أخبار

جدل في إسرائيل حول تغيير نظام الحكم

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في انتخابات 1996 للكنيست الإسرائيلي والتي عقبت اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق يتسحاك رابين في تشرين الثاني/نوفمبر 1995، أسفرت عن فوز زعيم المعارضة آنذاك بنيامين نتانياهو على رئيس الوزراء شيمون بيريز، وتم بعدها انتخاب رئيسي وزراء بنفس الطريقة، قبل الالغاء في 2001.

منذ إقامة دولة إسرائيل عام 1948 جرت 18 انتخابات للكنيست، كان أخرها في شتاء العام 2009 قبل موعدها المحدد وأسفرت عن فوز اليمين الإسرائيلي المتطرف بالحكم، وخلال الحملة الانتخابية طرح حزبي "كاديما" و "يسرائيل بيتينو" مشروع تغيير طريقة نظام الحكم في إسرائيل، وذلك بزعم البحث عن وسيلة تؤمن استقرار سياسي في إسرائيل.

ويعلل من يؤيد الاقتراح انه من بين 18 انتخابات برلمانية فقط 5 انتخابات جرت في موعدها المحدد لها سلفا، فيما جرت 13 انتخابات مبكرة وتم تشكيل 32 حكومة خلال 63 عاما، وانه في العقد الأخير معدل بقاء الوزير في منصبه لا يتعدى الـ16 شهرا.

مع افتتاح الدورة الشتوية السابقة للكنيست الإسرائيلي تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية توصل حزبي "يسرائيل بيتنو" بزعامة وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان وحزب "كاديما" بزعامة رئيسة المعارضة تسبي ليفني، شهد الساحة الحزبية الإسرائيلية تحالفاً مرحلياً بين حزبين أحدهما في الحكومة والثاني في المعارضة لتغيير نظام الانتخابات. حيث أجرى الطرفان مشاورات للعمل على بلورة اقتراح قانون لتغيير نظام الحكم في إسرائيل.

وذكرت صحيفة "معاريف" أن ليبرمان عقد اجتماعاً مع رئيس مجلس "كديما" الوزير السابق حاييم رامون بتكليف من ليفني، وأن هذا الموضوع عاد ليتصدر سلم أولويات الكنيست، كون الحزبان يُجمعان ومُتوافقان على تغيير طريقة الحكم، وأنهما سيحاولان طرح القانون.

يعود طرح هذا الاقتراح من منطلق محاربة عدم الاستقرار السياسي الذي يعاني منه الائتلاف الحكومي في إسرائيل، والضعف الواضح من قِبَل الحكومة في اتخاذ القرارات بالطريقة البرلمانية الموجودة حالياً، وبلورة مسار معين لاقتراح قانون يمنح رئيس الحكومة صلاحيات بقرار رئاسي، يقويه أمام كتل الكنيست الأخرى، ويحافظ في المقابل على قدرة الكنيست كسلطة مراقبة على الحكومة.

علما أن ليبرمان ورئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت قد اتفاقا عشية انضمام حزب "يسرائيل بيتينو" إلى حكومة اولمرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2006 على إحداث تغيير في نظام الحكم، بعد دخوله الائتلاف في حكومة أيهود اولمرت، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006، وتمكن أولمرت من الحصول على نصف أعضاء الكنيست الإسرائيلي إلى جانبه بهدف تغيير نظام الحكم في إسرائيل، بموجب اتفاق وقعه ليبرمان واولمرت ورفائيل آيتان رئيس حزب "المتقاعدين" الذي اختفى في الانتخابات الأخيرة.

القانون يجيز لرئيس اكبر كتلة برلمانية تولي رئاسة الوزراء تلقائيا

النظام الذي يسعى إليه ليبرمان يكون من خلال انتخاب رئيس الحكومة مباشرة وليس باختيار من الرئيس الإسرائيلي، بحيث يصبح رئيس أكبر كتلة برلمانية في الكنيست هو رئيس الحكومة تلقائياً، وهو يعيّن الوزراء بنفسه بعد تشكيل ائتلاف داخل الكنيست من 55 عضواً، أما نزع الثقة من الحكومة فيتطلب 66 عضو كنيست على الأقل. ويتضمن تحديد عدد الوزراء، وإتباع القانون النرويجي حيث يخلي الوزير في الحكومة منصبه في الكنيست، ويكون حل الكنيست من صلاحيات رئيس الوزراء أو من خلال تصويت 73 نائباً على ذلك.

ويذكر أن إسرائيل كانت شهدت تغييرا لشكل النظام ابتداء من انتخابات العام 1996، حيث انتهجت طريقة الانتخاب المباشر لرئيس الحكومة، وتم إتباع هذه الانتخابات مرتين في إطار انتخابات برلمانية، والمرة الأخيرة في العام 2001 كانت لانتخاب رئيس الحكومة وحده، ثم قرر الكنيست إلغاء هذه الطريقة بعد أن تأكد أنها لم تساهم في تحقيق الهدف المنشود: الاستقرار السياسي، ووقف "حالة ابتزاز" الأحزاب لدى تشكيل أي حكومة.

مصطفى: اقتراح القانون يعمق الأزمة وحالة عدم الاستقرار

الباحث في الشؤون السياسة مهند مصطفى قال لـ"إيلاف":" في حقيقة الأمر أن ثمة نقاش سياسي وأكاديمي وإعلامي تشهده إسرائيل في العقود الأخيرة حول الوسائل التي يجب إتباعها لحل أزمة الاستقرار السياسي (الحكومي)، وتنجيع عمل الحكومات وأداءها السياسي والوزاري بشكل ثابت وأفضل.

وأضاف "هناك حالة من الانقسام بين مؤيد ومعارض للفكرة، التي تتضمن تغيير طريقة اختيار السلطة التنفيذية كحل لعدم الاستقرار السياسي، حيث يرى المعارضين أن الأزمة لا تتعلق بالمبنى السياسي وطريقة اختياره، وإنما تتعلق بالثقافة السياسية لدى الأحزاب والنخبة السياسية.

وأشار مصطفى :"هنالك عدة معايير يمكن من خلالها التمييز بين النظامين، المعيار الأول: طريقة انتخاب رئيس السلطة التنفيذية: ففي النظام الرئاسي يتم انتخاب رئيس السلطة التنفيذية بشكل مباشر ولمدة محددة في القانون، لا تعطي هذه الميزة وحدها الصفة الرئاسية للأنظمة، فيما يحتاج المعيار الثاني وهو غياب تبعية السلطة التنفيذية: في النظام الرئاسي، لا تستطيع السلطة التشريعية حل السلطة التنفيذية، إذ يتم اختيار الوزراء أو نقلهم تعتبر صلاحية مطلقة لرئيس السلطة التنفيذية، في النظام الرئاسي يكون الرئيس متحررا من البرلمان أو السلطة التشريعية وغير متأثر بالتغييرات والمسؤولية داخل الأحزاب، بينما في النظام البرلماني فان السلطة التنفيذية بحاجة إلى ثقة البرلمان وهذا الأمر يجعل الأحزاب وصراعاتها الداخلية والخارجية عاملا مهما في عمل السلطة التنفيذية.

وجاء قانون الانتخابات المباشرة كأول محالة إصلاحية جدية في طريقة الانتخابات، على أثر غياب الاستقرار السياسي في سنوات الثمانينات، والذي وصلت ذروته في الأزمة الحكومية عام 1990، حيث ارتبط استمرار بقاء حكومة الوحدة بصوت واحد أو اثنين، واستمرت هذه الأزمة لمدة أربعة أشهر انتهت بسقوط الحكومة، وذلك بحجب الثقة عنها لأول مرة في تاريخ السياسة الإسرائيلية، وبعد سقوط الحكومة تشكلت حكومة جديدة برئاسة "الليكود" وبتحالف مع حركة "شاس"، التي ساهمت من خلال امتناعها عن التصويت على حجب الثقة بإسقاط الحكومة وأصبحت جزء منها فيها بعد .

انتخاب رئيس الحكومة بصورة شخصية اثبت فشله

ويوضح مصطفى أن قانون الانتخابات المباشرة لرئاسة الحكومة الذي عمل به لأول مرة في العام 1996، شكل مرحلة جديدة في السياسة الإسرائيلية ليس على المستوى البنيوي فحسب وإنما على مستوى الثقافة السياسية، حيث يعتبر القانون أول محاولة جدية للإصلاح والتي كان مصيرها الفشل مخلفة وراءها دمارا هائلا على مستوى الأحزاب والثقافة السياسية ومبنى الحكم.

ولكن القانون عمق من هذه الأزمة أكثر من الطريقة السابقة، إذ منح الانتخاب المباشر لرئيس الحكومة قوة كبيرة مقارنة بقوته السابقة، إلا انه لم يضعف الكنيست في قدرتها على إسقاط رئيس السلطة التنفيذية، ونص البند الثالث (د) من قانون أساس الحكومة على انه: "في حالة رفضت الكنيست اقتراح رئيس الحكومة بتركيب حكومته، فانه يشكل انتزاعا وحجبا للثقة عن رئيس الحكومة".
3 رؤساء حكومة انتخبوا مباشرة لكنهم فشلوا

بعد ممارسة القانون لم تكمل أي من الحكومات التي تشكلت على أساس قانون الانتخابات المباشرة مدتها كاملة، فحكومة نتنياهو الأولى سقطت قبل موعدها المحدد بعام ونيف، فيما لم تصمد حكومة ايهود باراك في السلطة نحو عامين، وتلتها حكومة شارون الأولى والتي استمرت لأقل من عامين هي أيضا ولم تنهي ولايتها الدستورية".

راز: اقتراح يكرس الديكتاتورية الشخصية

النائب السابق والناشط اليساري موسي راز قال لـ"إيلاف": باعتقادي أن الحديث الدائر حاليا عن تغيير نظام الحكم في إسرائيل، سيقود البلاد نحو الديكتاتورية الشخصية تحت مسمى الاستقرار السياسي والحكومي، واعتقد أن مساعي حزبي "كاديما" و" يسرائيل بيتينو" لتغيير نظام الحكم لن تنجح! ولكن في حال تم إقرار اقتراح القانون هذا، فان المستفيد الوحيد منه هو ليبرمان واليمين الإسرائيلي.

وأضاف راز :"اقتراح القانون بصيغته المقترحة سيقطع الطريق أمام "كاديما" وكذلك تسيبي ليفني، تولي الحكم في إسرائيل وذلك من خلال قيام أحزاب اليمين بالتحالف مع بعضها البعض ما يعني أن اليمين سيكون له الأغلبية في الكنيست، ما يعني أن "كاديما" وليفني بالذات لا يستطيعان الوصول إلى الأغلبية المطلوب أو أن يكون الحزب الأكبر في الكنيست.

ويبين راز أن الاقتراح المقدم هو أسوا من القانون الذي عمل به في انتخابات 1996 و1999 و2001، إذ انه بموجبه يتولى رئيس اكبر حزب فاز بالانتخابات تلقائيا رئاسة الوزراء، وقد حان الوقت أن تفكر زعيمة المعارضة في إسرائيل بصورة عقلانية وليس من منطلقات واعتبارات شخصية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف