أخبار

إعلام تل أبيب يتعامل مع العرب في إسرائيل من منطلقات أمنية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

كثيرا ما تتباهى دولة إسرائيل بحرية وسائل الإعلام فيها، ويكثر الحديث عن أهمية الإعلام كإحدى ركائز الديمقراطية الإسرائيلية، ولكن الإعلام الإسرائيلي وعلى الرغم من الحيّز الديمقراطي المتاح له في المجتمع الإسرائيلي، إلا أنه يتعامل مع العرب في إسرائيل من منطلقات أمنية بحتة.

يشكل الإعلام الإسرائيلي حالة خاصة مختلفة عن بقيّة وسائل الإعلام في العالم، فإسرائيل التي تتفاخر دائما بحرية "السلطة الرابعة" فيها، تعمل جاهدة من أجل رسم صورة مثالية لها عبر الترويج في وسائل إعلامها المختلفة.

ويلعب الإعلام الإسرائيلي دورا مهما في الحياة اليومية الإسرائيلية، ويمكن ملاحظة ذلك في الكثير من القضايا التي يتابعها، وكان له دور كبير في فرض أجندات يومية، وتسبب في إسقاط رؤساء حكومات وكذلك رؤساء دولة، لكن حينما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية أو الأقلية العربية في اسرائيل (عرب اسرائيل) كما يحلو له تسميتهم، نجد الإعلام الإسرائيلي ينساق تلقائيا ويتوافق مع سياسات الحكومة الإسرائيلية من دون حتى مبررات مفهومة.

وينزلق الإعلام الإسرائيلي في متاهات تثير التساؤلات حول مصداقيته ويختار وضع حدّ لحريته نحو خدمة الأجندة السياسية الخارجية لإسرائيل، وما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي عامة والقضية الفلسطينية وتداعياتها بشكل خاص، وتجنده التلقائي إلى جانب السياسة الإسرائيلية.

تهميش للمواطنين العرب في اسرائيل
في قراءة لتقرير أصدره مركز "إعلام- مركز إعلامي للمجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل حول رصد الإعلام العبري(الإسرائيلي) بعنوان "للإعلام الإسرائيلي: مطلوب مراسلون عرب"، أكد التقرير مواصلة الإعلام العبري عملية التغريب والتهميش ونزع الشرعية عن فلسطينيي الـ48.
تناول مركز "إعلام" الذي نشر مؤخرا الفترة الواقعة بين تشرين الأول/أكتوبر حتى كانون الأول/ديسمبر 2009، في كبرى الصحف العبرية الثلاث: "يديعوت أحرونوت"، "معاريف" و"هآرتس" بصورة يومية، أنماط التغطية وأشكال تصوير الإعلام الإسرائيلي للمواطنين العرب خلال الفترة المذكورة في الصحف العبرية الثلاث، مستعملا طرقًا بحثية كميّة وكيفيّة.

وخلص البحث إلى أن نسبة التغطية لفلسطينيي الـ48 في الصحف العبرية لم تتعد الـ 2.3 بالمائة من مجمل التغطية، مشيرا إلى عدة نقاط مهمة منها: أنّ عمليات التغريب والتهميش ونزع الشرعيّة عن المجتمع العربي داخل اسرائيل لم تتبدّل وبقي الإعلام العبري يلعب دورًا يتجاوز دوره المهني عاكسًا المواقف الرسمية تجاه المجتمع الفلسطيني المبنيةّ على المعتقدات الأمنية داخليًا وخارجيًا.
وبين البحث هامشية دور المراسل العربي في التأثير على أنماط التغطية للعرب في الإعلام العبري كمًا وكيفًا، حيث يبقى هذا التأثير محصورًا في تحويل "اللاعب العربي" من جانٍ إلى ضحية.

النظرة الأمنية مسيطرة
معطيات التقرير أشارت إلى تواصل حالة التقاطع بين الإعلام الإسرائيليما زالت تقع ضمن المواضيع الأمنية- الجنائية، إذ أظهرت هذه المعطيات أن 38 بالمائة من الأخبار التي تم رصدها عن المواطنين العرب يتعلق في المجال الأمني، فيما بلغت نسبة الأخبار التي تتطرق إلى المجال الجنائي 33 بالماسة، ما يُستدلُ منه أن ما يقارب الثلث فقط من المقالات عن العرب في الإعلام الإسرائيلي تتطرّق لموضوعات إجتماعية تتعلق بالمواطنين العرب.

وبعكس الأبحاث السابقة، أظهر البحث الجديد أن هناك إرتفاعًا ملحوظًا وإن كان هامشيًا في عدد الأخبار والمقالات التي تتعلق بالعرب في المجالات الإجتماعية؛ الاقتصادية؛ الصحية والرياضية مقارنة بالأبحاث السابقة.

ويؤكد البحث أن تغييب وإقصاء العربي في الإعلام الإسرائيلي مستمرٌ ويعتمد على آراء مسبقة عن العرب وقوالب سلبية تُظهر استمرار المحاولات الإسرائيلية في السيطرة على الحيّز العام وهيمنتها عليه بشكل فعلّي، مرسخة بذلك نظاما إثنيا يخدم مصالحها.

الإعلام آلية تعمل لصالح المؤسسة الصهيونية
المحاضر والباحث في جامعة تل-أبيب، د. أمل جمال ذكره في كتابه :"الصحافة والإعلام في اسرائيل أن الحركة الصهيونية بجانب كونها حركة تحمل أجندة إيديولوجية قومية، هي أيضا حركة إعلامية تستخدم الإعلام ليس فقط كآلية لدعم مواقفها، وإنما كهدف بحد ذاته من أجل نقل الصراع الدائر على الأرض إلى صراع خطابي يُستوعب فيه الواقع، وتُعالج بحسبه المعايير لمحاكمة الواقع.

ويقول جمال الذي يشغل حاليا منصب مدير عام مركز "إعلام" إن المؤسسة الصهيونية كانت تستخدم الإعلام لصالحها، وكذلك تواصل الأمر فيما بعد قيام دولة اسرائيل، وكان تطور الصحف العبرية قبل قيام دولة اسرائيل، حيث لعبت دوراً مهماً في التحدث باسم الحركة الصهيونية، كما فعلت صحيفة (دافار) منذ تأسيسها عام 1925، كما وعملت الحركة الصهيونية على تأسيس صحف باللغة العربية منذ سنوات العشرينيات للقرن العشرين للوصول إلى القراء العرب في فلسطين وخارجها، وعمل الكثيرون من السياسيين الصهاينة على اختراق الصحف العربية في العالم العربي من أجل عرض وجهة النظر الصهيونية للقارئ العربي.

ويشير جمال إلى أن 40 بالمائة من الإسرائيليين يقرأون صحيفة يومية، وفق استطلاع أجراه مركز "هرتسوغ- للإعلام والمجتمع والسياسة" قبل عدة سنوات، و15 بالمائة فقط لا يقرأون صحيفة بتاتاً، وهذا يدل على أن فئة واسعة من المجتمع الإسرائيلي تقرأ الصحف يومياً، ولو بشكل غير يومي، والمستهلك الإعلامي المتوسط في المجتمع الإسرائيلي يقضي من نصف ساعة إلى ساعة في قراءة الصحف يومياً، فيما تصل نسبة مستهلكي الإعلام المرئي والمسموع أعلى بكثير إذ إن 65 بالمائة من الإسرائيليين يشاهدون الأخبار في التلفاز بشكل يومي ، و40 بالمائة يستمعون إلى الأخبار في الإذاعة عدة مرات في اليوم.

مصالحة: نتائج متشابهة
معدة الرصد خلود مصالحة قالت لـ"إيلاف" :"قبل الحديث عن أنماط وصور تغطية الإعلام الإسرائيلي للفلسطينيين في إسرائيل، لا بد من التطرق إلى التغطية الإعلامية في الإعلام الإسرائيلي للعرب كمًا، فالعديد من الباحثين فلسطينيون وإسرائيليون، بحثوا مسألة تعامل الإعلام الإسرائيلي مع الأقلية الفلسطينية في إسرائيل، وعلى الرغم من كثرة الأبحاث في الموضوع إلا أن النتائج أتت مشابهة على مدار السنوات مع تغييرات طفيفة جدًا، فنسبة التغطية للأقلية الفلسطينية في الإعلام الإسرائيلي لم تتعد الـ 2 بالمائة.

وتضيف:"يمكن القول إن الإعلام الإسرائيلي يتجاوز مهنيته عند تغطية العرب عاكسًا بذلك المواقف الرسمية والمؤسساتية الإسرائيلية تجاه المجتمع الفلسطيني والمبنيّة بالأساس على معتقدات أمنية.

فالإعلام الإسرائيلي، كما هي المؤسسة الإسرائيلية، يعمل على تهميش الأقلية الفلسطينية من خلال صفحاته، والأنكى من ذلك يمارس على تلك الأقلية عملية "التغريب"، إن هؤلاء العرب غرباء عن المكان، وبذلك ينتزع الإعلام العبري الشرعية عن الأقلية الفلسطينية التي بالأصل أقلية الأصلانية.

صورة تعامل الإعلام الإسرائيلي مع العربي...
وتشير مصالحة:"نسبة التغطية للأقلية العربية كمًا لا تقلقني، بقدر ما يقلقني نمط التغطية للواقع الذي يعيشه الفلسطيني وطرق تعامل الإعلام معه، والأخير لا يقلقني بقدر قلقي من تجاهل الإعلام الإسرائيلي في تغطيته مبادئ حقوق الإنسان والمواثيق الدوّلية المتعارف عليها.

فمن خلال البحث الأخير تأكد مرة أخرى، أن التقاطع بين الإعلام الإسرائيلي والأقلية الفلسطينيةما زال يقع ضمن المواضيع الأمنية- الجنائية، حيث أظهر البحث أن 38 بالمائة من الأخبار التي تم رصدها عن المواطنين العرب كان تتعلق في المجال الأمني، فيما بلغت نسبة الأخبار التي تتعلق في المجال الجنائي 33 بالمائة، ما يشير إلى أن ما يقارب الثلث فقط من المقالات عن العرب في الإعلام الإسرائيلي تتطرّق إلى موضوعات إجتماعية تتعلق بالأقلية الفلسطينية.

والتغطية للفلسطيني في الإعلام الإسرائيلي على المحور الجنائي- الأمني تجر بالضرورة التعامل السلبي مع العربي، فهو مُجرم في معظم الأخبار، حتى تلك التي يكون بها هو الضحية، ومثال على ذلك: هدم المنازل للعرب في العراقيب (النقب)، العربي يهدم منزله ويرحل، وفي الإعلام يظهر على أنه مستولٍ على الأرض، رغم أنها أرضه ويتم مصادرتها.

وليس هذا فقط، ففي غالب الأحوال وعند الحديث عن اعتداء تبرز بقوة هوية العربية، رغم أنها لا تمت إلى الخبر بصلة، فعلى سبيل المثال إذا ما تمت سرقة بنك وكان السارق يهوديا يتطرق الإعلام الإسرائيلي إلى الموضوع "سرقة بنك..."، وإذا ما كان السارق عربيًا يكون الخبر "عربيا يسرق بنكًا...". وعلى الرغم من هذا الإبراز الشديد للهوية، تُغيب -غالبًا- تفاصيل العربي عندما يكون ضحية، فيكون الخبر "مصرعا عربيا في الرامة..."، بدل أن يكون "مصرع أحمد خالد، مدير شركة ..."، فيما يتم أنسنة كل خبر يقع ضحيته يهودي.

واقع الإعلام العبري...
وتختم مصالحة بالقول:"من المهم الإشارة إلى أن تلك القوالب السلبية التي يحظى بها العربي في الإعلام الإسرائيلي تؤكد المحاولات الإسرائيلية في السيطرة على الحيّز العام وهيمنتها عليه بشكل فعلّي، مرسخة بذلك نظاما إثنيا يخدم مصالحها، نظاما مغيّبا به تمامًا الفلسطيني، صاحب الأرض والقضية".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف