"سيف الشيطان" حلّ مكان "سيف الأحلام" وخوف من حرب أهلية

ترك سوريون مثل غيرهم من المواطنين الأجانب المقيمين في ليبيا ممتلكاتهم وأشغالهم، وهربوا حفاظًا على حياتهم، بعدما اندلعت المواجهات في 15 شباط/فبراير. إيلاف التقت بعض الهاربين عبر مطار القاهرة، الذين نقلوا شهاداتهم، وأكدوا أن هناك نقصًا في المواد الغذائية وخوفا من إشتعال حرب أهلية.

في مطار القاهرة، وقف نحو عشرة أشخاص من جنسيات مختلفة ينتظرون الطائرة السورية لتقلّهم الى دمشق. القاسم المشترك بينهم هو أنهم هربوا من ليبيا فارّين بأرواحهم، تاركين أموالهم وأملاكهم. كان الارهاق والقلق واضحًا على محياهم.

رامز الحرّيف مقاول سوري، يعمل منذ عام في بنغازي، قال لـ "إيلاف" إن"الأمور تغلي في بنغازي منذ 25 كانون الثاني- يناير الماضي، فسيف الإسلام كان يعدّ الليبين بكثير من الوعود والآمال، إلا أنها لم تكن تتحقق، وما يتردد هو أن القذافي الأب يقف ضد تنفيذها. فاقتحم الليبيون شققًا فارغة، كان قد وعدهم سيف الإسلام بتملّكها، وسكنوا فيها، إلا أنهم أخرجوا بالقوة منها، وهذا ما كان سببًا مهمًا وأساسيًا في اندلاع المظاهرات" .

سوريون ولبنانيون وأفارقة هاربون

في رأي رامز "ان ما شجّع الليبيين هو نجاح التظاهرات في تونس ومصر" ، وأضاف "قطع القذافي الاتصالات الداخلية والدولية، والشعب احتل الاذاعة، وأحرق أقسام الشرطة، وأخذ أسلحة الجيش". وأشار الى "أن هناك الكثير من الدبابات باتت في يد الشعب، ونحن أربعة سوريين اتفقنا مع سائق تاكسي شاب ليقلنا الى حدود السلوم، وطلب أربعة اضعاف تكاليف الرحلة ووافقنا، وطوال الطريق من بنغازي الى السلوم لم نجد جنديا واحدا، ولم نجد الا ليبيين يمسكون السواطير ليحموا أنفسهم وعائلاتهم، وخرجنا من الحدود من دون أن يختم أحد جوازاتنا".

وقال "ان هناك قتلى ودماء في الشوارع وقناصة فوق رؤوسنا يضربون الناس بالرصاص الحي والطيران يحوم في الجو، كل شيء فوضى ولخبطة". وقال "نحن الأربعة ننتطر الطائرة السورية لتقلنا الى بلادنا، الا أنها تأخرت حوالي الساعتين، واليوم بعد ظهر الثلاثاء قالوا لنا ان طائرة صغيرة تتسع لـ50 راكبا هي التي ستطير الى دمشق".

كما أشار الى مسافرين آخرين" هؤلاء أفارقة، وذلك رجل لبناني مع ابنه هاربين من ليبيا مثلنا، لم يستطع الأب حجز تذكرتين من القاهرة الى بيروت، فقرر السفر الى دمشق، ومنها الى بيروت".

بدوره، أكد مصعب خالد، وهو سوري يعمل في المقاولات أيضا"ان الكهرباء انقطعت في بنغازي، ولم نعد نتواصل مع أهلنا في سوريا بسبب قطع الاتصالات، وعندما وصلنا الى حدود السلوم بعدما دفعنا لسائق التاكسي ألف دينار ليبي لم نجد الا تليفزيون العربية، وكان هناك زحام شديد، وختم المصريون جوازاتنا، وركبنا سيارة من الحدود الى القاهرة". واعتبر مصعب "أن القذافي زرع الفتنة بين الناس عندما اتهم مصريين وجزائريين وتونسيين ببدء التظاهرات".

وحول مشاهداته، قال ان الشعب الليبي يقتل ما ُيقال عنهم "أصحاب القبعات الصفر"، وأشار الى انه "تم ذبح شخص بشرته سمراء في بنغازي، وأخذ الشعب في تظاهراته يطبع منشورات تحضّ على الحفاظ على هذه الانتفاضة الحرة"، وسلّم "ايلاف" نسخة من المنشورات الموزعة.

الشعب الليبي بات ينادي سيف الإسلام بسيف الشيطان

زكريا حصرية يعمل في ليبيا في شركة مصاعد، فتح هاتفه، وقرأ رسالة أرسلتها شركة ليبيانا للاتصالات إلى الشعب الليبي. تقول الرسالة "كتيبة صاعقة ابو عطني تستلم مقر كتيبة أمن بنغازي، وتم سحب الكتيبة خارج بنغازي، يرجى تجنب الاحتكاك والمناوشات، وليكن اليوم بداية عودة الامل والأمان لأهلنا في بنغازي". ولفت زكريا الى أنهم تركوا أموالهم وبيوتهم ومحالهم، متوقعا تدهور الامور بشكل أكبر.

وقال حمزة دباس "ان الذين يقتلون الناس مرتزقة من جنسيات مختلفة، يدفع لهم القذافي 5000 دينار ليبي". واضاف" إنفجر مستودع للاسلحة في طبرق بأيدي الشعب وامتلأت مستشفيات الجلاء والهواري، وفي الجوامع أخذوا ينادون بغية تقديم المساعدات"، وأضاف "الشعب اصبح ينادي "سيف الاسلام" بـ"سيف الشيطان" بعدما كانوا يسمّونه "سيف الأحلام".

وقال في منطقة الماجوري في بنغازي دخل الليبيون الكتيبة التي ُتسمى كتيبة معمّر في ساحة الكيش، وأخذوا كل مافيها، فقد كانت استراحة للقذافي ومنطقة ترفيه له، وسمى الشعب الساحة ساحة الشهداء.

وأكد دباس ان هناك نقصًا في النقود والمواد الغذائية والبنزين والغاز، والوضع في ليبيا صعب جدا في ظل وجود عشائر وقبائل، مشيرا الى ان الوضع بالغ في السوء، والقتلى لايحصى عددهم، متخوفا من اشتعال حرب أهلية حتى لو تنحّى القذافي في ظل تأكيدات عن خلافات حول الزعيم المقبل.

واتفق سوريون آتون من بنغازي ان عدد السوريين كبير جدًا من دون وجود احصاءات دقيقة، وأن دور القنصلية السورية كان هزيلا خلال الازمة ولا يزال، اذ اكتفت بتسجيل أسماء السوريين الموجودين في بنغازي وكتابة أرقام هواتفهم، علما انه لا وجود لاتصالات في ليبيا وشبكات الهاتف متوقفة.