أخبار

المدونات والصحف الإلكترونيّة بـ"الإنكليزية" أداة جديدة لإقناع الغرب

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يخصص شبّان فلسطينيون الكثير من وقتهم للتعبير عن رأيهم بشأن قضيتهم في مدونات باللغة الإنكليزية، معتقدين أن مخاطبة الغرب بلغته هي الوسيلة الأفضل لإيصال الصوت الفلسطيني إلى العالم.

يتوجه الكثير من متخرجي أقسام اللغة الإنكليزية في الجامعات الفلسطينية إلى المدونات والمواقع الإلكترونية الاجتماعية لقضاء الكثير من وقتهم هناك، في الوقت الذي يعجزون فيه عن إيجاد فرص عمل مناسبة لهم، ويعبّر هؤلاء الشباب عن كل ما يدور في الشارع الفلسطيني من أحداث وقصص، بل وتجارب شخصية، ليفرضوا بذلك واقعًا جديدًا على الغرب حول تعاطيه مع القضية الفلسطينية ونظرته إلى الجيل الجديد.

الحرب كلامية وحقوقنا ضاعت بسبب اللغة
فداء أبو عاصي مدونة ومحاضرة لغة إنكليزية تحدثت "لإيلاف" عن تجربتها مع الكتابة الموجهة للغرب باللغة الأجنبية فقالت "ليس لديّ موهبة الكتابة، ولكن خلال تجربة دراستي واختلاطي بالكثير من الأجانب في غزة، رأيت كيف يفكرون وكيف أن صورتنا مشوّهة، لذلك قررت أن أستخدم لغتي الإنكليزية لأكشف الحقيقة، فكل كتاباتي واقعية جدا وليس فيها خيال".

واعتبرت فداء أن اللغة أداة للتغيير، وقالت إن لديها قضية وهدف تحاول إيصالهما، لاسيما أنها لم تذهب خارج غزة، ولذلك تكتب عن كل ما يحيط بها.

وأشارت إلى أن"غزة مليئة بالأجانب، وهما نوعان، منهم من له أهداف وأجندة معينة ويستقطبون فئات محددة ولديهم عبارات خاصة بهم يستخدمونها ليفرضوا ثقافتهم، ومنهم من هو صادق في تعاطيه مع القضية الفلسطينية ومتلهف لمعرفة الحقيقة".

وتابعت قائلة "على الأقل يجب على الأوروبيين الذين يأتون إلى غزة أن يكتبوا ما يشاهدون ويبحثون عن الحقيقة ولا يزورونها، فهم مثلا يتعاملوا مع فئة معينة من الناس في غزة ويضعون الصفة السيئة التي تتصف بها هذه الفئة على كل الفلسطينيين، فإذا وجدوا أن إمرأة مضطهدة فذلك يعني لهم أن الشعب الفلسطيني كله مضطهد".

وبينت "كنت قد تعلمت خلال دراستي في الجامعة أن الحرب هي كلامية، وأن معظم حقوقنا ضاعت بسبب اللغة، خاصة في صياغاتنا للإتفاقيات الدولية، وأنه لا بد لنا أن نكتب دائمًا حتى لو قرأ المقال شخص واحد، لأن هذا الشخص سيتأثر بالمقال، وهذا التقنية أستخدمها الآن مع طالبات الجامعة، وأطلب منهم جميعا توظيف اللغة في الكتابة".

وقالت إن حجم المعلومات الموجودة على الإنترنت باللغة الإنكليزية ليست كافية، ومع ذلك لا تؤيد فداء زيادة حجم المعلومات لأن الناس تعرف كل شيء كما تقول، وتوضح "نحن بحاجة إلى أسلوب جديد في الكتابة بالإنكليزية كي تصل رسالتنا، ونكون قادرين على الإقناع أكثر في هذا الوقت الذي فيه صحوة دولية".

وذكرت أن هناك أكثر من عشرين شخص على الأقل ممن تعرفهم يدوّنون باللغة الإنكليزية، وأن كل شخص من هؤلاء له أهداف واضحة ومحددة، وبينت أن "هناك من يخدم القضية الفلسطينية، وهناك من يبتسم للغرب، ويضع اللوم دائمًا علينا، مع العلم أن الأجانب دائمًا يركزون على الخطأ، ويتركون الأشياء الصواب".

الإعلام البديل أداة جديدة للنضال الفلسطيني

المحلل السياسي وأستاذ اللغة الإنكليزية حيدر عيد قال في حديثه "لإيلاف" إن أدوات المقاومة تطورت بتطور الرأسمالية، وبتطور أدوات القمع، وأن كثيرًا من المثقفين العرب الذين لهم صوت في المشهد الثقافي لم يكن التيار السائد الإعلامي يستوعبهم، ولذلك توجهوا إلى الإعلام الجديد.

وبيّن أن الأدوات المستخدمة هي أدوات نضالية جديدة إلكترونية، وأن ما نمر به الآن هو نهاية حل الدولتين، وأضاف: "للأسف الشديد أن القيادات الفلسطينية الكلاسيكية لا تعرف استخدامها على الإطلاق، بمعنى أن المحامي الفلسطيني التقليدي فشل تاريخيًا، وأعتقد أن اهتمام العالم بما يطرح في فلسطين الآن هو أن هناك بدائل لأدوات المقاومة تضرب إسرائيل في الصميم".

وأوضح عيد أن على القيادة الفلسطينية الجديدة في الداخل والخارج مهمة تاريخية كبيرة جدًا، وهي أن تستغل هذه الأدوات النضالية في تغيير وجهة النظر العالمية. وتابع "نحن قد بدأنا، ودليلي على ذلك أن هناك تقريرًا صدر من مؤسسة رؤية الإسرائيلية قدم إلى مؤتمر هرتسيليا الأخير بعنوان نزع شرعية إسرائيل، وقد ركز على نقطتين، وهما أن الإعلام البديل الذي يستغله الشعب الفلسطيني استطاع أن يقنع المجتمع الدولي أن اسرائيل دولة فصل عنصري بامتياز، والنقطة التانية هي تنامي حملة المقاطعة الدولية ضد دولة اسرائيل، وتحديدا بعد مجزرة أسطول الحرية".

وأشار قائلا إلى أن"لغة العولمة هي اللغة الإنكليزية والصورة، وأن أي لغة أخرى هي مطلوبة لإيصال فكرتنا إلى المجتمع الدولي، ومع ذلك فإن رأس حربة التحرر ليست هي الجالية الفلسطينية الموجودة في أوروبا، والتي تتقن اللغة الإنكليزية، لكن هناك عمودين نضال مهمين جدًا، الأول هو أسلوب التعبئة الجماهيرية الداخلية في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات ومناطقالـ 48، وثانيًا أن النظام الوطني الفلسطيني من خلال التعبئة الجماهيرية يجب أن يبني علاقات استراتيجية مع لجان التضامن الدولي".

ولفت عيد إلى أن من يدوّن هو الفلسطيني، لأن الصوت الذي يجب أن يمثل الفلسطيني هو الصوت الفلسطيني، ولكن من خلال توجيه هذا الصوت إلى لجان التضامن الغربية، وليس العكس، وأضاف "فنحن لا نسمح لأي صوت كان في الغرب أو كان في أفريقيا أن يمثل تطلعات الشعب الفلسطيني، فعلى المتضامن الدولي أن يأتي للتضامن معنا يدًا بيد، ومن خلال تنفيذه مطالبنا وتطلعاتنا".

ورأى أن تطور الإعلام البديل تم استغلاله من قبل الجيل الجديد من الشباب، ومع ذلك أكد أن المؤسسات الأكاديمية الفلسطينية كلها مقصرّة تقصيرًا هائلاً لفهم الأدوات النضالية الجديدة، وتحديدًا في قطاع غزة، وتابع قائلاً "مؤسساتنا الأكاديمية تأثرت كثيرا بإتفاقية أوسلو، وتم تسليع أكاديميا الإعلام، بمعنى أن الإعلام والمعلومة أصبح سلعة تباع وتشترى، وبالتالي مؤسساتنا لا تركز على الإعلام البديل".

ولا يعتقد عيد أن الأدوات الموجودة، والتي يستخدمها الشباب، كافية لإقناع الغرب، ويوضح"كم المعلومات الذي يأتي إلى كل العالم يتم من خلال خمس مؤسسات إعلامية كبيرة، كالسي أن أن وغيرها، وهي تمثل التيار السائد المسيطر".

لا نزال نستورد المعلومة من دول الغرب

فريد أبو ظهير أستاذ الإعلام في جامعة النجاح قال لـ"إيلاف" إن الخطاب الموجه للغرب مطلوب بشكل كبير، ولكن قلة الإمكانيات هي من تحدّ من التواصل مع العالم الغربي، وبيّن أن المدونات باللغة الإنجليزية مفيدة من ناحية عمل وعي تراكمي لدى الشعوب الغربية تجاه القضية الفلسطينية، إضافة إلى قليل من الذكاء والإمكانيات المتاحة، وأشار قائلا: "نجد اليوم معظم الشباب تتقن أبسط مبادئ اللغة الإنجليزية، وتشعر بالفرق الكبير بين هذا الجيل والأجيال السابقة، مع وجود كثير من القضايا الملحة في فلسطين كالإحتلال والقضايا الأخرى".

وعن جهود الجامعات الفلسطينية المبذولة لتطوير مناهج التعليم مع إزدهار التكنولوجيا، قال إن هناك بعض الخطوات التي بدأت في الجامعات خلال السنوات الأربعالماضية وحتى اللحظة لإدخال مناهج الإنترنت في أقسام الإعلام، وبدأ التخطيط والتأسيس لمرحلة مقبلة، وأضاف "ندرس الآن بعض السياقات التي تتناول هذه الأمور، ونعلم الطلاب كيف يوظفوا الإنترنت لخدمة قضايانا وشؤوننا الداخلية، لأن الإنترنت أصبح جزءًا من حياة الإنسان".

ولفت أبو ظهير إلى أنه إذا ما تكاثفت الجهود وزادت المدونات الفلسطينية الناطقة باللغة الإنكليزية فإن الطرف الآخر سيقوم بجهود مضادة، وسيتصدى للدعاية التي تأتي من هذه المدونات والصحف الإلكترونية، وتابع "لكن هناك تغييرًا يحدث في الوطن العربي، يثبت بأن هناك تجذرًا لدى الشباب وإنتماء إلى قافتهم، وعدم الإنحراف عن توجهاتهم وتطلعاتهم".

وحول ما إذا كان المحتوى الذي يطرحه المدونون وأصحاب الصحف الإلكترونية الناطقة باللغة الإنكليزية مؤثرًا في العالم الغربي قال أبو ظهير "في هذه القضية مسألتان، أولها الذكاء، وهو أن تقدم المعلومة بالصور والأرقام والتفاصيل الدقيقة كي لا يستطيع أحد أن يجادل أو يشك فيها، وثانيها كمية المعلومات وتدفقها عبر العالم، لأنه من المعروف أن أكبر كمّ من المعلومات يأتينا من الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، التي تضخّ كمًا معلوماتيًا لا بأس به. أما العالم الثالث فحجم معلوماته قليلة".

ويضرب أبو ظهير مثالاً فيقول "أي شخص يذهب لإعداد تقرير سيكون بحاجة للبحث على الإنترنت، وسيكتشف لاحقا أن المصدر ينسب لمن ينتج أكثر، والغرب هو من ينتج أكثر".

وأضافإن "إنتاج المعلومات لا يختلف عن إنتاج البضائع، وفي هذه الحالة نحن نعتبر مستوردين للمعلومة أكثر مصدرين لها". وقال إنه "كما إن لأوروبا دورًا ورؤية عامة للإعلام وتفاصيله، كذلك لابد لنا من توحيد رؤيتنا ووضع تصورات وخطط يمكن أن تؤدي إلى نتائج".

الإعلام الغربي السائد لا يقدم صورة صحيحة

سابين ستوهير ألمانية تعمل في مجال التسويق، وتتابع بشكل يومي الأخبار الفلسطينية، قالت لـ"إيلاف" إنها اشتركت في خدمة الرسائل الإخبارية التي يقدمها موقع الإنتفاضة الإلكترونية، وموقع حركة التضامن الدولي، ومواقع أخرى. وبينت أن"معظم المعلومات التي أحصل عليها هي من خلال فايسبوك الذي أتابعه يوميًا والمدونات الأخرى، وكذلك فإن كثيرًا من أصدقائي يؤيدون الأنشطة الفلسطينية، ويتابعون الأخبار ذات الصلة.

وأشارت إلى أن هناك مجموعة على الإنترنت تقرأ كل ما ينشر عليها من مقالات، حيث تستطيع من خلالها الوصول إلى كل ما ينشر على وسائل الإعلام باللغة الإنكليزية، وتابعت إن"أكثر المدونات التي أزورها هي لمدوّن إيطالي في غزة يدعى فكتور أريجوني".

وتعتقد سابين أنه من المهم أن يكون هناك أفق واسع للإعلام من أجل معرفة حقيقة الوضع في فلسطين، لأنه كما تقول "من الصعب جدًا الوصول إلى الحقائق عبر الإعلام الغربي السائد والمنحاز تمامًا، والذي لا يقدم صورة صحيحة وواضحة، وأود القول إن التقارير أصبحت كثيرة أخيرا".

وعندما تساءلت "إيلاف" عما إذا زاد الإهتمام الأوروبي بمتابعة التفاصيل المتعلقة بفلسطين، قالت سابين "كما ترى، هذا ما أحاول فعله طوال السنوات الأخيرة لرفع حالة الوعي في ما يتعلق بالوضع في غزة، وأضافت "لقد ترجمت ونشرت مقالات، ودائماً أرسل أخبار فلسطين وغزة عبر الإيميل بشكل منتظم، بعض هذه الرسائل تأتيني مباشرة عبر أصدقاء، ولحسن الحظ فإن قائمة الأصدقاء لديّ قليلة، ولكنني نجحت في أن أجعلهم مهتمين بذلك".

وأوضحت أن"الكثير منا الآن يحاول نشر الكلمة، وقد أصبح كثير من الناس مهتمين ومتفتحين، ويريدون أن يعرفوا أكثر، ووجدت أن كثيرًا من الناس، ومن بينهم الأطفال والشباب، يسألون عن فلسطين، لاسيما مع كثرة الأحداث المتتالية".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
...........
pety -

.............

...........
pety -

.............