أخبار

حملة شبابية في لبنان عبر "فايسبوك" لـ "إسقاط النظام الطائفي"

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بيروت: استوحى الآلاف من الشباب اللبناني شعارات الانتفاضات الشعبية المتلاحقة في العالم العربي، ليطلقوا عبر موقع "فايسبوك" الالكتروني، معركة "إسقاط النظام الطائفي" في البلد المتعدد الأديان، وهو في نظر كثيرين بمثابة حلم صعب التحقيق.

وأنشئت أخيرًا على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" صفحة انضم اليها في غضون ايام اكثر من عشرة الاف شخص، وهي تستعيد شعارات اطلقت في تونس ومصر خلال حركتي الاحتجاجات، اللتين اسقطتا على التوالي الرئيسين زين العابدين بن علي وحسني مبارك، ضمن اطار لبناني، وابرزها "الشعب اللبناني يريد اسقاط النظام الطائفي".

وكتب عبدالله حمود في تعليق له على الصفحة "الشعب هو القائد والمعلم. كنّ مرة صانع قرارك". وعلق تشارلي أ.أ. من جهته "يا فقراء، واحرار الطوائف اتحدوا في وجه الفاسدين والطغمة الحاكمة".

واورد كثيرون في تعليقاتهم الليلة الماضية انهم ينتظرون وصول عدد مؤيدي الصفحة الى عشرة الاف، وتبادلوا التهاني عند حصول ذلك، علمًا ان العدد يتزايد في كل لحظة. الا ان الشباب الذين يقفون وراء تأسيس هذه الصفحة يدركون، كما الخبراء، ان خصوصية النظام اللبناني وتعقيداته التي تجعل نجاح "الثورة" التي يطمحون اليها امرا صعب المنال.

ويقول حسن شومان (24 عاما)، الاختصاصي في المعلوماتية وأحد مؤيدي الحملة، "اللبنانيون يتفاخرون باستمرار بحريتهم وديموقراطيتهم بالمقارنة مع الدول العربية". ويضيف ساخرا "الدول العربية لديها دكتاتور واحد. اما نحن، فلدينا على الاقل سبعة او ثمانية"، في اشارة الى القادة السياسيين الذين غالبًا ما يختزلون طوائفهم.

ويتألف لبنان من 18 طائفة مسيحية واسلامية معترفا بها. وهو يتميز عن سائر الدول العربية بنظام يضمن تداول السلطة، وينص على تقاسمها بين الطوائف المختلفة بحسب حجمها.

الا ان الولاء عند اللبنانيين غالبا ما يذهب الى زعيم طائفتهم لا الى الدولة بشكل عام. وتزيد المحاصصة الطائفية من مشاكل الفساد والهدر والزبائنية المستشرية والتي يعاني منها لبنان اصلا، والتي تضاف الى تداعيات حرب اهلية مدمرة (1975-1990) لم تمح آثارها بعد، وأزمات سياسية متكررة.

ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية غسان العزي لوكالة فرانس برس "في لبنان، الكفاءة ليس لها مكان. كل زعيم طائفة يوظف في الدولة المحسوبين عليه، ما يجعل الادارة العامة مهترئة".

ويضيف ان القضاء على هذا النظام الذي يسعى الجميع الى ان يكون له حصة فيه "امر اكثر صعوبة من اسقاط دكتاتور". ويتابع "اذا تمت الدعوة الى التظاهر في الشارع، ضد من ستوجه التظاهرة؟ ضد اي مؤسسة؟ اي مجموعة؟".

ويشير الى انه "حتى السياسيون العلمانيون يجدون انفسهم مضطرين الى العمل من ضمن النظام من اجل البقاء على قيد الحياة سياسيا".

وعلى صفحة "فايسبوك"، يشكك الكثيرون في امكانات النجاح في تحقيق "الثورة"، ويقترح البعض ان تقوم كل طائفة باسقاط زعيمها.

وكتب يحيى فضل الله "نعم لاسقاط النظام الطائفي لان لبنان ليس دولة مدنية بل عبارة عن تجمع طوائف تحكمها احزاب من خلف كانتوناتها الشعبية ويحكمها نظام انتخابات فاسد (...)، ولكن المهمة صعبة جدا".

غير ان اصحاب فكرة "اسقاط النظام الطائفي" يتمسكون بحلمهم، رغم معرفتهم بعمق الانقسام السياسي، الى جانب التحاصص الطائفي، بين معسكرين في لبنان: قوى 8 آذار المدعومة من سوريا وايران، وقوى 14 آذار المدعومة من الغرب. وهذا الانقسام يجعل كل مطلب اجتماعي او معيشي، مطلبا مسيسا.

وكتب رائد رافع في صفحة "الشعب اللبناني يريد اسقاط النظام الطائفي"، "لا 14 ولا 8، نحن الشعب اللبناني".

ويقول ابو الريم، (39 عاما)، احد المشرفين على الصفحة، "العبرة التي يمكن أخذها من ثورتي مصر وتونس هي ان نضع جانبا الاختلافات في وجهات النظر ونبحث عن هدف موحد".

وحدد المشرفون على الحملة يوم السادس من آذار/مارس موعدا "للاجتماع المفتوح الاول لحملة اسقاط النظام الطائفي" في قصر اليونيسكو في بيروت.

ويرى استاذ علم الاجتماع والعضو في المجلس الدستوري انطوان مسرة ان الحل لمساوىء النظام الطائفي لا يكون بالثورات.

ويقول "يجب البدء باحترام القوانين عبر اعطاء الافضلية للكفاءة"، و"التعليم والثقافة غير الطائفية"، الى جانب "تحسين العلاقة بين الدولة والمواطنين".

وبرزت خلال السنوات الاخيرة مبادرات عدة من اجل مكافحة الطائفية المتجذرة، مثل الدعوات الى انتخاب قسم من النواب على قاعدة غير طائفية او السماح بالزواج المدني، المعترف به لكن المحظر عقده داخل لبنان. كما قام ناشطون بتحركات عدة على الارض للمطالبة بالغاء النظام الطائفي، من دون ان يترك كل ذلك اثرا كبيرا. الا ان ابو الريم يعبر عن ثقته بان "لا شيء مستحيل، حتى لو كان الطريق طويلا".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف