ولد السالك: القوى الإسبانية صارت أكثر تأييدا لقضية الصحراء الغربية

لم يخف وزير الخارجية الصحراوي محمد السالم ولد السالك في حوار مع (إيلاف) من مدريد، سخط جبهة البوليساريو على مواقف الحكومة الإسبانية تجاه النزاع في الصحراء الغربية، والتي يرى أنها تنكرت لإرادة الرأي العام الاسبانيّ، مؤكدا في الوقت ذاته أنّ جبهته تلقت دعما من قوى إسبانية وأحزاب مختلفة.

مدريد: وصف وزير الخارجية الصحراوي محمد السالم ولد السالك الموقف الإسباني تجاه القضية الصحراوية بالمراوغة السياسية المفضوحة التي تنبع من مصالح فردية داخل الحزب الاشتراكي وتبعيّة للسياسة الفرنسية.

وأكد وزير الخارجية الصحراوي والقيادي في جبهة البوليساريو أن الكرة اليوم في مرمى المغرب لحل نهائي للقضية الصحراوية، وأكد في حوار خاص مع إيلاف أن البوليساريو يقبل بكل الخيارات المطروحة من قبل المغرب بما في ذلك الحكم الذاتي لكن عبر استفتاء الشعب الصحراوي لا غير، كما لم يخف إجماع الصحراويين في مطالبته للبوليساريو بالعودة إلى الحرب في حالة إنسداد طرق تنظيم استفتاء تقرير المصير.
وفي ما يلي نصّ الحوار كاملا:

شرعتم في إجراء سلسلة لقاءات سياسية هنا في مدريد جمعتكم بمختلف الأحزاب السياسية، نود أن نعرف دوافع هذه الزيارة في الوقت الراهن و نتائجها؟

أنتم تعلمون أن كل الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان الإسباني تؤيد حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وقد بدا ذلك من خلال لوائح أصدرها وصادق عليها مجلس النواب والشيوخ الإسبانيين، وقد اجتمعنا مع كل الأحزاب ماعدا الحزب الإشتراكي الحاكم الذي بدا أنه يتخذ خلال الأيام الاخيرة من حكمه مواقف مساندة للمناورات المغربية والاحتلال.

فما عدا هذا الحزب، فقد التقينا عدة أحزاب سياسية على رأسها حزب الشعب وحزب إتحاد اليسار وأحزاب مناطق كتالونيا وكنارياس والممثلة في البرلمان، وقد أعربت لنا في عدة مناسبات عن تأييدها للقضية الصحراوية، وقمنا بإخبارها بالتطورات الأخيرة في المنطقة والقمع الذي يمارسه المغرب ضد الشعب الصحراوي المحتل، لكني أريد الإشارة إلى نقطة مهمة فإن الدولة الإسبانية لها مسؤوليات في منطقة الصحراء الغربية المحتلة حسب القانون الدولي كما أن الإحتلال المغربي يتعارض مع الشرعية الدولية ومخطط السلام الأممي فإسبانيا جارتنا وجارة للمغرب فكل القضايا الحاصلة في المنطقة لها تأثيرات مباشرة على الدول المجاورة بما فيها إسبانيا.

لقد أطلعنا الأحزاب الإسبانية على عرقلة المغرب لمساعي الأمم المتحدة وانتهاكاته لحقوق الإنسان في المنطقة من تقتيل وترهيب للمواطنين الصحراويين فحاليا هناك أكثر من 200 ناشط صحراوي معتقل في السجون المغربية وأكثر من 526 مفقودا صحراويا إضافة إلى نهب الخيرات الصحراوية من جانب المغرب، والحقيقة أننا تلقينا كل الدعم من الأحزاب السياسية الإسبانية التي اجتمعنا بها.

لم تجتمعوا بالحزب الاشتراكي وحسب المعلومات التي بحوزتنا فإن قيادة الحزب أرادت أن يكون اجتماعها بكم مقتصرا على شخصيات من العيار الخفيف..هل هذا ما أزعجكم وجعلكم تلغون اللقاء؟

الحقيقة أن المواقف المفضوحة للحكومة الإسبانية والاحتلال المغربي تجعل اللقاء يصعب على الحزب الاشتراكي، فهم قد لجأوا إلى مراوغات وحجج لإلغاء اللقاء ونحن من جانبنا ألغيناه ولم نقبل بالاجتماع معهم لأنهم لا يريدون الكلام على الإستفتاء رغم ان البرلمان الإسباني أيّد الإستفتاء في منطقة الصحراء الغربية المحتلة، والحل السلمي للقضية لكن الحزب الإشتراكي غير تشكيلة الوفد قبل الاجتماع بنا، و لهذا قررنا عدم الإجتماع كما أنهم رفضوا أن يلتقي وفد جبهة البوليساريو بأحزاب سياسية إسبانية وكانوا يحاولون الإنفراد بالالتقاء بنا وتسويق ذلك للرأي العام الإسباني.

هل ستشمل جولتكم دولا أوروبية أخرى؟

لحد الساعة الجولة تشمل إسبانيا ولقاءات مع أحزاب إسبانية لا غير.

في حالة تولي الحزب الشعبي رئاسة الحكومة الإسبانية خلال الانتخابات القادمة..هل تثق جبهة البوليساريو في مصداقية هذا الحزب لمساندته للقضية الصحراوية والضغط على المغرب؟

الذي يمكن قوله على هذا المستوى وفي هذا الظرف بالتحديد هو أن الحكومة الشعبية قبل 2004 كانت تكرر بأنها تؤيد حق تقرير المصير وتطالب بالاستفتاء ..هذا موقفها قبل فقدانها الحكم وقد عبر الحزب الشعبي عن هذا الموقف على مستوى هيئة الأمم المتحدة و الإتحاد الأوروبي.

فمسألة بقاء الحكومة الشعبية في حالة وصولها للحكم متمسكة بموقفها هذا أمر نجهله، لكن نعتقد أن هناك مؤشرات تدل على ان كل القوى السياسية الإسبانية الآن صارت أكثر تأييدا للقضية الصحراوية وعلى مستوى الرأي العام الداخلي هنا ومن المعقول والمنطقي أن يبقى حزب الشعب متمسكا بموقفه ونطمح على مستوى الجبهة أن يتحقق ذلك.

كيف تفسر قيادة البوليساريو ضبابية موقف حكومة ثابايترو تجاه القضية الصحراوية؟

يكمن في مسألتين: أولا التبعية للسياسة الفرنسية، والأمر الثاني مصالح فردية لأشخاص من الحزب الاشتراكي الإسباني.

البرلمان ومجلس الشيوخ الإسبانيان صادقا خلال نوفمبر الماضي على وثيقة "دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره" لكن نرى أنّ الحكومة الإسبانية لم تراع ذلك؟

دعم الأحزاب الإسبانية والبرلمان كان واضحا و صريحا، وقد أكد مسؤول الشؤون الخارجية في البرلمان خورخي موراغس ذلك، كما اعتبر أن الحكومة الإسبانية لا تخادع الشعب الصحراوي بل تخادع كذلك الرأي العام والشعب الإسباني في اختراق واضح لإرادته.

مرت 5 جولات مفاوضات غير رسمية بين البوليساريو والمغرب و 4 رسمية منذ 2007 ما تقييمكم لكل هذه اللقاءات وهل أتت بمنفعة تذكر؟

القضية تكمن في أن استفتاء تقرير المصير قد جرى دون تنظيمه والمغرب متأكد من إرادة استقلال الشعب الصحراوي ويعرف مسبقا نتيجة الاستفتاء لذلك فهو يعرقل كل مساعي السلام بدعم من فرنسا وأعضاء في مجلس الأمن.

فالمغرب دولة مستعمرة محتلة ولا يريد حلا ديمقراطيا شفافا، لكن الشعب الصحراوي سيواصل كفاحه لنيل الإستقلال كما أن الكرة اليوم في مرمى المغرب والبوليساريو قبل بالتفتح والاستفتاء وهذه مرونة منا.

ونحن تحدينا المغرب ونقبل بكل الخيارات، الاستقلال، الانضمام وحتى خيار الحكم الذاتي، مقترح المغرب للحكم الذاتي نقبله كخيار لكن المغرب لا يريد هذا ويعرف أنه سيخسر الاستفتاء ولذلك يريد تقديم حل الحكم الذاتي دون استفتاء لأنه يعلم نتائجه، وهذا بمعنى أنه يريد أن يشرع الاحتلال تحت راية الحكم الذاتي ولن تقبله جبهة البوليساريو والشعب الصحراوي.

هل تعتقدون أن هناك شرخا في السلطة المغربية بين الجيش والملك محمد السادس حول مسار حل النزاع مع البوليساريو، بمعنى أن هناك تباينا في المواقف داخل الجيش أو حتى داخل القصر الملكي؟

لا يوجد أحد في المغرب سوى الملك محمد السادس فالسلطات في يده، وبعد قراره يأتي القرار الفرنسي.

هل ترون بان قطار المفاوضات قد تعطل بين الطرفين؟

الأمم المتحدة تتحمل مسؤولية ذلك ومجلس الأمن عليه ان يفرض على المغرب تنظيم الاستفتاء قبل فوات الأوان.
والتاريخ وحركته لن تتوقف إلى غاية إسترجاع الشعب الصحراوي لحقوقه المشروعة.

إذن المغرب يعمل على دفع سياسة ربح الوقت بدخوله المفاوضات الرسمية وغير الرسمية مع البوليساريو؟

كل وقت ربحه المغرب سيعود ويلا عليه من الناحية الاقتصادية والسياسية وسيسبح عكس التيار وجلة التاريخ.

هل تم تحديد جولة المفاوضات أو التحاور القادمة؟

ستجرى في مالطا الشهر القادم مارس/ آذار.

سبق وأن هددت الجبهة بمقاطعة المفاوضات ولم تنفذوا التهديد خاصة بعد أحداث العيون، لماذا؟

نحن قلنا إن المغرب يحاول ضرب ونسف المفاوضات وقد تفادينا ذلك في كل مرة وحتى الآن لا نريد توقيف عمل الأمم المتحدة لان ذلك لا يخدم الشعب الصحراوي.
حاولنا التعاون الجدي مع الأمم المتحدة وعدم السقوط في فخ المغرب ومقاطعة المفاوضات وقد عشنا ضغطا كبيرا ورغم ذلك فوتنا الفرص أمام المحتل.

هل ما زلتم تعتبرون بأن كريستوفير رويس المفاوض الأممي قادر على مواصلة مهامه دون ضغط؟

كمبعوث شخصي حاولنا مساندته وما زلنا نفعل ذلك لكن نعتقد ان على مجلس الأمن تولي زمام الأمور في الضغط الجاد على المغرب لتصفية الاستعمار الذي اصدر قراره مجلس الأمن عام 1991.

هل ثقتكم ما زالت قائمة في المخطط الاممي لحل القضية الصحراوية؟

أكيد مازلنا نثق في مخطط هيئة الأمم المتحدة وبعثة "المينورصو" التي تعمل من أجل مراقبة وقف إطلاق النار وتنظيم الاستفتاء الذي نقبله.

هل ما زال خيار العودة إلى رفع السلاح مطروحا ومناقشا في الجبهة؟

هناك إجماع صحراوي اليوم في مخيمات اللاجئين والأراضي الصحراوية المحررة للمطالبة بالعودة إلى الحرب إذا ما إستمر المغرب في مراوغاته ورفضه لتنظيم الاستفتاء.

في الوقت الراهن ألا ترون أن هناك مؤشرات ضعيفة تدل على رغبة محمد السادس في إعلان استفتاء تقرير المصير؟

فعلا نرى أن الملك الحالي ليس له أي رغبة في ذلك ويستمر في المراوغة وسيعود عليه بالسلب عكس ما ينتظره.

الملك الذي لم يقم بالحرب وليس شريكا حقيقيا في السلام والمغاربة في مرحلة من المراحل سينتبهون لهذه القضية..فالمغرب الدولة الوحيدة في إفريقيا التي بقيت خارج الإتحاد الإفريقي ولا يزال يحتل أراضي ليست له.

تم ربط نشاطكم من قبل الحكومة المغربية بنشاط جماعة القاعدة في المغرب العربي، ما ردكم على ذلك؟

المغرب يحاول في كل مرة إلصاق التهم والتخفيف من كفاح الشعب الصحراوي. فسابقا خلال الحرب الباردة كان يقول إن البوليساريو شيوعية ثم إنتقل ليلصقها بالثورة الإيرانية وقال إنها حركة إسلامية والآن مع الإرهاب والمخدرات والجريمة المنظمة، يحاول إلصاق اتهامات تكذبها كل الأوساط بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية بعد أن ذكر بان تنظيم القاعدة يتجه نحو الغرب إلى منطقة الصحراء الغربية، فهم يحاولون القفز على الحقائق.

المملكة المغربية هي المصدرة للمخدرات ونتيجة سياسة الملك جعلت المغاربة يموتون هروبا من المغرب او يلتحقون بالإرهاب لحل أزماتهم، فالمغرب مهدد بالانفجار من الداخل في اي وقت، وعدم وجود استقرار في المنطقة سببه الاحتلال المغربي.

إذن حركة "20 فبراير" المتوقعة في المغرب هي دليل على إنفجار الشعب المغربي ضد النظام؟

الأمر لا يهمنا والذي يهم الجبهة هو ما قام به الصحراويون في قديم إزيك وما عاشته من احتجاجات، فالمغرب زرع الاحتلال وسيحصد الزوبعة التي تنجم عنه لا محال.
وقيدم إيزيك هو دليل على قوة و شجاعة الشعب الصحراوي للدفاع عن حقه وستندلع ثورات أخرى من حيث لا تدري المخابرات المغربية.

ما ردكم على تصريحات وزير الخاريجة المغربي الذي ذكر ان الجزائر والبوليساريو تحفزان على زرع الإضطرابات في المنطقة؟

وزير خارجية المغرب هو وزير خارجية دولة محتلة وتصريحاته مشابهة للفترة الاستعمارية الفرنسية للجزائر عندما كانت تصف الثورة الجزائرية بالخارجة عن القانون وتهدد الدول المجاورة و نظام بريتوريا فعل الشيء ذاته.

المغرب يحاول تصوير أعداء خارجيين لا وجود لهم والجزائر ليست عدوا للشعب المغربي والبوليساريو والنظام المغربي يحارب بشعبه ضد الجزائر وتارة ضد البوليساريو وتارة أخرى ضد موريتانيا،هامش المناورة للنظام المغربي بات قصيرا.

هل عمر النظام الملكي المغربي قصير في نظركم؟

هذا بيد الشعب المغربي.