتكافؤ الفرص. يلي ذلك شكاوى تتعلق بالحق في السكن والحق في التعليم والحق في الحصول على الرعاية الصحية والحق في الضمان الإجتماعي. وبعض هذه الشكاوى خاص بالطلبات المتعلقة بالمرافق العامة والخدمات العامة، والحق في بيئة نظيفة خالية من التلوث.
الحقوق السياسية في المرتبة الثانية
جاءت الشكاوى المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية في المرتبة الثانية حيث وصل عددها 2350 شكوى مثلت نسبة حوالى 26 % من إجمالي عدد الشكاوى الواردة للمكتب، وتضمنت إدعاء أصحابها وقوع انتهاكات تتعلق بالحقوق الأساسية كالحق في الحياة والحق في الحرية والأمان الشخصي والحماية من الإختفاء القسري، والحق في المحاكمة العادلة ومعاملة السجناء وغيرهم من المحتجزين، والحق في السلامة البدنية. إضافة إلى تعلق بعضها بوقوع انتهاكات للحريات العامة كحرية الرأي والتعبير، وحرية التجمع السلمي، وحرية تكوين الجمعيات.
جاءت الشكاوى التي تتعلق بحقوق المصريين في الخارج وعددها 164 شكوى بنسبة 1.6 %، والشكاوى المتعلقة بالقضايا العامة وعددها 95 شكوى بنسبة 0.9%، وغيرها من الشكاوى شكلت باقي النسبة.
إشادة بالتزامات الحكومة
أشاد التقرير الذي يحمل الرقم سبعة في عمر المجلس بما وصفه بـ"تعميق إلتزامات الحكومة المصرية في مجال تعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان خلال العام 2010، من خلال مراجعة سجل مصر أمام آلية المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة في شهر فبراير 2010، والتعهدات الطوعية التي إلتزمت بها والتوصيات التي قبلتها، فضلاً عن التوصيات التي أصدرتها لجنة الأمم المتحدة للقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة كافة عقب مناقشتها التقريرين الدوريين السادس والسابع لمصر في شهر فبراير 2010.
وأضاف التقرير أن "البلاد خطت خطوة مهمة لتعزيز حقوق المرأة في المشاركة السياسية بتخصيص حصة 64 مقعداً إضافياً لها في مجلس الشعب لدورتين متتاليتين. وتعززت جهود البلاد لمكافحة ظاهرة الإتجار في البشر بإصدار قانون متخصص في منتصف العام وإصدار لائحته التنفيذية قبل نهاية العام، وتبني خطة وطنية متطورة لمكافحة أشكال تلك الظاهرة في البلاد".
"الطوارئ" يحجب الضمانات القانونية
وفي ما يتعلق بقانون الطوارئ أشار التقرير إلى أنه "رغم أن تمديد العمل بقانون الطوارئ اقتصر على حالات محددة بقوة القانون وظل يحجب العديد من الضمانات القانونية، فقد أفضت هذه التعديلات التي أدخلت على قرار تمديد العمل به إلى الإفراج عن المئات من المعتقلين. كما مثلت زيارة وزير الداخلية لسيناء مقدمة مهمة لمعالجة التوترات الأمنية التي شهدتها، وخاصة بعد الإفراج عن بعض المعتقلين.
وانتقد التقرير إستمرار العمل بقانون الطوارئ خلال العام 2010، واستمرار الاعتقالات التي تنصب غالبيتها على الناشطين السياسيين والحقوقيين والصحافيين، وبصفة رئيسة ناشطي جماعة الإخوان المسلمين، وتكثفت أثناء الحملات الإنتخابية لمجلسي الشورى والشعب. حيث تواصل اعتقال أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين بشكل نمطي خلال الفترة التى يغطيها التقرير من مختلف المحافظات، وأشارت مصادر الجماعة نفسها إلى أن سلطات الأمن قد احتجزت قرابة ستة آلاف من ناشطيها في 22 محافظة خلال العام، ولا يزال 37 متهماً منهم محتجزين في نهاية العام.
إنتقادات للداخلية
كما انتقد التقرير في الوقت نفسه الإنتهاكات التي تقع من جانب وزارة الداخلية ومنها انتهاك الحق في الحياة بشبهة التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز أو بشبهة التعسف في استعمال السلطة أثناء إجراءات الضبط والتوقيف، وسقوط قتلى وجرحى في هجمات إرهابية على دور عبادة، أو خلال مصادمات اتخذت طابعاً طائفياً، فضلاً عن نقص الشفافية في التحقيقات المتعلقة بوقائع قتل وإصابة متسللين أفارقة في سيناء. ورصد وفاة ثماني ضحايا بشبهة التعذيب وإساءة استخدام السلطة.
تراجع حرية الفكر والمعتقد
رصد التقرير تراجعاً في ممارسة حرية الفكر والاعتقاد في العام الماضي، فضلاً عن تصاعد الإحتقان الطائفي، فقد استمرت مشكلة الأوراق الثبوتية للبهائيين، مثل بطاقات الرقم القومي وجوازات السفر.
وعلى صعيد ملاحقة أتباع المذاهب، اعتقلت أجهزة الأمن في شهر مارس الدكتور محمد حاتم الشافعي وثمانية أشخاص آخرين على خلفية كونهم من أتباع ما يعرف باسم "المذهب الأحمدي" وتم التحقيق معهم بمعرفة نيابة أمن الدولة العليا خلال شهر أيار مايو، ثم أصدرت قراراً بإخلاء سبيلهم في حزيران يونيو 2010 دون أن توجه لهم اتهامات. وقد عادت الأجهزة الأمنية لاعتقال الشافعي مرة أخرى في 20 كانون الأول ديسمبر قبل أن تطلق سراحه بعدها بثلاثة أيام، وتم سؤاله حول معتقداته الدينية باعتباره من أتباع المذهب الأحمدي.
وألقت مباحث أمن الدولة القبض على عدد من المنتمين إلى المذهب الشيعي، من جنسيات مختلفة فى أواخر شهر تشرين الأولأكتوبر 2010، وقدمت خمسة منهم لنيابة أمن الدولة العليا التى وجهت لهم الإتهام بإزدرائهم الأديان، وعُرض المتهمون على محكمة جنح المرج للنظر في تجديد حبسهم، فقررت إخلاء سبيلهم بكفالة عشرة آلاف جنيه لكل متهم.
كما تعرضت المنتقبات لقرارات إدارية من الجامعات بعدم دخولهن الحرم الجامعي ومنع دخولهن امتحانات نهاية العام، وطالت هذه القرارات أعضاء هيئة التدريس في جامعة القاهرة، بالمخالفة لمضمون أحكام القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا التي أبطلت هذه القرارات.
ورفض التقرير ما اتخذته الدولة في ظل النظام السابق خلال العام الماضي من إجراءات تقييدية لحرية الرأي والتعبير، بدأت في شهر أيلول سبتمبر بوضع قيود على إرسال الرسائل النصية من الهواتف المحمولة أو من خلال مواقع الإنترنت، وخاصة التي تتضمن أخباراً ومعلومات ويجري توزيعها جماعياً. وإيقاف بث إرسال 12 قناة فضائية بشكل موقت وتوجيه إنذار لقرابة 20 قناة فضائية أخرى، فضلاً عن ملاحقة الصحافيين في قضايا رأي ونشر.
القاهرة تحصد غالبية شكاوى التقرير
حول المحافظات التي تعاني مشكلات أو انتهاكات في الحقوق الأساسية فإن محافظة القاهرة تأتي على رأس قائمة الشكاوى خلال العام، إذ بلغ عددها 1355 شكوى بنسبة 12.8% من إجمالي الشكاوى التي تلقاها المكتب، وجاءت محافظة القليوبية في المرتبة الثانية بعدد 617 شكوى بنسبة 5.9 %، تلتها محافظة الجيزة في المرتبة الثالثة بعدد 603 شكاوى بنسبة 5.7 %، ثم محافظة الشرقية في المرتبة الرابعة بعدد 599 بنسبة 5.7 %، ومحافظة البحيرة في المرتبة الخامسة بعدد 547 شكوى بنسبة 5.2 %، ومحافظة المنيا في المرتبة السادسة بعدد 508 شكاوى بنسبة 4.8 %، وجاءت محافظات الدقهلية وكفر الشيخ، وسوهاج، وبنى سويف على الترتيب فى المراتب من السابعة إلى العاشرة.